*3* باب الصَّدَقَةِ قَبْلَ الرَّدِّ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب الصدقة قبل الرد) قال الزين بن المنير ما ملخصه: مقصوده بهذه الترجمة الحث على التحذير من التسويف بالصدقة، لما في المسارعة إليها من تحصيل النمو المذكور.
قيل لأن التسويف بها قد يكون ذريعة إلى عدم القابل لها إذ لا يتم مقصود الصدقة إلا بمصادفة المحتاج إليها، وقد أخبر الصادق أنه سيقع فقد الفقراء المحتاجين إلى الصدقة بأن يخرج الغني صدقته فلا يجد من يقبلها.
فإن قيل إن من أخرج صدقته مثاب على نيته ولو لم يجد من يقبلها، فالجواب أن الواجد يثاب ثواب المجازاة والفضل، والناوي يثاب ثواب الفضل فقط والأول أربح والله أعلم.
ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث في كل منها الإنذار بوقوع فقدان من يقبل الصدقة.
الحديث:
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تَصَدَّقُوا فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا يَقُولُ الرَّجُلُ لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالْأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا
الشرح:
حارثة بن وهب هو الخزاعي.
قوله: (فإنه يأتي عليكم زمان) سيأتي بعد سبعة أبواب - من وجه آخر - بلفظ " فسيأتي".
قوله: (يقول الرجل) أي الذي يريد المتصدق أن يعطيه إياها.
قوله: (فأما اليوم فلا حاجة لي بها) في رواية الكشميهني " فيها"، والظاهر أن ذلك يقع في زمن كثرة المال وفيضه قرب الساعة كما قال ابن بطال، ومن ثم أورده المصنف في كتاب الفتن كما سيأتي.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لَا أَرَبَ لِي
الشرح:
حديث أبي هريرة ثاني حديثي الباب، وقد ساقه في الفتن بالإسناد المذكور هنا مطولا، ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى.
وقوله: (حتى يهم) بفتح أوله وضم الهاء، و (رب المال) منصوب على المفعولية وفاعله قوله: (من يقبله) يقال همه الشيء أحزنه.
ويروى بضم أوله يقال أهمه الأمر أقلقه.
وقال النووي في شرح مسلم: ضبطوه بوجهين أشهرهما بضم أوله وكسر الهاء ورب المال مفعول والفاعل من يقبل أي يحزنه، والثاني بفتح أوله وضم الهاء ورب المال فاعل ومن مفعول أي يقصد.
والله أعلم.
قوله: (لا أرب لي) زاد في الفتن " به " أي لا حاجة لي به لاستغنائي عنه.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُجَاهِدٍ حَدَّثَنَا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ وَالْآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا قَطْعُ السَّبِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى تَخْرُجَ الْعِيرُ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ وَأَمَّا الْعَيْلَةُ فَإِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا فَلَيَقُولَنَّ بَلَى ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَلَيَقُولَنَّ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمْ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ
الشرح:
حديث عدي بن حاتم، وقد أورده المصنف بأتم من هذا السياق، ويأتي الكلام عليه مستوفى.
وشاهده هنا قوله فيه (فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه) وهو موافق لحديث أبي هريرة الذي قبله ومشعر بأن ذلك يكون في آخر الزمان.
وحديث أبي موسى الآتي بعده مشعر بذلك أيضا، وقد أشار عدي بن حاتم - كما سيأتي في علامات النبوة - إلى أن ذلك لم يقع في زمانه وكانت وفاته في خلافة معاوية بعد استقرار أمر الفتوح، فانتفى قول من زعم أن ذلك وقع في ذلك الزمان.
قال ابن التين: إنما يقع ذلك بعد نزول عيسى حين تخرج الأرض بركاتها حتى تشبع الرمانة أهل البيت ولا يبقى في الأرض كافر.
ويأتي الكلام على اتقاء النار ولو بشق تمرة في الباب الذي يليه.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنْ الذَّهَبِ ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ
الشرح:
قوله: (من الذهب) خصه بالذكر مبالغة في عدم من يقبل الصدقة، وكذا قوله يطوف ثم لا يجد من يقبلها وقوله: (ويرى الرجل إلخ) تقدم الكلام عليه مستوفى في " باب رفع العلم " من كتاب العلم.
*3* باب اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَالْقَلِيلِ مِنْ الصَّدَقَةِ حذف التشكيل
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ وَإِلَى قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ
الشرح:
قوله: (باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، والقليل من الصدقة، ومثل الذين ينفقون أموالهم - إلى قوله - فيها من كل الثمرات) قال الزين بن المنير وغيره: جمع المصنف بين لفظ الخبر والآية لاشتمال ذلك كله على الحث على الصدقة قليلها وكثيرها، فإن قوله تعالى (أموالهم) يشمل قليل النفقة وكثيرها، ويشهد له قوله " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس"، فإنه يتناول القليل والكثير، إذ لا قائل بحل القليل دون الكثير.
وقوله "اتقوا النار ولو بشق تمرة " يتناول الكثير والقليل أيضا، والآية أيضا مشتملة على قليل الصدقة وغيرها من جهة التمثيل المذكور فيها بالطل والوابل، فشبهت الصدقة بالقليل بإصابة الطل والصدقة بالكثير بإصابة الوابل.
وأما ذكر القليل من الصدقة بعد ذكر شق التمرة فهو من عطف العام على الخاص، ولهذا أورد في الباب حديث أبي مسعود الذي كان سببا لنزول قوله تعالى (والذين لا يجدون إلا جهدهم) .
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: تقدير الآية مثل تضعيف أجور الذين ينفقون كمثل تضعيف ثمار الجنة بالمطر، إن قليلا فقليل، وإن كثيرا فكثير.
وكأن البخاري أتبع الآية الأولى التي ضربت مثلا بالربوة بالآية الثانية التي تضمنت ضرب المثل لمن عمل عملا يفقده أحوج ما كان إليه للإشارة إلى اجتناب الرياء في الصدقة، ولأن قوله تعالى (والله بما تعملون بصير) يشعر بالوعيد بعد الوعد، فأوضحه بذكر الآية الثانية، وكأن هذا هو السر في اقتصاره على بعضها اختصارا.
ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث.
الحديث:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الْحَكَمُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ فَقَالُوا مُرَائِي وَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ فَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا فَنَزَلَتْ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ الْآيَةَ
الشرح:
حديث أبي مسعود ورد من وجهين تاما ومختصرا.
قوله: (عن سليمان) هو الأعمش، وأبو مسعود هو الأنصاري البدري.
قوله: (لما نزلت آية الصدقة) كأنه يشير إلى قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) الآية.
قوله: (كنا نحامل) أي نحمل على ظهورنا بالأجرة، يقال حاملت بمعنى حملت كسافرت.
وقال الخطابي: يريد نتكلف الحمل بالأجرة لنكتسب ما نتصدق به، ويؤيده قوله في الرواية الثانية التي بعد هذه حيث قال " انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل " أي يطلب الحمل بالأجرة.
قوله: (فجاء رجل فتصدق بشيء كثير) هو عبد الرحمن بن عوف كما سيأتي في التفسير، والشيء المذكور كان ثمانية آلاف أو أربعة آلاف.
قوله: (وجاء رجل) هو أبو عقيل بفتح العين كما سيأتي في التفسير، ونذكر هناك إن شاء الله تعالى الاختلاف في اسمه واسم أبيه ومن وقع له ذلك أيضا من الصحابة كأبي خيثمة، وأن الصاع إنما حصل لأبي عقيل لكونه أجر نفسه على النزح من البئر بالحبل.
قوله: (فقالوا) سمي من اللامزين في " مغازي الواقدي " معتب بن قشير وعبد الرحمن بن نبتل بنون ومثناة مفتوحتين بينهما موحدة ساكنة ثم لام.
قوله: (يلمزون) أي يعيبون، وشاهد الترجمة قوله: (والذين لا يجدون إلا جهدهم) .
الحديث:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ انْطَلَقَ أَحَدُنَا إِلَى السُّوقِ فَيُحَامِلُ فَيُصِيبُ الْمُدَّ وَإِنَّ لِبَعْضِهِمْ الْيَوْمَ لَمِائَةَ أَلْفٍ
الشرح:
قوله: (سعيد بن يحيى) أي ابن سعيد الأموي.
قوله: (فيحامل) بضم التحتانية واللام مضمومة بلفظ المضارع من المفاعلة.
ويروي بفتح المثناة وفتح اللام أيضا، ويؤيده قوله في رواية زائدة الآتية في التفسير " فيحتال أحدنا حتى يجيء بالمد".
قوله: (فيصيب المد) أي في مقابلة أجرته فيتصدق به.
قوله: (وإن لبعضهم اليوم لمائة ألف) زاد في التفسير " كأنه يعرض بنفسه " وأشار بذلك إلى ما كانوا عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من قلة الشيء، وإلى ما صاروا إليه بعده من التوسع لكثرة الفتوح، ومع ذلك فكانوا في العهد الأول يتصدقون بما يجدون ولو جهدوا، والذين أشار إليهم آخرا بخلاف ذلك.
(تنبيه) : وقع بخط مغلطاي في شرحه " وإن لبعضهم اليوم ثمانية آلاف " وهو تصحيف.
الحديث:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ
الشرح:
عدي بن حاتم وهو بلفظ الترجمة، وهو طرف من حديثه المذكور في الباب الذي قبله، و " بشق " بكسر المعجمة نصفها أو جانبها، أي ولو كان الاتقاء بالتصدق بشق تمرة واحدة فإنه يفيد.
وفي الطبراني من حديث فضالة بن عبيد مرفوعا " اجعلوا بينكم وبين النار حجابا ولو بشق تمرة " ولأحمد من حديث ابن مسعود مرفوعا بإسناد صحيح " ليتق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرة"، وله من حديث عائشة بإسناد حسن " يا عائشة، استتري من النار ولو بشق تمرة، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان"، ولأبي يعلى من حديث أبي بكر الصديق نحوه وأتم منه بلفظ " تقع من الجائع موقعها من الشبعان " وكأن الجامع بينهما في ذلك حلاوتها.
وفي الحديث الحث على الصدقة بما قل وما جل، وأن لا يحتقر ما يتصدق به، وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار.
الحديث:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ
الشرح:
حديث عائشة، وسيأتي في الأدب من وجه آخر عن الزهري بسنده، وفيه التقييد بالإحسان ولفظه " من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار " وسيأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى.
ومناسبته للترجمة من جهة أن الأم المذكورة لما قسمت التمرة بين ابنتيها صار لكل واحدة منهما شق تمرة، وقد دخلت في عموم خبر الصادق أنها ممن ستر من النار لأنها ممن ابتلي بشيء من البنات فأحسن.
ومناسبة فعل عائشة للترجمة من قوله " والقليل من الصدقة " وللآية من قوله: (والذين لا يجدون إلا جهدهم) لقولها في الحديث " فلم تجد عندي غير تمرة " وفيه شدة حرص عائشة على الصدقة امتثالا لوصيته صلى الله عليه وسلم لها حيث قال " لا يرجع من عندك سائل ولو بشق تمرة " رواه البزار من حديث أبي هريرة.