foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 4:16 pm

*3* باب مَتَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب متى يدفع من جمع‏)‏ أي بعد الوقوف بالمشعر الحرام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ شَهِدْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمْ ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي إسحاق‏)‏ هو السبيعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يفيضون‏)‏ زاد يحيى القطان عن شعبة ‏"‏ من جمع ‏"‏ أخرجه الإسماعيلي، وكذا هو للمصنف في أيام الجاهلية من رواية سفيان الثوري عن أبي إسحاق، وزاد الطبراني من رواية عبيد الله بن موسى عن سفيان ‏"‏ حتى يروا الشمس على ثبير‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقولون‏:‏ أشرق ثبير‏)‏ أشرق بفتح أوله فعل أمر من الإشراق أي أدخل في الشروق‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ وضبطه بعضهم بكسر الهمزة كأنه ثلاثي من شرق وليس ببين، والمشهور أن المعنى لتطلع عليك الشمس وقيل‏:‏ معناه أضئ يا جبل، وليس ببين أيضا‏.‏

وثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة جبل معروف هناك، وهو على يسار الذاهب إلى منى، وهو أعظم جبال مكة، عرف برجل من هذيل اسمه ثبير دفن فيه‏.‏

زاد أبو الوليد عن شعبة ‏"‏ كيما نغير ‏"‏ أخرجه الإسماعيلي، ومثله لابن ماجه من طريق حجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق، وللطبري من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق ‏"‏ أشرق ثبير لعلنا نغير ‏"‏ قال الطبري‏:‏ معناه كيما ندفع للنحر، وهو من قتلهم أغار الفرس إذا أسرع في عدوه، قال ابن التين‏:‏ وضبطه بعضهم بسكون الراء في ثبير وفي نغير لإرادة السجع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس‏)‏ الإفاضة الدفعة قاله الأصمعي، ومنه أفاض القوم في الحديث إذا دفعوا فيه، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض عمر فيكون انتهاء حديثه ما قبل هذا، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض النبي صلى الله عليه وسلم لعطفه على قوله خالفهم، وهذا هو المعتمد‏.‏

وقد وقع في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة عند الترمذي ‏"‏ فأفاض ‏"‏ وفي رواية الثوري ‏"‏ فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فأفاض ‏"‏ وللطبري من طريق زكريا عن أبي إسحاق بسنده ‏"‏ كان المشركون لا ينفرون حتى تطلع الشمس، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك فنفر قبل طلوع الشمس ‏"‏ وله من رواية إسرائيل ‏"‏ فدفع لقدر صلاة القوم المسفرين لصلاة الغداة ‏"‏ وأوضح من ذلك ما وقع في حديث جابر الطويل عند مسلم ‏"‏ ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله تعالى وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا، فدفع قبل أن تطلع الشمس ‏"‏ وقد تقدم حديث ابن مسعود في ذلك وصنيع عثمان بما يوافقه، وروى ابن المنذر من طريق الثوري عن أبي إسحاق ‏"‏ سألت عبد الرحمن بن يزيد‏:‏ متى دفع عبد الله من جمع‏؟‏ قال‏:‏ كانصراف القوم المسفرين من صلاة الغداة ‏"‏ وروى الطبري من حديث علي قال ‏"‏ لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة غدا فوقف على قزح وأردف الفضل ثم قال‏:‏ هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف‏.‏

حتى إذا أسفر دفع ‏"‏ وأصله في الترمذي دون قوله ‏"‏ حتى إذا أسفر ‏"‏ ولابن خزيمة والطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس ‏"‏ كان أهل الجاهلية يقفون بالمزدلفة، حتى إذا طلعت الشمس فكانت على رءوس الجبال كأنها العمائم على رءوس الرجال دفعوا، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسفر كل شيء قبل أن تطلع الشمس ‏"‏ وللبيهقي من حديث المسور بن مخرمة نحوه، وفي هذا الحديث فضل الدفع من الموقف بالمزدلفة عند الأسفار، وقد تقدم بيان الاختلاف فيمن دفع قبل الفجر‏.‏

ونقل الطبري الإجماع على أن من لم يقف فيه حتى طلعت الشمس فاته الوقوف قال ابن المنذر‏:‏ وكان الشافعي وجمهور أهل العلم يقولون بظاهر هذه الأخبار، وكان مالك يرى أن يدفع قبل الأسفار، واحتج له بعض أصحابه بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعجل الصلاة مغلسا إلا ليدفع قبل الشمس، فكل من بعد دفعه من طلوع الشمس كان أولى‏.‏

*3* باب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ حِينَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ وَالِارْتِدَافِ فِي السَّيْرِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التلبية والتكبير غداة النحر حتى يرمي‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ حين يرمي ‏"‏ وهو أصوب‏.‏

قال الكرماني‏:‏ ليس في الحديث ذكر التكبير، فيحتمل أن يكون أشار إلى الذكر الذي في خلال التلبية، وأراد أن يستدل على أن التكبير غير مشروع حينئذ لأن قوله ‏"‏ لم يزل ‏"‏ يدل على إدامة التلبية وإدامتها تدل على ترك ما عداها، أو هو مختصر من حديث فيه ذكر التكبير انتهى‏.‏

والمعتمد أنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كما جرت به عادته، فعند أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله ‏"‏ خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْدَفَ الْفَضْلَ فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخبر الفضل‏)‏ في رواية مسلم من طريق عيسى بن يونس عن ابن جريج عن عطاء ‏"‏ فأخبرني ابن عباس أن الفضل أخبره‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى قَالَ فَكِلَاهُمَا قَالَا لَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكلاهما‏)‏ أي الفضل بن عباس وأسامة بن زيد، وفي ذكر أسامة إشكال لما تقدم في ‏"‏ باب النزول بين عرفة وجمع ‏"‏ أن عند مسلم في رواية إبراهيم بن عقبة عن كريب أن أسامة قال ‏"‏ وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي ‏"‏ لأن مقتضاه أن يكون أسامة سبق إلى رمي الجمرة فيكون إخباره بمثل ما أخبر به الفضل من التلبية مرسلا، لكن لا مانع أنه يرجع مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجمرة أو يقيم بها حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقد أخرج مسلم أيضا من حديث أم الحصين قالت ‏"‏ فرأيت أسامة بن زيد وبلالا في حجة الوداع وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ زاد ابن أبي شيبة من طريق علي بن الحسين عن ابن عباس عن الفضل في هذا الحديث ‏"‏ فرماها سبع حصيات يكبر مع كل حصاة ‏"‏ وسيأتي هذا الحكم بعد نيف وثلاثين بابا، وفي هذا الحديث أن التلبية تستمر إلى رمي الجمرة يوم النحر، وبعدها يشرع الحاج في التحلل، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان يقول ‏"‏ التلبية شعار الحج، فإن كنت حاجا فلب حتى بدء حلك، وبدء حلك أن ترمي جمرة العقبة ‏"‏ وروى سعيد بن منصور من طريق ابن عباس قال ‏"‏ حججت مع عمر إحدى عشرة حجة، وكان يلبي حتى يرمي الجمرة ‏"‏ وباستمرارها قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم‏.‏

وقالت طائفة‏:‏ يقطع المحرم التلبية إذا دخل الحرم، وهو مذهب ابن عمر، لكن كان يعاود التلبية إذا خرج من مكة إلى عرفة‏.‏

وقالت طائفة‏:‏ يقطعها إذا راح إلى الموقف، رواه ابن المنذر وسعيد بن منصور بأسانيد صحيحة عن عائشة وسعد بن أبي وقاص وعلي، وبه قال مالك وقيده بزوال الشمس يوم عرفة، وهو قول الأوزاعي والليث، وعن الحسن البصري مثله لكن قال ‏"‏ إذا صلى الغداة يوم عرفة ‏"‏ وهو بمعنى الأول‏.‏

وقد روى الطحاوي بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن يزيد قال ‏"‏ حججت مع عبد الله، فلما أفاض إلى جمع جعل يلبي، فقال رجل‏:‏ أعرابي هذا‏؟‏ فقال عبد الله‏:‏ أنسي الناس أم ضلوا ‏"‏ وأشار الطحاوي إلى أن كل من روي عنه ترك التلبية من يوم عرفة أنه تركها للاشتغال بغيرها من الذكر لا على أنها لا تشرع، وجمع في ذلك بين ما اختلف من الآثار والله أعلم‏.‏

واختلفوا أيضا هل يقطع التلبية مع رمي أول حصاة أو عند تمام الرمي‏؟‏ فذهب إلى الأول الجمهور، وإلى الثاني أحمد وبعض أصحاب الشافعي، ويدل لهم ما روى ابن خزيمة من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن الفضل قال ‏"‏ أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة ‏"‏ قال ابن خزيمة‏:‏ هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى، وأن المراد بقوله ‏"‏ حتى رمى جمرة العقبة ‏"‏ أي أتم رميها‏.‏

*3* باب فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ حذف التشكيل

فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي - إلى قوله تعالى - حاضري المسجد الحرام‏)‏ كذا في رواية أبي ذر وأبي الوقت، وساق في طريق كريمة ما بين قوله‏:‏ ‏(‏الهدي‏)‏ قوله‏:‏ ‏(‏حاضري المسجد الحرام‏)‏ وغرض المصنف بذلك تفسير الهدي، وذلك أنه لما انتهى في صفة الحج إلى الوصول إلى منى أراد أن يذكر أحكام الهدي والنحر، لأن ذلك يكون غالبا بمنى‏.‏

والمراد بقوله‏:‏ ‏(‏فمن تمتع‏)‏ أي في حال الأمن لقوله‏:‏ ‏(‏فإذا أمنتم فمن تمتع‏)‏ وفيه حجة للجمهور في أن التمتع لا يختص بالمحصر، وروى الطبري عن عروة قال في قوله‏:‏ ‏(‏فإذا أمنتم‏)‏ أي من الوجع ونحوه، قال الطبري‏:‏ والأشبه بتأويل الآية أن المراد بها الأمن من الخوف، لأنها نزلت وهم خائفون بالحديبية فبينت لهم ما يعملون حال الحصر، وما يعملون حال الأمن‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ الْمُتْعَةِ فَأَمَرَنِي بِهَا وَسَأَلْتُهُ عَنْ الْهَدْيِ فَقَالَ فِيهَا جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ قَالَ وَكَأَنَّ نَاسًا كَرِهُوهَا فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُنَادِي حَجٌّ مَبْرُورٌ وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَالَ آدَمُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَغُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ وَحَجٌّ مَبْرُورٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا النضر‏)‏ هو ابن شميل صاحب العربية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أبو جمرة‏)‏ بالجيم والراء وقد تقدم لهذا الحديث طريق في آخر ‏"‏ باب التمتع والقرآن ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه هناك، والغرض منه هنا بيان الهدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسألته‏)‏ أي ابن عباس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الهدي‏)‏ فقال فيها أي المتعة يعني يجب على من تمتع دم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جزور‏)‏ بفتح الجيم وضم الزاي أي بعير ذكرا كان أو أنثى، وهو مأخوذ من الجزر أي القطع ولفظها مؤنث تقول هذه الجزور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو شرك‏)‏ بكسر الشين المعجمة وسكون الراء أي مشاركة في دم أي حيث يجزئ الشيء الواحد عن جماعة، وهذا موافق لما رواه مسلم عن جابر قال ‏"‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة ‏"‏ وبهذا قال الشافعي والجمهور، سواء كان الهدي تطوعا أو واجبا، وسواء كانوا كلهم متقربين بذلك أو كان بعضهم يريد التقرب وبعضهم يريد اللحم، وعن أبي حنيفة‏.‏

يشترط في الاشتراك أن يكونوا كلهم متقربين بالهدي، وعن زفر مثله بزيادة أن تكون أسبابهم واحدة، وعن داود وبعض المالكية‏:‏ يجوز في هدي التطوع دون الواجب، وعن مالك‏:‏ لا يجوز مطلقا، واحتج له إسماعيل القاضي بأن حديث جابر إنما كان بالحديبية حيث كانوا محصرين، وأما حديث ابن عباس فخالف أبا جمرة عنه ثقات أصحابه فرووا عنه أن ما استيسر من الهدي شاة، ثم ساق ذلك بأسانيد صحيحة عنهم عن ابن عباس قال‏:‏ وقد روى ليث عن طاوس عن ابن عباس مثل رواية أبي جمرة، وليث ضعيف‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا سليمان عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن ابن عباس قال ‏"‏ ما كنت أرى أن دما واحدا يقضي عن أكثر من واحد ‏"‏ انتهى‏.‏

وليس بين رواية أبي جمرة ورواية غيره منافاة لأنه زاد عليهم ذكر الاشتراك ووافقهم على ذكر الشاة، وإنما أراد ابن عباس بالاقتصار على الشاة الرد على من زعم اختصاص الهدي بالإبل والبقر، وذلك واضح فيما سنذكره بعد هذا‏.‏

وأما رواية محمد عن ابن عباس فمتقطعة، ومع ذلك لو كانت متصلة احتمل أن يكون ابن عباس أخبر أنه كان لا يرى ذلك من جهة الاجتهاد حتى صح عنده النقل بصحة الاشتراك فأفتى به أبا جمرة، وبهذا تجتمع الأخبار، وهو أولى من الطعن في رواية من أجمع العلماء على توثيقه والاحتجاج بروايته وهو أبو جمرة الضبعي‏.‏

وقد روي عن ابن عمر أنه كان لا يرى التشريك، ثم رجع عن ذلك لما بلغته السنة‏.‏

قال أحمد‏:‏ حدثنا عبد الوهاب حدثنا مجاهد عن الشعبي قال ‏"‏ سألت ابن عمر قلت‏:‏ الجزور والبقرة تجزئ عن سبعة‏؟‏ قال‏.‏

يا شعبي، ولها سبعة أنفس‏؟‏ قال قلت‏:‏ فإن أصحاب محمد يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الجزور عن سبعة والبقرة عن سبعة‏.‏

قال فقال ابن عمر لرجل‏:‏ أكذلك يا فلان‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ما شعرت بهذا‏"‏‏.‏

وأما تأويل إسماعيل لحديث جابر بأنه كان بالحديبية فلا يدفع الاحتجاج بالحديث، بل روى مسلم من طريق أخرى عن جابر في أثناء حديث قال ‏"‏ فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحللنا أن نهدي ونجمع النفر منا في الهدية ‏"‏ وهذا يدل على صحة أصل الاشتراك، واتفق من قال بالاشتراك على أنه لا يكون في أكثر من سبعة، إلا إحدى الروايتين عن سعيد بن المسيب فقال‏:‏ تجزئ عن عشرة، وبه قال إسحاق بن راهويه وابن خزيمة من الشافعية، واحتج لذلك في صحيحه وقواه، واحتج له ابن خزيمة بحديث رافع بن خديج ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم قسم فعدل عشرا من الغنم ببعير ‏"‏ الحديث وهو في الصحيحين، وأجمعوا على أن الشاة لا يصح الاشتراك فيها، وقوله ‏"‏أو شاة ‏"‏ هو قول الجمهور، ورواه الطبري وابن أبي حاتم بأسانيد صحيحة عنهم، ورويا بإسناد قوي عن القاسم بن محمد عن عائشة وابن عمر أنهما كانا لا يريان ما استيسر من الهدي إلا من الإبل والبقر‏.‏

ووافقهما القاسم وطائفة‏.‏

قال إسماعيل القاضي في ‏"‏ الأحكام ‏"‏ له‏:‏ أظنهم ذهبوا إلى ذلك لقوله تعالى ‏(‏والبدن جعلناها لكم من شعائر الله‏)‏ فذهبوا إلى تخصيص ما يقع عليه اسم البدن، قال‏:‏ ويرد هذا قوله تعالى ‏(‏هديا بالغ الكعبة‏)‏ وأجمع المسلمون أن في الظبي شاة فوقع عليها اسم هدي‏.‏

قلت‏:‏ قد احتج بذلك ابن عباس فأخرج الطبري بإسناد صحيح إلى عبد الله بن عبيد بن عمير قال قال ابن عباس‏:‏ الهدي شاة‏.‏

فقيل له في ذلك، قال‏:‏ أنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تقوون به، ما في الظبي‏؟‏ قالوا شاة، قال‏:‏ فإن الله تعالى يقول ‏(‏هديا بالغ الكعبة‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ومتعة متقبلة‏)‏ قال الإسماعيلي وغيره‏:‏ تفرد النضر بقوله ‏"‏ متعة ‏"‏ ولا أعلم أحدا من أصحاب شعبة رواه عنه إلا قال ‏"‏ عمرة ‏"‏ وقال أبو نعيم‏:‏ قال أصحاب شعبة كلهم عمرة إلا النضر فقال متعة‏.‏

قلت‏:‏ وقد أشار المصنف إلى هذا بما علقه بعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال آدم ووهب بن جرير وغندر عن شعبة عمرة إلخ‏)‏ أما طريق آدم فوصلها عنه في ‏"‏ باب التمتع والقران ‏"‏ وأما طريق وهب بن جرير فوصلها البيهقي من طريق إبراهيم بن مرزوق عن وهب وأما طريق غندر فوصلها أحمد عنه، وأخرجها مسلم عن أبي موسى وبندار كلاهما عن غندر‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 4:16 pm

*3* باب رُكُوبِ الْبُدْنِ حذف التشكيل

لِقَوْلِهِ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ قَالَ مُجَاهِدٌ سُمِّيَتْ الْبُدْنَ لِبُدْنِهَا وَالْقَانِعُ السَّائِلُ وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ وَشَعَائِرُ اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا وَالْعَتِيقُ عِتْقُهُ مِنْ الْجَبَابِرَةِ وَيُقَالُ وَجَبَتْ سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ وَمِنْهُ وَجَبَتْ الشَّمْسُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ركوب البدن لقوله تعالى‏:‏ والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير، فاذكروا اسم الله عليها صواف، فإذا وجبت جنوبها - إلى قوله تعالى - وبشر المحسنين‏)‏ هكذا في رواية أبي ذر وأبي الوقت، وساق في رواية كريمة الآيتين، واستدل المصنف لجواز ركوب البدن بعموم قوله تعالى ‏(‏لكم فيها خير‏)‏ وأشار إلى قول إبراهيم النخعي ‏(‏لكم فيها خير‏)‏ ‏:‏ من شاء ركب ومن شاء حلب، أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عنه بإسناد جيد‏.‏

والبدن بسكون الدال في قراءة الجمهور، وقرأ الأعرج وهي رواية عن عاصم بضمها، وأصلها من الإبل وألحقت بها البقر شرعا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال مجاهد سميت البدن لبدنها‏)‏ هو بفتح الموحدة والمهملة لـلأكثر، وبضمها وسكون الدال لبعضهم‏.‏

وفي رواية الكشميهني لبدانتها أي سمنها، وكذا أخرجه عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ إنما سميت البدن من قبل السمانة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والقانع السائل، والمعتر الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير‏)‏ أي يطيف بها متعرضا لها، وهذا التعليق أخرجه أيضا عبد بن حميد من طريق عثمان بن الأسود قلت لمجاهد‏:‏ ما القانع‏؟‏ قال جارك الذي ينتظر ما دخل بيتك، والمعتر الذي يعتر ببابك ويريك نفسه ولا يسألك شيئا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ القانع هو الطامع‏.‏

وقال مرة‏:‏ هو السائل‏.‏

ومن طريق الثوري عن فرات عن سعيد بن جبير‏:‏ المعتر الذي يعتريك يزورك ولا يسألك‏.‏

ومن طريق ابن جريج عن مجاهد‏:‏ المعتر الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير‏.‏

وقال الخليل في العين‏:‏ القنوع المتذلل للمسألة، قنع إليه مال وخضع، وهو السائل‏.‏

والمعتر الذي يعترض ولا يسأل‏.‏

ويقال قنع بكسر النون إذا رضي وقنع بفتحها إذا سأل‏.‏

وقرأ الحسن ‏"‏ المعتري ‏"‏ وهو بمعنى المعتر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وشعائر الله استعظام البدن واستحسانها‏)‏ أخرجه عبد بن حميد أيضا من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏(‏ومن يعظم شعائر الله‏)‏ قال استعظام البدن استحسانها واستسمانها‏.‏

ورواه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس نحوه، لكن فيه ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعتيق عتقه من الجبابرة‏)‏ أخرج عبد بن حميد أيضا من طريق سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ إنما سمي العتيق لأنه أعتق من الجبابرة‏.‏

وقد جاء هذا مرفوعا أخرجه البزار من حديث عبد الله بن الزبير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقال وجبت سقطت إلى الأرض ومنه وجبت الشمس‏)‏ هو قول ابن عباس‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس قال‏:‏ فإذا وجبت أي سقطت، وكذا أخرجه الطبري من طريقين عن مجاهد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا وَيْلَكَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الأعرج‏)‏ لم تختلف الرواة عن مالك عن أبي الزناد فيه، ورواه ابن عيينة عن أبي الزناد فقال عن الأعرج عن أبي هريرة، أو عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة، أخرجه سعيد بن منصور عنه‏.‏

وقد رواه الثوري عن أبي الزناد بالإسنادين مفرقا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأى رجلا‏)‏ لم أقف على اسمه بعد طول البحث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يسوق بدنة‏)‏ كذا في معظم الأحاديث، ووقع لمسلم من طريق بكير بن الأخنس عن أنس ‏"‏ مر ببدنة أو هدية ‏"‏ ولأبي عوانة من هذا الوجه ‏"‏ أو هدي‏"‏، وهو مما يوضح أنه ليس المراد بالبدنة مجرد مدلولها اللغوي‏.‏

ولمسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد ‏"‏ بينا رجل يسوق بدنة مقلدة ‏"‏ وكذا في طريق همام عن أبي هريرة، وسيأتي للمصنف في ‏"‏ باب تقليد البدن ‏"‏ أنها كانت مقلدة نعلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال اركبها‏)‏ زاد النسائي من طريق سعيد عن قتادة، والجوزقي من طريق حميد عن ثابت كلاهما عن أنس ‏"‏ وقد جهده المشي ‏"‏ ولأبي يعلى من طريق الحسن عن أنس ‏"‏ حافيا ‏"‏ لكنها ضعيفة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويلك في الثانية أو في الثالثة‏)‏ وقع في رواية همام عند مسلم ‏"‏ ويلك اركبها، ويلك اركبها ‏"‏ ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق والثوري كلاهما عن أبي الزناد، ومن طريق عجلان عن أبي هريرة قال ‏"‏ اركبها ويحك‏.‏

قال‏:‏ إنها بدنة‏.‏

قال‏:‏ اركبها ويحك ‏"‏ زاد أبو يعلى من رواية الحسن ‏"‏ فركبها ‏"‏ وقد قلنا إنها ضعيفة، لكن سيأتي للمصنف من طريق عكرمة عن أبي هريرة ‏"‏ فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها ‏"‏ وتبين بهذه الطرق أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت الحرام، ولو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحصل الجواب بقوله إنها بدنة لأن كونها من الإبل معلوم، فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي كونها هديا فلذلك قال إنها بدنة، والحق أنه لم يخف ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لكونها كانت مقلدة، ولهذا قال له لما زاد في مراجعته ‏"‏ ويلك ‏"‏ واستدل به على جواز ركوب الهدي سواء كان واجبا أو متطوعا به؛ لكونه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل صاحب الهدي عن ذلك، فدل على أن الحكم لا يختلف بذلك‏.‏

وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد من حديث علي ‏"‏ أنه سئل‏:‏ هل يركب الرجل هديه‏؟‏ فقال‏:‏ لا بأس، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه ‏"‏ أي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، إسناده صالح‏.‏

وبالجواز مطلقا قال عروة بن الزبير، ونسبه ابن المنذر لأحمد وإسحاق، وبه قال أهل الظاهر، وهو الذي جزم به النووي في ‏"‏ الروضة ‏"‏ تبعا لأصله في الضحايا، ونقله في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ عن القفال والماوردي، ونقل فيه عن أبي حامد والبندنيجي وغيرهما تقييده بالحاجة‏.‏

وقال الروياني‏:‏ تجويزه بغير حاجة يخالف النص، وهو الذي حكاه الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحاق، وأطلق ابن عبد البر كراهة ركوبها بغير حاجة عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء، وقيده صاحب ‏"‏ الهداية ‏"‏ من الحنفية بالاضطرار إلى ذلك، وهو المنقول عن الشعبي عند ابن أبي شيبة ولفظه‏:‏ لا يركب الهدي إلا من لا يجد منه بدا‏.‏

ولفظ الشافعي الذي نقله ابن المنذر وترجم له البيهقي‏:‏ يركب إذا اضطر ركوبا غير فادح‏.‏

وقال ابن العربي عن مالك‏:‏ يركب للضرورة، فإذا استراح نزل‏.‏

ومقتضى من قيده بالضرورة أن من انتهت ضرورته لا يعود إلى ركوبها إلا من ضرورة أخرى، والدليل على اعتبار هذه القيود الثلاثة - وهي الاضطرار والركوب بالمعروف وانتهاء الركوب بانتهاء الضرورة - ما رواه مسلم من حديث جابر مرفوعا بلفظ ‏"‏ اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا ‏"‏ فإن مفهومه أنه إذا وجد غيرها تركها، وروى سعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي قال‏:‏ يركبها إذا أعيا قدر ما يستريح على ظهرها‏.‏

وفي المسألة مذهب خامس وهو المنع مطلقا نقله ابن العربي عن أبي حنيفة وشنع عليه، ولكن الذي نقله الطحاوي وغيره الجواز بقدر الحاجة إلا أنه قال‏:‏ ومع ذلك يضمن ما نقص منها بركوبه‏.‏

وضمان النقص وافق عليه الشافعية في الهدي الواجب كالنذر‏.‏

ومذهب سادس وهو وجوب ذلك نقله ابن عبد البر عن بعض أهل الظاهر تمسكا بظاهر الأمر، ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة، ورده بأن الذين ساقوا الهدي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرا ولم يأمر أحدا منهم بذلك انتهى‏.‏

وفيه نظر لما تقدم من حديث علي، وله شاهد مرسل عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏ عن عطاء ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركبها غير منهكها‏.‏

قلت‏:‏ ماذا‏؟‏ قال‏:‏ الراجل والمتيع اليسير فإن نتجت حمل عليها ولدها ‏"‏ ولا يمتنع القول بوجوبه إذا تعين طريقا إلى إنقاذ مهجة إنسان من الهلاك‏.‏

واختلف المجيزون هل يحمل عليها متاعه‏؟‏ فمنعه مالك وأجازه الجمهور‏.‏

وهل يحمل عليها غيره‏؟‏ أجازه الجمهور أيضا على التفصيل المتقدم‏.‏

ونفل عياض الإجماع على أنه لا يؤجرها‏.‏

وقال الطحاوي في ‏"‏ اختلاف العلماء ‏"‏‏:‏ قال أصحابنا والشافعي إن احتلب منها شيئا تصدق به‏.‏

فإن أكله تصدق بثمنه، ويركب إذا احتاج فإن نقصه ذلك ضمن‏.‏

وقال مالك‏:‏ لا يشرب من لبنه فإن شرب لم يغرم‏.‏

ولا يركب إلا عند الحاجة فإن ركب لم يغرم‏.‏

وقال الثوري‏:‏ لا يركب إلا إذا اضطر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويلك‏)‏ قال القرطبي‏:‏ قالها له تأديبا لأجل مراجعته له مع عدم خفاء الحال عليه، وبهذا جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ حتى قال‏:‏ الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا قال‏:‏ ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط على ربه ما اشترط لهلك ذلك الرجل لا محالة‏.‏

قال القرطبي‏:‏ ويحتمل أن يكون فهم عنه أنه يترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك، فعلى الحالتين هي إنشاء‏.‏

ورجحه عياض وغيره قالوا‏:‏ والأمر هنا وإن قلنا إنه للإرشاد لكنه استحق الذم بتوقفه على امتثال الأمر‏.‏

والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادا، ويحتمل أن يكون ظن أنه يلزمه غرم بركوبها أو إثم وأن الإذن الصادر له بركوبها إنما هو للشفقة عليه فتوقف، فلما أغلظ إليه بادر إلى الامتثال‏.‏

وقيل لأنه كان أشرف على هلكة من الجهد‏.‏

وويل كلمة تقال لمن وقع في هلكة، فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب، فعلى هذا هي إخبار وقيل هي كلمة تدعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقوله لا أم لك، ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ‏"‏ ويحك ‏"‏ بدل ويلك، قال الهروي‏:‏ ويل يقال لمن وقع في هلكة يستحقها، وويح لمن وقع في هلكة لا يستحقها‏.‏

وفي الحديث تكرير الفتوى، والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر، وزجر من لم يبادر إلى ذلك وتوبيخه، وجواز مسايرة الكبار في السفر، وأن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها، واستنبط منه المصنف جواز انتفاع الواقف بوقفه، وهو موافق للجمهور في الأوقاف العامة أما الخاصة فالوقف على النفس لا يصح عند الشافعية ومن وافقهم كما سيأتي بيانه في مكانه إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا ثَلَاثًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أنس‏)‏ في رواية علي بن الجعد عن شعبة عند الإسماعيلي ‏"‏ سمعت أنس بن مالك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال اركبها ثلاثا‏)‏ كذا في رواية أبي ذر مختصرا وفي رواية غيره قال ‏"‏ إنها بدنة، قال اركبها‏.‏

قال إنها بدنة، قال اركبها‏.‏

ثلاثا ‏"‏ وكذا أخرجه أبو مسلم الكجي في السنن عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه، ومن طريقه أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج‏"‏‏.‏

وأخرجه الإسماعيلي عن أبي خليفة عن مسلم كذلك لكن قال في آخره ‏"‏ ويلك ‏"‏ بدل ‏"‏ ثلاثا ‏"‏ وللترمذي من طريق أبي عوانة عن قتادة ‏"‏ فقال له في الثالثة أو الرابعة‏:‏ اركبها ويحك أو ويلك ‏"‏ وللنسائي من طريق سعيد عن قتادة ‏"‏ قال في الرابعة‏:‏ اركبها ويلك‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14 Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 20, 2010 4:17 pm

*3* باب مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من ساق البدن معه‏)‏ أي من الحل إلى الحرم، قال المهلب‏:‏ أراد المصنف أن يعرف أن السنة في الهدي أن يساق من الحل إلى الحرم، فإن اشتراه من الحرم خرج به إذا حج إلى عرفة‏.‏

وهو قول مالك قال‏:‏ فإن لم يفعل فعليه البدل، وهو قول الليث‏.‏

وقال الجمهور‏:‏ إن وقف به بعرفة فحسن وإلا فلا بدل عليه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ ليس بسنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ساق الهدي من الحل لأن مسكنه كان خارج الحرم‏.‏

وهذا كله في الإبل، فأما البقر فقد يضعف عن ذلك، والغنم أضعف، ومن ثم قال مالك‏:‏ لا يساق إلا من عرفة أو ما قرب منها لأنها تضعف عن قطع طول المسافة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعًا فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ النَّاسِ وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عقيل‏)‏ في رواية مسلم من طريق شعيب بن الليث عن أبيه ‏"‏ حدثني عقيل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج‏)‏ قال المهلب‏:‏ معناه أمر بذلك، لأنه كان ينكر على أنس قوله أنه قرن ويقول بل كان مفردا، وأما قوله ‏"‏ وبدأ فأهل بالعمرة ‏"‏ فمعناه أمرهم بالتمتع، وهو أن يهلوا بالعمرة أولا ويقدموها قبل الحج، قال‏:‏ ولا بد من هذا التأويل لدفع التناقض عن ابن عمر‏.‏

قلت‏.‏

لم يتعين هذا التأويل المتعسف، وقد قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ أن حمل قوله ‏"‏ تمتع ‏"‏ على معنى أمر من أبعد التأويلات، والاستشهاد عليه بقوله رجم وإنما أمر بالرجم من أوهن الاستشهادات، لأن الرجم من وظيفة الإمام، والذي يتولاه إنما يتولاه نيابة عنه، وأما أعمال الحج من إفراد وقران وتمتع فإنه وظيفة كل أحد عن نفسه‏.‏

ثم أجاز تأويلا آخر وهو أن الراوي عهد أن الناس لا يفعلون إلا كفعله لا سيما مع قوله ‏"‏ خذوا عني مناسككم ‏"‏ فلما تحقق أن الناس تمتعوا ظن أنه عليه الصلاة والسلام تمتع فأطلق ذلك‏.‏

قلت‏:‏ ولم يتعين هذا أيضا، بل يحتمل أن يكون معنى قوله ‏"‏ تمتع ‏"‏ محمولا على مدلوله اللغوي وهو الانتفاع بإسقاط عمل العمرة والخروج إلى ميقاتها وغيرها، بل قال النووي‏.‏

أن هذا هو المتعين‏.‏

قال‏:‏ وقوله ‏"‏ بالعمرة إلى الحج ‏"‏ أي بإدخال العمرة على الحج، وقد قدمنا في ‏"‏ باب التمتع والقران ‏"‏ تقرير هذا التأويل، وإنما المشكل هنا قوله ‏"‏ بدأ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج ‏"‏ لأن الجمع بين الأحاديث الكثيرة في هذا الباب استقر كما تقدم على أنه بدأ أولا بالحج ثم أدخل عليه العمرة، وهذا بالعكس‏.‏

وأجيب عنه بأن المراد به صورة الإهلال، أي لما أدخل العمرة على الحج لبى بهما فقال‏:‏ لبيك بعمرة وحجة معا‏.‏

وهذا مطابق لحديث أنس المتقدم، لكن قد أنكر ابن عمر ذلك على أنس، فيحتمل أن يحمل إنكار ابن عمر عليه كونه أطلق أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما أي في ابتداء الأمر، ويعين هذا التأويل قوله في نفس الحديث ‏"‏ وتمتع الناس إلخ ‏"‏ فإن الذين تمتعوا إنما بدؤوا بالحج لكن فسخوا حجهم إلى العمرة حتى حلوا بعد ذلك بمكة ثم حجوا من عامهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فساق معه الهدي من ذي الحليفة‏)‏ أي من الميقات، وفيه الندب إلى سوق الهدي من المواقيت ومن الأماكن البعيدة، وهي من السنن التي أغفلها كثير من الناس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإنه لا يحل من شيء‏)‏ تقدم بيانه في حديث حفصة في ‏"‏ باب التمتع والقران‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقصر‏)‏ كذا لأبي ذر، وأما الأكثر فعندهم ‏"‏ وليقصر ‏"‏ وكذا في رواية مسلم، قال النووي‏:‏ معناه أنه يفعل الطواف والسعي والتقصير ويصير حلالا، وهذا دليل على أن الحلق أو التقصير نسك، وهو الصحيح، وقيل استباحة محظور‏.‏

قال‏:‏ وإنما أمره بالتقصير دون الحلق مع أن الحلق أفضل ليبقى له شعر يحلقه في الحج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وليحلل‏)‏ هو أمر معناه الخبر أي قد صار حلالا فله فعل كل ما كان محظورا عليه في الإحرام، ويحتمل أن يكون أمرا على الإباحة لفعل ما كان عليه حراما قبل الإحرام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم ليهل بالحج‏)‏ أي يحرم وقت خروجه إلى عرفة، ولهذا أتى بثم الدالة على التراخي، فلم يرد أن يهل بالحج عقب إهلاله من العمرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وليهد‏)‏ أي هدي التمتع وهو واجب بشروطه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج‏)‏ أي لم يجد الهدي بذلك المكان، ويتحقق ذلك بأن يعدم الهدي أو يعدم ثمنه حينئذ أو يجد ثمنه لكن يحتاج إليه لأهم من ذلك أو يجده لكن يمتنع صاحبه من بيعه أو يمتنع من بيعه إلا بغلائه فينقل إلى الصوم كما هو نص القرآن، والمراد بقوله ‏"‏ في الحج ‏"‏ أي بعد الإحرام به‏.‏

وقال النووي‏:‏ هذا هو الأفضل، فإن صامها قبل الإهلال بالحج أجزأه على الصحيح، وأما قبل التحلل من العمرة فلا على الصحيح قاله مالك وجوزه الثوري وأصحاب الرأي، وعلى الأول فمن استحب صيام عرفة بعرفة قال‏:‏ يحرم يوم السابع ليصوم السابع والثامن والتاسع وإلا فيحرم يوم السادس ليفطر بعرفة، فإن فاته الصوم قضاه، وقيل يسقط ويستقر الهدي في ذمته وهو قول الحنفية‏.‏

وفي صوم أيام التشريق لهذا قولان للشافعية أظهرهما لا يجوز، قال النووي‏:‏ وأصحهما من حيث الدليل الجواز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم خب‏)‏ تقدم الكلام عليه في ‏"‏ باب استلام الحجر الأسود ‏"‏ وتقدم الكلام على السعي في بابه، وقوله ‏"‏ثم سلم فانصرف فأتى الصفا ‏"‏ ظاهره أنه لم يتخلل بينهما عمل آخر، لكن في حديث جابر الطويل في صفة الحج عند مسلم ‏"‏ ثم رجع إلى الحجر فاستلمه ثم خرج من باب الصفا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم حل من كل شيء حرم منه‏)‏ تقدم أن سبب عدم إحلاله كونه ساق الهدي، وإلا لكان يفسخ الحج إلى العمرة ويتحلل منها كما أمر به أصحابه‏.‏

واستدل به على أن التحلل لا يقع بمجرد طواف القدوم خلافا لابن عباس وهو واضح، وقد تقدم البحث فيه‏.‏

وقوله ‏"‏وفعل مثل ما فعل ‏"‏ إشارة إلى عدم خصوصيته بذلك، وفيه مشروعية طواف القدوم للقارن والرمل فيه إن عقبه بالسعي، وتسمية السعي طوافا، وطواف الإفاضة يوم النحر، واستدل به على أن الحلق ليس بركن، وليس بواضح لأنه لا يلزم من ترك ذكره في هذا الحديث أن لا يكون وقع بل هو داخل في عموم قوله ‏"‏ حتى قضى حجه‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع بين قوله ‏"‏ وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وبين قوله ‏"‏ من أهدى وساق الهدي من الناس ‏"‏ في رواية أبي الوقت لفظ ‏"‏ باب ‏"‏ وقال ‏"‏ فيه عن عروة عن عائشة إلخ ‏"‏ وهو خطأ شنيع فإن قوله ‏"‏ من أهدى ‏"‏ فاعل قوله ‏"‏ وفعل ‏"‏ فالفصل بينهما بلفظ باب خطأ ويصير فاعل فعل محذوفا، وأغرب الكرماني فشرحه على أن فاعل فعل هو ابن عمر راوي الخبر، وأما أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ فساق الحديث بتمامه إلخ ثم أعاد هذا اللفظ بترجمة مستقلة، وساق حديث عائشة بالإسناد الذي قبله وقال في كل منهما ‏"‏ أخرجه البخاري عن يحيى بن بكير ‏"‏ وهذا غريب والأصوب ما رواه الأكثر، ووقع في رواية أبي الوليد الباجي عن أبي ذر بعد قوله ‏"‏ ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فاصلة صورتها ‏(‏‏.‏

‏)‏ وبعدها ‏"‏ من أهدى وساق الهدي من الناس ‏"‏ وعن عروة أن عائشة أخبرته‏.‏

قال أبو الوليد‏:‏ أمرنا أبو ذر أن نضرب على هذه الترجمة، يعني قوله ‏"‏ من أهدى وساق الهدي من الناس ‏"‏ انتهى‏.‏

وهو عجيب من أبي الوليد ومن شيخه، فإن قوله ‏"‏ من أهدى ‏"‏ هو صفة لقوله ‏"‏ وفعل ‏"‏ ولكنهما ظنا أنها ترجمة فحكما عليها بالوهم، وليس كذلك‏.‏

وكذا أخرجه مسلم من رواية شعيب فساق حديث ابن عمر إلى قوله ‏"‏ من الناس ‏"‏ ثم أعاد الإسناد بعينه إلى عائشة قال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمتعه بالحج إلى العمرة ‏"‏ وتمتع الناس معه بمثل الذي أخبرني سالم عن عبد الله ‏"‏ وقد تعقب المهلب قول الزهري ‏"‏ بمثل الذي أخبرني سالم ‏"‏ فقال‏:‏ يعني مثله في الوهم لأن أحاديث عائشة كلها شاهدة بأنه حج مفردا‏.‏

قلت‏:‏ وليس وهما إذ لا مانع من الجمع بين الروايتين بمثل ما جمعنا به بين المختلف عن ابن عمر بأن يكون المراد بالإفراد في حديثها البداءة بالحج وبالتمتع بالعمرة إدخالها على الحج، وهو أولى من توهيم جبل من جبال الحفظ‏.‏

والله أعلم‏.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)14
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)16
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)17
»  فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)18

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: