foughala
 فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 829894
ادارة المنتدي  فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 103798


foughala
 فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 829894
ادارة المنتدي  فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

  فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

 فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1    فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:19 pm

*2*كتاب الحج

*3* باب وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وجوب الحج وفضله، وقول الله تعالى‏:‏ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين‏)‏ كذا لأبي ذر، وسقط لغيره البسملة وباب، ولبعضهم قوله ‏"‏ وقول الله‏"‏‏.‏

وفي رواية الأصيلي ‏"‏ كتاب المناسك‏"‏‏.‏

وقدم المصنف الحج على الصيام لمناسبة لطيفة تقدم ذكرها في المقدمة‏.‏

ورتبه على مقاصد متناسبة‏:‏ فبدأ بما يتعلق بالمواقيت، ثم بدخول مكة وما معها ثم بصفة الحج، ثم بأحكام العمرة، ثم بمحرمات الإحرام، ثم بفضل المدينة‏.‏

ومناسبة هذا الترتيب غير خفية على الفطن‏.‏

وأصل الحج في اللغة القصد‏.‏

وقال الخليل‏:‏ كثرة القصد إلى معظم‏.‏

وفي الشرع القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة‏.‏

وهو بفتح المهملة وبكسرها لغتان، نقل الطبري أن الكسر لغة أهل نجد والفتح لغيرهم، ونقل عن حسين الجعفي أن الفتح الاسم والكسر المصدر، وعن غيره عكسه‏.‏

ووجوب الحج معلوم من الدين بالضرورة‏.‏

وأجمعوا على أنه لا يتكرر إلا لعارض كالنذر‏.‏

واختلف هل هو على الفور أو التراخي‏؟‏ وهو مشهور‏.‏

وفي وقت ابتداء فرضه فقيل‏:‏ قبل الهجرة وهو شاذ، وقيل بعدها‏.‏

ثم اختلف في سنته فالجمهور على أنها سنة ست لأنها نزل فيها قوله تعالى ‏(‏وأتموا الحج والعمرة لله‏)‏ وهذا ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض، ويؤيده قراءة علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي بلفظ ‏"‏ وأقيموا ‏"‏ أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عنهم، وقيل المراد بالإتمام الإكمال بعد الشروع، وهذا يقتضي تقدم فرضه قبل ذلك‏.‏

وقد وقع في قصة ضمام ذكر الأمر بالحج، وكان قدومه على ما ذكر الواقدي سنة خمس، وهذا يدل - إن ثبت - على تقدمه على سنة خمس أو وقوعه فيها، وسيأتي مزيد بسط في الكلام على هذه المسألة في أول الكلام على العمرة‏.‏

وأما فضله فمشهور ولا سيما في الوعيد على تركه في الآية، وسيأتي في باب مفرد‏.‏

ولكن لم يورد المصنف في الباب غير حديث الخثعمية، وشاهد الترجمة منه خفي، وكأنه أراد إثبات فضله من جهة تأكيد الأمر به بحيث أن العاجز عن الحركة إليه يلزمه أن يستنيب غيره ولا يعذر بترك ذلك، وسيأتي الكلام على حديث الخثعمية والاختلاف في إسناده على الزهري في أواخر محرمات الإحرام‏.‏

والمراد منه هنا تفسير الاستطاعة المذكورة في الآية، وأنها لا تختص بالزاد والراحلة يل تتعلق بالمال والبدن، لأنها لو اختصت للزم المعضوب أن يشد على الراحلة ولو شق عليه، قال ابن المنذر‏:‏ لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة، والآية الكريمة عامة ليست مجملة فلا تفتقر إلى بيان، وكأنه كلف كل مستطيع قدر بمال أو ببدن، وسيأتي بيان الاختلاف في ذلك في الكلام على الحديث المذكور إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏تقسيم‏)‏ ‏:‏ الناس قسمان، من يجب عليه الحج ومن لا يجب، الثاني العبد وغير المكلف وغير المستطيع‏.‏

ومن لا يجب عليه إما أن يجزئه المأتي به أو لا، الثاني العبد وغير المكلف‏.‏

والمستطيع إما أن تصح مباشرته منه أو لا، الثاني غير المميز‏.‏

ومن لا تصح مباشرته إما أن يباشر عنه غيره أو لا، الثاني الكافر‏.‏

فتبين أنه لا يشترط لصحة الحج إلا الإسلام‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ حذف التشكيل

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ فِجَاجًا الطُّرُقُ الْوَاسِعَةُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق‏)‏ قيل إن المصنف أراد أن الراحلة ليست شرطا للوجوب‏.‏

وقال ابن القصار‏:‏ في الآية دليل قاطع لمالك أن الراحلة ليست من شرط السبيل، فإن المخالف يزعم أن الحج لا يجب على الراجل وهو خلاف الآية انتهى وفيه نظر، وقد روى الطبري من طريق عمر بن ذر قال‏:‏ قال مجاهد كانوا لا يركبون فأنزل الله ‏(‏يأتوك رجالا وعلى كل ضامر‏)‏ فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب والمتجر‏.‏

وروى ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب عن ابن عباس ‏"‏ ما فاتني شيء أشد علي أن لا أكون حججت ماشيا لأن الله يقول ‏(‏يأتوك رجالا وعلى كل ضامر‏)‏ فبدأ بالرجال قبل الركبان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجاجا الطرق الواسعة‏)‏ قال يحيى الفراء في ‏"‏ المعاني ‏"‏ في سورة نوح‏:‏ قوله فجاجا واحدها فج وهي الطرق الواسعة‏.‏

واعترضه الإسماعيلي فقال‏:‏ يقال الفج الطريق بين الجبلين، فإذا لم يكن كذلك لم يسم الطريق فحا، كذا قال وهو قول بعض أهل اللغة، وجزم أبو عبيد ثم الأزهري بأن الفج الطريق الواسع، وقد نقل صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏ أن الفج الطريق الواسع في جبل أو في قبل جبل، وهو أوسع من الشعب، وروى ابن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏(‏فجاجا‏)‏ يقول طرقا مختلفة‏.‏

ومن طريق شعبة عن قتادة قال‏:‏ طرقا وأعلاما‏.‏

وقال أبو عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ فج عميق أي بعيد القعر، وهذا تفسير العميق يقال بئر عميقة القعر أي بعيدة القعر‏.‏

ثم ذكر المصنف حديث ابن عمر في إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته، وحديث جابر نحوه، وسيأتي الكلام عليه بعد أبواب، وغرضه منه الرد على من زعم أن الحج ماشيا أفضل لتقديمه في الذكر على الراكب فبين أنه لو كان أفضل لفعله النبي صلى الله عليه وسلم بدليل أنه لم يحرم حتى استوت به راحلته، ذكر ذلك ابن المنير في الحاشية‏.‏

وقال غيره‏:‏ مناسبة الحديث للآية أن ذا الحليفة فج عميق والركوب مناسب لقوله وعلى كل ضامر‏.‏

وقال الإسماعيلي‏:‏ ليس في الحديثين شيء مما ترجم الباب به، ورد بأن فيهما الإشارة إلى أن الركوب أفضل فيؤخذ منه جواز المشي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ سَمِعَ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ إِهْلَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه أنس وابن عباس‏)‏ أي إهلاله بعدما استوت به راحلته، وسيأتي حديث أنس موصولا في ‏"‏ باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح ‏"‏ وحديث ابن عباس قبله في ‏"‏ باب ما يلبس المحرم من الثياب ‏"‏ في أثناء حديث‏.‏

قال ابن المنذر‏:‏ اختلف في الركوب والمشي للحجاج أيهما أفضل‏؟‏ فقال الجمهور‏:‏ الركوب أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولكونه أعون على الدعاء والابتهال ولما فيه من المنفعة‏.‏

وقال إسحاق بن راهويه‏:‏ المشي أفضل لما فيه من التعب‏.‏

ويحتمل أن يقال‏:‏ يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص فالله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ أحمد بن عيسى شيخ المصنف في حديث ابن عمر وقع هكذا في رواية أبي ذر ووافقه أبو علي الشبوي وأهمله الباقون، وإبراهيم شيخه في حديث جابر وقع مهملا للأكثر وفي رواية أبي ذر حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي وهو الحافظ المعروف بالفراء الصغير‏.‏

*3* باب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ حذف التشكيل

وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الحج على الرحل‏)‏ بفتح الراء وسكون المهملة وهو للبعير كالسرج للفرس أشار بهذا إلى أن التقشف أفضل من الترفه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبان‏)‏ هو ابن يزيد العطار والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق‏.‏

وهذه الطريق وصلها أبو نعيم في المستخرج من طريق حرمي بن حفص عن أبان بن يزيد العطار به، وسمعناه بعلو في ‏"‏ فوائد أبي العباس بن نجيح ‏"‏ ولم يخرج البخاري لمالك بن دينار وهو الزاهد المشهور البصري غير هذا الحديث الواحد المعلق والغرض منه قوله فيه ‏"‏ وحملها على قتب ‏"‏ وهو بفتح القاف والمثناة بعدها موحدة رحل صغير على قدر السنام وقد ذكره في آخر الباب موصولا بلفظ ‏"‏ فأحقبها ‏"‏ أي أردفها على الحقيبة وهي الزنار الذي يجعل في مؤخر القتب، فقوله في رواية أبان ‏"‏ على قتب ‏"‏ أي حملها على مؤخر قتب، والحاصل أنه أردفها وكان هو على قتب فإن القصة واحدة‏.‏

وسيأتي بسط القول في اعتمار عائشة من التنعيم في أبواب العمرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر شدوا الرحال في الحج فإنه أحد الجهادين‏)‏ وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي عن عابس بن ربيعة وهو بموحدة ومهملة أنه سمع عمر يقول وهو يخطب ‏"‏ إذا وضعتم السروج فشدوا الرحال إلى الحج والعمرة فإنه أحد الجهادين ‏"‏ ومعناه إذا فرغتم من الغزو فحجوا واعتمروا، وتسمية الحج جهادا إما من باب التغليب أو على الحقيقة، والمراد جهاد النفس لما فيه من إدخال المشقة على البدن والمال، وسيأتي في ثاني أحاديث الباب الذي بعده ما يؤيده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن أبي بكر‏)‏ هو المقدمي كذا وقع في رواية أبي ذر، ولغيره ‏"‏ وقال محمد بن أبي بكر ‏"‏ وقد وصله الإسماعيلي قال ‏"‏ حدثنا أبو يعلى والحسن بن سفيان وغيرهما قالوا‏:‏ حدثنا محمد بن أبي بكر به‏"‏‏.‏

وعزرة بفتح المهملة وسكون الزاي بعدها راء تأنيث عزر وهو المنع ومنه قوله تعالى ‏(‏ويعزروه‏)‏ ، ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون‏.‏

وقد أنكره علي بن المديني لما سئل عنه فقال‏:‏ ليس هذا من حديث يزيد بن زريع والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكانت زاملته‏)‏ أي الراحلة التي ركبها، وهي وإن لم يجر لها ذكر لكن دل عليها ذكر الرحل، والزاملة البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع، من الزمل وهو الحمل، والمراد أنه لم تكن معه زاملة تحمل طعامه ومتاعه بل كان ذلك محمولا معه على راحلته وكانت هي الراحلة والزاملة‏.‏

وروى سعيد بن منصور من طريق هشام بن عروة قال ‏"‏ كان الناس يحجون وتحتهم أزودتهم، وكان أول من حج على رحل وليس تحته شيء عثمان بن عفان ‏"‏ وقوله فيه ‏"‏ ولم يكن شحيحا ‏"‏ إشارة إلى أنه فعل ذلك تواضعا واتباعا لا عن قلة وبخل‏.‏

وقد روى ابن ماجه هذا الحديث بلفظ آخر لكن إسناده ضعيف فذكر بعد قوله ‏"‏ على رحل رث وقطيفة تساوي أربعة دراهم - ثم قال‏:‏ اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ فَقَالَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عمرو‏)‏ هو ابن علي الفلاس‏.‏

وأبو عاصم هو النبيل شيخ البخاري، وروى عنه هنا بواسطة، ونابل والد أيمن بنون وموحدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأحقبها على ناقة‏)‏ في رواية الكشميهني ناقته، وسيأتي الكلام عليه‏.‏

*3* باب فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل الحج المبرور‏)‏ قال ابن خالويه‏:‏ المبرور المقبول‏.‏

وقال غيره‏:‏ الذي لا يخالطه شيء من الإثم، ورجحه النووي‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل والله أعلم‏.‏

وقد تقدم في ذلك أقوال أخر مع مباحث الحديث الأول في ‏"‏ باب من قال إن الإيمان هو العمل ‏"‏ من كتاب الإيمان، منها أنه يظهر بآخره فإن رجع خيرا مما كان عرف أنه مبرور‏.‏

ولأحمد والحاكم من حديث جابر ‏"‏ قالوا يا رسول الله ما بر الحج‏؟‏ قال إطعام الطعام وإفشاء السلام ‏"‏ وفي إسناده ضعف، فلو ثبت لكان هو المتعين دون غيره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ قَالَ لَا لَكِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الرحمن بن المبارك‏)‏ هو العيشي بالتحتانية والشين المعجمة بصري وليس أخا لعبد الله بن المبارك المروزي الفقيه المشهور، وشيخه خالد هو ابن عبد الله الواسطي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نرى الجهاد أفضل العمل‏)‏ وهو بفتح النون أي نعتقد ونعلم، وذلك لكثرة ما يسمع من فضائله في الكتاب والسنة‏.‏

وقد رواه جرير عن صهيب عند النسائي بلفظ ‏"‏ فإني لا أرى عملا في القرآن أفضل من الجهاد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لكن أفضل الجهاد‏)‏ اختلف في ضبط ‏"‏ لكن ‏"‏ فالأكثر بضم الكاف خطاب للنسوة، قال القابسي‏:‏ وهو الذي تميل إليه نفسي‏.‏

وفي رواية الحموي لكن بكسر الكاف وزيادة ألف قبلها بلفظ الاستدراك، والأول أكثر فائدة لأنه يشتمل على إثبات فضل الحج وعلى جواب سؤالها عن الجهاد، وسماه جهادا لما فيه من مجاهدة النفس، وسيأتي بقية الكلام في أواخر كتاب الحج في ‏"‏ باب حج النساء ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏


والمحتاج إليه هنا كونه جعل الحج أفضل الجهاد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت أبا حازم‏)‏ هو سلمان، وأما أبو حازم سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد فلم يسمع من أبي هريرة، وسيار أبو الحكم الراوي عنه بتقديم المهملة وتشديد التحتانية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من حج لله‏)‏ في رواية منصور عن أبي حازم الآتية قبيل جزاء الصيد ‏"‏ من حج هذا البيت ‏"‏ ولمسلم من طريق جريح عن منصور ‏"‏ من أتى هذا البيت ‏"‏ وهو يشمل الحج والعمرة‏.‏

وقد أخرجه الدارقطني من طريق الأعمش عن أبي حازم بلفظ ‏"‏ من حج أو اعتمر ‏"‏ لكن في الإسناد إلى الأعمش ضعف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم يرفث‏)‏ الرفث الجماع، ويطلق على التعريض به وعلى الفحش في القول‏.‏

وقال الأزهري‏:‏ الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر يخصه بما خوطب به النساء‏.‏

وقال عياض‏:‏ هذا من قول الله تعالى ‏(‏فلا رفث ولا فسوق‏)‏ والجمهور على أن المراد به في الآية الجماع انتهى‏.‏

والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله في الصيام ‏"‏ فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث‏"‏‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ فاء الرفث مثلثة في الماضي والمضارع والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يفسق‏)‏ أي لم يأت بسيئة ولا معصية، وأغرب ابن الأعرابي فقال‏:‏ إن لفظ الفسق لم يسمع في الجاهلية ولا في أشعارهم وإنما هو إسلامي، وتعقب بأنه كثر استعماله في القرآن وحكايته عمن قبل الإسلام‏.‏

وقال غيره‏:‏ أصله انفسقت الرطبة إذا خرجت فسمي الخارج عن الطاعة فاسقا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رجع كيوم ولدته أمه‏)‏ أي بغير ذنب، وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات، وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرح بذلك، وله شاهد من حديث ابن عمر في تفسير الطبري، قال الطيبي‏:‏ الفاء في قوله ‏"‏ فلم يرفث ‏"‏ معطوف على الشرط، وجوابه رجع أي صار، والجار والمجرور خبر له، ويجوز أن يكون حالا أي صار مشابها لنفسه في البراءة عن الذنوب في يوم ولدته أمه ا هـ‏.‏

وقد وقع في رواية الدارقطني المذكورة ‏"‏ رجع كهيئته يوم ولدته أمه‏"‏‏.‏

وذكر لنا بعض الناس أن الطيبي أفاد أن الحديث إنما لم يذكر فيه الجدال كما ذكر في الآية على طريق الاكتفاء بذكر البعض وترك ما دل عليه ما ذكر، ويحتمل أن يقال إن ذلك يختلف بالقصد لأن وجوده لا يؤثر في ترك مغفرة ذنوب الحاج إذا كان المراد به المجادلة في أحكام الحج فيما يظهر من الأدلة، أو المجادلة بطريق التعميم فلا يؤثر أيضا فإن الفاحش منها داخل في عموم الرفث والحسن منها ظاهر في عدم التأثير، والمستوي الطرفين لا يؤثر أيضا‏.‏

*3* باب فَرْضِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فرض مواقيت الحج والعمرة‏)‏ المواقيت جمع ميقات كمواعيد وميعاد، ومعنى ‏"‏ فرض ‏"‏ قدر أو أوجب، وهو ظاهر نص المصنف وأنه لا يجيز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات، ويزيد ذلك وضوحا ما سيأتي بعد قليل حيث قال ‏"‏ ميقات أهل المدينة ولا يهلون قبل ذي الحليفة ‏"‏ وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على الجواز، وفيه نظر فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز وهو ظاهر جواب ابن عمر، ويؤيده القياس على الميقات الزماني فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه، وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني فلم يجيزوا التقدم على الزماني وأجازوا في المكاني، وذهب طائفة كالحنفية وبعض الشافعية إلى ترجيح التقدم‏.‏

وقال مالك يكره، وسيأتي شيء من ذلك في ترجمة ‏"‏ الحج أشهر معلومات ‏"‏ في قوله ‏"‏ وكره عثمان أن يحرم من خراسان‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ فَسَأَلْتُهُ مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زهير‏)‏ هو ابن معاوية الجعفي، ورجال هذا الإسناد سوى ابن عمر كوفيون، وجبير والد زيد بالجيم والموحدة مصغر ليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وفي الرواة زيد بن جبيرة بفتح الجيم وزيادة هاء في آخره لم يخرج له البخاري شيئا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وله فسطاط وسرادق‏)‏ الفسطاط معروف وهي الخيمة، وأصله عمود الخباء الذي يقوم عليه، وقيل لا يقال لها ذلك إلا إذا كانت من قطن، وهو أيضا مما يغطى به صحن الدار من الشمس وغيرها، وكل ما أحاط بشيء فهو سرادق ومنه ‏(‏أحاط بهم سرادقها‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فسألته‏)‏ فيه التفات لأنه قال أولا إنه أتى ابن عمر فكان السياق يقتضي أن يقول فسأله، لكن وقع عند الإسماعيلي ‏"‏ قال فدخلت عليه فسألته‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرضها‏)‏ أي قدرها وعينها، ويحتمل أن يكون المراد أوجبها وبه يتم مراد المصنف، ويؤيده قرينة قول السائل ‏"‏ من أين يجوز لي ‏"‏ وسيأتي الكلام على الحديث بعد باب‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

 فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1    فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:20 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏)‏ قال مقاتل بن حيان ‏"‏ لما نزلت قام رجل فقال‏:‏ يا رسول الله ما نجد زادا، فقال‏:‏ تزود ما تكف به وجهك عن الناس، وخير ما تزودتم التقوى ‏"‏ أخرجه ابن أبي حاتم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى بن بشر‏)‏ بكسر الموحدة وبالمعجمة وهو البلخي، ولم يخرج للجريري الذي أخرج له مسلم وهو من طبقته، وجعلهما ابن طاهر وأبو علي الجياني رجلا واحدا والصواب التفرقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون‏)‏ زاد ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس ‏"‏ يقولون نحج بيت الله أفلا يطعمنا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا قدموا المدينة‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ مكة ‏"‏ وهو أصوب، وكذا أخرجه أبو نعيم من طريق محمد بن عبد الله المخرمي عن شبابة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه ابن عيينة عن عمرو‏)‏ يعني ابن دينار ‏(‏عن عكرمة مرسلا‏)‏ يعني لم يذكر فيه ابن عباس، وهكذا أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عيينة، وكذا أخرجه الطبري عن عمرو بن علي وابن أبي حاتم عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري كلاهما عن ابن عيينة مرسلا، قال ابن أبي حاتم‏:‏ وهو أصح من رواية ورقاء‏.‏

قلت‏:‏ وقد اختلف فيه على ابن عيينة فأخرجه النسائي عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه موصولا بذكر ابن عباس فيه، لكن حكى الإسماعيلي عن ابن صاعد أن سعيدا حدثهم به في كتاب المناسك موصولا، قال وحدثنا به في حديث عمرو بن دينار فلم يجاوز به عكرمة انتهى‏.‏

والمحفوظ عن ابن عيينة ليس فيه ابن عباس، لكن لم ينفرد شبابة بوصله، فقد أخرجه الحاكم في تاريخه من طريق الفرات بن خالد عن سفيان الثوري عن ورقاء موصولا، وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس كما سبق، قال المهلب‏:‏ في هذا الحديث من الفقه أن ترك السؤال من التقوى، ويؤيده أن الله مدح من لم يسأل الناس إلحافا فإن قوله‏:‏ ‏(‏فإن خير الزاد التقوى‏)‏ أي تزودوا واتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم والإثم في ذلك، قال‏:‏ وفيه أن التوكل لا يكون مع السؤال وإنما التوكل المحمود أن لا يستعين بأحد في شيء، وقيل هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب، كما قال عليه السلام ‏"‏ اعقلها وتوكل‏"‏‏.‏

*3* باب مُهَلِّ أَهْلِ مَكَّةَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مهل أهل مكة للحج والعمرة‏)‏ المهل بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام موضع الإهلال، وأصله رفع الصوت لأنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالتلبية عند الإحرام، ثم أطلق على نفس الإحرام اتساعا، قال ابن الجوزي‏:‏ وإنما يقول بفتح الميم من لا يعرف‏.‏

وقال أبو البقاء العكبري‏:‏ هو مصدر بمعنى الإهلال كالمدخل والمخرج بمعنى الإدخال والإخراج، وأشار المصنف بالترجمة إلى حديث ابن عمر فإنه سيأتي بلفظ ‏"‏ مهل‏"‏، وأما حديث الباب فذكره بلفظ ‏"‏ وقت ‏"‏ أي حدد، وأصل التوقيت أن يجعل للشيء وقت يختص به ثم اتسع فيه فأطلق على المكان أيضا، قال ابن الأثير‏:‏ التوقيت والتأقيت أن يجعل للشيء وقت يختص به وهو بيان مقدار المدة يقال‏:‏ وقت الشيء بالتشديد يوقته ووقت بالتخفيف يوقته إذا بين مدته، ثم اتسع فيه فقيل للموضع ميقات‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ قيل إن التوقيت في اللغة التحديد والتعيين، فعلى هذا فالتحديد من لوازم الوقت، وقوله هنا ‏"‏ وقت ‏"‏ يحتمل أن يريد به التحديد أي حد هذه المواضع للإحرام، ويحتمل أن يريد به تعليق الإحرام بوقت الوصول إلى هذه الأماكن بالشرط المعتبر‏.‏

وقال عياض‏:‏ وقت أي حدد، وقد يكون بمعنى أوجب‏.‏

ومنه قوله تعالى ‏(‏إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا‏)‏ انتهى‏.‏

ويؤيده الرواية الماضية بلفظ ‏"‏ فرض‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة‏)‏ أي مدينته عليه الصلاة والسلام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذا الحليفة‏)‏ بالمهملة والفاء مصغرا مكان معروف بينه وبين مكة مائتا ميل غير ميلين قاله ابن حزم‏.‏

وقال غيره‏:‏ بينهما عشر مراحل‏.‏

وقال النووي‏:‏ بينها وبين المدينة ستة أميال، ووهم من قال بينهما ميل واحد وهو ابن الصباغ‏.‏

وبها مسجد يعرف بمسجد الشجرة خراب، وبها بئر يقال لها بئر علي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الجحفة‏)‏ بضم الجيم وسكون المهملة، وهي قرية خربة بينها وبين مكة خمس مراحل أو ستة، وفي قول النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ ثلاث مراحل نظر، وسيأتي في حديث ابن عمر أنها مهيعة بوزن علقمة وقيل بوزن لطيفة، وسميت الجحفة لأن السيل أجحف بها، قال ابن الكلبي‏:‏ كان العماليق يسكنون يثرب، فوقع بينهم وبين بني عبيل - بفتح المهملة وكسر الموحدة وهم إخوة عاد - حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة فجاء سبل فاجتحفهم أي استأصلهم فسميت الجحفة‏.‏

ووقع في حديث عائشة عند النسائي ‏"‏ ولأهل الشام ومصر الجحفة ‏"‏ والمكان الذي يحرم منه المصريون الآن رابغ بوزن فاعل براء وموحدة وغين معجمة قريب من الجحفة، واختصت الجحفة بالحمى فلا ينزلها أحد إلا حم كما سيأتي في فضائل المدينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولأهل نجد قرن المنازل‏)‏ أما نجد فهو كل مكان مرتفع وهو اسم لعشرة مواضع، والمراد منها هنا التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها الشام والعراق‏.‏

والمنازل بلفظ جمع المنزل، والمركب الإضافي هو اسم المكان، ويقال له قرن أيضا بلا إضافة، وهو بفتح القاف وسكون الراء بعدها نون، وضبطه صاحب ‏"‏ الصحاح ‏"‏ بفتح الراء وغلطوه، وبالغ النووي فحكى الاتفاق على تخطئته في ذلك، لكن حكى عياض تعليق القابسي أن من قاله بالإسكان أراد الجبل ومن قاله بالفتح أراد الطريق، والجبل المذكور بينه وبين مكة من جهة المشرق مرحلتان‏.‏

وحكى الروياني عن بعض قدماء الشافعية أن المكان الذي يقال له قرن موضعان‏:‏ أحدهما في هبوط وهو الذي يقال له قرن المنازل، والآخر في صعود وهو الذي يقال له قرن الثعالب والمعروف الأول‏.‏

وفي ‏"‏ أخبار مكة ‏"‏ للفاكهي أن قرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منى بينه وبين مسجد منى ألف وخمسمائة ذراع، وقيل له قرن الثعالب لكثرة ما كان يأوي إليه من الثعالب، فظهر أن قرن الثعالب ليس من المواقيت، وقد وقع ذكره في حديث عائشة في إتيان النبي صلى الله عليه وسلم الطائف يدعوهم إلى الإسلام وردهم عليه قال ‏"‏ فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ‏"‏ الحديث ذكره ابن إسحاق في السيرة النبوية، ووقع في مرسل عطاء عند الشافعي ‏"‏ ولأهل نجد قرن، ولمن سلك نجدا من أهل اليمن وغيرهم قرن المنازل‏"‏‏.‏

ووقع في عبارة القاضي حسين في سياقه لحديث ابن عباس هذا ‏"‏ ولأهل نجد اليمن ونجد الحجاز قرن ‏"‏ وهذا لا يوجد في شيء من طرق حديث ابن عباس، وإنما يوجد ذلك من مرسل عطاء، وهو المعتمد فإن لأهل اليمن إذا قصدوا مكة طريقين‏:‏ إحداهما طريق أهل الجبال وهم يصلون إلى قرن أو يحاذونه فهو ميقاتهم كما هو ميقات أهل المشرق، والأخرى طريق أهل تهامة فيمرون بيلملم أو يحاذونه وهو ميقاتهم لا يشاركهم فيه إلا من أتى عليه من غيرهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولأهل اليمن يلملم‏)‏ بفتح التحتانية واللام وسكون الميم وبعدها لام مفتوحة ثم ميم مكان على مرحلتين من مكة بينهما ثلاثون ميلا ويقال لها ألملم بالهمزة وهو الأصل والياء تسهيل لها، وحكى ابن السيد فيه يرمرم براءين بدل اللامين‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ أبعد المواقيت من مكة ذو الحليفة ميقات أهل المدينة، فقيل الحكمة في ذلك أن تعظم أجور أهل المدينة، وقيل رفقا بأهل الآفاق لأن أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة أي ممن له ميقات معين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من لهم‏)‏ أي المواقيت المذكورة لأهل البلاد المذكورة‏.‏

ووقع في رواية أخرى كما يأتي في ‏"‏ باب دخول مكة بغير إحرام ‏"‏ بلفظ ‏"‏ هن لهن ‏"‏ أي المواقيت للجماعات المذكورة أو لأهلهن على حذف المضاف والأول هو الأصل، ووقع في ‏"‏ باب مهل أهل اليمن ‏"‏ بلفظ ‏"‏ هن لأهلهن ‏"‏ كما شرحته‏.‏

وقوله هن ضمير جماعة المؤنث وأصله لمن يعقل، وقد استعمل فيما لا يعقل لكن فيما دون العشرة، وقوله ‏"‏ولمن أتى عليهن ‏"‏ أي على المواقيت من غير أهل البلاد المذكورة، ويدخل في ذلك من دخل بلدا ذات ميقات ومن لم يدخل، فالذي لا يدخل لا إشكال فيه إذا لم يكن له ميقات معين، والذي يدخل فيه خلاف كالشامي إذا أراد الحج فدخل المدينة فميقاته ذو الحليفة لاجتيازه عليها ولا يؤخر حتى يأتي الجحفة التي هي ميقاته الأصلي، فإن أخر أساء ولزمه دم عند الجمهور، وأطلق النووي الاتفاق ونفي الخلاف في شرحيه لمسلم والمهذب في هذه المسألة فلعله أراد في مذهب الشافعي وإلا فالمعروف عند المالكية أن للشامي مثلا إذا جاوز ذا الحليفة بغير إحرام إلى ميقاته الأصلي وهو الجحفة جاز له ذلك وإن كان الأفضل خلافه وبه قال الحنفية وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية، قال ابن دقيق العيد‏:‏ قوله ‏"‏ ولأهل الشام الجحفة ‏"‏ يشمل من مر من أهل الشام بذي الحليفة ومن لم يمر، وقوله ‏"‏ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ‏"‏ يشمل الشامي إذا مر بذي الحليفة وغيره، فهنا عمومان قد تعارضا انتهى ملخصا‏.‏

ويحصل الانفكاك عنه بأن قوله ‏"‏ هن لهن ‏"‏ مفسر لقوله مثلا وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، وأن المراد بأهل المدينة ساكنوها ومن سلك طريق سفرهم فمر على ميقاتهم، ويؤيده عراقي خرج من المدينة فليس له مجاوزة ميقات المدينة غير محرم، ويترجح بهذا قول الجمهور وينتفي التعارض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ممن أراد الحج والعمرة‏)‏ فيه دلالة على جواز دخول مكة بغير إحرام، وسيأتي في ترجمة مفردة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومن كان دون ذلك‏)‏ أي بين الميقات ومكة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فمن حيث أنشأ‏)‏ أي فميقاته من حيث أنشأ الإحرام إذ السفر من مكانه إلى مكة وهذا متفق عليه إلا ما روي عن مجاهد أنه قال‏:‏ ميقات هؤلاء نفس مكة، واستدل به ابن حزم على أن من ليس له ميقات فميقاته من حيث شاء ولا دلالة فيه لأنه يختص بمن كان دون الميقات أي إلى جهة مكة كما تقدم، ويؤخذ منه أن من سافر غير قاصد للنسك فجاوز الميقات ثم بدا له بعد ذلك النسك أنه محرم من حيث تجدد له القصد ولا يجب عليه الرجوع إلى الميقات لقوله ‏"‏ فمن حيث أنشأ‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى أهل مكة‏)‏ يجوز فيه الرفع والكسر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من مكة‏)‏ أي لا يحتاجون إلى الخروج إلى الميقات للإحرام منه بل يحرمون من مكة كالآفاقي الذي بين الميقات ومكة فإنه يحرم من مكانه ولا يحتاج إلى الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، وهذا خاص بالحاج، واختلف في أفضل الأماكن التي يحرم منها كما سيأتي في ترجمة مفردة‏.‏


وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل كما سيأتي بيانه في أبواب العمرة‏.‏

قال المحب الطبري‏:‏ لا أعلم أحدا جعل مكة ميقاتا للعمرة، فتعين حمله على القارن، واختلف في القارن فذهب الجمهور إلى أن حكمه حكم الحاج في الإهلال من مكة‏.‏

وقال ابن الماجشون‏:‏ يجب عليه الخروج إلى أدنى الحل، ووجهه أن العمرة إنما تندرج في الحج فيما محله واحد كالطواف والسعي عند من يقول بذلك، وأما الإحرام فمحله فيهما مختلف، وجواب هذا الإشكال أن المقصود من الخروج إلى الحل في حق المعتمر أن يرد على البيت الحرام من الحل فيصح كونه وافدا عليه، وهذا يحصل للقارن لخروجه إلى عرفة وهي من الحل ورجوعه إلى البيت لطواف الإفاضة فحصل المقصود بذلك أيضا‏.‏

واختلف فيمن جاوز الميقات مريدا للنسك فلم يحرم، فقال الجمهور‏:‏ يأثم ويلزمه دم، فأما لزوم الدم فبدليل غير هذا، وأما الإثم فلترك الواجب‏.‏

وقد تقدم الحديث من طريق ابن عمر بلفظ ‏"‏ فرضها ‏"‏ وسيأتي بلفظ ‏"‏ يهل ‏"‏ وهو خبر بمعنى الأمر والأمر لا يرد بلفظ الخبر إلا إذا أريد تأكيده، وتأكيد الأمر للوجوب، وسبق في العلم بلفظ ‏"‏ من أين تأمرنا أن نهل ‏"‏ ولمسلم من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر ‏"‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة‏"‏‏.‏

وذهب عطاء والنخعي إلى عدم الوجوب، ومقابله قول سعيد بن جبير لا يصح حجه وبه قال ابن حزم‏.‏

وقال الجمهور‏:‏ لو رجع إلى الميقات قبل التلبس بالنسك سقط عنه الدم، قال أبو حنيفة بشرط أن يعود ملبيا، ومالك بشرط أن لا يبعد، وأحمد لا يسقط بشيء‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ الأفضل في كل ميقات أن يحرم من طرفه الأبعد من مكة، فلو أحرم من طرفه الأقرب جاز‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

 فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1    فتح الباري شرح صحيح البخاري   (كتاب الْحَجِّ    )1 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:21 pm

*3* باب مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا يُهِلُّوا قَبْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلون قبل ذي الحليفة‏)‏ قد تقدمت الإشارة إلى هذا في ‏"‏ باب فرض المواقيت ‏"‏ واستنبط المصنف من إيراد الخبر بصيغة الخبر مع إرادة الأمر تعين ذلك، وأيضا فلم ينقل عن أحد ممن حج مع النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قبل ذي الحليفة، ولولا تعين الميقات لبادروا إليه لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجرا، وقد تقدم شرح المتن في الذي قبله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال عبد الله‏)‏ هو ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبلغني إلخ‏)‏ سيأتي من رواية ابنه سالم عنه بعد باب بلفظ ‏"‏ زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولم أسمعه ‏"‏ وتقدم في العلم من وجه آخر بلفظ ‏"‏ لم أفقه هذه من النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وهو يشعر بأن الذي بلغ ابن عمر ذلك جماعة، وقد ثبت ذلك من حديث ابن عباس كما في الباب قبله، ومن حديث جابر عند مسلم، ومن حديث عائشة عند النسائي، ومن حديث الحارث بن عمرو السهمي عند أحمد وأبي داود والنسائي‏.‏

*3* باب مُهَلِّ أَهْلِ الشَّأْمِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مهل أهل الشام‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس وقد تقدم قبل باب، وحماد المذكور في الإسناد هو ابن زيد‏.‏

*3* باب مُهَلِّ أَهْلِ نَجْدٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مهل أهل نجد‏)‏ أورد فيه حديث ابن عمر من طريقين إلى الزهري، فعلي شيخه في الإسناد الأول هو ابن المديني، وأحمد في الثاني هو ابن عيسى كما ثبت في رواية أبي ذر، وقد تقدم الكلام عليه قريبا‏.‏

*3* باب مُهَلِّ مَنْ كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مهل من كان دون المواقيت‏)‏ أي دونها إلى مكة أورد فيه حديث ابن عباس من وجه آخر، وحماد هو ابن زيد، وعمرو هو ابن دينار‏.‏

*3* باب مُهَلِّ أَهْلِ الْيَمَنِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مهل أهل اليمن‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس وقد سبق ما فيه‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ حكى الأثرم عن أحمد أنه سئل في أي سنة وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت‏؟‏ فقال‏:‏ عام حج انتهى‏.‏

وقد سبق حديث ابن عمر في العلم بلفظ ‏"‏ أن رجلا قام في المسجد فقال‏:‏ يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل ‏"‏‏؟‏

*3* باب ذَاتُ عِرْقٍ لِأهْلِ الْعِرَاقِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذات عرق لأهل العراق‏)‏ هي بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف، سمي بذلك لأن فيه عرقا وهو الجبل الصغير، وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء، بينها وبين مكة مرحلتان، والمسافة اثنان وأربعون ميلا وهو الحد الفاصل بين نجد وتهامة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما فتح هذان المصران‏)‏ كذا للأكثر بضم ‏"‏ فتح ‏"‏ على البناء لما لم يسم فاعله‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ لما فتح هذين المصرين ‏"‏ بفتح الفاء والتاء على حذف الفاعل والتقدير لما فتح الله، وكذا ثبت في رواية أبي نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ وبه جزم عياض، وأما ابن مالك فقال‏:‏ تنازع ‏"‏ فتح ‏"‏ و ‏"‏ أتوا ‏"‏ وهو على إعمال الثاني وإسناد الأول إلى ضمير عمر، ووقع عند الإسماعيلي من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله مختصرا، وزاد في الإسناد عن عمر أنه حد لأهل العراق ذات عرق، والمصران تثنية مصر والمراد بهما الكوفة والبصرة وهما سرتا العراق، والمراد بفتحهما غلبة المسلمين على مكان أرضهما، وإلا فهما من تمصير المسلمين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو جور‏)‏ بفتح الجيم وسكون الواو بعدها راء أي ميل، والجور الميل عن القصد ومنه قوله تعالى ومنها جائر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فانظروا حذوها‏)‏ أي اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير ميل فاجعلوه ميقاتا، وظاهره أن عمر حد لهم ذات عرق باجتهاد منه، وقد روى الشافعي من طريق أبي الشعثاء قال ‏"‏ لم يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق شيئا فاتخذ الناس بحيال قرن ذات عرق ‏"‏ وروى أحمد عن هشيم عن يحيى بن سعيد وغيره عن نافع عن ابن عمر فذكر حديث المواقيت وزاد فيه ‏"‏ قال ابن عمر فآثر الناس ذات عرق على قرن ‏"‏ وله عن سفيان عن صدقة عن ابن عمر فذكر حديث المواقيت ‏"‏ قال فقال له قائل‏:‏ فأين العراق‏؟‏ فقال ابن عمر‏:‏ لم يكن يومئذ عراق ‏"‏ وسيأتي في الاعتصام من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال ‏"‏ لم يكن عراق يومئذ ‏"‏ ووقع في ‏"‏ غرائب مالك ‏"‏ للدارقطني من طريق عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال ‏"‏ وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل العراق قرنا ‏"‏ قال عبد الرزاق قال لي بعضهم إن مالكا محاه من كتابه‏.‏

قال الدارقطني‏:‏ تفرد به عبد الرزاق‏.‏

قلت‏:‏ والإسناد إليه ثقات أثبات، وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عنه وهو غريب جدا، وحديث الباب يرده‏.‏

وروى الشافعي من طريق طاوس قال ‏"‏ لم يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات عرق، ولم يكن حينئذ أهل المشرق ‏"‏ وقال في ‏"‏ الأم ‏"‏‏:‏ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حد ذات عرق، وإنما أجمع عليه الناس‏.‏

وهذا كله يدل على أن ميقات ذات عرق ليس منصوصا، وبه قطع الغزالي والرافعي في ‏"‏ شرح المسند ‏"‏ والنووي في ‏"‏ شرح مسلم ‏"‏ وكذا وقع في ‏"‏ المدونة ‏"‏ لمالك، وصحح الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعي في ‏"‏ الشرح الصغير ‏"‏ والنووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ أنه منصوص، وقد وقع ذلك في حديث جابر عند مسلم إلا أنه مشكوك في رفعه أخرجه من طريق ابن جريج ‏"‏ أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يسأل عن المهل فقال‏:‏ سمعت أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكره، وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه بلفظ ‏"‏ فقال سمعت أحسبه يريد النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وقد أخرجه أحمد من رواية ابن لهيعة وابن ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد كلاهما عن أبي الزبير فلم يشكا في رفعه‏.‏

ووقع في حديث عائشة وفي حديث الحارث بن عمرو السهمي كلاهما عند أحمد وأبي داود والنسائي، وهذا يدل على أن للحديث أصلا، فلعل من قال إنه غير منصوص لم يبلغه أو رأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق لا يخلو عن مقال، ولهذا قال ابن خزيمة‏:‏ رويت في ذات عرق أخبار لا يثبت شيء منها عند أهل الحديث‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ لم نجد في ذات عرق حديثا ثابتا انتهى‏.‏

لكن الحديث بمجموع الطرق يقوى كما ذكرنا‏.‏

وأما إعلال من أعله بأن العراق لم تكن فتحت يومئذ فقال ابن عبد البر‏:‏ هي غفلة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح، لكنه علم أنها ستفتح، فلا فرق في ذلك بين الشام والعراق انتهى‏.‏

وبهذا أجاب الماوردي وآخرون، لكن يظهر لي أن مراد من قال لم يكن العراق يومئذ أي لم يكن في تلك الجهة ناس مسلمون، والسبب في قول ابن عمر ذلك أنه روى الحديث بلفظ ‏"‏ أن رجلا قال‏:‏ يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل ‏"‏‏؟‏ فأجابه‏.‏

وكل جهة عينها في حديث ابن عمر كان من قبلها ناس مسلمون بخلاف المشرق والله أعلم‏.‏

وأما ما أخرجه أبو داود والترمذي من وجه آخر عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق فقد تفرد به يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، وإن كان حفظه فقد جمع بينه وبين حديث جابر وغيره بأجوبة منها أن ذات عرق ميقات الوجوب، والعقيق ميقات الاستحباب لأنه أبعد من ذات عرق‏.‏

ومنها أن العقيق ميقات لبعض العراقيين وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، وقع ذلك في حديث لأنس عند الطبراني وإسناده ضعيف‏.‏

ومنها أن ذات عرق كانت أولا في موضع العقيق الآن ثم حولت وقربت إلى مكة فعلى هذا فذات عرق والعقيق شيء واحد، ويتعين الإحرام من العقيق ولم يقل به أحد، وإنما قالوا يستحب احتياطا، وحكى ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه كان يحرم من الربذة وهو قول القاسم بن عبد الرحمن وخصيف الجزري، قال ابن المنذر‏:‏ وهو أشبه في النظر إن كانت ذات عرق غير منصوصة، وذلك أنها تحاذي ذا الحليفة، وذات عرق بعدها، والحكم فيمن ليس له ميقات أن يحرم من أول ميقات يحاذيه، لكن لما سن عمر ذات عرق وتبعه عليه الصحابة واستمر عليه العمل كان أولى بالاتباع‏.‏

واستدل به على أن من ليس له ميقات أن عليه أن يحرم إذا حاذى ميقاتا من هذه المواقيت الخمسة، ولا شك أنها محيطة بالحرم، فذو الحليفة شامية ويلملم يمانية فهي مقابلها وإن كانت إحداهما أقرب إلى مكة من الأخرى، وقرن شرقية والجحفة غربية فهي مقابلها وإن كانت إحداهما كذلك، وذات عرق تحاذي قرنا، فعلى هذا فلا تخلو بقعة من بقاع الأرض من أن تحاذي ميقاتا من هذه المواقيت، فبطل قول من قال من ليس له ميقات ولا يحاذي ميقاتا هل يحرم من مقدار أبعد من المواقيت أو أقربها‏؟‏ ثم حكى فيه خلافا، والفرض أن هذه الصورة لا تتحقق لما قلته إلا أن يكون قائله فرضه فيمن لم يطلع على المحاذاة كمن يجهلها، وقد نقل النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ أنه يلزمه أن يحرم على مرحلتين اعتبارا بقول عمر هذا في توقيته ذات عرق، وتعقب بأن عمر إنما حدها لأنها تحاذي قرنا، وهذه الصورة إنما هي حيث يجهل المحاذاة، فلعل القائل بالمرحلتين أخذ بالأقل لأن ما زاد عليه مشكوك فيه، لكن مقتضى الأخذ بالاحتياط أن يعتبر الأكثر الأبعد، ويحتمل أن يفرق بين من عن يمين الكعبة وبين من عن شمالها لأن المواقيت التي عن يمينها أقرب من التي عن شمالها فيقدر لليمين الأقرب وللشمال الأبعد والله أعلم‏.‏

ثم إن مشروعية المحاذاة مختصة بمن ليس له أمامه ميقات معين، فأما من له ميقات معين كالمصري مثلا يمر ببدر وهي تحاذي ذا الحليفة فليس عليه أن يحرم منها بل له التأخير حتى يأتي الجحفة والله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ العقيق المذكور هنا واد يتدفق ماؤه في غوري تهامة، وهو غير العقيق المذكور بعد بابين كما سيأتي بيانه‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)13
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)16
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)17

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: