foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:42 pm

*3* باب مَنْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَسَمَّاهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من لبى بالحج وسماه‏)‏ أورد فيه حديث جابر مختصرا من طريق مجاهد عنه وهو بين فيما ترجم له، ويؤخذ منه فسخ الحج إلى العمرة‏.‏

وقد ذهب الجمهور إلى أنه منسوخ، وذهب ابن عباس إلى أنه محكم وبه قال أحمد وطائفة يسيرة‏.‏

*3* باب التَّمَتُّعِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ كذا في رواية أبي ذر، وسقط لغيره ‏"‏ على عهد إلخ ‏"‏ ولبعضهم ‏"‏ باب ‏"‏ بغير ترجمة، وكذا ذكره الإسماعيلي، والأول أولى‏.‏

وفي الترجمة إشارة إلى الخلاف في ذلك وإن كان الأمر استقر بعد على الجواز‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ عَنْ عِمْرَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ تَمَتَّعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني مطرف‏)‏ هو ابن عبد الله بن الشخير، ورجال الإسناد كلهم بصريون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمران‏)‏ هو ابن حصين الخزاعي، ولمسلم من طريق شعبة عن قتادة عن مطرف ‏"‏ بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال‏:‏ إني كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونزل القرآن‏)‏ أي بجوازه يشير إلى قوله تعالى ‏(‏فمن تمتع بالعمرة إلى الحج‏)‏ الآية‏.‏

ورواه مسلم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام بلفظ ‏"‏ ولم ينزل فيه القرآن ‏"‏ أي بمنعه، وتوضحه رواية مسلم الأخرى من طريق شعبة وسعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة بلفظ ‏"‏ ثم لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبي الله ‏"‏ وزاد من طريق شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف ‏"‏ ولم ينزل فيه القرآن بحرمة ‏"‏ وله من طريق أبي العلاء عن مطرف ‏"‏ فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم تنه عنه حتى مضى لوجهه ‏"‏ وللإسماعيلي من طريق عفان عن همام ‏"‏ تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فيه القرآن ولم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينسخها شيء ‏"‏ وقد أخرجه المصنف في تفسير البقرة من طريق أبي رجاء العطاردي عن عمران بلفظ ‏"‏ أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل قرآن بحرمة فلم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال رجل برأيه ما شاء‏)‏ وفي رواية أبي العلاء ‏"‏ ارتأى كل امرئ بعدما شاء أن يرتئي ‏"‏ قائل ذلك هو عمران بن حصين، ووهم من زعم أنه مطرف الراوي عنه لثبوت ذلك في رواية أبي رجاء عن عمران كما ذكرته قبل، وحكى الحميدي أنه وقع البخاري في رواية أبي رجاء عن عمران قال البخاري يقال إنه عمر، أي الرجل الذي عناه عمران بن حصين، ولم أر هذا في شيء من الطرق التي اتصلت لنا من البخاري، لكن نقله الإسماعيلي عن البخاري كذلك فهو عمدة الحميدي في ذلك، وبهذا جزم القرطبي والنووي وغيرهما، وكأن البخاري أشار بذلك إلى رواية الجريري عن مطرف فقال في آخره ‏"‏ ارتأى رجل برأيه ما شاء ‏"‏ يعني عمر، كذا في الأصل أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم عن وكيع عن الثوري عنه‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ يحتمل أن يريد عمر أو عثمان، وأغرب الكرماني فقال‏:‏ ظاهر سياق كتاب البخاري أن المراد به عثمان، وكأنه لقرب عهده بقصة عثمان مع علي جزم بذلك، وذلك غير لازم فقد سبقت قصة عمر مع أبي موسى في ذلك، ووقعت لمعاوية أيضا مع سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم قصة في ذلك، والأولى أن يفسر بعمر فإنه أول من نهى عنها وكأن من بعده كان تابعا له في ذلك، وفي مسلم أيضا أن ابن الزبير كان ينهى عنها وابن عباس يأمر بها، فسألوا جابرا فأشار إلى أن أول من نهى عنها عمر، ثم في حديث عمران هذا ما يعكر على عياض وغيره في جزمهم أن المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان هي فسخ الحج إلى العمرة لا العمرة التي يحج بعدها، فإن في بعض طرقه عند مسلم التصريح بكونها متعة الحج‏.‏

وفي رواية له أيضا ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمر بعض أهله في العشر ‏"‏ وفي رواية له ‏"‏ جمع بين حج وعمرة ‏"‏ ومراده التمتع المذكور وهو الجمع بينهما في عام واحد كما سيأتي صريحا في الباب بعده في حديث ابن عباس، وقد تقدم البحث فيه في حديث أبي موسى‏.‏

وفيه من الفوائد أيضا جواز نسخ القرآن بالقرآن ولا خلاف فيه، وجواز نسخه بالسنة وفيه اختلاف شهير، ووجه الدلالة منه قوله ‏"‏ ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فإن مفهومه أنه لو نهى عنها لامتنعت ويستلزم رفع الحكم ومقتضاه جواز النسخ، وقد يؤخذ منه أن الإجماع لا ينسخ به لكونه حصر وجوه المنع في نزول آية أو نهي من النبي صلى الله عليه وسلم وفيه وقوع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة، وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حذف التشكيل

وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَّاءُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَقَالَ أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ وَقَالَ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى أَمْصَارِكُمْ الشَّاةُ تَجْزِي فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ وَسَنَّهُ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ اللَّهُ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي وَالْجِدَالُ الْمِرَاءُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام‏)‏ أي تفسير قوله، وذلك في الآية إشارة إلى التمتع لأنه سبق فيها ‏(‏فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي‏)‏ إلى أن قال ‏(‏ذلك‏)‏ ‏.‏

واختلف السلف في المراد بحاضري المسجد فقال نافع والأعرج‏:‏ هم أهل مكة بعينها وهو قول مالك واختاره الطحاوي ورجحه‏.‏

وقال طاوس وطائفة‏:‏ هم أهل الحرم وهو الظاهر‏.‏

وقال مكحول‏:‏ من كان منزله دون المواقيت وهو قول الشافعي في القديم‏.‏

وقال في الجديد‏:‏ من كان من مكة على دون مسافة القصر، ووافقه أحمد‏.‏

وقال مالك‏:‏ أهل مكة ومن حولها سوى أهل المناهل كعسفان وسوى أهل منى وعرفة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو كامل‏)‏ وصله الإسماعيلي قال ‏"‏ حدثنا القاسم المطرز حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو كامل ‏"‏ فذكره بطوله لكنه قال ‏"‏ عثمان بن سعد ‏"‏ بدل عثمان بن غياث وكلاهما بصري وله رواية عن عكرمة، لكن عثمان بن غياث ثقة وعثمان بن سعد ضعيف، وقد أشار الإسماعيلي إلى أن شيخه القاسم وهم في قوله عثمان بن سعد، ويؤيده أن أبا مسعود الدمشقي ذكر في ‏"‏ الأطراف ‏"‏ أنه وجده من رواية مسلم بن الحجاج عن أبي كامل كما ساقه البخاري قال‏:‏ فأظن البخاري أخذه عن مسلم لأنني لم أجده إلا من رواية مسلم، كذا قال وتعقب باحتمال أن يكون البخاري أخذه عن أحمد بن سنان فإنه أحد مشايخه، ويحتمل أيضا أن يكون أخذه عن أبي كامل نفسه فإنه أدركه وهو من الطبقة الوسطى من شيوخه ولم نجد له ذكرا في كتابه غير هذا الموضع‏.‏

وأبو معشر البراء اسمه يوسف بن يزيد والبراء بالتشديد نسبة له إلى بري السهام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما قدمنا مكة‏)‏ أي قربها لأن ذلك كان بسرف كما تقدم عن عائشة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة‏)‏ الخطاب بذلك لمن كان أهل بالحج مفردا كما تقدم واضحا عن عائشة أنهم كانوا ثلاث فرق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طفنا‏)‏ في رواية الأصيلي ‏"‏ فطفنا ‏"‏ بزيادة فاء وهو الوجه، ووجه الأول بالحمل على الاستئناف أو هو جواب لما وقال جملة حالية وقد مقدرة فيها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونسكنا المناسك‏)‏ أي من الوقوف والمبيت وغير ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأتينا النساء‏)‏ المراد به غير المتكلم لأن ابن عباس لم يكن إذ ذاك بالغا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عشية التروية‏)‏ أي بعد الظهر ثامن ذي الحجة، وفيه حجة على من استحب تقديمه على يوم التروية كما نقل عن الحنفية، وعن الشافعية يختص استحباب يوم التروية بعد الزوال بمن ساق الهدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقد تم حجنا‏)‏ للكشميهني ‏"‏ وقد ‏"‏ بالواو‏.‏

ومن هنا إلى آخر الحديث موقوف على ابن عباس، ومن هنا إلى أوله مرفوع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فصيام ثلاثة أيام في الحج‏)‏ سيأتي عن ابن عمر وعائشة موقوفا أن آخرها يوم عرفة فإن لم يفعل صام أيام مني أي الثلاثة التي بعد يوم النحر وهي أيام التشريق، وبه قال الزهري والأوزاعي ومالك والشافعي في القديم، ثم رجع عنه وأخذ بعموم النهي عن صيام أيام التشريق‏.‏


قوله‏:‏ ‏(‏وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم‏)‏ كذا أورده ابن عباس، وهو تفسير منه للرجوع في قوله تعالى ‏(‏إذا رجعتم‏)‏ ويوافقه حديث ابن عمر الأتي في ‏"‏ باب من ساق البدن معه ‏"‏ من طريق عقيل عن الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعا ‏"‏ قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل ‏"‏ إلى أن قال ‏"‏ فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ‏"‏ وهذا قول الجمهور، وعن الشافعي معناه الرجوع إلى مكة، وعبر عنه مرة بالفراغ من أعمال الحج، ومعنى الرجوع التوجه من مكة فيصومها في الطريق إن شاء وبه قال إسحاق بن راهويه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الشاة تجزي‏)‏ أي عن الهدي، وهي جملة حالية وقعت بدون واو وسيأتي في أبواب الهدي بيان ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بين الحج والعمرة‏)‏ بيان للمراد بقوله ‏"‏ فجمعوا النسكين ‏"‏ وهو بإسكان السين قال الجوهري النسك بالإسكان العبادة وبالضم الذبيحة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن الله أنزله‏)‏ أي الجمع بين الحج والعمرة وأخذ بقوله‏:‏ ‏(‏فمن تمتع بالعمرة إلى الحج‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسنه نبيه‏)‏ أي شرعه حيث أمر أصحابه به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏غير أهل مكة‏)‏ بنصب غير ويجوز كسره، وذلك إشارة إلى التمتع، وهذا مبني على مذهبه بأن أهل مكة لا متعة لهم وهو قول الحنفية، وعند غيرهم أن الإشارة إلى حكم التمتع وهو الفدية فلا يجب على أهل مكة بالتمتع دم إذا أحرموا من الحل بالعمرة، وأجاب الكرماني بجواب ليس طائلا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏التي ذكر الله‏)‏ أي بعد آية التمتع حيث قال ‏(‏الحج أشهر معلومات‏)‏ وقد تقدم نقل الخلاف في ذي الحجة هل هو بكماله أو بعضه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فمن تمتع في هذه الأشهر‏)‏ ليس لهذا القيد مفهوم لأن الذي يعتمر في غير أشهر الحج لا يسمى متمتعا ولا دم عليه وكذلك المكي عند الجمهور، وخالفه فيه أبو حنيفة كما تقدم والله أعلم‏.‏

ويدخل في عموم قوله ‏"‏ فمن تمتع ‏"‏ من أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ثم حج منها وبه قال الحسن البصري، وهو مبني على أن التمتع إيقاع العمرة في أشهر الحج فقط، والذي ذهب إليه الجمهور أن التمتع أن يجمع الشخص الواحد بينهما في سفر واحد في أشهر الحج في عام واحد وأن يقدم العمرة وأن لا يكون مكيا، فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والجدال المراء‏)‏ روى ابن أبي نسيبة من طريق مقسم عن ابن عباس قال ‏"‏ ولا جدال في الحج‏:‏ تماري صاحبك حتى تغضبه ‏"‏ وكذا أخرجه عن ابن عمر مثله، ومن طريق عكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن يسار وغيرهم نحو قول ابن عباس‏.‏

وأخرج من طريق عبد العزيز بن رفيع عن مجاهد قال‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏ ولا جدال في الحج ‏"‏ قال‏:‏ قد استقام أمر الحج‏.‏

ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ قد صار الحج في ذي الحجة لا شهر ينسأ ولا شك في الحج، لأن أهل الجاهلية كانوا يحجون في غير ذي الحجة‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:43 pm

*3* باب الِاغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الاغتسال عند دخول مكة‏)‏ قال ابن المنذر‏:‏ الاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء وليس في تركه عندهم فدية‏.‏

وقال أكثرهم يجزئ منه الوضوء‏.‏

وفي ‏"‏ الموطأ ‏"‏ أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام، وظاهره أن غسله لدخول مكة كان لجسده دون رأسه‏.‏

وقال الشافعية إن عجز عن الغسل تيمم‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ لم يذكر أصحابنا الغسل لدخول مكة وإنما ذكروه للطواف، والغسل لدخول مكة هو في الحقيقة للطواف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طِوًى ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم يبيت بذي طوى‏)‏ بضم الطاء وبفتحها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويغتسل‏)‏ أي به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان يفعل ذلك‏)‏ يحتمل أن الإشارة به إلى الفعـل الأخير وهو الغسل وهو مقصود الترجمة، ويحتمل أنها إلى الجميع وهو الأظهر، فسيأتي في الباب الذي يليه ذكر المبيت فقط مرفوعا من رواية أخرى عن ابن عمر، تقدم الحديث بأتم من هذا في ‏"‏ باب الإهلال مستقبل القبلة‏"‏‏.‏

*3* باب دُخُولِ مَكَّةَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا حذف التشكيل

بَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي طِوًى حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب دخول مكة نهارا أو ليلا‏)‏ أورد فيه حديث ابن عمر في المبيت بذي طوى حتى يصبح، وهو ظاهر في الدخول نهارا، وقد أخرجه مسلم من طريق أيوب عن نافع بلفظ ‏"‏ كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا ‏"‏ وأما الدخول ليلا فلم يقع منه صلى الله عليه وسلم إلا في عمرة الجعرانة فإنه صلى الله عليه وسلم أحرم من الجعرانة ودخل مكة ليلا فقضى أمر العمرة ثم رجع ليلا فأصبح بالجعرانة كبائت كما رواه أصحاب السنن الثلاثة من حديث محرش الكعبي، وترجم عليه النسائي ‏"‏ دخول مكة ليلا ‏"‏ وروى سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي قال‏:‏ كانوا يستحبون أن يدخلوا مكة نهارا ويخرجوا منها ليلا‏.‏

وأخرج عن عطاء‏:‏ إن شئتم فادخلوا ليلا، إنكم لستم كرسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه كان إماما فأحب أن يدخلها نهارا ليراه الناس انتهى، وقضية هذا أن من كان إماما يقتدى به استحب له أن يدخلها نهارا‏.‏

*3* باب مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من أين يدخل مكة‏)‏ أورد فيه حديث مالك عن نافع عن ابن عمر قال ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى ‏"‏ أخرجه عن إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى عنه، وليس هو في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ ولا رأيته في ‏"‏ غرائب مالك للدارقطني ‏"‏ ولم أقف عليه إلا من رواية معن بن عيسى، وقد تابع إبراهيم بن المنذر عليه عبد الله بن جعفر البرمكي، وقد عز على الإسماعيلي استخراجه فأخرجه عن ابن ناجية عن البخاري مثله وزاد في آخره ‏"‏ يعني ثنيتي مكة ‏"‏ وهذه الزيادة قد أخرجها أيضا أبو داود حيث أخرج الحديث عن عبد الله بن جعفر البرمكي عن معن بن عيسى مثله، وقد ذكره المصنف في الباب الذي بعده من طريق أخرى عن نافع وسياقه أبين من سياق مالك‏.‏

*3* بَاب مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حذف التشكيل

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ وَخَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ كَانَ يُقَالُ هُوَ مُسَدَّدٌ كَاسْمِهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ لَوْ أَنَّ مُسَدَّدًا أَتَيْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثْتُهُ لَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ وَمَا أُبَالِي كُتُبِي كَانَتْ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ مُسَدَّدٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏من كداء‏)‏ بفتح الكاف والمد قال أبو عبيد‏.‏

لا يصرف‏.‏

وهذه الثنية هي التي ينزل منها إلى المعلى مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها الحجون بفتح المهملة وضم الجيم، وكانت صعبة المرتقى فسهلها معاوية ثم عبد الملك ثم المهدي على ما ذكره الأزرقي، ثم سهل في عصرنا هذا منها سنة إحدى عشرة وثمانمائة موضع، ثم سهلت كلها في زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدود العشرين وثمانمائة، وكل عقبة في جبل أو طريق عال فيه تسمى ثنية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الثنية السفلى‏)‏ ذكر في ثاني حديثي الباب ‏"‏ وخرج من كدا ‏"‏ وهو بضم الكاف مقصور وهي عند باب شبيكة بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان، وكان بناء هذا الباب عليها في القرن السابع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ وَخَرَجَ مِنْ كُدًا مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏من أعلى مكة‏)‏ كذا رواه أبو أسامة فقلبه، والصواب ما رواه عمرو وحاتم عن هشام‏:‏ ‏"‏ دخل من كداء من أعلى مكة ‏"‏ ثم ظهر لي أن الوهم فيه ممن دون أبي أسامة، فقد رواه أحمد عن أبي أسامة على الصواب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ أَعْلَى مَكَّةَ قَالَ هِشَامٌ وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ عَلَى كِلْتَيْهِمَا مِنْ كَدَاءٍ وَكُدًا وَأَكْثَرُ مَا يَدْخُلُ مِنْ كَدَاءٍ وَكَانَتْ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال هشام‏)‏ هو ابن عروة بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان عروة يدخل من كلتيهما‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ على ‏"‏ بدل من‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأكثر ما يدخل من كدا‏)‏ بالضم والقصر للجميع وكذا في رواية حاتم ووهيب وهي الطريقة الرابعة لحديث عائشة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكانت أقربهما إلى منزله‏)‏ فيه اعتذار هشام لأبيه لكونه روى الحديث وخالفه لأنه رأى أن ذلك ليس بحتم لازم وكان ربما فعله وكثيرا ما يفعل غيره بقصد التيسير، قال عياض والقرطبي وغيرهما‏:‏ اختلف في ضبط كداء وكدا فالأكثر على أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالضم والقصر وقيل بالعكس‏.‏

قال النووي‏:‏ وهو غلط‏.‏

قالوا‏:‏ واختلف في المعني الذي لأجله خالف صلى الله عليه وسلم بين طريقيه فقيل‏:‏ ليتبرك به كل من في طريقه، فذكر شيئا مما تقدم في العيد وقد استوعبت ما قيل فيه هناك، وبعضه لا يتأتى اعتباره هنا والله أعلم‏.‏

وقيل‏:‏ الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان وعكسه الإشارة إلى فراقه، وقيل‏:‏ لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها، وقيل‏:‏ لأنه صلى الله عليه وسلم خرج منها متخفيا في الهجرة فأراد أن يدخلها ظاهرا عاليا، وقيل‏:‏ لأن من جاء من تلك الجهة كان مستقبلا للبيت، ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعباس‏:‏ لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت ما هذا‏؟‏ قال شيء طلع بقلبي وإن الله لا يطلع الخيل هناك أبدا، قال العباس‏:‏ فذكرت أبا سفيان بذلك لما دخل وللبيهقي من حديث ابن عمر قال ‏"‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر‏:‏ كيف قال حسان‏؟‏ فأنشده‏:‏ عدمت بنيتي إن لم تروها تثير النقع مطلعها كداء فتبسم وقال‏:‏ ادخلوها من حيث قال حسان‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ حكى الحميدي عن أبي العباس العذري أن بمكة موضعا ثالثا يقال لها كدي وهو بالضم والتصغير يخرج منه إلى جهة اليمن، قال المحب الطبري‏:‏ حققه العذري عن أهل المعرفة بمكة، قال‏:‏ وقد بني عليها باب مكة الذي يدخل منه أهل اليمن‏.‏

‏(‏تنبيهات‏)‏ ‏:‏ أولها محمود في الطريق الثانية من حديث عائشة هو ابن غيلان، وعمرو في الطريق الثالثة هو ابن الحارث، وأحمد في أول الإسناد لم أره منسوبا في شيء من الروايات، وقد تقدم في أوائل الحج أحمد عن ابن وهب وأنه أحمد بن عيسى فيشبه أن يكون هو المذكور هنا، وحاتم في الطريق الثالثة هو ابن إسماعيل‏.‏

‏(‏التنبيه الثاني‏)‏ ‏:‏ اختلف على هشام بن عروة في وصل هذا الحديث وإرساله، وأورد البخاري الوجهين مشيرا إلى أن رواية الإرسال لا تقدح في رواية الوصل لأن الذي وصله حافظ وهو ابن عيينة وقد تابعه ثقتان، ولعله إنما أورد الطريقين المرسلين ليستظهر بهما على وهم أبي أسامة الذي أشرت إليه أولا‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ ‏:‏ وقع في رواية المستملي وحده في آخر الباب ‏"‏ قال أبو عبد الله‏:‏ كداء وكدا موضعان ‏"‏ والمراد بأبي عبد الله المصنف، وهذا تفسير غير مفيد فمعلوم أنهما موضعان بمجرد السياق، وقد يسر الله بنقل ما فيها من ضبط وتعيين جهة كل منهما‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:45 pm

*3* باب فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا حذف التشكيل

وَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل مكة وبنيانها وقوله تعالى ‏(‏وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا‏)‏ فساق الآيات إلى قوله التواب الرحيم‏)‏ كذا في رواية كريمة، وساق الباقون بعض الآية الأولى، ولأبي ذر كلها ثم قال‏:‏ إلى قوله التواب الرحيم‏.‏

ثم ساق المصنف في الباب حديث جابر في بناء الكعبة، وحديث عائشة في ذلك من أربعة طرق، وليس في الآيات ولا الحديث ذكر لبنيان مكة لكن بنيان الكعبة كان سبب بنيان مكة وعمارتها فاكتفى به‏.‏

واختلف في أول من بنى الكعبة كما سيأتي في أحاديث الأنبياء في الكلام على حديث أبي ذر أي مسجد وضع في الأرض أول، وكذا قصة بناء إبراهيم وإسماعيل لها يأتي في أحاديث الأنبياء، ويقتصر هنا على قصة بناء قريش لها وعلى قصة بناء ابن الزبير وما غيره الحجاج بعده لتعلق ذلك بحديثي الباب‏.‏

والبيت اسم غالب للكعبة كالنجم للثريا، وقوله تعالى ‏(‏مثابة‏)‏ أي مرجعا للحجاج والعمار يتفرقون عنه ثم يعودون إليه، روى عبد بن حميد بإسناد جيد عن مجاهد قال ‏"‏ يحجون ثم يعودون ‏"‏ وهو مصدر وصف به الموضع، وقوله‏:‏ ‏(‏وأمنا‏)‏ أي موضع أمن وهو كقوله‏:‏ ‏(‏أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا‏)‏ والمراد ترك القتال فيه كما سيأتي شرحه في الكلام على حديث الباب الذي بعده‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى‏)‏ أي وقلنا اتخذوا منه موضع صلاة، ويجوز أن يكون معطوفا على اذكروا نعمتي أو على معنى مثابة أي ثوبوا إليه واتخذوا، والأمر فيه للاستحباب بالاتفاق‏.‏

وقرأ نافـع وابن عامر ‏(‏واتخذوا‏)‏ بلفظ الماضي عطفا على ‏(‏جعلنا‏)‏ أو على تقدير إذ أي إذ جعلنا وإذ اتخذوا، ومقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدميه على الأصح، وسيأتي شرحه في قصة إبراهيم من أحاديث الأنبياء، وعن عطاء مقام إبراهيم عرفة وغيرها من المناسك لأنه قام فيها ودعا‏.‏

وعن النخعي الحرم كله‏.‏

وكذا رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من ذلك في أوائل كتاب الصلاة‏.‏

‏(‏والركع السجود‏)‏ استدل به على جواز صلاة الفرض والنفل داخل البيت، وخالف مالك في الفرض‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اجعل هذا بلدا آمنا‏)‏ يأتي الكلام عليه في حديث ‏"‏ إن إبراهيم حرم مكة ‏"‏ وأنه لا يعارض حديث ‏"‏ أن الله حرم هذا البلد يوم خلق السموات والأرض ‏"‏ لأن معني الأول أن إبراهيم أعلم الناس بذلك، والثاني ما سبق من تقدير الله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏من آمن‏)‏ بدل من أهله أي وارزق المؤمنين من أهله خاصة ‏(‏ومن كفر‏)‏ عطف على من آمن قيل قاس إبراهيم الرزق على الإمامة فعرف الفرق بينهما وإن الرزق قد يكون استدراجا وإلزاما للحجة، وسيأتي الكلام على القواعد في تفسير البقرة وأنها الأساس، وظاهره أنه كان مؤسسا قبل إبراهيم، ويحتمل أن يكون المراد بالرفع نقلها من مكانها إلى مكان البيت كما سيأتي عند نقل الاختلاف في ذلك إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله ‏(‏ربنا تقبل منا‏)‏ أي يقولان ربنا تقبل منا، قد أظهره ابن مسعود في قراءته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأرنا مناسكنا‏)‏ قال عبد بن حميد‏:‏ حدثنا يزيد بن هارون حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز قال لما فرغ إبراهيم من البيت أتاه جبريل فأراه الطواف بالبيت سبعا قال وأحسبه وبين الصفا والمروة، ثم أتى به عرفة فقال‏:‏ أعرفت‏؟‏ قال نعم، قال‏:‏ فمن ثم سميت عرفات‏.‏

ثم أتى به جمعا فقال‏:‏ هاهنا يجمع الناس الصلاة‏.‏

ثم أتى به منى فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع حصيات فقال ارمه بها وكبر مع كل حصاة‏.‏

قوله‏.‏

‏(‏وتب علينا‏)‏ قيل طلبا الثبات على الإيمان لأنهما معصومان، وقيل أراد أن يعرف الناس أن ذلك الموقف مكان التوبة، وقيل المعني وتب على من اتبعنا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا بُنِيَتْ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ أَرِنِي إِزَارِي فَشَدَّهُ عَلَيْهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عبد الله بن محمد‏)‏ هو الجعفي، وهذا أحد الأحاديث التي أخرجها البخاري عن شيخه أبي عاصم النبيل بواسطة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما بنيت الكعبة‏)‏ هذا من مرسل الصحابي لأن جابرا لم يدرك هذه القصة، فيحتمل أن يكون سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم أو ممن حضرها من الصحابة، وقد روى الطبراني وأبو نعيم في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير قال ‏"‏ سألت جابرا هل يقوم الرجل عريانا‏؟‏ فقال‏:‏ أخبرني النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما انهدمت الكعبة نقل كل بطن من قريش وأن النبي صلى الله عليه وسلم نقل مع العباس، وكانوا يضعون ثيابهم على العواتق يتقوون بها - أي على حمل الحجارة - فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فاعتقلت رجلي فخررت وسقط ثوبي فقلت للعباس‏:‏ هلم ثوبي، فلست أتعرى بعدها إلا إلى الغسل ‏"‏ لكن ابن لهيعة ضعيف، وقد تابعه عبد العزيز بن سليمان عن أبي الزبير ذكره أبو نعيم فإن كان محفوظا وإلا فقد حضره من الصحابة العباس كما في حديث الباب، فلعل جابرا حمله عنه‏.‏

وروى الطبراني أيضا، والبيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق عمرو بن أبي قيس، والطبري في التهذيب من طريق هارون بن المغيرة، وأبو نعيم في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ من طريق قيس بن الربيع، وفي ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق شعيب بن خالد كلهم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس حدثني أبي العباس بن عبد المطلب قال ‏"‏ لما بنت قريش الكعبة انفردت رجلين رجلين ينقلون الحجارة، فكنت أنا وابن أخي، جعلنا نأخذ أزرنا فنضعها على مناكبنا ونجعل عليها الحجارة، فإذا دنونا من الناس لبسنا أزرنا، فبينما هو أمامي إذ صرع فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء قال فقلت لابن أخي‏:‏ ما شأنك‏؟‏ قال‏:‏ نهيت أن أمشي عريانا قال فكتمته حتى أظهر الله نبوته ‏"‏ تابعه الحكم بن أبان عن عكرمة أخرجه أبو نعيم أيضا، وروى ذلك أيضا عن طريق النضر أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس ليس فيه العباس وقال في آخره ‏"‏ فكان أول شيء رأى من النبوة ‏"‏ والنضر ضعيف، وقد خبط في إسناده وفي متنه، فإنه جعل القصة في معالجة زمزم بأمر أبي طالب وهو غلام، وكذا روى ابن إسحاق في ‏"‏ السيرة ‏"‏ عن أبيه عمن حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ إني لمع غلمان هم أسناني قد جعلنا أزرنا على أعناقنا لحجارة ننقلها إذ لكمني لاكم لكمة شديدة ثم قال‏:‏ اشدد عليك إزارك ‏"‏ فكأن هذه قصة أخرى، واغتر بذلك الأزرقي فحكى قولا ‏"‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم لما بنيت الكعبة كان غلاما ‏"‏ ولعل عمدته في ذلك ما سيأتي عن معمر عن الزهري، ولحديث معمر شاهد من حديث أبي الطفيل أخرجه عبد الرزاق ومن طريقه الحاكم والطبراني قال ‏"‏ كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيها مدر، وكانت قدر ما يقتحمها العناق، وكانت ثيابها توضع عليها تسدل سدلا، وكانت ذات ركنين كهيئة هذه الحلقة‏:‏ صلى الله عليه وسلم2، فأقبلت سفينة من الروم، حتى إذا كانوا قريبا من جدة انكسرت، فخرجت قريش لتأخذ خشبها فوجدوا الرومي الذي فيها نجارا فقدموا به بالخشب ليبنوا به البيت، فكانوا كلما أرادوا القرب منه لهدمه بدت لهم حية فاتحة فاها، فبعث الله طيرا أعظم من النسر فغرز مخالبه فيها فألقاها نحو أجياد، فهدمت قريش الكعبة وبنوها بحجارة الوادي، فرفعوها في السماء عشرين ذراعا‏.‏

فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يحمل الحجارة من أجياد وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة فذهب يضعها على عاتقه فبدت عورته من صغرها، فنودي‏:‏ يا محمد خمر عورتك، فلم ير عريانا بعد ذلك، وكان بين ذلك وبين المبعث خمس سنين ‏"‏ قال معمر‏:‏ وأما الزهري فقال ‏"‏ لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لحلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة فاحترقت، فتشاورت قريش في هدمها وهابوه، فقال الوليد‏:‏ إن الله لا يهلك من يريد الإصلاح، فارتقى على ظاهر البيت ومعه العباس فقال اللهم لا نريد إلا الإصلاح، ثم هدم‏.‏

فلما رأوه سالما تابعوه ‏"‏ قال عبد الرزاق وأخبرنا ابن جريج قال‏:‏ قال مجاهد ‏"‏ كان ذلك قبل المبعث بخمس عشرة سنة ‏"‏ وكذا رواه ابن عبد البر من طريق محمد بن جبير بن مطعم بإسناد له، وبه جزم موسى بن عقبة في مغازيه والأول أشهر، وبه جزم ابن إسحاق‏.‏

ويمكن الجمع بينهما بأن يكون الحريق تقدم وقته على الشروع في البناء، وذكر ابن إسحاق ‏"‏ أن السيل كان يأتي فيصيب الكعبة فيتساقط من بنائها، وكان رضما فوق القامة، فأرادت قريش رفعها وتسقيفها، وذلك أن نفرا سرقوا كنز الكعبة ‏"‏ فذكر القصة مطولا في بنائهم الكعبة وفي اختلافهم فيمن يضع الحجر الأسود حتى رضوا بأول داخل، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحكموه في ذلك فوضعه بيده‏.‏

قال ‏"‏وكانت الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر ذراعا ‏"‏ ووقع عند الطبراني من طريق أخرى عن ابن خثيم عن أبي الطفيل أن اسم النجار المذكور باقوم، وللفاكهي من طريق ابن جريج مثله، قال ‏"‏ وكان يتجر إلى بندر وراء ساحل عدن، فانكسرت سفينته بالشعيبة، فقال لقريش‏:‏ إن أجريتم عيري مع عيركم إلى الشام أعطيتكم الخشب، ففعلوا ‏"‏ وروى سفيان بن عيينة في جامعه عن عمرو بن دينار أنه سمع عبيد بن عمير يقول ‏"‏ اسم الذي بنى الكعبة لقريش باقوم، وكان روميا ‏"‏ وقال الأزرقي ‏"‏ كان طولها سبعة وعشرين ذراعا، فاقتصرت قريش منها على ثمانية عشر، ونقصوا من عرضها أذرعا أدخلوها في الحجر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فخر إلى الأرض‏)‏ في رواية زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار الماضية في ‏"‏ باب كراهية التعري ‏"‏ من أوائل الصلاة ‏"‏ فجعله على منكبه فسقط مغشيا عليه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فطمحت عيناه‏)‏ بفتح المهملة والميم أي ارتفعتا، والمعنى أنه صار ينظر إلى فوق‏.‏

وفي رواية عبد الرزاق عن ابن جريج في أوائل السيرة النبوية ‏"‏ ثم أفاق فقال‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أرني إزاري‏)‏ أي أعطني، وحكى ابن التين كسر الراء وسكونها وقد قرئ بهما‏.‏

وفي رواية عبد الرزاق الآتية ‏"‏ إزاري إزاري ‏"‏ بالتكرير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فشده عليه‏)‏ زاد زكريا بن إسحاق ‏"‏ فما رئي بعد ذلك عريانا ‏"‏ وقد تقدم شاهدها من حديث أبي الطفيل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سالم بن عبد الله‏)‏ أي ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر‏)‏ أي الصديق، ووقع في رواية مسلم ‏"‏ أبي بكر بن أبي قحافة ‏"‏ وعبد الله هذا هو أخو القاسم بن محمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبر عبد الله بن عمر‏)‏ بنصب عبد الله على المفعولية، وظاهره أن سالما كان حاضرا لذلك فيكون من روايته عن عبد الله بن محمد، وقد صرح بذلك أبو أويس عن ابن شهاب، لكنه سماه عبد الرحمن بن محمد فوهم أخرجه أحمد، وأغرب إبراهيم بن طهمان فرواه عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أخرجه الدارقطني في ‏"‏ غرائب مالك ‏"‏ والمحفوظ الأول‏.‏

وقد رواه معمر عن ابن شهاب عن سالم لكنه اختصره، وأخرجه مسلم من طريق نافع عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر عن عائشة فتابع سالما فيه وزاد في المتن ‏"‏ ولأنفقت كنز الكعبة ‏"‏ ولم أر هذه الزيادة إلا من هذا الوجه، ومن طريق أخرى أخرجها أبو عوانة من طريق القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير عن عائشة وسيأتي البحث فيها في ‏"‏ باب كسوة الكعبة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قومك‏)‏ أي قريش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اقتصروا عن قواعد إبراهيم‏)‏ سيأتي بيان ذلك في الطريق التي تلي هذه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لولا حدثان‏)‏ بكسر المهملة وسكون الدال بعدها مثلثة بمعني الحدوث، أي قرب عهدهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لفعلت‏)‏ أي لرددتها على قواعد إبراهيم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال عبد الله‏)‏ أي ابن عمر بالإسناد المذكور، وقد رواه معمر عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه بهذه القصة مجردة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لئن كانت‏)‏ ليس هذا شكا من ابن عمر في صدق عائشة، لكن يقع في كلام العرب كثيرا صورة التشكيك والمراد التقرير واليقين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما أرى‏)‏ بضم الهمزة أي أظن، وهي رواية معمر، وزاد في آخر الحديث ‏"‏ ولا طاف الناس من وراء الحجر إلا لذلك ‏"‏ ونحوه في رواية أبى أويس المذكورة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استلام‏)‏ افتعال من السلام، والمراد هنا لمس الركن بالقبلة أو اليد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يليان‏)‏ أي يقربان من ‏(‏الحجر‏)‏ بكسر المهملة وسكون الجيم وهو معروف على صفة نصف الدائرة وقدرها تسع وثلاثون ذراعا، والقدر الذي أخرج من الكعبة سيأتي قريبا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الأشعث‏)‏ هو ابن أبي الشعثاء المحاربي، وقد تقدم في العلم من وجه آخر عن الأسود بزيادة نبهنا على ما فيها هناك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الجدر‏)‏ بفتح الجيم وسكون المهملة كذا للأكثر وكذا هو في مسند مسدد شيخ البخاري فيه‏.‏

وفي رواية المستملي ‏"‏ الجدار ‏"‏ قال الخليل‏:‏ الجدر لغة في الجدار انتهى‏.‏

ووهم من ضبطه بضمها لأن المراد الحجر، ولأبي داود الطيالسي في مسنده عن أبي الأحوص شيخ مسدد فيه ‏"‏ الجدر أو الحجر ‏"‏ بالشك، ولأبي عوانة من طريق شيبان عن الأشعث ‏"‏ الحجر ‏"‏ بغير شك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أمن البيت هو‏؟‏ قال نعم‏)‏ هذا ظاهره أن الحجر كله من البيت، وكذا قوله في الطريق الثانية ‏(‏أن أدخل الجدر في البيت‏)‏ وبذلك كان يفتي ابن عباس كما رواه عبد الرزاق عن أبيه عن مرثد بن شرحبيل قال ‏"‏ سمعت ابن عباس يقول‏:‏ لو وليت من البيت ما ولي ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البيت، فلم يطاف به إن لم يكن من البيت ‏"‏‏؟‏ وروى الترمذي والنسائي من طريق علقمة عن أمه عن عائشة قالت ‏"‏ كنت أحب أن أصلي في البيت، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر فقال‏:‏ صلي فيه فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروه حتى بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت ‏"‏ ونحوه لأبي داود من طريق صفية بنت شيبة عن عائشة، ولأبي عوانة من طريق قتادة عن عروة عن عائشة، ولأحمد من طريق سعيد بن جبير عن عائشة وفيه ‏"‏ أنها أرسلت إلى شيبة الحجبي ليفتح لها البيت بالليل فقال‏:‏ ما فتحناه في جاهلية ولا إسلام بليل ‏"‏ وهذه الروايات كلها مطلقة، وقد جاءت روايات أصح منها مقيدة، منها لمسلم من طريق أبي قزعة عن الحارث بن عبد الله عن عائشة في حديث الباب ‏"‏ حتى أزيد فيه من الحجر‏"‏، وله من وجه آخر عن الحارث عنها ‏"‏ فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمي لأريك ما تركوا منه، فأراها قريبا من سبعة أذرع ‏"‏ وله من طريق سعيد بن ميناء عن عبد الله بن الزبير عن عائشة في هذا الحديث ‏"‏ وزدت فيها من الحجر ستة أذرع ‏"‏ وسيـأتي في آخـر الـطريق الـرابعـة قـول يـزيـد بن رومـان الذي رواه عن عروة أنه أراه لجرير بن حازم فحزره ستة أذرع أو نحوها، ولسفيان بن عيينة في جامعه عن داود بن شابور عن مجاهد ‏"‏ أن ابن الزبير زاد فيها ستة أذرع مما يلي الحجر ‏"‏ وله عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن الزبير ‏"‏ ستة أذرع وشبر ‏"‏ وهكذا ذكر الشافعي عن عدد لقيهم من أهل العلم من قريش كما أخرجه البيهقي في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ عنه، وهذه الروايات كلها تجتمع على أنها فوق الستة ودون السبعة، وأما رواية عطاء عند مسلم عن عائشة مرفوعا ‏"‏ لكنت أدخل فيها من الحجر خمسة أذرع ‏"‏ فهي شاذة، والرواية السابقة أرجح لما فيها من الزيادة عن الثقات الحفاظ، ثم ظهر لي لرواية عطاء وجه وهو أنه أريد بها ما عدا الفرجة التي بين الركن والحجر فتجتمع مع الروايات الأخرى، فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيء، ولهذا وقع عند الفاكهي من حديث أبي عمرو بن عدي بن الحمراء ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة في هذه القصة‏:‏ ولأدخلت فيها من الحجر أربعه أذرع ‏"‏ فيحمل هذا على إلغاء الكسر، ورواية عطاء على جبره، ويجمع بين الروايات كلها بذلك ولم أر من سبقني إلى ذلك، وسأذكر ثمرة هذا البحث في آخر الكلام على هذا الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ألم تري‏)‏ أي ألم تعرفي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قصرت بهم النفقة‏)‏ بتشديد الصاد أي النفقة الطيبة التي أخرجوها لذلك كما جزم به الأزرقي وغيره، ويوضحه ما ذكر ابن إسحاق في ‏"‏ السيرة ‏"‏ عن عبد الله بن أبي نجيح أنه أخبر عن عبد الله بن صفوان بن أمية ‏"‏ أن أبا وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم - وهو جد جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي - قال لقريش‏:‏ لا تدخلوا فيه من كسبكم إلا الطيب، ولا تدخلوا فيه مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس ‏"‏ وروى سفيان بن عيينة في جامعه ‏"‏ عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه أنه شهد عمر بن الخطاب أرسل إلى شيخ من بني زهرة أدرك ذلك فسأله عمر عن بناء الكعبة فقال أن قريشا تقربت لبناء الكعبة - أي بالنفقة الطيبة - فعجزت فتركوا بعض البيت في الحجر، فقال عمر صدقت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليدخلوا‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ يدخلوا ‏"‏ بغير لام زاد مسلم من طريق الحارث بن عبد الله عن عائشة ‏"‏ فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حديث عهدهم‏)‏ بتنوين حديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بجاهلية‏)‏ في رواية الكشميهني بالجاهلية، وقد تقدم في العلم من طريق الأسود ‏"‏ حديث عهد بكفر ‏"‏ ولأبي عوانة من طريق قتادة عن عروة عن عائشة ‏"‏ حديث عهد بشرك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأخاف أن تنكر قلوبهم‏)‏ في رواية شيبان عن أشعث ‏"‏ تنفر ‏"‏ بالفاء بدل الكاف، ونقل ابن بطال عن بعض علمائهم أن النفرة التي خشيها صلى الله عليه وسلم أن ينسبوه إلى الانفراد بالفخر دونهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أدخل الجدر‏)‏ كذا وقع هنا، وهو مؤول بمعني المصدر أي أخاف إنكار قلوبهم إدخال الحجر، وجواب لولا محذوف، وقد رواه مسلم عن سعيد بن منصور عن أبي الأحوص بلفظ ‏"‏ فأخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل ‏"‏ فأثبت جواب لولا، وكذا أثبته الإسماعيلي من طريق شيبان عن أشعث ولفظه ‏"‏ لنظرت فأدخلته‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ خَلْفًا يَعْنِي بَابًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن هشام‏)‏ هو ابن عروة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عائشة‏)‏ كذا رواه مسلم من طريق أبي معاوية والنسائي من طريق عبدة بن سليمان، وأبو عوانة من طريق علي بن مسهر، وأحمد عن عبد الله بن نمير كلهم عن هشام، وخالفهم القاسم بن معن فرواه عن هشام عن أبيه عن أخيه عبد الله بن الزبير عن عائشة أخرجه أبو عوانة، ورواية الجماعة أرجح، فإن رواية عروة عن عائشة لهذا الحديث مشهورة من غير هذا الوجه، فسيأتي في الطريق الرابعة من طريق يزيد بن رومان عنه وكذا لأبي عوانة من طريق قتادة وأبي النضر كلاهما عن عروة عن عائشة بغير واسطة، ويحتمل أن يكون عروة حمل عن أخيه عن عائشة منه شيئا زائدا على روايته عنها كما وقع للأسود بن يزيد مع ابن الزبير فيما تقدم شرحه في كتاب العلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وجعلت له خلفا‏)‏ بفتح المعجمة وسكون اللام بعدها فاء، وقد فسره في الرواية المعلقة، وضبطه الحربي في ‏"‏ الغريب ‏"‏ بكسر الخاء المعجمة قال‏:‏ والخالفة عمود في مؤخر البيت، والصواب الأول، وبينه قوله في الرواية الرابعة ‏"‏ وجعلت لها بابين‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ قوله ‏"‏ وجعلت ‏"‏ بسكون اللام وضم التاء عطفا على قوله ‏"‏ لبنيته ‏"‏ وضبطها القابسي بفتح اللام وسكون المثناة عطفا على استقصرت وهو وهم، فإن قريشا لم تجعل له بابا من خلف، وإنما هم النبي صلى الله عليه وسلم بجعله، فلا يغتر بمن حفظ هذه الكلمة بفتح ثم سكون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو معاوية حدثنا هشام‏)‏ يعني ابن عروة بسنده هذا ‏(‏خلفا يعني بابا‏)‏ ، والتفسير المذكور من قول هشام بينه أبو عوانة من طريق علي بن مسهر عن هشام قال‏:‏ الخلف الباب‏.‏

وطريق أبي معاوية وصلها مسلم والنسائي، ولم يقع في روايتهما التفسير المذكور‏.‏

وأخرجه ابن خزيمة عن أبي كريب عن أبي أسامة وأدرج التفسير ولفظه ‏"‏ وجعلت لها خلفا ‏"‏ يعني بابا آخر من خلف يقابل الباب المقدم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلْزَقْتُهُ بِالْأَرْضِ وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى هَدْمِهِ قَالَ يَزِيدُ وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ مِنْ الْحِجْرِ وَقَدْ رَأَيْتُ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ حِجَارَةً كَأَسْنِمَةِ الْإِبِلِ قَالَ جَرِيرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ مَوْضِعُهُ قَالَ أُرِيكَهُ الْآنَ فَدَخَلْتُ مَعَهُ الْحِجْرَ فَأَشَارَ إِلَى مَكَانٍ فَقَالَ هَا هُنَا قَالَ جَرِيرٌ فَحَزَرْتُ مِنْ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يزيد‏)‏ هو ابن هارون كما جزم به أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عروة‏)‏ كذا رواه الحفاظ من أصحاب يزيد بن هارون عنه فأخرجه أحمد بن حنبل وأحمد بن سنان وأحمد بن منيع في مسانيدهم عنه هكذا، والنسائي عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام، والإسماعيلي من طريق هارون الجمال والزعفراني كلهم عن يزيد بن هارون، وخالفهم الحارث بن أبي أسامة فرواه عن يزيد بن هارون فقال ‏"‏ عن عبد الله بن الزبير ‏"‏ بدل عروة بن الزبير، وبكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق أبي الأزهر عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه، قال الإسماعيلي‏:‏ إن كان أبو الأزهر ضبطه فكأن يزيد بن رومان سمعه من الأخوين‏.‏

قلت‏:‏ قد تابعه محمد بن مشكان كما أخرجه الجوزقي عن الدغولي عنه عن وهب بن جرير، ويزيد قد حمله عن الأخوين، لكن رواية الجماعة أوضح فهي أصح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حديث عهد‏)‏ كذا لجميع الرواة بالإضافة‏.‏

وقال المطرزي‏:‏ لا يجوز حذف الواو في مثل هذا والصواب ‏"‏ حديثو عهد ‏"‏ والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فذلك الذي حمل ابن الزبير على هدمه‏)‏ زاد وهب بن جرير في روايته ‏"‏ وبنائه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال يزيد‏)‏ هو ابن رومان بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه - إلى قوله - كأسنمة الإبل‏)‏ هكذا ذكره يزيد بن رومان مختصرا، وقد ذكره مسلم وغيره واضحا فروى مسلم من طريق عطاء بن أبي رباح قال ‏"‏ لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاه أهل الشام فكان من أمره ما كان ‏"‏ وللفاكهي في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ من طريق أبي أويس عن يزيد بن رومان وغيره ‏"‏ قالوا لما أحرق أهل الشام الكعبة ورموها بالمنجنيق وهت الكعبة ‏"‏ ولابن سعد في الطبقات من طريق أبي الحارث بن زمعة قال ‏"‏ ارتحل الحصين بن نمير يعني الأمير الذي كان يقاتل ابن الزبير من قبل يزيد بن معاوية - لما أتاهم موت يزيد بن معاوية في ربيع الآخر سنة أربع وستين قال‏:‏ فأمر ابن الزبير بالخصاص التي كانت حول الكعبة فهدمت، فإذا الكعبة تنفض - أي تتحرك - متوهنة ترتج من أعلاها إلى أسفلها فيها أمثال جيوب النساء من حجارة المنجنيق ‏"‏ وللفاكهي من طريق عثمان بن ساج ‏"‏ بلغني أنه لما قدم جيش الحصين بن نمير أحرق بعض أهل الشام على باب بني جمح، وفي المسجد يومئذ خيام فمشى الحريق حتى أخذ في البيت فظن الفريقان أنهم هالكون، وضعف بناء البيت حتى أن الطير ليقع عليه فتتناثر حجارته ‏"‏ ولعبد الرزاق عن أبيه عن مرثد بن شرحبيل أنه حضر ذلك قال ‏"‏ كانت الكعبة قد وهت من حريق أهل الشام قال فهدمها ابن الزبير، فتركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يحزبهم على أهل الشام، فلما صدر الناس قال‏:‏ أشيروا علي في الكعبة ‏"‏ الحديث، ولابن سعد من طريق ابن أبي مليكة قال ‏"‏ لم يبن ابن الزبير الكعبة حتى حج الناس سنة أربع وستين، ثم بناها حين استقبل سنة خمس وستين ‏"‏ وحكي عن الواقدي أنه رد ذلك وقال‏.‏

الأثبت عندي أنه ابتدأ بناءها بعد رحيل الجيش بسبعين يوما، وجزم الأزرقي بأن ذلك كان في نصف جمادى الآخرة سنة أربع وستين‏.‏

قلت ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون ابتداء البناء في ذلك الوقت وامتد أمده إلى الموسم ليراه أهل الآفاق ليشنع بذلك على بني أمية‏.‏

ويؤيده أن في تاريخ المسبحي أن الفراغ من بناء الكعبة كان في سنة خمس وستين، وزاد المحب الطبري أنه كان في شهر رجب والله أعلم‏.‏

وأن لم يكن هذا الجمع مقبولا فالذي في الصحيح مقدم على غيره‏.‏

وذكر مسلم في رواية عطاء إشارة ابن عباس عليه بأن لا يفعل، وقول ابن الزبير لو أن أحدكم احترق بيته بناه حتى يجدده، وأنه استخار الله ثلاثا ثم عزم على أن ينقضها، قال فتحاماه الناس حتى صعد رجل فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، وجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه‏.‏

وقال ابن عيينة في جامعه عن داود بن شابور عن مجاهد قال ‏"‏ خرجنا إلى منى فأقمنا بها ثلاثا ننتظر العذاب، وارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه فهدم ‏"‏ وفي رواية أبي أويس المذكورة ‏"‏ ثم عزل ما كان يصلح أن يعاد في البيت فبنوا به فنظروا إلى ما كان لا يصلح منها أن يبني به فأمر به أن يحفر له في جوف الكعبة فيدفن، واتبعوا قواعد إبراهيم من نحو الحجر فلم يصيبوا شيئا حتى شق على ابن الزبير، ثم أدركوها بعدما أمعنوا، فنزل عبد الله بن الزبير فكشفوا له عن قواعد إبراهيم وهي صخر أمثال الخلف من الإبل، فأنفضوا له أي حركوا تلك القواعد بالعتل فنفضت قواعد البيت ورأوه بنيانا مربوطا بعضه ببعض، فحمد الله وكبره، ثم أحضر الناس فأمر بوجوههم وأشرافهم حتى شاهدوا ما شاهدوه ورأوا بنيانا متصلا فأشهدهم على ذلك ‏"‏ وفي رواية عطاء ‏"‏ وكان طول الكعبة ثمان عشرة ذراعا فزاد ابن الزبير في طولها عشرة أذرع ‏"‏ وقد تقدم من وجه آخر أنه كان طولها عشرين ذراعا، فلعل راويه جبر الكسر، وجزم الأزرقي بأن الزيادة تسعة أذرع فلعل عطاء جبر الكسر أيضا‏.‏

وروى عبد الرزاق من طريق ابن سابط عن زيد ‏"‏ أنهم كشفوا عن القواعد فإذا الحجر مثل الخلفة والحجارة مشبكة بعضها ببعض ‏"‏ وللفاكهي من وجه آخر عن عطاء قال‏:‏ ‏"‏ كنت في الأمناء الذين جمعوا على حفره، فحفروا قامة ونصفا، فهجموا على حجارة لها عروق تتصل بزرد عرق المروة، فضربوه فارتجت قواعد البيت فكبر الناس، فبنى عليه ‏"‏ وفي رواية مرثد عند عبد الرزاق ‏"‏ فكشف عن ربض في الحجر آخذ بعضه ببعض فتركه مكشوفا ثمانية أيام ليشهدوا عليه، فرأيت ذلك الربض مثل خلف الإبل‏:‏ وجه حجر ووجه حجران، ورأيت الرجل يأخذ العتلة فيضرب بها من ناحية الركن فيهتز الركن الآخر ‏"‏ قال مسلم في رواية عطاء ‏"‏ وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه ‏"‏ وفي رواية الأسود التي في العلم ‏"‏ ففعله عبد الله بن الزبير ‏"‏ وفي رواية إسماعيل بن جعفر عند الإسماعيلي ‏"‏ فنقضه عبد الله بن الزبير فجعل له بابين في الأرض ‏"‏ ونحوه للترمذي من طريق شعبة عن أبي إسحاق، وللفاكهي من طريق أبي أويس عن موسى بن ميسرة ‏"‏ أنه دخل الكعبة بعدما بناها ابن الزبير، فكان الناس لا يزدحمون فيها يدخلون من باب ويخرجون من آخر‏"‏‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ لم يذكر المصنف رحمه الله قصة تغيير الحجاج لما صنعه ابن الزبير، وقد ذكرها مسلم في رواية عطاء قال ‏"‏ فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير قد وضعه على أس نظر العدول من أهل مكة إليه، فكتب إليه عبد الملك‏:‏ إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد بابه الذي فتحه‏.‏

فنقضه وأعاده إلى بنائه ‏"‏ وللفاكهي من طريق أبي أويس عن هشام بن عروة ‏"‏ فبادر - يعني الحجاج - فهدمها وبنى شقها الذي يلي الحجر، ورفع بابها، وسد الباب الغربي‏.‏

قال أبو أويس‏:‏ فأخبرني غير واحد من أهل العلم أن عبد الملك ندم على إذنه للحجاج في هدمها، ولعن الحجاج ‏"‏ ولابن عيينة عن داود بن سابور عن مجاهد ‏"‏ فرد الذي كان ابن الزبير أدخل فيها من الحجر، قال فقال عبد الملك‏:‏ وددنا أنا تركنا أبا خبيب وما تولى من ذلك ‏"‏ وقد أخرج قصة ندم عبد الملك على ذلك مسلم من وجه آخر، فعنده من طريق الوليد بن عطاء ‏"‏ أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وفد على عبد الملك في خلافته فقال‏:‏ ما أظن أبا خبيب - يعني ابن الزبير - سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها، فقال الحارث‏:‏ بلى أنا سمعته منها ‏"‏ زاد عبد الرزاق عن ابن جريج فيه ‏"‏ وكان الحارث مصدقا لا يكذب‏.‏

فقال عبد الملك‏:‏ أنت سمعتها تقول ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فنكت ساعة بعصاه وقال‏:‏ وددت أني تركته وما تحمل ‏"‏ وأخرجها أيضا من طريق أبي قزعة قال ‏"‏ بينما عبد الملك يطوف بالبيت إذ قال‏:‏ قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين - فذكر الحديث - فقال له الحارث‏:‏ لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث بهذا، فقال‏:‏ لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على بناء ابن الزبير‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ جميع الروايات التي جمعتها هذه القصة متفقة على أن ابن الزبير جعل الباب بالأرض، ومقتضاه أن يكون الباب الذي زاده على سمته، وقد ذكر الأزرقي أن جملة ما غيره الحجاج الجدار الذي من جهة الحجر والباب المسدود الذي في الجانب الغربي عن يمين الركن اليماني وما تحته عتبة الباب الأصلي وهو أربعة أذرع وشبر، وهذا موافق لما في الروايات المذكورة، لكن المشاهد الآن في ظهر الكعبة باب مسدود يقابل الباب الأصلي وهو في الارتفاع مثله، ومقتضاه أن يكون الباب الذي كان على عهد ابن الزبير لم يكن لاصقا بالأرض، فيحتمل أن يكون لاصقا كما صرحت به الروايات لكن الحجاج لما غيره رفعه ورفع الباب الذي يقابله أيضا ثم بدا له فسد الباب المجدد، لكن لم أر النقل بذلك صريحا‏.‏

وذكر الفاكهي في ‏"‏ أخبار مكة ‏"‏ أنه شاهد هذا الباب المسدود من داخل الكعبة في سنة ثلاث وستين ومائتين فإذا هو مقابل باب الكعبة وهو بقدره في الطول والعرض، وإذا في أعلاه كلاليب ثلاثة كما في الباب الموجود سواء‏.‏

فالله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )8
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )9
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)10
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)11

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: