foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:42 am

*3* باب مَنْ أَمَرَ خَادِمَهُ بِالصَّدَقَةِ وَلَمْ يُنَاوِلْ بِنَفْسِهِ حذف التشكيل

وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ فائدة قوله ‏"‏ ولم يناول نفسه ‏"‏ التنبيه على أن ذلك مما يغتفر، وأن قوله في الباب قبله ‏"‏ الصدقة باليمين ‏"‏ لا يلزم منه المنع من إعطائها بيد الغير وإن كانت المباشرة أولى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو موسى‏)‏ هو الأشعري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هو أحد المتصدقين‏)‏ ضبط في جميع روايات الصحيحين بفتح القاف على التثنية، قال القرطبي‏:‏ ويجوز الكسر على الجمع أي هو متصدق من المتصدقين‏.‏

وهذا التعليق طرف من حديث وصله بعد ستة أبواب بلفظ ‏"‏ الخازن ‏"‏ والخازن خادم المالك في الخزن وإن لم يكن خادمه حقيقة‏.‏

ثم أورد المصنف هنا حديث عائشة ‏"‏ إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها ‏"‏ الحديث‏.‏

قال ابن رشيد‏:‏ نبه بالترجمة على أن هذا الحديث مفسر بها، لأن كلا من الخازن والخادم والمرأة أمين ليس له أن يتصرف إلا بإذن المالك نصا أو عرفا إجمالا أو تفضيلا انتهى‏.‏

وسيأتي البحث في ذلك بعد سبعة أبواب‏.‏

*3* باب لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى حذف التشكيل

وَمَنْ تَصَدَّقَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ أَوْ أَهْلُهُ مُحْتَاجٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ فَيُؤْثِرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ وَكَذَلِكَ آثَرَ الْأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى‏)‏ أورد في الباب حديث أبي هريرة بلفظ ‏"‏ خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ‏"‏ وهو مشعر بأن النفي في اللفظ الأول للكمال لا للحقيقة، فالحقيقة لا صدقة كاملة إلا عن ظهر غنى، وقد أورده أحمد من طريق أبي صالح بلفظ ‏"‏ إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى ‏"‏ وهو أقرب إلى لفظ الترجمة‏.‏

وأخرجه أيضا من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة بلفظ الترجمة قال ‏"‏ لا صدقة إلا عن ظهر غنى ‏"‏ الحديث‏.‏

وكذا ذكره المصنف تعليقا في الوصايا، وساقه مغلطا بإسناد له إلى أبي هريرة بلفظه، وليس هو باللفظ المذكور في الكتاب الذي ساقه منه، فلا يغتر به ولا بمن تبعه على ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن تصدق وهو محتاج إلى آخر الترجمة‏)‏ كأنه أراد تفسير الحديث المذكور بأن شرط المتصدق أن لا يكون محتاجا لنفسه أو لمن تلزمه نفقته‏.‏

ويلتحق بالتصدق سائر التبرعات‏.‏

وأما قوله ‏"‏ فهو رد عليه ‏"‏ فمقتضاه أن ذا الدين المستغرق لا يصح منه التبرع، لكن محل هذا عند الفقهاء إذا حجر عليه الحاكم بالفلس، وقد نقل فيه صاحب ‏"‏ المغني ‏"‏ وغيره الإجماع، فيحمل إطلاق المصنف عليه‏.‏

واستدل له المصنف بالأحاديث التي علقها‏.‏

وأما قوله ‏"‏ إلا أن يكون معروفا بالصبر ‏"‏ فهو من كلام المصنف، وكلام ابن التين يوهم أنه بقية الحديث فلا يغتر به، وكأن المصنف أراد أن يخص به عموم الحديث الأول‏.‏

والظاهر أنه يختص بالمحتاج، ويحتمل أن يكون عاما ويكون التقدير إلا أن يكون كل من المحتاج أو من تلزمه النفقة أو صاحب الدين معروفا بالصبر‏.‏

ويقوي الأول التمثيل الذي مثل به من فعل أبي بكر والأنصار، قال ابن بطال‏:‏ أجمعوا على أن المديان لا يجوز له أن يتصدق بماله ويترك قضاء الدين، فتعين حمل ذلك على المحتاج‏.‏

وحكى ابن رشيد عن بعضهم أنه يتصور في المديان فيما إذا عامله الغرماء على أن يأكل من المال فلو آثر بقوته وكان صبورا جاز له ذلك وإلا كان إيثاره سببا في أن يرجع لاحتياجه فيأكل فيتلف أموالهم فيمنع‏.‏

وإذا تقرر ذلك فقد اشتملت الترجمة على خمسة أحاديث معلقة، وفي الباب أربعة أحاديث موصولة‏.‏

فأما المعلقة فأولها قوله ‏"‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ من أخذ أموال الناس ‏"‏ وهو طرف من حديث لأبي هريرة موصول عنده في الاستقراض‏.‏

ثانيها قوله ‏"‏ كفعل أبي بكر حين تصدق بماله ‏"‏ هذا مشهور في السير، وورد في حديث مرفوع أخرجه أبو داود وصححه الترمذي والحاكم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه سمعت عمر يقول ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت‏:‏ اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، وأتى أبو بكر بكل ما عنده‏.‏

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك‏؟‏ قال‏:‏ أبقيت لهم الله ورسوله ‏"‏ الحديث تفرد به هشام بن سعد عن زيد، وهشام صدوق فيه مقال من جهة حفظه‏.‏

قال الطبري وغيره‏:‏ قال الجمهور من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه وكان صبورا على الإضاقة ولا عيال له أو له عيال يصبرون أيضا فهو جائز، فإن فقد شيء من هذه الشروط كره‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ هو مردود‏.‏

وروي عن عمر حيث رد على غيلان الثقفي قسمة ماله‏.‏

ويمكن أن يحتج له بقصة المدبر الآتي ذكره، فإنه صلى الله عليه وسلم باعه وأرسل ثمنه إلى الذي دبره لكونه كان محتاجا‏.‏

وقال آخرون‏:‏ يجوز من الثلث ويرد عليه الثلثان، وهو قول الأوزاعي ومكحول‏.‏

وعن مكحول أيضا يرد ما زاد على النصف‏.‏

قال الطبري‏:‏ والصواب عندنا الأول من حيث الجواز، والمختار من حيث الاستحباب أن يجعل ذلك من الثلث جمعا بين قصة أبي بكر وحديث كعب والله أعلم‏.‏

ثالثها قوله ‏"‏ وكذلك آثر الأنصار المهاجرين ‏"‏ هو مشهور أيضا في السير، وفيه أحاديث مرفوعة‏:‏ منها حديث أنس ‏"‏ قدم المهاجرون المدينة وليس بأيديهم شيء، فقاسمهم الأنصار‏"‏‏.‏

وسيأتي موصولا في الهبة‏.‏

وحديث أبي هريرة في قصة الأنصاري الذي آثر ضيفه بعشائه وعشاء أهله، وسيأتي موصولا في تفسير سورة الحشر‏.‏

رابعها قوله ‏"‏ ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال ‏"‏ هو طرف من حديث المغيرة، وقد تقدم بتمامه في آخر صفة الصلاة‏.‏

خامسها قوله ‏"‏ وقال كعب ‏"‏ يعني ابن مالك إلخ، وهو طرف من حديثه الطويل في قصة توبته وسيأتي بتمامه في تفسير سورة التوبة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة ‏"‏ خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ‏"‏ فعبد الله المذكور في الإسناد هو ابن المبارك، ويونس هو ابن يزيد‏.‏

ومعنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أو لمن تلزمه نفقته‏.‏

قال الخطابي‏:‏ لفظ الظهر يرد في مثل هذا إشباعا للكلام، والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية، ولذلك قال بعده وابدأ بمن تعول‏.‏

وقال البغوي‏:‏ المراد غني يستظهر به على النوائب التي تنوبه‏.‏

ونحوه قولهم ركب متن السلامة‏.‏

والتنكير في قوله ‏"‏ غنى ‏"‏ للتعظيم، هذا هو المعتمد في معنى الحديث‏.‏

وقيل‏:‏ المراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة، وقيل ‏"‏ عن ‏"‏ للسببية والظهر زائد، أي خير الصدقة ما كان سببها غنى في المتصدق‏.‏

وقال النووي‏:‏ مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو ممن يصبر على الإضاقة والفقر، فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه‏.‏

وقال القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏‏:‏ يرد على تأويل الخطابي بالآيات والأحاديث الواردة في فضل المؤثرين على أنفسهم، ومنها حديث أبي ذر ‏"‏ فضل الصدقة جهد من مقل ‏"‏ والمختار أن معنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته إلى أحد، فمعنى الغنى في هذا الحديث حصول ما تدفع به الحاجة الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه، وستر العورة، والحاجة إلى ما يدفع به عن نفسه الأذى، وما هذا سبيله فلا يجوز الإيثار به بل يحرم، وذلك أنه إذا آثر غيره به أدى إلى إهلاك نفسه أو الإضرار بها أو كشف عورته، فمراعاة حقه أولى على كل حال، فإذا سقطت هذه الواجبات صح الإيثار وكانت صدقته هي الأفضل لأجل ما يتحمل من مضض الفقر وشدة مشقته، فبهذا يندفع التعارض بين الأدلة إن شاء الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وابدأ بمن تعول‏)‏ فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم، وسيأتي شرحه في النفقات إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَعَنْ وُهَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا

الشرح‏:‏

حديث حكيم بن حزام ‏"‏ اليد العليا خير من اليد السفلى ‏"‏ الحديث، وشاهد الترجمة منه قوله فيه ‏"‏ وخير الصدقة عن ظهر غنى ‏"‏ وهشام المذكور في الإسناد هو ابن عروة بن الزبير، وقوله فيه ‏"‏ ومن يستعف يعفه الله ‏"‏ يأتي الكلام عليه في حديث أبي سعيد بعد أبواب‏.‏

ثالثها حديث أبي هريرة قال ‏"‏ بهذا ‏"‏ أي بحديث حكيم، أورده معطوفا على إسناد حديث حكيم بلفظ ‏"‏ وعن وهيب ‏"‏ والظاهر أنه حمله عن موسى بن إسماعيل عنه بالطريقين معا، وكأن هشاما حدث به وهيبا تارة عن أبيه عن حكيم وتارة عن أبيه عن أبي هريرة، أو حدثه به عنهما مجموعا ففرقه وهيب أو الراوي عنه‏.‏

وقد وصل حديث أبي هريرة من طريق وهيب الإسماعيلي قال ‏"‏ أخبرني ابن ياسين حدثنا محمد بن سفيان حدثنا حبان - هو ابن هلال - حدثنا وهيب حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال ‏"‏ مثل حديث حكيم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَكَرَ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ وَالْمَسْأَلَةَ الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر من وجهين في ذكر اليد العليا، وإنما أورده ليفسر به ما أجمل في حديث حكيم، قال ابن رشيد‏:‏ والذي يظهر أن حديث حكيم بن حزام لما اشتمل على شيئين‏:‏ حديث ‏"‏ اليد العليا ‏"‏ وحديث ‏"‏ لا صدقة إلا عن ظهر غنى ‏"‏ ذكر معه حديث ابن عمر المشتمل على الشيء الأول تكثيرا لطرقه‏.‏

ويحتمل أن يكون مناسبة حديث ‏"‏ اليد العليا ‏"‏ للترجمة من جهة أن إطلاق كون اليد العليا هي المنفقة، محله ما إذا كان الإنفاق لا يمنع منه بالشرع كالمديان المحجور عليه، فعمومه مخصوص بقوله ‏"‏ لا صدقة إلا عن ظهر غنى ‏"‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ لم يسق البخاري متن طريق حماد عن أيوب، وعطف عليه طريق مالك، فربما أوهم أنهما سواء، وليس كذلك لما سنذكره عن أبي داود‏.‏

وقال ابن عبد البر في ‏"‏ التمهيد ‏"‏‏:‏ لم تختلف الرواة عن مالك أي في سياقه، كذا قال وفيه نظر كما سيأتي‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ وقع تفسير اليد العليا والسفلى في حديث ابن عمر هذا، وهو نص يرفع الخلاف ويدفع تعسف من تعسف في تأويله ذلك انتهى‏.‏

لكن ادعى أبو العباس الداني في ‏"‏ أطراف الموطأ ‏"‏ أن التفسير المذكور مدرج في الحديث، ولم يذكر مستندا لذلك‏.‏

ثم وجدت في ‏"‏ كتاب العسكري في الصحابة ‏"‏ بإسناد له فيه انقطاع عن ابن عمر أنه كتب إلى بشر بن مروان ‏"‏ إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ اليد العليا خير من اليد السفلى، ولا أحسب اليد السفلى إلا السائلة، ولا العليا إلا المعطية ‏"‏ فهذا يشعر بأن التفسير من كلام ابن عمر، ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال ‏"‏ كنا نتحدث أن العليا هي المنفقة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذكر الصدقة والتعفف والمسألة‏)‏ كذا للبخاري بالواو قبل المسألة‏.‏

وفي رواية مسلم عن قتيبة عن مالك ‏"‏ والتعفف عن المسألة ‏"‏ ولأبي داود ‏"‏ والتعفف منها ‏"‏ أي من أخذ الصدقة، والمعنى أنه كان يحض الغني على الصدقة والفقير على التعفف عن المسألة أو يحضه على التعفف ويذم المسألة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاليد العليا هي المنفقة‏)‏ قال أبو داود قال الأكثر عن حماد بن زيد‏:‏ المنفقة‏.‏

وقال واحد عنه‏:‏ المتعففة، وكذا قال عبد الوارث عن أيوب انتهى‏.‏

فأما الذي قال عن حماد المتعففة بالعين وفاءين فهو مسدد، كذلك رويناه عنه في مسنده رواية معاذ بن المثنى عنه، ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في ‏"‏ التمهيد‏"‏، وقد تابعه على ذلك أبو الربيع الزهراني كما رويناه في ‏"‏ كتاب الزكاة ليوسف بن يعقوب القاضي ‏"‏ حدثنا أبو الربيع‏.‏

وأما رواية عبد الوارث فلم أقف عليها موصولة‏.‏

وقد أخرجه أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق سليمان بن حرب عن حماد بلفظ ‏"‏ واليد العليا يد المعطي ‏"‏ وهذا يدل على أن من رواه عن نافع بلفظ ‏"‏ المتعففة ‏"‏ فقد صحف‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ ورواه موسى بن عقبة عن نافع فاختلف عليه أيضا، فقال حفص بن ميسرة عنه ‏"‏ المنفقة ‏"‏ كما قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك قال فضيل بن سليمان عنه أخرجه ابن حبان من طريقه قال‏:‏ ورواه إبراهيم بن طهمان عن موسى فقال ‏"‏ المنفقة ‏"‏ قال ابن عبد البر‏:‏ رواية مالك أولى وأشبه بالأصول‏.‏

ويؤيده حديث طارق المحاربي عند النسائي قال ‏"‏ قدمنا المدينة فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول‏:‏ يد المعطي العليا ‏"‏ انتهى‏.‏

ولابن أبي شيبة والبزار من طريق ثعلبة بن زهدم مثله، وللطبراني بإسناد صحيح عن حكيم بن حزام مرفوعا ‏"‏ يد الله فوق يد المعطي، ويد المعطي فوق يد المعطى، ويد المعطى أسفل الأيدي ‏"‏ وللطبراني من حديث عدي الجذامي مرفوعا مثله، ولأبي داود وابن خزيمة من حديث أبي الأحوص عوف بن مالك عن أبيه مرفوعا ‏"‏ الأيدي ثلاثة‏:‏ فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى ‏"‏ ولأحمد والبزار من حديث عطية السعدي ‏"‏ اليد المعطية هي العليا، والسائلة هي السفلى ‏"‏ فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية وأن السفلى هي السائلة، وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور‏.‏

وقيل اليد السفلى الآخذة سواء كان بسؤال أم بغير سؤال، وهذا أباه قوم واستندوا إلى أن الصدقة تقع في يد الله قبل يد المتصدق عليه‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ التحقيق أن السفلى يد السائل، وأما يد الآخذ فلا، لأن يد الله هي المعطية ويد الله هي الآخذة وكلتاهما عليا وكلتاهما يمين انتهى‏.‏

وفيه نظر لأن البحث إنما هو في أيدي الآدميين، وأما يد الله تعالى فباعتبار كونه مالك كل شيء نسبت يده إلى الإعطاء، وباعتبار قبوله للصدقة ورضاه بها نسبت يده إلى الأخذ ويده العليا على كل حال، وأما يد الآدمي فهي أربعة‏:‏ يد المعطي، وقد تضافرت الأخبار بأنها عليا‏.‏

ثانيها يد السائل، وقد تضافرت بأنها سفلى سواء أخذت أم لا، وهذا موافق لكيفية الإعطاء والأخذ غالبا وللمقابلة بين العلو والسفل المشتق منهما‏.‏

ثالثها يد المتعفف عن الأخذ ولو بعد أن تمد إليه يد المعطي مثلا، وهذه توصف بكونها عليا علوا معنويا‏.‏

رابعها يد الآخذ بغير سؤال، وهذه قد اختلف فيها فذهب جمع إلى أنها سفلى، وهذا بالنظر إلى الأمر المحسوس، وأما المعنوي فلا يطرد فقد تكون عليا في بعض الصور، وعليه يحمل كلام من أطلق كونها عليا‏.‏

قال ابن حبان‏:‏ اليد المتصدقة أفضل من السائلة لا الآخذة بغير سؤال، إذ محال أن تكون اليد التي أبيح لها استعمال فعل باستعماله، دون من فرض عليه إتيان شيء فأتى به أو تقرب إلى ربه متنفلا، فربما كان الآخذ لما أبيح له أفضل وأورع من الذي يعطي انتهى‏.‏

وعن الحسن البصري‏:‏ اليد العليا المعطية والسفلى المانعة ولم يوافق عليه‏.‏

وأطلق آخرون من المتصوفة أن اليد الآخذة أفضل من المعطية مطلقا، وقد حكى ابن قتيبة في ‏"‏ غريب الحديث ‏"‏ ذلك عن قوم ثم قال‏:‏ وما أرى هؤلاء إلا قوما استطابوا السؤال فهم يحتجون للدناءة، ولو جاز هذا لكان المولى من فوق هو الذي كان رقيقا فأعتق والمولى من أسفل هو السيد الذي أعتقه انتهى‏.‏

وقرأت في ‏"‏ مطلع الفوائد ‏"‏ للعلامة جمال الدين بن نباتة في تأويل الحديث المذكور معنى آخر فقال‏:‏ اليد هنا هي النعمة، وكأن المعنى أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة‏.‏

قال‏:‏ وهذا حث على المكارم بأوجز لفظ، ويشهد له أحد التأويلين في قوله ‏"‏ ما أبقت غنى ‏"‏ أي ما حصل به للسائل غنى عن سؤاله كمن أراد أن يتصدق بألف فلو أعطاها لمائة إنسان لم يظهر عليهم الغنى، بخلاف ما لو أعطاها لرجل واحد‏.‏

قال‏:‏ وهو أولى من حمل اليد على الجارحة، لأن ذلك لا يستمر إذ فيمن يأخذ من هو خير عند الله ممن يعطي‏.‏

قلت‏:‏ التفاضل هنا يرجع إلى الإعطاء والأخذ، ولا يلزم منه أن يكون المعطي أفضل من الآخذ على الإطلاق‏.‏

وقد روى إسحاق في مسنده من طريق عمر بن عبد الله بن عروة بن الزبير ‏"‏ أن حكيم بن حزام قال‏:‏ يا رسول الله، ما اليد العليا‏؟‏ قال‏:‏ التي تعطي ولا تأخذ ‏"‏ فقوله ‏"‏ ولا تأخذ ‏"‏ صريح في أن الآخذة ليست بعليا والله أعلم‏.‏

وكل هذه التأويلات المتعسفة تضمحل عند الأحاديث المتقدمة المصرحة بالمراد، فأولى ما فسر الحديث بالحديث، ومحصل ما في الآثار المتقدمة أن أعلى الأيدي المنفقة، ثم المتعففة عن الآخذ، ثم الآخذة بغير سؤال‏.‏

وأسفل الأيدي السائلة والمانعة والله أعلم‏.‏

قال ابن عبد البر‏:‏ وفي الحديث إباحة الكلام للخطيب بكل ما يصلح من موعظة وعلم وقربة‏.‏

وفيه الحث على الإنفاق في وجوه الطاعة‏.‏

وفيه تفضيل الغنى مع القيام بحقوقه على الفقر، لأن العطاء إنما يكون مع الغنى، وقد تقدم الخلاف في ذلك في حديث ‏"‏ ذهب أهل الدثور ‏"‏ في أواخر صفة الصلاة‏.‏

وفيه كراهة السؤال والتنفير عنه، ومحله إذا لم تدع إليه ضرورة من خوف هلاك ونحوه‏.‏

وقد روى الطبراني من حديث ابن عمر بإسناد فيه مقال مرفوعا ‏"‏ ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا ‏"‏ وسيأتي حديث حكيم مطولا في ‏"‏ باب الاستعفاف عن المسألة ‏"‏ وفيه بيان سببه إن شاء الله تعالى‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:43 am

*3* باب الْمَنَّانِ بِمَا أَعْطَى حذف التشكيل

لِقَوْلِهِ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى الْآيَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب المنان بما أعطى، لقوله تعالى ‏(‏الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى‏)‏ الآية‏)‏ هذه الترجمة ثبتت في رواية الكشميهني وحده بغير حديث، وكأنه أشار إلى ما رواه مسلم من حديث أبي ذر مرفوعا ‏"‏ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة المنان الذي لا يعطي شيئا إلا من به ‏"‏ الحديث، ولما لم يكن على شرطه اقتصر على الإشارة إليه‏.‏

ومناسبة الآية للترجمة واضحة من جهة أن النفقة في سبيل الله لما كان المان بها مذموما كان ذم المعطي في غيرها من باب الأولى‏.‏

قال القرطبي‏:‏ المن غالبا يقع من البخيل والمعجب، فالبخيل تعظم في نفسه العطية وإن كانت حقيرة في نفسها، والمعجب يحمله العجب على النظر لنفسه بعين العظمة وأنه منعم بماله على المعطي وإن كان أفضل منه في نفس الأمر، وموجب ذلك كله الجهل ونسيان نعمة الله فيما أنعم به عليه، ولو نظر مصيره لعلم أن المنة للآخذ لما يترتب له من الفوائد‏.‏

*3* باب مَنْ أَحَبَّ تَعْجِيلَ الصَّدَقَةِ مِنْ يَوْمِهَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من أحب تعجيل الصدقة من يومها‏)‏ ذكر فيه حديث عقبة بن الحارث ‏"‏ صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العصر فأسرع، ثم دخل البيت ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ كنت خلفت في البيت تبرا من الصدقة فكرهت أن أبيته فقسمته ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ فيه أن الخير ينبغي أن يبادر به، فإن الآفات تعرض والموانع تمنع والموت لا يؤمن والتسويف غير محمود، زاد غيره‏:‏ وهو أخلص للذمة وأنفى للحاجة وأبعد من المطل المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب‏.‏

وقد تقدمت بقية فوائده في أواخر صفة الصلاة‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ ترجم المصنف بالاستحباب وكان يمكن أن يقول كراهة تبييت الصدقة لأن الكراهة صريحة في الخبر، واستحباب التعجيل مستنبط من قرائن سياق الخبر حيث أسرع في الدخول والقسمة، فجرى على عادته في إيثار الأخفى على الأجلى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَأَسْرَعَ ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ لَهُ فَقَالَ كُنْتُ خَلَّفْتُ فِي الْبَيْتِ تِبْرًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُبَيِّتَهُ فَقَسَمْتُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أبيته‏)‏ أي أتركه حتى يدخل عليه الليل، يقال بات الرجل دخل في الليل، وبيته تركه حتى دخل الليل‏.‏

*3* باب التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها‏)‏ قال الزين بن المنير يجتمع التحريض والشفاعة في أن كلا منهما إيصال الراحة للمحتاج، ويفترقان في أن التحريض معناه الترغيب بذكر ما في الصدقة من الأجر، والشفاعة فيها معنى السؤال والتقاضي للإجابة انتهى، ويفترقان بأن الشفاعة لا تكون إلا في خير، بخلاف التحريض، وبأنها قد تكون بغير تحريض‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيٌّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ ثُمَّ مَالَ عَلَى النِّسَاءِ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ فَجَعَلَتْ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْقُلْبَ وَالْخُرْصَ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في تحريض النساء على الصدقة، وقد تقدم مبسوطا في العيدين‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ عن عدي ‏"‏ هو ابن ثابت، وقوله ‏"‏القلب ‏"‏ بضم القاف وسكون اللام آخرها موحدة هو السوار وقيل هو مخصوص بما كان من عظم‏.‏

و ‏"‏ الخرص ‏"‏ بضم المعجمة وسكون الراء بعدها مهملة هي الحلقة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى ‏"‏ اشفعوا تؤجروا ‏"‏ قد أورد في ‏"‏ باب الشفاعة ‏"‏ من كتاب الأدب، ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

وعبد الواحد في الإسناد هو ابن زياد، قال ابن بطال‏:‏ المعنى اشفعوا يحصل لكم الأجر مطلقا، سواء قضيت الحاجة أو لا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْكِ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدَةَ وَقَالَ لَا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ

الشرح‏:‏

حديث أسماء وهي بنت أبي بكر الصديق ‏"‏ لا توكي فيوكى عليك ‏"‏ كذا عنده بفتح الكاف ولم يذكر الفاعل‏.‏

وفي رواية له ‏"‏ لا تحصي فيحصي الله عليك ‏"‏ فأبرز الفاعل، وكلاهما بالنصب لكونه جواب النهي وبالفاء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبدة‏)‏ هو ابن سليمان، وهشام هو ابن عروة، وفاطمة هي بنت المنذر بن الزبير وهي زوج هشام، وأسماء جدتهما لأبويهما‏.‏

وقوله ‏"‏حدثنا عثمان عن عبدة ‏"‏ أي بإسناده المذكور، ويحتمل أن يكون الحديث كان عند عبدة عن هشام باللفظين فحدث به تارة هكذا وتارة هكذا، وقد رواه النسائي والإسماعيلي من طريق أبي معاوية عن هشام باللفظين معا، وسيأتي في الهبة عند المصنف من طريق ابن نمير عن هشام باللفظين، لكن بعين مهملة بدل الكاف، وهو بمعناه، يقال أوعيت المتاع في الوعاء أوعيه إذا جعلته فيه، ووعيت الشيء حفظته، وإسناد الوعي إلى الله مجاز عن الإمساك‏.‏

والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو الرباط الذي يربط به، والإحصاء معرفة قدر الشيء وزنا أو عددا، وهو من باب المقابلة، والمعنى النهي عن منع الصدقة خشية النفاد، فإن ذلك أعظم الأسباب لقطع مادة البركة، لأن الله يثيب على العطاء بغير حساب، ومن لا يحاسب عند الجزاء لا يحسب عليه عند العطاء، ومن علم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب فحقه أن يعطي ولا يحسب‏.‏

وقيل‏:‏ المراد بالإحصاء عد الشيء لأن يدخر ولا ينفق منه، وأحصاه الله قطع البركة عنه أو حبس مادة الرزق أو المحاسبة عليه في الآخرة‏.‏

وسيأتي ذكر سبب هذا الحديث في كتاب الهبة مع بقية الكلام عليه إن شاء الله تعالى‏.‏

قال ابن رشيد‏:‏ قد تخفى مناسبة حديث أسماء لهذه الترجمة، وليس بخاف على الفطن ما فيه من معنى التحريض والشفاعة معا فإنه يصلح أن يقال في كل منهما، وهذه هي النكتة في ختم الباب به‏.‏

*3* باب الصَّدَقَةِ فِيمَا اسْتَطَاعَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصدقة فيما استطاع‏)‏ أورد فيه حديث أسماء المذكور من وجه آخر عنها من وجهين، وساقه هنا على لفظ حجاج بن محمد لخلو طريق أبي عاصم من التقييد بالاستطاعة، وسيأتي في الهبة بلفظ أبي عاصم وسياقه أتم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ

الشرح‏:‏

قوله ‏"‏ارضخي ‏"‏ بكسر الهمزة من الرضخ بمعجمتين وهو العطاء اليسير، فالمعنى أنفقي بغير إجحاف ما دمت قادرة مستطيعة‏.‏

*3* باب الصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصدقة تكفر الخطيئة‏)‏ أورد فيه حديث حذيفة ‏"‏ فتنة الرجل في أهله وولده تكفرها الصلاة والصدقة ‏"‏ الحديث، وقد تقدم في باب الصلاة، وسيأتي الكلام عليه مبسوطا في علامات النبوة إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب مَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من تصدق في الشرك ثم أسلم‏)‏ أي هل يعتد له بثواب ذلك أو لا‏؟‏ قال الزين بن المنير‏:‏ لم يبت الحكم من أجل قوة الاختلاف فيه‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدم البحث في ذلك مستوفى في كتاب الإيمان في الكلام على حديث ‏"‏ إذا أسلم العبد فحسن إسلامه ‏"‏ وأنه لا مانع من أن الله يضيف إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه في الكفر تفضلا وإحسانا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتحنث‏)‏ بالمثلثة أي أتقرب، والحنث في الأصل الإثم، وكأنه أراد ألقي عني الإثم‏.‏

ولما أخرج البخاري هذا الحديث في الأدب عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري قال في آخره‏:‏ ويقال أيضا عن أبي اليمان أتحنت يعني بالمثناة‏.‏

ونقل عن أبي إسحاق أن التحنت التبرر، قال‏:‏ وتابعه هشام بن عروة عن أبيه‏.‏

وحديث هشام أورده في العتق بلفظ ‏"‏ كنت أتحنت بها ‏"‏ يعني أتبرر بها‏.‏

قال عياض‏:‏ رواه جماعة من الرواة في البخاري بالمثلثة وبالمثناة، وبالمثلثة أصح رواية ومعنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من صدقة أو عتاقة أو صلة‏)‏ كذا هنا بلفظ ‏"‏ أو ‏"‏ وفي رواية شعيب المذكورة بالواو في الموضعين، وسقط لفظ ‏"‏ الصدقة ‏"‏ من رواية عبد الرزاق عن معمر‏.‏

وفي رواية هشام المذكورة أنه أعتق في الجاهلية مائتي رقبة، وحمل على مائتي بعير‏.‏

وزاد في آخره ‏"‏ فوالله لا أدع شيئا صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أسلمت على ما سلف من خير‏)‏ قال المازري‏:‏ ظاهره أن الخير الذي أسلفه كتب له، والتقدير أسلمت على قبول ما سلف لك من خير‏.‏

وقال الحربي‏:‏ معناه ما تقدم لك من الخير الذي عملته هو لك، كما تقول أسلمت على أن أحوز لنفسي ألف درهم، وأما من قال إن الكافر لا يثاب فحمل معنى الحديث على وجوه أخرى منها أن يكون المعنى أنك بفعلك ذلك اكتسبت طباعا جميلة فانتفعت بتلك الطباع في الإسلام، وتكون تلك العادة قد مهدت لك معونة على فعل الخير، أو أنك اكتسبت بذلك ثناء جميلا فهو باق لك في الإسلام، أو أنك ببركة فعل الخير هديت إلى الإسلام لأن المبادئ عنوان الغايات، أو أنك بتلك الأفعال رزقت الرزق الواسع‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم ورى عن جوابه، فإنه سأل‏:‏ هل لي فيها من أجر‏؟‏ فقال‏:‏ أسلمت على ما سلف من خير‏.‏

والعتق فعل خير، كأنه أراد أنك فعلت الخير والخير يمدح فاعله ويجازى عليه في الدنيا، فقد روى مسلم من حديث أنس مرفوعا ‏"‏ أن الكافر يثاب في الدنيا بالرزق على ما يفعله من حسنة‏"‏‏
.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:44 am

*3* باب أَجْرِ الْخَادِمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ غَيْرَ مُفْسِدٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد‏)‏ قال ابن العربي‏:‏ اختلف السلف فيما إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها، فمنهم من أجازه لكن في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له ولا يظهر به النقصان‏.‏

ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال، وهو اختيار البخاري، ولذلك قيد الترجمة بالأمر به‏.‏

ويحتمل أن يكون ذلك محمولا على العادة، وأما التقييد بغير الإفساد فمتفق عليه‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه، وليس ذلك بأن يفتئتوا على رب البيت بالإنفاق على الفقراء بغير إذن، ومنهم من فرق بين المرأة والخادم فقال‏:‏ المرأة لها حق في مال الزوج والنظر في بيتها فجاز لها أن تتصدق، بخلاف الخادم فليس له تصرف في متاع مولاه فيشترط الإذن فيه‏.‏

وهو متعقب بأن المرأة إذا استوفت حقها فتصدقت منه فقد تخصصت به، وإن تصدقت من غير حقها رجعت المسألة كما كانت والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلِزَوْجِهَا بِمَا كَسَبَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِك

الشرح‏:‏

حديث عائشة وسيأتي في الباب الذي بعده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الْأَمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ وَرُبَّمَا قَالَ يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى، وقد قيد الخازن فيه بكونه مسلما فأخرج الكافر لأنه لا نية له، وبكونه أمينا فأخرج الخائن لأنه مأزور‏.‏

ورتب الأجر على إعطائه ما يؤمر به غير ناقص لكونه خائنا أيضا، وبكون نفسه بذلك طيبة لئلا يعدم النية فيفقد الأجر وهي قيود لا بد منها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الذي ينفذ‏)‏ بفاء مكسورة مثقلة ومخففة‏.‏

*3* باب أَجْرِ الْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ أَوْ أَطْعَمَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أجر المرأة إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة‏)‏ قد تقدمت مباحثه في الذي قبله، ولم يقيده بالأمر كما قيد الذي قبله فقيل‏:‏ إنه فرق بين المراة والخادم بأن المرأة لها أن تتصرف في بيت زوجها بما ليس فيه إفساد للرضا بذلك في الغالب، بخلاف الخادم الخازن‏.‏

ويدل على ذلك ما رواه المصنف من حديث همام عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فلها نصف أجره ‏"‏ وسيأتي في البيوع وأورد فيه المصنف حديث عائشة المذكور من ثلاثة طرق تدور على أبي وائل شقيق بن سلمة عن مسروق عنها‏:‏ أولها شعبة عن منصور والأعمش عنه ولم يسق لفظه بتمامه، ثانيها حفص بن غياث عن الأعمش وحده‏.‏

ثالثها جرير عن منصور وحده، ولفظ الأعمش ‏"‏ إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها ‏"‏ ولفظ منصور ‏"‏ إذا أنفقت من طعام بيتها ‏"‏ وقد أورده الإسماعيلي من حديث شعبة ولفظه ‏"‏ إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كتب لها أجر ولزوجها مثل ذلك وللخازن مثل ذلك لا ينقص كل واحد منهم من أجر صاحبه شيئا، للزوج بما اكتسب ولها بما أنفقت غير مفسدة ‏"‏ ولشعبة فيه إسناد آخر أورده الإسماعيلي أيضا من روايته عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عائشة ليس فيه مسروق وقد أخرجه الترمذي بالإسنادين وقال‏:‏ إن رواية منصور والأعمش بذكر مسروق فيه أصح‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ وَالْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْنِي إِذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَطْعَمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لَهُ بِمَا اكْتَسَبَ وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وله مثله‏)‏ أي مثل أجرها ‏(‏وللخازن مثل ذلك‏)‏ أي بالشروط المذكورة في حديث أبي موسى، وظاهره يقتضي تساويهم في الأجر، ويحتمل أن يكون المراد بالمثل حصول الأجر في الجملة وإن كان أجر الكاسب أوفر، لكن التعبير في حديث أبي هريرة الذي ذكرته بقوله ‏"‏ فلها نصف أجره ‏"‏ يشعر بالتساوي، وقد سبق قبل بستة أبواب من طريق جرير أيضا وزاد في آخره ‏"‏ لا ينقص بعضهم أجر بعض ‏"‏ والمراد عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر، ويحتمل أن يراد مساواة بعضهم بعضا والله أعلم‏.‏

وفي الحديث فضل الأمانة، وسخاوة النفس، وطيب النفس في فعل الخير، والإعانة على فعل الخير‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى حذف التشكيل

وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقَ مَالٍ خَلَفًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ ‏(‏فأما من أعطى واتقى‏)‏ الآية‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ أدخل هذه الترجمة بين أبواب الترغيب في الصدقة ليفهم أن المقصود الخاص بها الترغيب في الإنفاق في وجوه البر، وإن ذلك موعود عليه بالخلف في العاجل زيادة على الثواب الأجل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم أعط منفق مال خلفا‏)‏ قال الكرماني‏:‏ هو معطوف على الآية وحذف أداة العطف كثير، وهو مذكور على سبيل البيان للحسنى، أي تيسير الحسنى له إعطاء الخلف‏.‏

قلت‏:‏ قد أخرج الطبري من طرق متعددة عن ابن عباس في هذه الآية قال‏:‏ أعطى مما عنده واتقى ربه وصدق بالخلف من الله تعالى‏.‏

ثم حكى عن غيره أقوالا أخرى قال‏:‏ وأشبهها بالصواب قول ابن عباس‏.‏

والذي يظهر لي أن البخاري أشار بذلك إلى سبب نزول الآية المذكورة، وهو بين فيما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق قتادة ‏"‏ حدثني خالد العصري عن أبي الدرداء مرفوعا ‏"‏ نحو حديث أبي هريرة المذكور في الباب، وزاد في آخره‏:‏ فأنزل الله في ذلك ‏(‏فأما من أعطى واتقى - إلى قوله - للعسرى‏)‏ وهو عند أحمد من هذا الوجه، لكن ليس فيه آخره‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏ منفق مال ‏"‏ بالإضافة ولبعضهم ‏"‏ منفقا مالا خلفا ‏"‏ ومالا مفعول منفق بدليل رواية الإضافة ولولاها احتمل أن يكون مفعول أعطى، والأول أولى من جهة أخرى وهي أن سياق الحديث للحض على إنفاق المال فناسب أن يكون مفعول منفق، وأما الخلف فإبهامه أولى ليتناول المال والثواب‏:‏ وغيرهما، وكم من متق مات قبل أن يقع له الخلف المالي فيكون خلفة الثواب المعد له في الآخرة، أو يدفع عنه من السوء ما يقابل ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل حدثني أخي‏)‏ هو أبو بكر بن أبي أويس، وسليمان هو ابن بلال، وأبو الحباب بضم المهملة وموحدتين الأولى خفيفة وسماه مسلم في روايته سعيد بن يسار وهو عم معاوية الراوي عنه، ومزرد بضم الميم وفتح الزاي وتشديد الراء الثقيلة واسم أبي مزرد عبد الرحمن، وهذا الإسناد كله مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما من يوم‏)‏ في حديث أبي الدرداء ‏"‏ ما من يوم طلعت فيه الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعه خلق الله كلهم ‏"‏ إلا الثقلين‏:‏ يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم، إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا غربت شمسه إلا وبجنبتيها ملكان يناديان ‏"‏ فذكر مثل حديث أبي هريرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا ملكا‏)‏ في حديث أبي الدرداء ‏"‏ إلا وبجنبتيها ملكان ‏"‏ والجنبة بسكون النون الناحية، وقوله ‏"‏خلفا ‏"‏ أي عوضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أعط ممسكا تلفا‏)‏ التعبير بالعطية في هذه للمشاكلة، لأن التلف ليس بعطية‏.‏

وأفاد حديث أبي هريرة أن الكلام المذكور موزع بينهما، فنسب إليهما في حديث أبي الدرداء نسبة المجموع إلى المجموع، وتضمنت الآية الوعد بالتيسير لمن ينفق في وجوه البر، والوعيد بالتعسير لعكسه‏.‏

والتيسير المذكور أعم من أن يكون لأحوال الدنيا أو لأحوال الآخرة، وكذا دعاء الملك بالخلف يحتمل الأمرين، وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه أو تلف نفس صاحب المال، والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها‏.‏

قال النووي‏:‏ الإنفاق الممدوح ما كان في الطاعات وعلى العيال والضيفان والتطوعات‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ وهو يعم الواجبات والمندوبات، لكن الممسك عن المندوبات لا يستحق هذا الدعاء إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه ولو أخرجه‏.‏

وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في قوله في حديث أبي موسى ‏"‏ طيبة بها نفسه ‏"‏ والله أعلم‏.‏

*3* باب مَثَلِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مثل المتصدق والبخيل‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ قام التمثيل في خبر الباب مقام الدليل على تفضيل المتصدق على البخيل، فاكتفى المصنف بذلك عن أن يضمن الترجمة مقاصد الخبر على التفصيل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ و حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ فِي الْجُبَّتَيْنِ وَقَالَ حَنْظَلَةُ عَنْ طَاوُسٍ جُنَّتَانِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ عَنْ ابْنِ هُرْمُزَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُنَّتَانِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا موسى‏)‏ هو ابن إسماعيل التبوذكي، وابن طاوس اسمه عبد الله‏.‏

ولم يسق المتن من هذه الطريق الأولى هنا، وقد أورده في الجهاد عن موسى بهذا الإسناد فساقه بتمامه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن عبد الرحمن‏)‏ هو ابن هرمز الأعرج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثل البخيل والمنفق‏)‏ وقع عند مسلم من طريق سفيان عن أبي الزناد ‏"‏ مثل المنفق والمتصدق ‏"‏ قال عياض‏:‏ وهو وهم، ويمكن أن يكون حذف مقابله لدلالة السياق عليه‏.‏

قلت قد رواه الحميدي وأحمد وابن أبي عمر وغيرهم في مسانيدهم عن ابن عيينة فقالوا في روايتهم ‏"‏ مثل المنفق والبخيل ‏"‏ كما في رواية شعيب عن أبي الزناد وهو الصواب، ووقع في رواية الحسن بن مسلم عن طاوس ‏"‏ ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق ‏"‏ أخرجها المصنف في اللباس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عليهما جبتان من حديد‏)‏ كذا في هذه الرواية بضم الجيم بعدها موحدة، ومن رواه فيها بالنون فقد صحف، وكذا رواية الحسن بن مسلم، ورواه حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن طاوس بالنون ورجحت لقوله ‏"‏ من حديد ‏"‏ والجنة في الأصل الحصن، وسميت بها الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه، والجبة بالموحدة ثوب مخصوص، ولا مانع من إطلاقه على الدرع‏.‏

واختلف في رواية الأعرج والأكثر على أنها بالموحدة أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من ثديهما‏)‏ بضم المثلثة جمع ثدي، و ‏(‏تراقيهم‏)‏ بمثناة وقاف جمع ترقوة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سبغت‏)‏ أي امتدت وغطت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو وفرت‏)‏ شك من الراوي، وهو بتخفيف الفاء من الوفور، ووقع في رواية الحسن بن مسلم ‏"‏ انبسطت ‏"‏ وفي رواية الأعرج ‏"‏ اتسعت عليه ‏"‏ وكلها متقاربة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى تخفي بنانه‏)‏ أي تستر أصابعه‏.‏

وفي رواية الحميدي ‏"‏ حتى تجن ‏"‏ بكسر الجيم وتشديد النون وهي بمعنى تخفي، وذكرها الخطابي في شرحه للبخاري كرواية الحميدي، وبنانه بفتح الموحدة ونونين الأولى خفيفة‏:‏ الإصبع، ورواه بعضهم ‏"‏ ثيابه ‏"‏ بمثلثة وبعد الألف موحدة وهو تصحيف‏.‏

وقد وقع في رواية الحسن بن مسلم ‏"‏ حتى تغشي - بمعجمتين - أنامله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتعفو أثره‏)‏ بالنصب أي تستر أثره، يقال عفا الشيء وعفوته أنا لازم ومتعد، ويقال عفت الدار إذا غطاها التراب، والمعنى أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطي الثوب الذي يجر على الأرض أثر صاحبه إذا مشى بمرور الذيل عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لزقت‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ انقبضت ‏"‏ وفي رواية همام ‏"‏ غاصت كل حلقة مكانها ‏"‏ وفي رواية سفيان عند مسلم ‏"‏ قلصت ‏"‏ وكذا في رواية الحسن بن مسلم عند المصنف، والمفاد واحد لكن الأولى نظر فيها إلى صورة الضيق والأخيرة نظر فيها إلى سبب الضيق‏.‏

وزعم ابن التين أن فيه إشارة إلى أن البخيل يكوى بالنار يوم القيامة، قال الخطابي وغيره‏:‏ وهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للبخيل والمتصدق، فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما أن يلبس درعا يستتر به من سلاح عدوه، فصبها على رأسه ليلبسها، والدروع أول ما تقع على الصدر والثديين إلى أن يدخل الإنسان يديه في كميها، فجعل المنفق كمن لبس درعا سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه، وهو معنى قوله ‏"‏ حتى تعفو أثره ‏"‏ أي تستر جميع بدنه‏.‏

وجعل البخيل كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه، كلما أراد لبسها اجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته، وهو معني قوله ‏"‏ قلصت ‏"‏ أي تضامنت واجتمعت، والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انفسح لها صدره وطابت نفسه فتوسعت في الإنفاق، والبخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت نفسه فضاق صدره وانقبضت يداه ‏(‏ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون‏)‏ ‏.‏

وقال المهلب‏:‏ المراد أن الله يستر المنفق في الدنيا والآخرة، بخلاف البخيل فإنه يفضحه‏.‏

ومعنى تعفو أثره تمحو خطاياه‏.‏

وتعقبه عياض بأن الخبر جاء على التمثيل لا على الإخبار عن كائن‏.‏

قال‏:‏ وقيل هو تمثيل لنماء المال بالصدقة، والبخل بضده‏.‏

وقيل تمثيل لكثرة الجود والبخل، وأن المعطي إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء وتعود ذلك، وإذا أمسك صار ذلك عادة‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ قيد المشبه به بالحديد إعلاما بأن القبض والشدة من جبلة الإنسان، وأوقع المتصدق موقع السخي لكونه جعله في مقابلة البخيل إشعارا بأن السخاء هو ما أمر به الشارع وندب إليه من الإنفاق لا ما يتعاناه المسرفون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فهو يوسعها ولا تتسع‏)‏ ، وقع في رواية سفيان عند مسلم ‏"‏ قال أبو هريرة فهو يوسعها ولا تتسع ‏"‏ وهذا يوهم أن يكون مدرجا وليس كذلك، وقد وقع التصريح برفع هذه الجملة في طريق طاوس عن أبي هريرة‏:‏ ففي رواية ابن طاوس عند المصنف في الجهاد ‏"‏ فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ فيجتهد أن يوسعها ولا تتسع ‏"‏ وفي رواية مسلم ‏"‏ فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكره‏.‏

وفي رواية الحسن بن مسلم عندهما ‏"‏ فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأصبعه هكذا في جيبه فلو رأيته يوسعها ولا تتسع ‏"‏ ووقع عند أحمد من طريق ابن إسحاق عن أبي الزناد في الحديث ‏"‏ وأما البخيل فإنها لا تزداد عليه إلا استحكاما ‏"‏ وهذا بالمعنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه الحسن بن مسلم عن طاوس‏)‏ وصله المصنف في اللباس من طريقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال حنظلة عن طاوس‏)‏ ذكره في اللباس أيضا تعليقا بلفظ ‏"‏ وقال حنظلة سمعت طاوسا سمعت أبا هريرة ‏"‏ وقد وصله الإسماعيلي من طريق إسحاق الأزرق عن حنظلة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الليث حدثني جعفر‏)‏ هو ابن ربيعة، وابن هرمز هو عبد الرحمن الأعرج، ولم تقع في رواية الليث موصولة إلى الآن، وقد رأيته عنه بإسناد آخر أخرجه ابن حبان من طريق عيسى ابن حماد عن الليث عن ابن عجلان عن أبي الزناد بسنده‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )6
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: