foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:26 am

*2*كتاب الزكاة

*3* باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الزكاة‏)‏ البسملة ثابتة في الأصل ولأكثر الرواة ‏"‏ باب ‏"‏ بدل كتاب، وسقط ذلك لأبي ذر فلم يقل باب ولا كتاب، وفي بعض النسخ ‏"‏ كتاب الزكاة - باب وجوب الزكاة‏"‏‏.‏

والزكاة في اللغة النماء، يقال زكا الزرع إذا نما، وترد أيضا في المال، وترد أيضا بمعنى التطهير‏.‏

وشرعا بالاعتبارين معا‏:‏ أما بالأول فلأن إخراجها سبب للنماء في المال، أو بمعنى أن الأجر بسببها يكثر، أو بمعنى أن متعلقها الأموال ذات النماء كالتجارة والزراعة‏.‏

ودليل الأول ‏"‏ ما نقص مال من صدقة ‏"‏ ولأنها يضاعف ثوابها كما جاء ‏"‏ أن الله يربي الصدقة‏"‏‏.‏

وأما بالثاني فلأنها طهرة للنفس من رذيلة البخل، وتطهير من الذنوب‏.‏

وهي الركن الثالث من الأركان التي بني الإسلام عليها كما تقدم في كتاب الإيمان‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ تطلق الزكاة على الصدقة الواجبة والمندوبة والنفقة والحق والعفو‏.‏

وتعريفها في الشرع‏.‏

إعطاء جزء من النصاب الحولي إلى فقير ونحوه غير هاشمي ولا مطلبي‏.‏

ثم لها ركن وهو الإخلاص، وشرط هو السبب وهو ملك النصاب الحولي، وشرط من تجب عليه وهو العقل والبلوغ والحرية‏.‏

ولها حكم وهو سقوط الواجب في الدنيا وحصول الثواب في الأخرى‏.‏

وحكمة وهي التطهير من الأدناس ورفع الدرجة واسترقاق الأحرار انتهى‏.‏

وهو جيد لكن في شرط من تجب عليه اختلاف‏.‏

والزكاة أمر مقطوع به في الشرع يستغني عن تكلف الاحتجاج له، وإنما وقع الاختلاف في فروعه، وأما أصل فرضية الزكاة فمن جحدها كفر‏.‏

وإنما ترجم المصنف بذلك على عادته في إيراد الأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله‏)‏ هو بالرفع‏.‏

قال الزين بن المنير‏.‏

مبتدأ وخبره محذوف أي هو دليل على ما قلناه من الوجوب‏.‏

ثم أورد المصنف في الباب ستة أحاديث‏:‏ أولها حديث أبي سفيان هو ابن حرب، الطويل في قصة هرقل، أورده هنا معلقا واقتصر منه على قوله ‏"‏ يأمر بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف‏"‏، ودلالته على الوجوب ظاهرة‏.‏

وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في بدء الوحي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن، ودلالته على وجوب الزكاة أوضح من الذي قبله‏.‏

وسيأتي الكلام عليه في أواخر كتاب الزكاة قبل أبواب صدقة الفطر بستة أبواب، وقوله في أوله ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال ادعهم ‏"‏ هكذا أورده في التوحيد مختصرا في أوله واختصر أيضا من آخره، وأورده في التوحيد عن أبي عاصم مثله لكنه قرنه برواية غيره، وقد أخرجه الدارمي في مسنده عن أبي عاصم ولفظه في أوله ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال‏:‏ إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فادعهم ‏"‏ وفي آخره بعد قوله فقرائهم ‏"‏ فإن هم أطاعوا لك في ذلك فإياك وكرائم أموالهم، وإياك ودعوة المظلوم فإنها ليس لها من دون الله حجاب ‏"‏ وكذا قال في المواضع كلها ‏"‏ فإن أطاعوا لك في ذلك ‏"‏ والذي عند البخاري هنا ‏"‏ فإن هم أطاعوا لذلك ‏"‏ وستأتي هذه الزيادة من وجه آخر مع شرحها إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَقَالَ بَهْزٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ وَأَبُوهُ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمَا سَمِعَا مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ مَحْفُوظٍ إِنَّمَا هُوَ عَمْرٌو

الشرح‏:‏

حديث أبي أيوب في سؤال الرجل عن العمل الذي يدخل به الجنة، وأجيب عنه بأن ‏"‏ تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم‏"‏، وفي دلالته على الوجوب غموض‏.‏

وقد أجيب عنه بأجوبة‏:‏ أحدها أن سؤاله عن العمل الذي يدخل الجنة يقتضي أن لا يجاب بالنوافل قبل الفرائض فتحمل على الزكاة الواجبة‏.‏

ثاني الأجوبة أن الزكاة قرينة الصلاة كما سيأتي في الباب من قول أبي بكر الصديق، وقد قرن بينهما في الذكر هنا‏.‏

ثالثها أنه وقف دخول الجنة على أعمال من جملتها أداء الزكاة، فيلزم أن من لم يعملها لم يدخل، ومن لم يدخل الجنة دخل النار، وذلك يقتضي الوجوب‏.‏

رابعها أنه أشار إلى أن القصة التي في حديث أبي أيوب والقصة التي في حديث أبي هريرة الذي يعقبه واحدة، فأراد أن يفسر الأول بالثاني لقوله فيه ‏"‏ وتؤدي الزكاة المفروضة ‏"‏ وهذا أحسن الأجوبة‏.‏

وقد أكثر المصنف من استعمال هذه الطريقة‏.‏

وأما حديث أبي أيوب فقوله فيه ‏"‏ عن ابن عثمان ‏"‏ الإبهام فيه من الراوي عن شعبة، وذلك أن اسم هذا الرجل عمرو، وكان شعبة يسميه محمدا، وكان الحذاق من أصحابه يهمونه كما وقع في رواية حفص بن عمرو كما سيأتي في الأدب عن أبي الوليد عن شعبة، وكان بعضهم يقول محمد كما قال شعبة، وبيان ذلك في طريق بهز التي علقها المصنف هنا ووصله في كتاب الأدب الآتي عن عبد الرحمن بن بشير عن بهز بن أسد، وكذا أخرجه مسلم والنسائي من طريق بهز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن موسى بن طلحة عن أبي أيوب‏)‏ هو الأنصاري‏.‏

ووقع في رواية مسلم الآتي ذكرها ‏"‏ حدثنا موسى بن طلحة حدثني أبو أيوب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن رجلا‏)‏ هذا الرجل حكى ابن قتيبة في ‏"‏ غريب الحديث ‏"‏ له أنه أبو أيوب الراوي، وغلطه بعضهم في ذلك فقال‏.‏

إنما هو راوي الحديث‏.‏

وفي التغليط نظر، إذ لا مانع أن يبهم الراوي نفسه لغرض له، ولا يقال يبعد، لوصفه في رواية أبي هريرة التي بعد هذه بكونه أعرابيا، لأنا نقول‏:‏ لا مانع من تعدد القصة فيكون السائل في حديث أبي أيوب هو نفسه لقوله إن رجلا، والسائل في حديث أبي هريرة أعرابي آخر قد سمي فيما رواه البغوي وابن السكن والطبراني في الكبير أبو مسلم الكجي في السنن من طريق محمد بن جحادة وغيره عن المغيرة بن عبد الله اليشكري أن أباه حدثه قال ‏"‏ انطلقت إلى الكوفة فدخلت المسجد، فإذا رجل من قيس يقال له ابن المنتفق وهو يقول‏:‏ وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبته فلقيته بعرفات، فزاحمت عليه، فقيل لي إليك عنه، فقال‏.‏

دعوا الرجل، أرب ما له‏.‏

قال فزاحمت عليه حتى خلصت إليه فأخذت بخطام راحلته فما غير علي، قال شيئين أسألك عنهما‏:‏ ما ينجيني من النار، وما يدخلني الجنة‏؟‏ قال فنظر إلى السماء ثم أقبل علي بوجهه الكريم فقال‏:‏ لئن كنت أوجزت المسألة لقد أعظمت وطولت فاعقل علي، اعبد الله لا تشرك به شيئا، وأقم الصلاة المكتوبة، وأد الزكاة المفروضة، وصم رمضان‏"‏‏.‏

وأخرجه البخاري في ‏"‏ التاريخ ‏"‏ من طريق يونس بن أبي إسحاق عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن أبيه قال ‏"‏ غدوت فإذا رجل يحدثهم‏"‏‏.‏

قال وقال جرير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن المغيرة بن عبد الله قال ‏"‏ سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ثم ذكر الاختلاف فيه عن الأعمش وأن بعضهم قال فيه عن المغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه والصواب المغيرة بن عبد الله اليشكري‏.‏

وزعم الصيرفي أن اسم ابن المنتفق هذا لقيط بن صبرة وافد بني المنتفق، فالله أعلم‏.‏

وقد يؤخذ من هذه الرواية أن السائل في حديث أبي هريرة هو السائل في حديث أبي أيوب لأن سياقه شبيه بالقصة التي ذكرها أبو هريرة لكن قوله في هذه الرواية ‏"‏ أرب ما له ‏"‏ في رواية أبي أيوب دون أبي هريرة، وكذا حديث أبي أيوب وقع عند مسلم من رواية عبد الله بن نمير عن عمرو بن عثمان بلفظ ‏"‏ أن أعرابيا عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته ثم قال‏:‏ يا رسول الله، أخبرني ‏"‏ فذكره‏.‏

وهذا شبيه بقصة سؤال ابن المنتفق‏.‏

وأيضا فأبو أيوب لا يقول عن نفسه ‏"‏ أن أعرابيا ‏"‏ والله أعلم‏.‏

وقد وقع نحو هذا السؤال لصخر بن القعقاع الباهلي، ففي حديث الطبراني أيضا من طريق قزعة بن سويد الباهلي ‏"‏ حدثني أبي حدثني خالي واسمه صخر بن القعقاع قال‏:‏ لقيت النبي صلى الله عليه وسلم بين عرفة ومزدلفة، فأخذت بخطام ناقته فقلت‏:‏ يا رسول الله ما يقربني من الجنة ويباعدني من النار ‏"‏ فذكر الحديث وإسناده حصن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ما له ما له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أرب ما له‏)‏ كذا في هذه الرواية لم يذكر فاعل قال ما له ما له‏.‏

وفي رواية بهز المعلقة هنا الموصولة في كتاب الأدب ‏"‏ قال القوم ما له ما له ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ هو استفهام والتكرار للتأكيد‏.‏

وقوله ‏"‏أرب ‏"‏ بفتح الهمزة والراء منونا أي حاجة، وهو مبتدأ وخبره محذوف، استفهم أولا ثم رجع إلى نفسه فقال ‏"‏ له أرب ‏"‏ انتهى، وهذا بناء على أن فاعل قال النبي صلى الله عليه وسلم، وليس كذلك لما بيناه، بل المستفهم الصحابة والمجيب النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وما زائدة كأنه قال‏:‏ له حاجة ما‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ المعنى له حاجة مهمة مفيدة جاءت به لأنه قد علم بالسؤال أن له حاجة‏.‏

وروي بكسر الراء وفتح الموحدة بلفظ الفعل الماضي، وظاهره الدعاء والمعنى التعجب من السائل‏.‏

وقال النضر بن شميل‏:‏ يقال أرب الرجل في الأمر إذا بلغ فيه جهده‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ أرب في الشيء صار ماهرا فيه فهو أريب، وكأنه تعجب من حسن فطنته والتهدي إلى موضع حاجته‏.‏

ويؤيده قوله في رواية مسلم المشار إليها ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لقد وفق، ولقد هدي ‏"‏ وقال ابن قتيبة‏:‏ قوله ‏"‏ أرب ‏"‏ من الآراب وهي الأعضاء، أي سقطت أعضاؤه وأصيب بها كما يقال تربت يمينك وهو مما جاء بصيغة الدعاء ولا يراد حقيقته‏.‏

وقيل‏:‏ لما رأى الرجل يزاحمه دعا عليه، لكن دعاءه على المؤمن طهر له كما ثبت في الصحيح‏.‏

وروى بفتح أوله وكسر الراء والتنوين أي هو أرب أي حاذق فطن‏.‏

ولم أقف على صحة هذه الرواية‏.‏

وجزم الكرماني بأنها ليست محفوظة‏.‏

وحكى القاضي عن رواية لأبي ذر أرب بفتح الجميع وقال‏:‏ لا وجه له، قلت‏:‏ وقعت في الأدب من طريق الكشميهني وحده‏.‏

وقوله ‏"‏يدخلني الجنة ‏"‏ بضم اللام والجملة في موضع جر صفة لقوله ‏"‏ بعمل ‏"‏ ويجوز الجزم جوابا للأمر‏.‏

ورده بعض شراح ‏"‏ المصابيح ‏"‏ لأن قوله بعمل يصير غير موصوف مع أنه نكرة فلا يفيد‏.‏

وأجيب بأنه موصوف تقديرا لأن التنكير للتعظيم فأفاد ولأن جزاء الشرط محذوف والتقدير إن عملته يدخلني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتصل الرحم‏)‏ أي تواسي ذوي القرابة في الخيرات‏.‏

وقال النووي‏:‏ معناه أن تحسن إلى أقاربك ذوي رحمك بما تيسر على حسب حالك وحالهم من إنفاق أو سلام أو زيارة أو طاعة أو غير ذلك‏.‏

وخص هذه الخصلة من بين خلاله الخير نظرا إلى حال السائل، كأنه كان لا يصل رحمه فأمره به لأنه المهم بالنسبة إليه‏.‏

ويؤخذ منه تخصيص بعض الأعمال بالحض عليها بحسب حال المخاطب وافتقاره للتنبيه عليها أكثر مما سواها إما لمشقتها عليه وإما لتسهيله في أمرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخشى أن يكون محمد غير محفوظ، إنما هو عمرو‏)‏ وجزم في ‏"‏ التاريخ ‏"‏ بذلك، وكذا قال مسلم في شيوخ شعبة، والدارقطني في ‏"‏ العلل ‏"‏ وآخرون‏:‏ المحفوظ عمرو بن عثمان‏.‏

وقال النووي‏:‏ اتفقوا على أنه وهم من شعبة، وأن الصواب عمرو والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة قد تقدم الكلام عليه في كون الأعرابي السائل فيه هل هو السائل في حديث أبي أيوب أو لا، والأعرابي بفتح الهمزة من سكن البادية كما تقدم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يحيى بن سعيد بن حيان عن أبي زرعة‏)‏ قال أبو علي‏:‏ وقع عند الأصيلي عن أبي أحمد الجرجاني هنا عن يحيى بن سعيد بن أبي حيان أو عن يحيى بن سعيد عن أبي حيان، وهو خطأ إنما هو يحيى بن سعيد بن حيان كما لغيره من الرواة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتقيم الصلاة المكتوية وتؤدي الزكاة المفروضة‏)‏ قيل‏.‏

فرق بين القيدين كراهية لتكرير اللفظ الواحد، وقيل‏:‏ عبر في الزكاة بالمفروضة للاحتراز عن صدقة التطوع فإنها زكاة لغوية، وقيل‏:‏ احترز من الزكاة المعجلة قبل الحول فإنها زكاة وليست مفروضة‏.‏

قوله فيه ‏(‏وتصوم رمضان‏)‏ لم يذكر الحج لأنه كان حينئذ حاجا ولعله ذكره له فاختصره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا‏)‏ زاد مسلم عن أبي بكر بن إسحاق عن عفان بهذا السند ‏"‏ شيئا أبدا، ولا أنقض منه ‏"‏ وباقي الحديث مثله‏.‏

وظاهر قوله‏:‏ ‏(‏من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا‏)‏ إما أن يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك فأخبر به، أو في الكلام حذف تقديره إن دام على فعل ذلك الذي أمر به‏.‏

ويؤيده قوله في حديث أبي أيوب عند مسلم أيضا ‏"‏ إن تمسك بما أمر به دخل الجنة ‏"‏ قال القرطبي‏:‏ في هذا الحديث - وكذا حديث طلحة في قصة الأعرابي وغيرهما - دلالة على جواز ترك التطوعات، لكن من داوم على ترك السنن كان نقصا في دينه، فإن كان تركها تهاونا بها ورغبة عنها كان ذلك فسقا، يعني لورود الوعيد عليه حيث قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من رغب عن سنتي فليس مني ‏"‏ وقد كان صدر الصحابة ومن تبعهم يواظبون على السنن مواظبتهم على الفرائض، ولا يفرقون بينهما في اغتنام ثوابهما‏.‏

وإنما احتاج الفقهاء إلى التفرقة لما يترتب عليه من وجوب الإعادة وتركها ووجوب العقاب على الترك ونفيه، ولعل أصحاب هذه القصص كانوا حديثي عهد بالإسلام فاكتفى منهم بفعل ما وجب عليهم في تلك الحال لئلا يثقل ذلك عليهم فيملوا، حتى إذا انشرحت صدورهم للفهم عنه والحرص على تحصيل ثواب المندوبات سهلت عليهم انتهى‏.‏

وقد تقدم الكلام على شيء من هذا في شرح حديث طلحة في كتاب الإيمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسدد عن يحيى‏)‏ هو القطان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي حيان‏)‏ هو يحيى بن سعيد بن حيان المذكور في الإسناد الذي قبله‏.‏

وأفادت هذه الرواية تصريح أبي حيان بسماعه له من أبي زرعة، وبطل التردد وقع عند الجرجاني، لكن لم يذكر يحيى القطان في هذا الإسناد أبا هريرة كما هو في رواية أبي ذر وغيرها من الروايات المعتمدة، وثبت ذكره في بعض الروايات، وهو خطأ فقد ذكر الدارقطني في ‏"‏ التتبع ‏"‏ أن رواية القطان مرسلة كما تقدم ذلك في المقدمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ وَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا قَالَ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَقَدَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَأَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس في قصة وفد عبد القيس فقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أواخر كتاب الإيمان‏.‏

وحجاج شيخ البخاري هنا هو ابن منهال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سليمان وأبو النعمان عن حماد‏)‏ يعني ابن زيد بالإسناد المذكور في طريق حجاج ‏(‏الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله‏)‏ أي وافقا حجاجا على سياقه إلا في إثبات الواو في قوله ‏"‏ وشهادة أن لا إله إلا الله ‏"‏ فحذفاها وهو أصوب، فأما سليمان فهو ابن حرب، وقد وصل المصنف حديثه هذا عنه في المغازي‏.‏

وأما أبو النعمان فهو محمد بن الفضل‏.‏

وقد وصل المصنف حديثه هذا عنه في الخمس‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في قصة أبي بكر في قتال مانعي الزكاة، واحتجاجه في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن عصمة النفس والمال تتوقف على أداء الحق، وحق المال الزكاة‏"‏‏.‏

حديث أبي هريرة في قصة أبي بكر في قتال مانعي الزكاة فقد تقدم الكلام عليه في شرح حديث ابن عمر في باب قوله‏:‏ ‏(‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة‏)‏ ويأتي الكلام على بقية ما يختص به في كتاب أحكام المرتدين إن شاء الله‏.‏

قوله في هذه الرواية‏:‏ ‏(‏لما توفي رسوله الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر‏)‏ ‏"‏ كان ‏"‏ تامة بمعنى حصل والمراد به قام مقامه‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ اختلف في أول وقت فرض الزكاة، فذهب الأكثر إلى أنه وقع بعد الهجرة، فقيل كان في السنة الثانية قبل فرض رمضان أشار إليه النووي في باب السير من الروضة، وجزم ابن الأثير في التاريخ بأن ذلك كان في التاسعة، وفيه نظر فقد تقدم في حديث ضمام بن ثعلبة وفي حديث وفد عبد القيس وفي عدة أحاديث ذكر الزكاة، وكذا مخاطبة أبي سفيان مع هرقل وكانت في أول السابعة وقال فيهما ‏"‏ يأمرنا بالزكاة ‏"‏ لكن يمكن تأويل كل ذلك كما سيأتي في آخر الكلام‏.‏

وقوى بعضهم ما ذهب إليه ابن الأثير بما وقع في قصة ثعلبة بن حاطب المطولة ففيها ‏"‏ لا أنزلت آية الصدقة بعث النبي صلى الله عليه وسلم عاملا فقال ما هذه إلا جزية أو أخت الجزية‏"‏‏.‏

والجزية إنما وجبت في التاسعة فتكون الزكاة في التاسعة، لكنه حديث ضعيف لا يحتج به‏.‏

وادعى ابن خزيمة في صحيحه أن فرضها كان قبل الهجرة، واحتج بما أخرجه من حديث أم سلمة في قصة هجرتهم إلى الحبشة وفيها أن جعفر بن أبي طالب قال للنجاشي في جملة ما أخبره به عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ‏"‏ انتهى، وفي استدلاله بذلك نظر، لأن الصلوات الخمس لم تكن فرضت بعد، ولا صيام رمضان، فيحتمل أن تكون مراجعة جعفر لم تكن في أول ما قدم على النجاشي، وإنما أخبره بذلك بعد مدة قد وقع فيها ما ذكر من قصة الصلاة والصيام، وبلغ ذلك جعفرا فقال ‏"‏ يأمرنا ‏"‏ بمعنى يأمر به أمته، وهو بعيد جدا، وأولى ما حمل عليه حديث أم سلمة هذا - إن سلم من قدح في إسناده - أن المراد بقوله ‏"‏ يأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ‏"‏ أي في الجملة، ولا يلزم من ذلك أن يكون المراد بالصلاة الصلوات الخمس ولا بالصيام صيام رمضان ولا بالزكاة هذه الزكاة المخصوصة ذات النصاب والحول والله أعلم‏.‏

ومما يدل على أن فرض الزكاة كان قبل التاسعة حديث أنس المتقدم في العلم في قصة ضمام بن ثعلبة وقوله ‏"‏ أنشدك الله‏.‏

الله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا ‏"‏ وكان قدوم ضمام سنة خمس كما تقدم‏.‏

وإنما الذي وقع في التاسعة بعث العمال لأخذ الصدقات، وذلك يستدعي تقدم فريضة الزكاة قبل ذلك‏.‏

ومما يدل على أن فرض الزكاة وقع بعد الهجرة اتفاقهم على أن صيام رمضان إنما فرض بعد الهجرة، لأن الآية الدالة على فرضيته مدنية بلا خلاف، وثبت عند أحمد وابن خزيمة أيضا والنسائي وابن ماجه والحاكم من حديث قيس بن سعد بن عبادة قال ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، ثم نزلت فريضة الزكاة فلم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله ‏"‏ إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح إلا أبا عمار الراوي له عن قيس بن سعد وهو كوفي اسمه عريب بالمهملة المفتوحة ابن حميد وقد وثقه أحمد وابن معين، وهو دال على أن فرض صدقة الفطر كان قبل فرض الزكاة فيقتضي وقوعها بعد فرض رمضان وذلك بعد الهجرة وهو المطلوب‏.‏

ووقع في ‏"‏ تاريخ الإسلام ‏"‏‏:‏ في السنة الأولى فرضت الزكاة، وقد أخرج البيهقي في الدلائل حديث أم سلمة المذكور من طريق ‏"‏ المغازي لابن إسحاق ‏"‏ من رواية يونس بن بكير عنه وليس فيه ذكر الزكاة، وابن خزيمة أخرجه من حديث ابن إسحاق لكن من طريق سلمة بن الفضل عنه، وفي سلمة مقال‏.‏

والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )1   فتح الباري شرح صحيح البخاري   (  كتاب الزَّكَاةِ    )1 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:27 am

*3* باب الْبَيْعَةِ عَلَى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ حذف التشكيل

فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب البيعة على إيتاء الزكاة‏)‏ قال الزين بن المنير‏:‏ هذه الترجمة أخص من التي قبلها، لتضمنها أن بيعة الإسلام لا تتم إلا بالتزام إيتاء الزكاة وأن مانعها ناقض لعهده مبطل لبيعته فهو أخص من الإيجاب لأن كل ما تضمنته بيعة النبي صلى الله عليه وسلم واجب وليس كل واجب تضمنته بيعته، وموضع التخصيص الاهتمام والاعتناء بالذكر حال البيعة‏.‏

قال‏:‏ وأتبع المصنف الترجمة بالآية معتضدا بحكمها لأنها تضمنت أنه لا يدخل في التوبة من الكفر وينال أخوة المؤمنين في الدين إلا من أقام الصلاة وآتى الزكاة انتهى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ


الشرح‏:‏

تقدم الكلام على حديث جرير مستوفى في آخر كتاب الإيمان‏.‏

*3* باب إِثْمِ مَانِعِ الزَّكَاةِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إثم مانع الزكاة‏)‏ قال - الزين بن المنير‏:‏ هذه الترجمة أخص من التي قبلها لتضمن حديثها تعظيم إثم مانع الزكاة والتنصيص على عظيم عقوبته في الدار الآخر وتبري نبيه منه بقوله ‏"‏ لا أملك لك من الله شيئا ‏"‏ وذلك مؤذن بانقطاع رجائه، وإنما تتفاوت الواجبات بتفاوت المثوبات والعقوبات، فما شددت عقوبته كان إيجابه آكد مما جاء فيه مطلق العقوبة، وعبر المصنف بالإثم ليشمل من تركها جحدا أو بخلا والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏والذين يكنزون الذهب والفضة‏)‏ الآية‏)‏ فيه تلميح إلى تقوية قول من قال من الصحابة وغيرهم‏:‏ إن الآية عامة في حق الكفار والمؤمنين، خلافا لمن زعم أنها خاصة بالكفار، وسيأتي ذكر ذلك في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى، وذلك مأخوذ من قوله في حديث أبي هريرة ثاني حديثي الباب ‏"‏ أنا مالك، أنا كنزك ‏"‏ وقد وقع نحو ذلك أيضا في الحديث الأول عند النسائي والطبراني في ‏"‏ مسند الشاميين ‏"‏ من طريق شعيب أيضا في آخر الحديث، وأفرد البخاري الجملة المحذوفة فذكرها في تفسير براءة الإسناد باختصار‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ المراد بسبيل الله في الآية المعنى للأعم لا خصوص أحد السهام الثمانية التي هي مصارف الزكاة، وإلا لاختص بالصرف إليه بمقتضى هذه الآية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الْأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْتِي الْإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَأْتِي الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَقَالَ وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ قَالَ وَلَا يَأْتِي أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ وَلَا يَأْتِي بِبَعِيرٍ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏تأتي الإبل على صاحبها‏)‏ يعني يوم القيامة كما سيأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على خير ما كانت‏)‏ أي من العظم والسمن ومن الكثرة، لأنها تكون عنده على حالات مختلفة فتأتي على أكملها ليكون ذلك أنكى له لشدة ثقلها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا هو لم يعط فيها حقها‏)‏ أي لم يؤد زكائها‏.‏

وقد رواه مسلم من حديث أبي ذر بهذا اللفظ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تطؤه بأخفافها‏)‏ في رواية همام عن أبي هريرة في ترك الحيل ‏"‏ فتخبط وجهه بأخفافها ‏"‏ ولمسلم من طريق أبي صالح عنه ‏"‏ ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها منها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها، كلما مرت عليه أولاها ردت عليه أخراها، وفي يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين العباد، ويرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ‏"‏ وللمصنف من حديث أبي ذر ‏"‏ إلا أتي بها يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ كذا في أصل مسلم ‏"‏ كلما مرت عليه أولاها ردت عليه أخراها ‏"‏ قال عياض‏:‏ قالوا هو تغيير وتصحيف، وصوابه ما في الرواية التي بعده من طريق سهيل عن أبيه ‏"‏ كلما مر عليه أخراها رد عليه أولاها ‏"‏ وبهذا ينتظم الكلام، وكذا وقع عند مسلم من حديث أبي ذر أيضا وأقره النووي على هذا وحكاه القرطبي وأوضح وجه الرد بأنه إنما يرد الأول الذي قد مر قبل، وأما الآخر فلم يمر بعد فلا يقال فيه رد، ثم أجاب بأنه يحتمل أن المعنى أن أول الماشية إذا وصلت إلى آخرها تمشي عليه تلاحقت بها أخراها، ثم إذا أرادت الأولى الرجوع بدأت الأخرى بالرجوع فجاءت الأخرى أول حتى تنتهي إلى آخر الأولى‏.‏

وكذا وجهه الطيبي فقال‏:‏ إن المعنى أن أولاها إذا مرت على التتابع إلى أن تنتهي إلى الأخرى ثم ردت الأخرى من هذه الغاية وتبعها ما يليها إلى أن تنتهي أيضا إلى الأولى‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في الغنم تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها‏)‏ بكسر الطاء من تنطحه ويجوز الفتح‏.‏

زاد في رواية أبي صالح المذكورة ‏"‏ ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء، تنطحه بقرونها ‏"‏ وزاد فيه ذكر البقر أيضا وذكر في البقر والغنم ما ذكر في الإبل، وسيأتي ذكر البقر في حديث أبي ذر أيضا في باب مفرد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ومن حقها أن تحلب على الماء‏)‏ بحاء مهملة أي لمن يحضرها من المساكين، وإنما خص الحلب بموضع الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل وأرفق بالماشية‏.‏

وذكره الداودي بالجيم وفسره بالإحضار إلى المصدق‏.‏

وتعقبه ابن دحية وجزم بأنه تصحيف، ووقع عند أبي داود من طريق أبي عمر الغادني عن أبي هريرة ما يوهم أن هذه الجملة مرفوعة ولفظه ‏"‏ قلنا يا رسول الله ما حقها‏؟‏ قال‏:‏ إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنحتها وحلبها على الماء وحمل عليها في سبيل الله ‏"‏ وسيأتي في أواخر الشرب هذه القطعة وحدها مرفوعة من وجه آخر عن أبي هريرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يأتي أحدكم‏)‏ في رواية النسائي من طريق علي بن عياش عن شعيب ‏"‏ ألا لا يأتين أحدكم ‏"‏ وهذا حديث آخر متعلق بالغلول من الغنائم، وقد أخرجه المصنف مفردا من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة، ويأتي الكلام عليه في أواخر الجهاد إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله في هذه الرواية ‏"‏ لها يعار ‏"‏ ْ بتحتانية مضمومة ثم مهملة‏:‏ صوت المعز‏.‏

وفي رواية المستملي والكشميهني هنا ‏"‏ ثغاء ‏"‏ بضم المثلثة ثم معجمة بغير راء، ورجحه ابن التين، وهو صياح الغنم‏.‏

وحكى ابن التين عن القزاز أنه رواه ‏"‏ تعار ‏"‏ بمثناة ومهملة ليس بشيء، وقوله ‏"‏رغاء ‏"‏ بضم الراء ومعجمة‏:‏ صوت الإبل، وفي الحديث ‏"‏ إن الله يحيي البهائم ليعاقب بها مانع الزكاة ‏"‏ وفي ذلك معاملة له بنقيض قصده، لأنه قصد منع حق الله منها وهو الارتفاق والانتفاع بما يمنعه منها، فكان ما قصد الانتفاع به أضر الأشياء عليه‏.‏

والحكمة في كونها تعاد كلها مع أن حق الله فيها إنما هو في بعضها لأن الحق في جميع المال غير متميز، ولأن المال لما لم تخرج زكاته غير مطهر، وفيه أن في المال حقا سوى الزكاة، وأجاب العلماء عنه بجوابين أحدهما أن هذا الوعيد كان قبل فرض الزكاة، ويؤيده ما سيأتي من حديث ابن عمر في الكنز، لكن يعكر عليه أن فرض الزكاة متقدم على إسلام أبي هريرة كما تقدم تقريره‏.‏

ثاني الأجوبة أن المراد بالحق القدر الزائد على الواجب ولا عقاب بتركه، وإنما ذكر استطرادا، لما ذكر حقها بين الكمال فيه وإن كان له أصل يزول الذم بفعله وهو الزكاة، ويحتمل أن يراد ما إذا كان هناك مضطر إلى شرب لبنها فيحمل الحديث على هذه الصورة‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ في المال حقان فرض عين وغيره، فالحلب من الحقوق التي هي من مكارم الأخلاق‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ زاد النسائي في آخر هذا الحديث قال ‏"‏ ويكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع يفر منه صاحبه ويطلبه‏:‏ أنا كنزك، فلا يزال حتى يلقمه إصبعه‏"‏‏.‏

وهذه الزيادة قد أفرد البخاري بعضها كما قدمنا إلى قوله ‏"‏ أقرع ‏"‏ ولم يذكر بقيته، وكأنه استغنى عنه بطريق أبي صالح عن أبي هريرة وهو ثاني حديثي الباب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلَا لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ الْآيَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي صالح‏)‏ كذا رواه عبد الرحمن وتابعه زيد بن أسلم عن أبي صالح عند مسلم وساقه مطولا، وكذا رواه مالك عن عبد الله بن دينار، ورواه ابن حبان من طريق ابن عجلان عن القعقاع بن حلية عن أبي صالح، ولكنه وقفه على أبي هريرة، وخالفهم عبد العزيز بن أبي سلمة فرواه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أخرجه النسائي ورجحه، لكن قال ابن عبد البر‏:‏ رواية عبد العزيز خطأ بين، لأنه لو كان عند عبد الله بن دينار عن ابن عمر ما رواه عن أبي صالح أصلا انتهى‏.‏

وفي هذا التعليل نظر، وما المانع أن يكون له فيه شيخان‏؟‏ نعم الذي يجري على طريقة أهل الحديث أن رواية عبد العزيز شاذة لأنه سلك الجادة، ومن عدل عنها دل على مزيد حفظه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مثل له‏)‏ أي صور، أو ضمن مثل معنى التصيير أي صير ماله على صورة شجاع، والمراد بالمال الناض كما أشرت إليه في تفسير براءة، ووقع في رواية زيد بن أسلم ‏"‏ ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهر ‏"‏ ولا تنافي بين الروايتين لاحتمال اجتماع الأمرين معا، فرواية ابن دينار توافق الآية التي ذكرها وهي ‏"‏ سيطوقون ‏"‏ ورواية زيد بن أسلم توافق قوله تعالى ‏(‏يوم يحمى عليها في نار جهنم‏)‏ الآية قال البيضاوي‏:‏ خص الجنب والجبين والظهر لأنه جمع المال، ولم يصرفه في حقه، لتحصيل الجاه والتنعم بالمطاعم والملابس، أو لأنه أغرض عن الفقير وولاه ظهره، أو لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة لاشتمالها على الأعضاء الرئيسة‏.‏

وقيل‏:‏ المراد بها الجهات الأربع التي هي مقدم البدن ومؤخره وجنباه، نسأل الله السلامة‏.‏

والمراد بالشجاع - وهو بضم المعجمة ثم جيم - الحية الذكر، وقيل الذي يقوم على ذنبه ويواثب الفارس، والأقرع الذي تقرع رأسه أي تمعط لكثرة سمه‏.‏

وفي ‏"‏ كتاب أبي عبيد‏"‏‏.‏

سمي أقرع لأن شعر رأسه يتمعط لجمعه السم فيه‏.‏

وتعقبه القزاز بأن الحية لا شعر برأسها، فلعله يذهب جلد رأسه‏.‏

وفي ‏"‏ تهذيب الأزهري ‏"‏‏:‏ سمي أقرع لأنه يقري السم ويجمعه في رأسه حتى تتمعط فروة رأسه، قال ذو الرمة‏:‏ قرى السم حتى انمار فروة رأسه عن العظم صل قاتل اللسع ما رده وقال القرطبي‏:‏ الأقرع من الحيات الذي ابيض رأسه من السم، ومن الناس الذي لا شعر برأسه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏له زبيبتان‏)‏ تثنية زبيبة بفتح الزاي وموحدتين، وهما الزبدتان اللتان في الشدقين يقال تكلم حتى زبد شدقاه أي خرج الزبد منهما، وقيل هما النكتتان السوداوان فوق عينيه، وقيل نقطتان يكتنفان فاه، وقيل هما في حلقه بمنزلة زنمتي العنز، وقيل لحمتان على رأسه مثل القرنين، وقيل نابان يخرجان من فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يطوقه‏)‏ بضم أوله وفتح الواو الثقيلة، أي يصير له ذلك الثعبان طوقا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يأخذ بلهزمتيه‏)‏ فاعل يأخذ هو الشجاع، والمأخوذ يد صاحب المال كما وقع مبينا في رواية همام عن أبي هريرة الآتية في ‏"‏ ترك الحيل ‏"‏ بلفظ ‏"‏ لا يزال يطلبه حتى يبسط يده فيلقمها فاه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بلهزمتيه‏)‏ بكسر اللام وسكون الهاء بعدها زاي مكسورة، وقد فسر في الحديث بالشدقين، وفي الصحاح‏:‏ هما العظمان الفائتان في اللحيين تحت الأذنين‏.‏

وفي الجامع‏:‏ هما لحم الخدين الذي يتحرك إذا أكل الإنسان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يقول‏:‏ أنا مالك، أنا كنزك‏)‏ وفائدة هذا القول الحسرة والزيادة في التعذيب حيث لا ينفعه الندم، وفيه نوع من التهكم‏.‏

وزاد في ‏"‏ ترك الحيل ‏"‏ من طريق همام عن أبي هريرة ‏"‏ يفر منه صاحبه ويطلبه ‏"‏ وفي حديث ثوبان عند ابن حبان ‏"‏ يتبعه فيقول أنا كنزك الذي تركته بعدك، فلا يزال يتبعه حني يلقمه يده فيمضغها ثم يتبعه سائر جسده‏"‏‏.‏

ولمسلم في حديث جابر ‏"‏ يتبع صاحبه حيث ذهب وهو يفر منه، فإذا رأى أنه لا بد منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل‏"‏، وللطبراني في حديث ابن مسعود ‏"‏ ينقر رأسه ‏"‏ وظاهر الحديث أن الله يصير نفس المال بهذه الصفة‏.‏

وفي حديث جابر عند مسلم ‏"‏ إلا مثل له ‏"‏ كما هنا، قال القرطبي‏:‏ أي صور أو نصب وأقيم، من قولهم مثل قائما أي منتصبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم تلا ‏(‏ولا يحسبن الذين يبخلون‏)‏ الآية‏)‏ في حديث ابن مسعود عند الشافعي والحميدي ‏"‏ ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكر الآية، ونحوه في رواية الترمذي ‏"‏ قرأ مصداقه‏:‏ سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ‏"‏ وفي هذين الحديثين تقوية لقول من قال‏:‏ المراد بالتطويق في الآية الحقيقة، خلافا لمن قال إن معناه سيطوقون الإثم‏.‏

وفي تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم الآية دلالة على أنها نزلت في مانعي الزكاة، وهو قول أكثر أهل العلم بالتفسير، وقيل‏:‏ إنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقيل‏:‏ نزلت فيمن له قرابة لا يصلهم قاله مسروق‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )10
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )11
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( كتاب الزَّكَاةِ )3

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: