foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:55 am

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا حذف التشكيل

وَكَمْ الْغِنَى وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل ‏(‏لا يسألون الناس إلحافا‏)‏ وكم الغني‏؟‏ وقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لا يجد غني يغنيه ‏"‏ لقول الله عز وجل ‏(‏للفقراء الذين أحصروا‏)‏ الآية‏)‏ هذه اللام التي في قوله ‏"‏ لقول الله ‏"‏ لام التعليل لأنه أورد الآية تفسيرا لقوله في الترجمة ‏"‏ وكم الغني ‏"‏ وكأنه يقول‏:‏ وقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ولا يجد غني يغنيه ‏"‏ مبين لقدر الغني لأن الله تعالى جعل الصدقة للفقراء الموصوفين بهذه الصفة، أي من كان كذلك فليس بغني ومن كان بخلافها فهو غني، فحاصله أن شرط السؤال عدم وجدان الغني لوصف الله الفقراء بقوله‏:‏ ‏(‏لا يستطيعون ضربا في الأرض‏)‏ إذ من استطاع ضربا فيها فهو واجد لنوع من الغنى، والمراد بالذين أحصروا الذين حصرهم الجهاد أي منعهم الاشتغال به من الضرب في الأرض - أي التجارة - لاشتغالهم به عن التكسب، قال ابن علية‏:‏ كل محيط يحصر بفتح أوله وضم الصاد، والأعذار المانعة تحصر بضم المثناة وكثر الصاد أي تجعل المرء كالمحاط به، وللفقراء يتعلق بمحذوف تقديره الإنفاق المقدم ذكره لهؤلاء انتهى‏.‏

وأما قول المصنف في الترجمة ‏"‏ وكم الغني ‏"‏ فلم يذكر فيه حديثا صريحا فيحتمل أنه أشار إلى أنه لم يرد فيه شيء على شرطه، ويحتمل أن يستفاد المراد من قوله في حديث أبي هريرة ‏"‏ الذي لا يجد غني يغنيه ‏"‏ فإن معناه لا يجد شيئا يقع موقعا من حاجته، فمن وجد ذلك كان غنيا‏.‏

وقد ورد فيه ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث ابن مسعود مرفوعا ‏"‏ من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش‏.‏

قيل يا رسول الله وما يغنيه‏؟‏ قال‏:‏ خمسون درهما أوقيمتها من الذهب ‏"‏ وفي إسناده حكيم بن جبير وهو ضعيف وقد تكلم فيه شعبة من أحل هذا الحديث، وحدث به سفيان الثوري عن حكيم فقيل له‏:‏ إن شعبة لا يحدث عنه، قال‏:‏ لقد حدثني به زبيد أبو عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد يعني شيخ حكيم أخرجه الترمذي أيضا، ونص أحمد في ‏"‏ علل الخلال ‏"‏ وغيرها على أن رواية زبيد موقوفة، وقد تقدم حديث أبي سعيد قريبا من عند النسائي في ‏"‏ باب الاستعفاف ‏"‏ وفيه ‏"‏ من سأل وله أوقية فقد ألحف ‏"‏ وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه بلفظ ‏"‏ فهو ملحف ‏"‏ وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند النسائي بلفظ ‏"‏ فهو الملحف ‏"‏ وعن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد له صحبة في أثناء حديث مرفوع قال فيه ‏"‏ من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا ‏"‏ أخرجه أبو داود، وعن سهل ابن الحنظلية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار‏.‏

فقالوا‏:‏ يا رسول الله وما يغنيه‏؟‏ قال قدر ما يغديه ويعشيه ‏"‏ أخرجه أبو داود أيضا وصححه ابن حبان، قال الترمذي في حديث ابن مسعود‏:‏ والعمل على هذا عند بعض أصحابنا كالثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق‏.‏

قال‏:‏ ووسع قوم في ذلك فقالوا‏:‏ إذا كان عنده خمسون درهما أو أكثر وهو محتاج فله أن يأخذ من الزكاة، وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم انتهى وقال الشافعي‏:‏ قد يكون الرجل غنيا بالدرهم مع الكسب ولا يغنيه الألف مـع ضعفه في نفسه وكثرة عياله‏.‏

وفي المسألة مذاهب أخرى‏:‏ أحدها قول أبي حنيفة‏:‏ إن الغني من ملك نصابا فيحرم عليه أخذ الزكاة، واحتج بحديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن وقول النبي صلى الله عليه وسلم له ‏"‏ تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ‏"‏ فوصف من تؤخذ الزكاة منه بالغنى وقد قال‏:‏ ‏"‏ لا تحل الصدقة لغني‏"‏‏.‏

ثانيها أن حده ‏"‏ من وجد ما يغديه ويعشيه ‏"‏ على ظاهر حديث سهل ابن الحنظلية حكاه الخطابي عن بعضهم، ومنهم من قال‏:‏ وجهه من لا يجد غداء ولا عشاء على دائم الأوقات‏.‏

ثالثها أن حده أربعون درهما، وهو قول أبي عبيد بن سلام على ظاهر حديث أبي سعيد، وهو الظاهر من تصرف البخاري لأنه أتبع ذلك قوله‏:‏ ‏(‏لا يسألون الناس إلحافا‏)‏ وقد تضمن الحديث المذكور أن من سأل وعنده هذا القدر فقد سأل إلحافا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الْأُكْلَةَ وَالْأُكْلَتَانِ وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِي أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في ذكر المسكين أورده من طريقين، والمسكين مفعيل من السكون قاله القرطبي قال فكأنه من قلة المال سكنت حركاته ولذا قال تعالى ‏(‏أو مسكينا ذا متربة‏)‏ أي لاصق بالتراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأكلة والأكلتان‏)‏ بالضم فيهما، ويؤيده ما في رواية الأعرج الآتية آخر الباب ‏"‏ اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ‏"‏ وزاد فيه ‏"‏ الذي يطوف على الناس ‏"‏ قال أهل اللغة الأكلة بالضم اللقمة وبالفتح المرة من الغداء والعشاء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليس له غنى‏)‏ زاد في رواية الأعرج غنى يغنيه، وهذه صفة زائدة على اليسار المنفي، إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغني به بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر، وكأن المعنى نفي اليسار المفيد بأنه يغنيه مع وجود أصل اليسار، وهذا كقوله تعالى ‏(‏لا يسألون الناس إلحافا‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويستحيي‏)‏ زاد في رواية الأعرج ‏"‏ ولا يفطن به ‏"‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس ‏"‏ وهو بنصب يتصدق ويسأل، وموضع الترجمة منه قوله ‏"‏ ليس له غنى ‏"‏ وقد أورده المصنف في التفسير من طريق أخرى عن أبي هريرة يظهر تعلقها بهذه الترجمة أكثر من هذه الطريق، ولفظه هناك ‏"‏ إنما المسكين الذي يتعفف، اقرؤوا إن شئتم يعني قوله‏:‏ لا يسألون الناس إلحافا ‏"‏ كذا وقع فيه بزيادة يعني، وقد أخرجه مسلم وأحمد من هذا الوجه بدونها، وكذلك وقع فيه بزيادة ابن أبي حاتم في تفسيره‏.‏

وفي الحديث أن المسكنة إنما تحمد مع العفة عن السؤال والصبر على الحاجة، وفيه استحباب الحياء في كل الأحوال، وحسن الإرشاد لوضع الصدقة، وأن يتحرى وضعها فيمن صفته التعفف دون الإلحاح، وفيه دلالة لمن يقول‏:‏ إن الفقير أسوأ حالا من المسكين، وأن المسكين الذي له شيء لكنه لا يكفيه، والفقير الذي لا شيء له كما تقدم توجيهه، ويؤيده قوله تعالى ‏(‏أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر‏)‏ فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة يعملون فيها، وهذا قول الشافعي وجمهور أهل الحديث والفقه، وعكس آخرون فقالوا‏:‏ المسكين أسوأ حالا من الفقير‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هما سواء، وهذا قول ابن القاسم وأصحاب مالك، وقيل الفقير الذي يسأل والمسكين الذي لا يسأل حكاه ابن بطال، وظاهره أيضا أن المسكين من اتصف بالتعفف وعدم الإلحاف في السؤال، ولكن قال ابن بطال‏:‏ معناه المسكين الكامل وليس المراد نفي أصل المسكنة عن الطواف، بل هي كقوله ‏"‏ أتدرون من المفلس ‏"‏ الحديث، وقوله تعالى ‏(‏ليس البر‏)‏ الآية، وكذا قرره القرطبي وغير واحد‏.‏

والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ ابْنِ أَشْوَعَ عَنْ الشَّعْبِيِّ حَدَّثَنِي كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنْ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ

الشرح‏:‏

حديث المغيرة وابن أشوع بالشين المعجمة وزاد أحمد في رواية الكشميهني ابن الأشوع، وهو سعيد بن عمرو بن الأشوع نسب لجده وكاتب المغيرة هو وراد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإضاعة الأموال‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ المال ‏"‏ وموضع الترجمة منه قوله ‏"‏ وكثرة السؤال ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ فهم منه البخاري سؤال الناس، ويحتمل أن يكون المراد السؤال عن المشكلات، أو عما لا حاجة للسائل به، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ذروني ما تركتكم ‏"‏ قلت‏:‏ وحمله على المعنى الأعم أولى ويستقيم مراد البخاري مع ذلك‏.‏

وقد مضى بعض شرحه في كتاب الصلاة، ويأتي في كتاب الأدب وفي الرقاق مستوفي إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ أَوْ مُسْلِمًا قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ أَوْ مُسْلِمًا قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ أَوْ مُسْلِمًا يَعْنِي فَقَالَ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ بِهَذَا فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي ثُمَّ قَالَ أَقْبِلْ أَيْ سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ فَكُبْكِبُوا قُلِبُوا فَكُبُّوا مُكِبًّا أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ فَإِذَا وَقَعَ الْفِعْلُ قُلْتَ كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ وَكَبَبْتُهُ أَنَا

الشرح‏:‏

حديث سعد بن أبي وقاص أورده بإسنادين، وموضع الترجمة منه قوله في الرواية الثانية ‏"‏ فجمع بين عنقي وكتفي ثم قال‏:‏ أقبل أي سعد ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه مستوفي في كتاب الإيمان، وأنه أمر بالإقبال أو بالقبول، ووقع عند مسلم ‏"‏ إقبالا أي سعد ‏"‏ على أنه مصدر أي أتقابلني قبالا بهذه المعارضة‏؟‏ وسياقه يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم كره منه إلحاحه عليه في المسألة، ويحتمل أن يكون من جهة أن المشفوع له ترك السؤال فمدح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن أبيه عن صالح‏)‏ هو معطوف على الإسناد الأول، وكذا أخرجه مسلم عن الحسن الحلواني عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكبكبوا إلخ‏)‏ تقدمت الإشارة إليه في الإيمان، وجرى المصنف على عادته في إيراد تفسر اللفظة الغريبة إذا وافق ما في الحديث ما في القرآن‏.‏

و قوله‏:‏ ‏(‏غير واقع‏)‏ أي لازما و ‏(‏إذا وقع‏)‏ أي إذا كان متعديا، والغرض أن هذه الكلمة من النوادر حيث كان الثلاثي متعديا والمزيد فيه لازما عكس القاعدة التصريفية، قيل ويجوز أن يكون ألف أكب للصيرورة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَكِنْ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ بِهِ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة الدال على ذم السؤال ومدح الاكتساب، وقد تقدم الكلام عليه مستوفي في ‏"‏ باب الاستعفاف عن المسألة‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ثُمَّ يَغْدُوَ أَحْسِبُهُ قَالَ إِلَى الْجَبَلِ فَيَحْتَطِبَ فَيَبِيعَ فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَكْبَرُ مِنْ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ ابْنَ عُمَرَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏صالح بن كيسان‏)‏ يعني المذكور في الإسنادين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أكبر من الزهري‏)‏ يعني في السن، ومثل هذا جاء عن أحمد وابن معين‏.‏

وقال علي بن المديني‏:‏ كان أسن من الزهري، فإن مولده سنة خمسين وقيل بعدها ومات سنة ثلاث وعشرين ومائة وقيل سنه أربع، وأما صالح بن كيسان فمات سنة أربعين ومائة وقيل قبلها‏.‏

وذكر الحاكم في مقدار عمره سنا تعقبوه عليه‏.‏

وقوله ‏"‏أدرك ابن عمر ‏"‏ يعني أدرك السماع منه، وأما الزهري فمختلف في لقيه له والصحيح أنه لم يلقه وإنما يروي عن ابنه سالم عنه، والحديثان اللذان وقع في رواية معمر عنه أنه سمعهما عن ابن عمر ثبت ذكر سالم بينهما في رواية غيره والله أعلم‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:56 am

*3* باب خَرْصِ الثَّمَرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب خرص التمر‏)‏ أي مشروعيته، والخرص بفتح المعجمة وحكي كسرها وبسكون الراء بعدها مهملة هو حزر ما على النخل من الرطب تمرا، حكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة بعث السلطان خارصا ينظر فيقول‏:‏ يخرج من هذا كذا وكذا زبيبا وكذا وكذا تمرا فيحصيه وينظر مبلغ العشر فيثبته عليهم ويخلي بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجذاذ أخذ منهم العشر انتهى‏.‏

وفائدة الخرص التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها والبيع من زهوها وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقا لا يخفى‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ أنكر أصحاب الرأي الخرص‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ إنما كان يفعل تخويفا للمزارعين لئلا يخونوا إلا ليلزم به الحكم لأنه تخمين وغرور، أو كان يجوز قبل تحريم الربا والقمار‏.‏

وتعقبه الخطابي بأن تحريم الربا والميسر متقدم، والخرص عمل به في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم أبو بكر وعمر فمن بعدهم، ولم ينقل عن أحد منهم ولا من التابعين تركه إلا عن الشعبي، قال‏:‏ وأما قولهم إنه تخمين وغرور فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار التمر وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير‏.‏

وحكى أبو عبيد عن قوم منهم أن الخرص كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان يوفق من الصواب ما لا يوفق له غيره، وتعقبه بأنه لا يلزم من كون غيره لا يسدد لما كان يسدد له سواء أن تثبت بذلك الخصوصية ولو كان المرء لا يجب عليه الاتباع إلا فيما يعلم أنه يسدد فيه كتسديد الأنبياء لسقط الاتباع، وترد هذه الحجة أيضا بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم الخراص في زمانه والله أعلم، واعتل الطحاوي بأنه يجوز أن يحصل للثمرة آفة فتتلفها فيكون ما يؤخذ من صاحبها مأخوذا بدلا مما لم يسلم له، وأجيب بأن القائلين به لا يضمنون أرباب الأموال ما تلف بعد الخرص، قال ابن المنذر‏:‏ أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّاسٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ اخْرُصُوا وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُومَنَّ أَحَدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّءٍ وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ فَلَمَّا أَتَى وَادِيَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ فَلَمَّا قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ هَذِهِ طَابَةُ فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ قَالُوا بَلَى قَالَ دُورُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دُورُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ ثُمَّ دُورُ بَنِي سَاعِدَةَ أَوْ دُورُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ يَعْنِي خَيْرًا وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي عَمْرٌو ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ ثُمَّ بَنِي سَاعِدَةَ وَقَالَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ كُلُّ بُسْتَانٍ عَلَيْهِ حَائِطٌ فَهُوَ حَدِيقَةٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِطٌ لَمْ يُقَلْ حَدِيقَةٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو بن يحيى‏)‏ هو المازني، ولمسلم من وجه آخر عن وهيب حدثنا عمرو بن يحيى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عباس الساعدي‏)‏ هو ابن سهل بن سعد، ووقع في رواية أبي داود عن سهل بن بكار شيخ البخاري فيه عن العباس الساعدي يعني ابن سهل بن مسعد‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن وهيب حدثنا عمرو بن يحيى حدثنا عباس بن سهل الساعدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏غزوة تبوك‏)‏ سيأتي شرحها في المغازي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما جاء وادي القرى‏)‏ هي مدينة قديمة بين المدينة والشام سيأتي ذكرها في البيوع، وأغرب ابن قرقول فقال‏:‏ إنها من أعمال المدينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا امرأة في حديقة لها‏)‏ استدل به على جواز الابتداء بالنكرة لكن بشرط الإفادة، قال ابن مالك‏:‏ لا يمتنع الابتداء بالنكرة المحضة على الإطلاق، بل إذا لم تحصل فائدة، فلو اقترن بالنكرة المحضة قرينة يتحصل بها الفائدة جاز الابتداء بها نحو انطلقت فإذا سبع في الطريق إلخ‏.‏

ووقع في رواية سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عند مسلم ‏"‏ فآتينا على حديقة امرأة ‏"‏ ولم أقف على اسمها في شيء من الطرق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اخرصوا‏)‏ بضم الراء، زاد سليمان ‏"‏ فخرصنا ‏"‏ ولم أقف على أسماء من خرص منهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وخرص‏)‏ في رواية سليمان ‏"‏ وخرصها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أحصي‏)‏ أي احفظي عدد كيلها‏.‏

وفي رواية سليمان ‏"‏ أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله تعالى ‏"‏ وأصل الإحصاء العدد بالحصى لأنهم كانوا لا يحسنون الكتابة فكانوا يضبطون العدد بالحصى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ستهب الليلة‏)‏ زاد سليمان ‏"‏ عليكم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلا يقومن أحد‏)‏ في رواية سليمان ‏"‏ فلا يقم فيها أحد منكم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فليعقله‏)‏ أي يشده بالعقال وهو الحبل‏.‏

وفي رواية سليمان ‏"‏ فليشد عقاله ‏"‏ وفي رواية ابن إسحاق في المغازي عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عباس بن سهل ‏"‏ ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقام رجل فألقته بجبل طيء‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ بجبلي طي ‏"‏ وفي رواية الإسماعيلي من طريق عفان عن وهيب ‏"‏ ولم يقم فيها أحد غير رجلين ألقتهما بجبل طي ‏"‏ وفيه نظر بينته رواية ابن إسحاق ولفظه ‏"‏ ففعل الناس ما أمرهم إلا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج آخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبل طي، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا ومعه صاحب له‏.‏

ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الآخر فإنه وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم من تبوك ‏"‏ والمراد بجبلي طي المكان الذي كانت القبيلة المذكورة تنزله، واسم الجبلين المذكورين ‏"‏ أجأ ‏"‏ بهمزة وجيم مفتوحتين بعدهما همزة بوزن قمر وقد لا تهمز فيكون بوزن عصا و ‏"‏ سلمى ‏"‏ وهما مشهوران، ويقال إنهما سميا باسم رجل وامرأة من العماليق‏.‏

ولم أقف على اسم الرجلين المذكورين وأظن ترك ذكرهما وقع عمدا، فقد وقع في آخر حديث ابن إسحاق أن عبد الله بن أبي بكر حدثه أن العباس بن سهل سمى الرجلين ولكنه استكتمني إياهما قال‏:‏ وأبى عبد الله أن يسميهما لنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأهدى ملك أيلة‏)‏ بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام مفتوحة بلدة قديمة بساحل البحر تقدم ذكرها في ‏"‏ باب الجمعة في القرى والمدن‏"‏، ووقع في رواية سليمان عند مسلم ‏"‏ وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء ‏"‏ وفي مغازي ابن إسحاق ‏"‏ ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يوحنا بن روبة صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية ‏"‏ وكذا رواه إبراهيم الحربي في الهدايا من حديث علي، فاستفيد من ذلك اسمه واسم أبيه، فلعل العلماء اسم أمه، ويوحنا بضم التحتانية وفتح المهملة وتشديد النون، وروبة بضم الراء وسكون الواو بعدها موحدة، واسم البغلة المذكورة دلدل هكذا جزم به النووي، ونقل عن العلماء أنه لا يعرف له بغلة سواها، وتعقب بأن الحاكم أخرج في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ عن ابن عباس ‏"‏ أن كسرى أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها بحبل من شعر ثم أردفني خلفه ‏"‏ الحديث، وهذه غير دلدل‏.‏

ويقال إن النجاشي أهدى له بغلة، وأن صاحب دومة الجندل أهدى له بغلة، وأن دلدل إنما أهداها له المقوقس‏.‏

وذكر السهيلي أن التي كانت تحته يوم حنين تسمى فضة وكانت شهباء، ووقع عند مسلم في هذه البغلة أن فروة أهداها له‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكتب له ببحرهم‏)‏ أي ببلدهم، أو المراد بأهل بحرهم لأنهم كانوا سكانا بساحل البحر أي أنه أقره عليهم بما التزموه من الجزية، وفي بعض الروايات ‏"‏ ببحرتهم ‏"‏ أي بلدتهم، وقيل البحرة الأرض‏.‏

وذكر ابن إسحاق الكتاب، وهو بعد البسملة‏:‏ ‏"‏ هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليوحنا بن روبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر، لهم ذمة الله ومحمد النبي ‏"‏ وساق بقية الكتاب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كم جاء حديقتك‏)‏ أي تمر حديقتك‏.‏

وفي رواية مسلم ‏"‏ فسأل المرأة عن حديقتها كما بلغ ثمرها ‏"‏ وقوله ‏"‏ عشرة ‏"‏ بالنصب على نزع الخافض أو على الحال، وقوله ‏"‏خرص ‏"‏ بالنصب أيضا إما بدلا وإما بيانا، ويجوز الرفع فيهما وتقديره الحاصل عشرة أوسق وهو خرص رسول الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما قال ابن بكار كلمة معناها أشرف على المدينة‏)‏ ابن بكار هو سهل شيخ البخاري، فكأن البخاري شك في هذه اللفظة فقال هذا، وقد رواه أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ عن فاروق عن أبي مسلم وغيره عن سهل فذكرها بهذا اللفظ سواء، وسيأتي الكلام على بقية الحديث وما يتعلق بالمدينة في فضل المدينة، وما يتعلق بالأنصار في مناقب الأنصار، فإنه ساق ذلك هناك أتم مما هنا‏.‏

وقوله ‏"‏طابة ‏"‏ هو من أسماء المدينة كطيبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سليمان بن بلال حدثني عمرو‏)‏ يعني ابن يحيى بالإسناد المذكور، وهذه الطريق موصولة في فضائل الأنصار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سليمان‏)‏ هو ابن بلال المذكور، وسعد بن سعيد هو الأنصاري أخو يحيى بن سعيد، وعباس هو ابن سهل بن سعد، وهي موصولة في ‏"‏ فوائد علي بن خزيمة ‏"‏ قال ‏"‏ حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا أيوب بن سليمان أي ابن بلال حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال ‏"‏ فذكره وأوله ‏"‏ أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دنا من المدينة أخذ طريق غراب لأنها أقرب إلى المدينة وترك الأخرى ‏"‏ فساق الحديث ولم يذكر أوله، واستفيد منه بيان قوله ‏"‏ إني متعجل إلى المدينة، فمن أحب فليتعجل معي ‏"‏ أي إني سالك الطريق القريبة فمن أراد فليأت معي يعني ممن له اقتدار على ذلك دون بقية الجيش‏.‏

وظهر أن عمارة بن غزية خالف عمرو بن يحيى في إسناد الحديث فقال عمرو ‏"‏ عن عباس عن أبي حميد ‏"‏ وقال عمارة ‏"‏ عن عباس عن أبيه‏"‏‏.‏

فيحتمل أن يسلك طريق الجمع بأن يكون عباس أخذ القدر المذكور وهو ‏"‏ أحد جبل يحبنا ونحبه ‏"‏ عن أبيه وعن أبي حميد معا، أو حمل الحديث عنهما معا، أو كله عن أبي حميد ومعظمه عن أبيه وكان يحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، ولذلك كان لا يجمعهما‏.‏

وقد وقع في رواية ابن إسحاق المذكورة ‏"‏ عباس بن سهل بن سعد أو عباس عن سهل ‏"‏ فتردد فيه هل هو مرسل أو رواه عن أبيه فيوافق قول عمارة، لكن سياق عمرو بن يحيى أتم من سياق غيره، والله أعلم‏.‏

وفي هذا الحديث مشروعية الخرص، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه أول الباب، واختلف القائلون به هل هو وأجب أو مستحب، فحكى الصيمري من الشافعية وجها بوجوبه‏.‏

وقال الجمهور هو مستحب إلا إن تعلق به حق لمحجور مثلا أو كان شركاؤه غير مؤتمنين فيجب لحفظ مال الغير، واختلف أيضا هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع به رطبا وجافا‏؟‏ وبالأول قال شريح القاضي وبعض أهل الظاهر، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري‏.‏

وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف‏؟‏ الأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه‏.‏

وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أو لا بد من اثنين‏؟‏ وهما قولان للشافعي، والجمهور على الأول‏.‏

واختلف أيضا هل هو اعتبار أو تضمين‏؟‏ وهما قولان للشافعي أظهرهما الثاني، وفائدته جواز التصرف في جميع الثمرة ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص‏.‏

وفيه أشياء من أعلام النبوة كالإخبار عن الريح وما ذكر في تلك القصة، وفيه تدريب الاتباع وتعليمهم، وأخذ الحذر مما يتوقع الخوف منه‏.‏

وفضل المدينة والأنصار، ومشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالإجمال والتعيين، ومشروعية الهدية والمكافأة عليها‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ في السنن وصحيح ابن حبان من حديث سهل ابن أبي حثمة مرفوعا ‏"‏ إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع‏"‏‏.‏

وقال بظاهره الليث وأحمد وإسحاق وغيرهم، وفهم منه أبو عبيد في ‏"‏ كتاب الأموال ‏"‏ أنه القدر الذي يأكلونه بحسب احتياجهم إليه فقال‏:‏ يترك قدر احتياجهم‏.‏

وقال مالك وسفيان‏:‏ لا يترك لهم شيء، وهو المشهور عن الشافعي، قال ابن العربي‏:‏ والمتحصل من صحيح النظر أن يعمل بالحديث وهو قدر المؤونة، ولقد جربناه فوجدناه كذلك في الأغلب مما يؤكل رطبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبيد‏)‏ هو القاسم بن سلام الإمام المشهور صاحب ‏"‏ الغريب ‏"‏ وكلامه هذا في غريب الحديث له‏.‏

وقال صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏‏:‏ هو من الرياض كل أرض استدارت، وقيل كل أرض ذات شجر مثمر ونخل، وقيل كل حفرة تكون في الوادي يحتبس فيها الماء، فإذا لم يكن فيه ماء فهو حديقة، ويقال الحديقة أعمق من الغدير والحديقة القطعة من الزرع يعني أنه من المشترك‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:57 am

*3* باب الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَبِالْمَاءِ الْجَارِي حذف التشكيل

وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ شَيْئًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب العشر فيما يسقى من ماء السماء والماء الجاري‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ عدل من لفظ العيون الواقع في الخبر إلى الماء الجاري ليجريه مجرى التفسير للمقصود من ماء العيون وأنه الماء الذي يجري بنفسه من غير نضح وليبين أن الذي يجري بنفسه من نهر أو غدير حكمه حكم ما يجري من العيون انتهى، وكأنه أشار إلى ما في بعض طرقه، فعند أبي داود ‏"‏ فيما سقت السماء والأنهار والعيون ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئا‏)‏ أي زكاة، وصله مالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال‏:‏ جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى أن لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بإسناد صحيح إلى نافع مولى ابن عمر قال ‏"‏ بعثني عمر بن عبد العزيز على اليمن فأردت أن آخذ من العسل العشر، فقال مغيرة بن حكيم الصنعاني‏:‏ ليس فيه شيء، فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز فقال‏:‏ صدق، هو عدل رضا، ليس فيه شيء ‏"‏ وجاء عن عمر بن عبد العزيز ما يخالفه أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن كتاب إبراهيم بن ميسرة قال‏:‏ ‏"‏ ذكر لي بعض من لا أتهم من أهلي أنه تذاكر هو وعروة بن محمد السعدي فزعم عروة أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن صدقة العسل، فزعم عروة أنه كتب إليه‏:‏ إنا قد وجدنا بيان صدقة العسل بأرض الطائف فخذ منه العشر انتهى ‏"‏ وهذا إسناد ضعيف لجهالة الواسطة، والأول أثبت، وكأن البخاري أشار إلى تضعيف ما روي ‏"‏ أن في العسل العشر ‏"‏ وهو ما أخرجه عبد الرزاق بسنده عن أبي هريرة قال ‏"‏ كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أن يؤخذ من العسل العشر ‏"‏ وفي إسناده عبد الله بن محرر وهو بمهملات وزن محمد قال البخاري في تاريخه‏:‏ عبد الله متروك، ولا يصح في زكاه العسل شيء‏.‏

قال الترمذي‏:‏ لا يصح في هذا الباب شيء‏.‏

قال الشافعي في القديم‏:‏ حديث أن في العسل العشر ضعيف، وفي أن لا يؤخذ منه العشر ضعيف، إلا عن عمر بن عبد العزيز انتهى‏.‏

وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق طاوس ‏"‏ أن معاذا لما أتى اليمن قال‏:‏ لم أؤمر فيهما بشيء ‏"‏ يعني العسل وأوقاص البقر، وهذا منقطع، وأما ما أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ‏"‏ جاء هلال أحد بني متعان - أي بضم الميم وسكون المثناة بعدها مهملة - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له وكان سأله أن يحمي له واديا فحماه له، فلما ولي عمر كتب إلى عامله‏:‏ إن أدى إليك عشور نحله فاحم له سلبه وإلا فلا ‏"‏ وإسناده صحيح إلى عمرو وترجمة عمرو قوية على المختار لكن حيث لا تعارض، وقد ورد ما يدل على أن هلالا أعطى ذلك تطوعا، فعند عبد الرزاق عن صالح بن دينار ‏"‏ أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عثمان بن محمد ينهاه أن يأخذ من العسل صدقة إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أخذها فجمع عثمان أهل العسل فشهدوا أن هلال بن سعد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعسل فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ صدقة فأمر برفعها ولم يذكر عشورا ‏"‏ لكن الإسناد الأول أقوى، إلا أنه محمول على أنه في مقابلة الحمى كما يدل عليه كتاب عمر بن الخطاب‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ ليس في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة فيه، وهو قول الجمهور وعن أبي حنيفة وأحمد وإسحاق يحب العشر فيما أخذ من غير أرض الخراج‏.‏

وما نقله عن الجمهور مقابله قول الترمذي بعد أن أخرج حديث ابن عمر فيه، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم‏.‏

وقال بعض أهل العلم‏:‏ ليس في العسل شيء، وأشار شيخنا في شرحه إلى أن الذي نقله ابن المنذر أقوى، قال ابن المنير‏:‏ مناسبة أثر عمر في العسل للترجمة من جهة أن الحديث يدل على أن لا عشر فيه لأنه خص العشر أو نصفه بما يسقى، فأفهم أن ما لا يسقى لا يعشر، زاد ابن رشيد فإن قيل المفهوم إنما ينفي العشر أو نصفه لا مطلق الزكاة، فالجواب أن الناس قائلان‏:‏ مثبت للعشر وناف للزكاة أصلا فتم المراد، قال‏:‏ ووجه إدخاله العسل أيضا للتنبيه على الخلاف فيه وأنه لا يرى فيه زكاة وإن كانت النحل تتغذى مما يسقى من السماء لكن المتولد بالمباشرة كالزرع ليس كالمتولد بواسطة حيوان كاللبن فإنه متولد عن الرعي ولا زكاة فيه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ هَذَا تَفْسِيرُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَقِّتْ فِي الْأَوَّلِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَفِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ وَبَيَّنَ فِي هَذَا وَوَقَّتَ وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ وَالْمُفَسَّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُبْهَمِ إِذَا رَوَاهُ أَهْلُ الثَّبَتِ كَمَا رَوَى الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ وَقَالَ بِلَالٌ قَدْ صَلَّى فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلَالٍ وَتُرِكَ قَوْلُ الْفَضْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عثريا‏)‏ بفتح المهملة والمثلثة وكسر الراء وتشديد التحتانية، وحكي عن ابن الأعرابي تشديد المثلثة ورده ثعلب وحكى ابن عديس في المثلث فيه ضم أوله وإسكان ثانيه قال الخطابي‏:‏ هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي، زاد ابن قدامة عن القاضي أبي يعلى‏:‏ وهو المستنقع في بركة ونحوها يصب إليه من ماء المطر في سواق تشق له قال‏:‏ واشتقاقه من العاثور وهي الساقية التي يجري فيها الماء لأن الماشي يعثر فيها‏.‏

قال ومنه الذي يشرب من الأنهار بغير مؤونة، أو يشرب بعروقه كأن يغرس في أرض يكون الماء قريبا من وجهها فيصل إليه عروق الشجر فيستغني عن السقي، وهذا التفسير أولى من إطلاق أبي عبيد أن العثري ما سقته السماء، لأن سياق الحديث يدل على المغايرة، وكذا قول من فسر العثري بأنه الذي لا حمل له لأنه لا زكاة فيه، قال ابن قدامة‏:‏ لا نعلم في هذه التفرقة التي ذكرناها خلافا قوله‏:‏ ‏(‏بالنضح‏)‏ بفتح النون وسكون المعجمة بعدها مهملة أي بالسانية، وهي رواية مسلم والمراد بها الإبل التي يستقى عليها، وذكر الإبل كالمثال وإلا فالبقر وغيرها كذلك في الحكم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏:‏ هذا تفسير الأول إلخ‏)‏ هكذا وقع في رواية أبي ذر هذا الكلام عقب حديث ابن عمر في العثري، ووقع في رواية غيره عقب حديث أبي سعيد المذكور في الباب الذي بعده، وهو الذي وقع عند الإسماعيلي أيضا، وجزم أبو علي الصدفي بأن ذكره عقب حديث ابن عمر من قبل بعض نساخ الكتاب انتهى ولم يقف الصغاني على اختلاف الروايات فجزم بأنه وقع هنا في جميعها قال وحقه أن يذكر في الباب الذي يليه، قلت‏:‏ ولذكره عقب كل من الحديثين وجه، لكن تعبيره بالأول يرجح كونه بعد حديث أبي سعيد لأنه هو المفسر الذي قبله وهو حديث ابن عمر، فحديث ابن عمر بعمومه ظاهر في عدم اشتراط النصاب وفي إيجاب الزكاة في كل ما يسقى بمؤونة وبغير مؤونة، ولكنه عند الجمهور مختص بالمعنى الذي سيق لأجله وهو التمييز بين ما يجب فيه العشر أو نصف العشر بخلاف حديث أبي سعيد فإنه مساق لبيان جنس المخرج منه وقدره فأخذ به الجمهور عملا بالدليلين كما سيأتي بسط القول فيه بعد إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد جزم الإسماعيلي بأن كلام البخاري وقع عقب حديث أبي سعيد ودل حديث الباب على التفرقة في القدر المخرج الذي يسقى بنضح أو بغير نضح، فإن وجد ما يسقى بهما فظاهره أنه يجب فيه ثلاثة أرباع العشر إذا تساوى ذلك وهو قول أهل العلم، قال ابن قدامة لا نعلم فيه خلافا، وإن كان أحدهما أكثر كان حكم الأقل تبعا للأكثر نص عليه أحمد، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، والثاني يؤخذ بالقسط، ويحتمل أن يقال إن أمكن فصل كل واحد منهما أخذ بحسابه، وعن ابن القاسم صاحب مالك العبرة بما تم به الزرع وانتهى ولو كان أقل قاله ابن التين عن حكاية أبي محمد بن أبي زيد عنه والله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قال النسائي عقب تخريج هذا الحديث‏:‏ رواه نافع عن ابن عمر عن عمر، قال وسالم أجل من نافع وقول نافع أولى بالصواب‏.‏

وقوله بعده ‏(‏هذا تفسير الأول لأنه لم يوقت في الأول‏)‏ أي لم يذكر حدا للنصاب، و قوله‏:‏ ‏(‏وبين في هذا‏)‏ يعني في حديث أبي سعيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والزيادة مقبولة‏)‏ أي من الحافظ، والثبت بتحريك الموحدة الثبات والحجة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والمفسر يقضي على المبهم‏)‏ ‏:‏ أي الخاص يقضي على العام لأن ‏"‏ فيما سقت ‏"‏ عام يشمل النصاب ودونه، و ‏"‏ ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ‏"‏ خاص بقدر النصاب وأجاب بعض الحنفية بأن محل ذلك ما إذا كان البيان وفق المبين لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه، أما إذا انتفى شيء من أفراد العام مثلا فيمكن التمسك به كحديث أبي سعيد هذا فإنه دل على النصاب فيما يقبل التوسيق، وسكت عما لا يقبل التوسيق فيمكن التمسك بعموم قوله فيما سقت السماء العشر أي مما لا يمكن التوسيق فيه عملا بالدليلين، وأجاب الجمهور بما روي مرفوعا ‏"‏ لا زكاة في الخضراوات ‏"‏ رواه الدارقطني من طريق علي وطلحة ومعاذ مرفوعا وقال الترمذي لا يصح فيه شيء إلا مرسل موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو دال على أن الزكاة إنما هي فيما يكال مما يدخر للاقتيات في حال الاختيار‏.‏

وهذا قول مالك والشافعي‏.‏

وعن أحمد يخرج من جميع ذلك ولو كان لا يقتات وهو قول محمد وأبي يوسف وحكى ابن المنذر الإجماع على أن الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق مما أخرجت الأرض، إلا أن أبا حنيفة قال تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلا الحطب والقصب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر انتهى‏.‏

وحكى عياض عن داود أن كل ما يدخل فيه الكيل يراعى فيه النصاب، وما لا يدخل فيه الكيل ففي قليله وكثيره الزكاة، وهو نوع من الجمع بين الحديثين المذكورين والله أعلم‏.‏

وقال ابن العربي أقوى المذاهب وأحوطها للمساكين قول أبي حنيفة، وهو التمسك بالعموم قال‏:‏ وقد زعم الجويني أن الحديث إنما جاء لتفصيل ما تقل مما تكثر مؤونته، قال ابن العربي‏:‏ لا مانع أن يكون الحديث يقتضي الوجهين والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كما روى إلخ‏)‏ أي كما أن المثبت مقدم على النافي في حديثي الفضل وبلال، وحديث الفضل أخرجه أحمد وغيره، وحديث بلال سيأتي موصولا في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ اختلف في هذا النصاب هل هو تحديد أو تقريب‏؟‏ وبالأول جزم أحمد، وهو أصح الوجهين للشافعية، إلا إن كان نقصا يسيرا جدا مما لا ينضبط فلا يضر قاله ابن دقيق العيد، وصحح النووي في شرح مسلم أنه تقريب، واتفقوا على وجوب الزكاة فيما زاد على الخمسة أوسق بحسابه ولا وقص فيها‏.‏

*3* باب لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة‏)‏ أورد فيه حديث أبي سعيد وقد تقدم ذكره في ‏"‏ باب زكاة الورق ‏"‏ وذكر فيه قدر الوسق وقوله هنا ‏"‏ ليس فيما أقل ‏"‏ ما زائدة وأقل في موضع جر بقي وقد ذكره بعده بلفظ وليس في أقل‏.‏

*3* باب أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِيُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، وهل يترك الصبي فيمن تمر الصدقة‏)‏ الصرام بكسر المهملة الجداد والقطاف وزنا ومعنى وقد اشتمل هذا الباب على ترجمتين أما الأولى فلها تعلق بقوله تعالى ‏(‏وآتوا حقه يوم حصاده‏)‏ واختلفوا في المراد بالحق فيها فقال ابن عباس‏:‏ هي الواجبة، وأخرجه ابن جرير عن أنس‏.‏

وقال ابن عمر‏:‏ هو شيء سوى الزكاة أخرجه ابن مردويه وبه قال عطاء وغيره، وحديث الباب يشعر بأنه غير الزكاة، وكأنه المراد بما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث جابر ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عمرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين ‏"‏ وقد تقدم ذكره في ‏"‏ باب القسمة وتعليق القنو في المسجد ‏"‏ من كتاب الصلاة‏.‏

وأما الترجمة الثانية فربطها بالترك إشارة منه إلى أن الصبا وإن كان مانعا من توجيه الخطاب إلى الصبي فليس مانعا من توجيه الخطاب إلى الولي بتأديبه وتعليمه‏.‏

وأوردها بلفظ الاستفهام لاحتمال أن يكون النهي خاصا بمن لا يحل له تناول الصدقة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ فَقَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كوم‏)‏ بفتح الكاف وسكون الواو معروف، وأصله القطعة العظيمة من الشيء، والمراد به هنا ما اجتمع من التمر كالعرمة، ويروى ‏"‏ كوما ‏"‏ بالنصب أي حتى يصير التمر عنده كوما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخذ أحدهما‏)‏ سيأتي بعد بابين من رواية شعبة عن محمد بن زياد بلفظ ‏"‏ فأخذ الحسن بن علي ‏"‏ قوله‏:‏ ‏(‏فجعله‏)‏ أي المأخوذ‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فجعلها ‏"‏ أي التمرة وسيأتي بقية الكلام عليه قريبا، قال الإسماعيلي قوله ‏"‏ عند صرام النخل ‏"‏ أي بعد أن يصير تمرا لأن النخل قد يصرم وهو رطب فيتمر في المربد ولكن ذلك لا يتطاول فحسن أن ينسب إلى الصرام كما في قوله تعالى ‏(‏وآتوا حقه يوم حصاده‏)‏ فإن المراد بعد أن يداس وينقى‏.‏

والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )8
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )10
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )11
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )3

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: