*3* باب هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى) مقصوده بالغير من كان له عذر من مرض أو شغل كالحطابين والرعاء.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ
الشرح:
قوله: (عن عبيد الله) هو ابن عمر العمري.
قوله: (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم) كذا اقتصر عليه وأحال به على ما بعده، ولفظه عند الإسماعيلي من طريق إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس المذكور في الإسناد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت بمكة أيام منى من أجل سقايته".
قوله في طريق ابن جريج (أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن) كذا اقتصر عليه أيضا وأحال به على ما بعده، ولفظه عند أحمد في مسنده عن محمد بن بكر المذكور في الإسناد " أذن للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل السقاية".
قوله: (تابعه أبو أسامة) أي تابع ابن نمير، وصله مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن عبيد الله ولفظه مثل رواية ابن نمير.
قوله: (وعقبة بن خالد) وصله عثمان بن أبي شيبة في مسنده عنه.
قوله: (وأبو ضمرة) يعني أنس بن عياض، وقد تقدم في " باب سقاية الحاج " في أثناء أبواب الطواف ولفظه مثل رواية ابن نمير، والنكتة في استظهار البخاري بهذه المتابعات بعد إيراده له من ثلاثة طرق لشك وقع في رواية يحيى بن سعيد القطان في وصله، فقد أخرجه أحمد عن يحيى عن عبيد الله عن نافع قال: ولا أعلمه إلا عن ابن عمر، قال الإسماعيلي: وقد وصله أيضا بغير شك موسى بن عقبة والدراوردي وعلي بن مسهر ومحمد بن فليح وغيرهم كلهم عن عبيد الله وأرسله ابن المبارك عن عبيد الله.
قلت: الظاهر أن عبيد الله كان ربما شك في وصله بدليل رواية يحيى القطان، وكأنه كان في أكثر أحواله يجزم بوصله بدليل رواية الجماعة، وفي الحديث دليل على وجوب المبيت بمنى وأنه من مناسك الحج لأن التعبير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة وأن الإذن وقع للعلة المذكورة، وإذا لم توجد أو ما في معناها لم يحصل الإذن، وبالوجوب قال الجمهور، وفي قول للشافعي ورواية عن أحمد وهو مذهب الحنفية أنه سنة ووجوب الدم بتركه مبني على هذا الخلاف ولا يحصل المبيت إلا بمعظم الليل، وهل يختص الإذن بالسقاية وبالعباس أو بغير ذلك من الأوصاف المعتبرة في هذا الحكم؟ فقيل يختص الحكم بالعباس وهو جمود، وقيل يدخل معه آله، وقيل قومه وهم بنو هاشم، وقيل كل من احتاج إلى السقاية فله ذلك.
ثم قيل أيضا يختص الحكم بسقاية العباس حتى لو عملت سقاية لغيره لم يرخص لصاحبها في المبيت لأجلها، ومنهم من عممه وهو الصحيح في الموضعين، والعلة في ذلك إعداد الماء للشاربين، وهل يختص ذلك بالماء أو يلتحق به ما في معناه من الأكل وغيره؟ محل احتمال.
وجزم الشافعية بإلحاق من له مال يخاف ضياعه أو أمر يخاف فوته أو مريض يتعاهده بأهل السقاية، كما جزم الجمهور بإلحاق الرعاء خاصة، وهو قول أحمد واختاره ابن المنذر، أعني الاختصاص بأهل السقاية والرعاء لإبل، والمعروف عن أحمد اختصاص العباس بذلك وعليه اقتصر صاحب المغني.
وقال المالكية: يجب الدم في المذكورات سوى الرعاء، قالوا: وهن ترك المبيت بغير عذر وجب عليه دم عن كل ليلة.
وقال الشافعي: عن كل ليلة إطعام مسكين، وقيل عنه التصدق بدرهم وعن الثلاث دم وهي رواية عن أحمد، والمشهور عنه وعن الحنفية لا شيء عليه، وقد تقدم الكلام على سقاية العباس في الباب المشار إليه في أول الكلام على هذا الباب.
وفي الحديث أيضا استئذان الأمراء والكبراء فيما يطرأ من المصالح والأحكام وبدار من استؤمر إلى الأذن عند ظهور المصلحة.
والمراد بأيام منى ليلة الحادي عشر واللتين بعده، ووقع في رواية روح عن ابن جريج عند أحمد أن مبيت تلك الليلة بمنى، وكأنه عنى ليلة الحادي عشر لأنها تعقب يوم الإفاضة، وأكثر الناس يفيضون يوم النحر ثم في الذي يليه وهو الحادي عشر.
والله أعلم.
*3* باب رَمْيِ الْجِمَارِ حذف التشكيل
وَقَالَ جَابِرٌ رَمَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ
الشرح:
قوله: (باب رمي الجمار) أي وقت رميها أو حكم الرمي، وقد اختلف فيه: فالجمهور على أنه واجب يجبر تركه بدم، وعند المالكية سنة مؤكدة فيجبر، وعندهم رواية أن رمي جمرة العقبة ركن يبطل الحج بتركه، ومقابله قول بعضهم إنها إنما تشرع حفظا للتكبير فإن تركه وكبر أجزأه حكاه ابن جرير عن عائشة وغيرها.
قوله: (وقال جابر رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى.
الحديث) وصله مسلم وابن خزيمة وابن حبان من طريق ابن جريج " أخبرني أبو الزبير عن جابر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة ضحى يوم النحر وحده، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس " ورواه الدارمي عن عبيد الله بن موسى عن ابن جريج بلفظ التعليق، لكن قال " وبعد ذلك عند زوال الشمس " ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن عيسى بن يونس عن ابن جريج " أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا " فذكره.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَتَى أَرْمِي الْجِمَارَ قَالَ إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِهْ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ كُنَّا نَتَحَيَّنُ فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ رَمَيْنَا
الشرح:
قوله: (عن وبرة) بفتح الواو والموحدة، هو ابن عبد الرحمن المسلي بضم الميم وسكون المهملة بعدها لام كوفي ثقة، رجال الإسناد إلى ابن عمر كوفيون.
قوله: (متى أرمي الجمار) يعني في غير يوم الأضحى.
قوله: (فارمه) بهاء ساكنة للسكت، وقوله: (إذا رمى إمامك فارمه) يعني الأمير الذي على الحج، وكأن ابن عمر خاف عليه أن يخالف الأمير فيحصل له منه ضرر فلما أعاد عليه المسألة لم يسعه الكتمان فأعلمه بما كانوا يفعلونه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه ابن عيينة عن مسعر بهذا الإسناد فقال فيه " فقلت له أرأيت إن أخر إمامي " أي الرمي فذكر له الحديث أخرجه ابن أبي عمر في مسنده عنه ومن طريقه الإسماعيلي، وفيه دليل على أن السنة أن يرمي الجمار في غير يوم الأضحى بعد الزوال وبه قال الجمهور، وخالف فيه عطاء وطاوس فقالا: يجوز قبل الزوال مطلقا، ورخص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل الزوال.
وقال إسحاق: إن رمى قبل الزوال أعاد، إلا في اليوم الثالث فيجزئه.
*3* باب رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب رمي الجمار من بطن الوادي) كأنه أشار بذلك إلى رد ما رواه ابن أبي شيبة وغيره عن عطاء " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلو إذا رمى الجمرة " لكن يمكن الجمع بين هذا وبين حديث الباب بأن التي ترمى من بطن الوادي هي جمرة العقبة لكونها عند الوادي بخلاف الجمرتين الأخريين، ويوضح ذلك قوله في حديث ابن مسعود في الطريق الآتية بعد باب بلفظ " حين رمى جمرة العقبة " وكذا روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون عن عمر " أنه رمى جمرة العقبة في السنة التي أصيب فيها وفي غيرها من بطن الوادي " ومن طريق الأسود " رأيت عمر رمى جمرة العقبة من فوقها " وفي إسناد هذا الثاني حجاج بن أرطأة وفيه ضعف، وسنذكر بقية الكلام عليه هناك.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ رَمَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقِهَا فَقَالَ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ بِهَذَا
الشرح:
قوله: (وقال عبد الله بن الوليد) هو العدني هكذا رويناه موصولا في " جامع سفيان الثوري " رواية العدني عنه من طريق عبد الرحمن بن منده بإسناده إلى عبد الله بن الوليد، وفائدة هذا التعليق بيان سماع سفيان وهو الثوري له من الأعمش.
وتمتاز جمرة العقبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء: اختصاصها بيوم النحر، وأن لا يوقف عندها، وترمى ضحى، ومن أسفلها استحبابا.