foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 11:06 pm

قوله‏:‏ ‏(‏فحزرت‏)‏ بتقديم الزاي على الراء أي قدرت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ستة أذرع أو نحوها‏)‏ قد ورد ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الطريق الثانية وأنها أرجح الروايات، وأن الجمع بين المختلف منها ممكن كما تقدم، وهو أولى من دعوى الاضطراب والطعن في الروايات المقيدة لأجل الاضطراب كما جنح إليه ابن الصلاح وتبعه النووي، لأن شرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه بحيث يتعذر الترجيح أو الجمع، ولم يتعذر ذلك هنا، فيتعين حمل المطلق على المقيد كما هي قاعدة مذهبهما، ويؤيده أن الأحاديث المطلقة والمقيدة متواردة على سبب واحد وهو أن قريشا قصروا على بناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأن ابن الزبير أعاده على بناء إبراهيم، وأن الحجاج أعاده على بناء قريش، ولم تأت رواية قط صريحة أن جميع الحجر من بناء إبراهيم في البيت، قال المحب الطبري في ‏"‏ شرح التنبيه ‏"‏ له‏:‏ والأصح أن القدر الذي في الحجر من البيت قدر سبعة أذرع، والرواية التي جاء فيها أن الحجر من البيت مطلقة فيحمل المطلق على المقيد، فإن إطلاق اسم الكل على البعض سائغ مجازا، وإنما قال النووي ذلك نصرة لما رجحه من أن جميع الحجر من البيت، وعمدته في ذلك أن الشافعي نص على إيجاب الطواف خارج الحجر، ونقل ابن عبد البر الاتفاق عليه، ونقل غيره أنه لا يعرف في الأحاديث المرفوعة ولا عن أحد من الصحابة ومن بعدهم أنه طاف من داخل الحجر وكان عملا مستمرا، ومقتضاه أن يكون جميع الحجر من البيت، وهذا متعقب فإنه لا يلزم من إيجاب الطواف من ورائه أن يكون كله من البيت، فقد نص الشافعي أيضا كما ذكره البيهقي في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ أن الذي في الحجر من البيت نحو من ستة أذرع، ونقله عن عدة من أهل العلم من قريش لقيهم كما تقدم، فعلى هذا فلعله رأى إيجاب الطواف من وراء الحجر احتياطا، وأما العمل فلا حجة فيه على الإيجاب، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم من بعده فعلوه استحبابا للراحة من تسور الحجر لا سيما والرجال والنساء يطوفون جميعا فلا يؤمن من المرأة التكشف، فلعلهم أرادوا حسم هذه المادة، وأما ما نقله المهلب عن ابن أبي زيد أن حائط الحجر لم يكن مبنيا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى كان عمر فبناه ووسعه قطعا للشك، وأن الطواف قبل ذلك كان حول البيت، ففيه نظر‏.‏

وقد أشار المهلب إلى أن عمدته في ذلك ما سيأتي في ‏"‏ باب بنيان الكعبة ‏"‏ في أوائل السيرة النبوية بلفظ ‏"‏ لم يكن حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر فبنى حوله حائطا جدره قصيرة، فبناه ابن الزبير ‏"‏ انتهى‏.‏

وهذا إنما هو في حائط المسجد لا في الحجر، فدخل الوهم على قائله من هنا‏.‏

ولم يزل الحجر موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح به كثير من الأحاديث الصحيحة، نعم في الحكم بفساد طواف من دخل الحجر وخلى بينه وبين البيت سبعة أذرع نظر، وقد قال بصحته جماعة من الشافعية كإمام الحرمين ومن المالكية كـأبي الحسن اللخمي، وذكر الأزرقي أن عرض ما بين الميزاب ومنتهى الحجر سبعة عشر ذراعا وثلث ذراع منها عرض جدار الحجر ذراعان وثلث وفي بطن الحجر خمسة عشر ذراعا، فعلى هذا فنصف الحجر ليس من البيت فلا يفسد طواف من طاف دونه والله أعلم‏.‏

وأما قول المهلب إن الفضاء لا يسمى بيتا وإنما البيت البنيان لأن شخصا لو حلف لا يدخل بيتا فانهدم ذلك البيت فلا يحنث بدخوله فليس بواضح، فإن المشروع من الطواف ما شرع للخليل بالاتفاق، فعلينا أن نطوف حيث طاف ولا يسقط ذلك بانهدام حرم البيت لأن العبادات لا يسقط المقدور عليه منها بفوات المعجوز عنه، فحرمة البقعة ثابتة ولو فقد الجدار، وأما اليمين فمتعلقة بالعرف، ويؤيده ما قلناه أنه لو انهدم مسجد فنقلت حجارته إلى موضع آخر بقيت حرمة المسجد بالبقعة التي كان بها ولا حرمة لتلك الحجارة المنقولة إلى غير مسجد، فدل على أن البقعة أصل للجدار بخلاف العكس، أشار إلى ذلك ابن المنير في الحاشية‏.‏

وفي حديث بناء الكعبة من الفوائد غير ما تقدم ما ترجم عليه المصنف في العلم وهو ‏"‏ ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر عنه فهم بعض الناس ‏"‏ والمراد بالاختيار في عبارته المستحب، وفيه اجتناب ولي الأمر ما يتسرع الناس إلى إنكاره وما يخشى منه تولد الضرر عليهم في دين أو دنيا، وتألف قلوبهم بما لا يترك فيه أمر واجب‏.‏

وفيه تقديم الأهم فالأهم من دفع المفسدة وجلب المصلحة، وأنهما إذا تعارضا بدئ بدفع المفسدة، وأن المفسدة إذا أمن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة، وحديث الرجل مع أهله في الأمور العامة، وحرص الصحابة على امتثال أوامر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ حكى ابن عبد البر وتبعه عياض وغيره عن الرشيد أو المهدي أو المنصور أنه أراد أن يعيد الكعبة على ما فعله ابن الزبير، فناشده مالك في ذلك وقال‏:‏ أخشى أن يصير ملعبة للملوك، فتركه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا بعينه خشية جدهم الأعلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فأشار على ابن الزبير لما أراد أن يهدم الكعبة ويجدد بناءها بأن يرم ما وهي منها ولا يتعرض لها بزيادة ولا نقص‏.‏

وقال له ‏"‏ لا آمن أن يجيء من بعدك أمير فيغير الذي صنعت ‏"‏ أخرجه الفاكهي من طريق عطاء عنه، وذكر الأزرقي أن سليمان بن عبد الملك هم بنقض ما فعله الحجاج، ثم ترك ذلك لما ظهر له أنه فعله بأمر أبيه عبد الملك، ولم أقف في شيء من التواريخ على أن أحدا من الخلفاء ولا من دونهم غير من الكعبة شيئا مما صنعه الحجاج إلى الآن إلا في الميزاب والباب وعتبته، وكذا وقع الترميم في جدارها غير مرة وفي سقفها وفي مسلم سطحها، وجدد فيها الرخام فذكر الأزرقي عن ابن جريج ‏"‏ أن أول من فرشها بالرخام الوليد بن عبد الملك ‏"‏ ووقع في جدارها الشامي ترميم في شهور سنة سبعين ومائتين، ثم في شهور سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، ثم في شهور سنة تسع عشرة وستمائة، ثم في سنة ثمانين وستمائة، ثم في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وقد ترادفت الأخبار الآن في وقتنا هذا في سنة اثنتين وعشرين أن جهة الميزاب فيها ما يحتاج إلى ترميم فاهتم بذلك سلطان الإسلام الملك المؤيد وأرجو من الله تعالى أن يسهل له ذلك، ثم حججت سنة أربع وعشرين وتأملت المكان الذي قيل عنه فلم أجده في تلك البشاعة، وقد رمم ما تشعث من الحرم في أثناء سنة خمس وعشرين إلى أن نقض سقفها في سنة سبع وعشرين على يدي بعض الجند فجدد لها سقفا ورخم السطح، فلما كان في سنة ثلاث وأربعين صار المطر إذا نزل ينزل إلى داخل الكعبة أشد مما كان أولا، فأداه رأيه الفاسد إلى نقض السقف مرة أخرى وسد ما كان في السطح من الطاقات التي كان يدخل‏:‏ منها الضوء إلى الكعبة، ولزم من ذلك امتهان الكعبة، بل صار العمال يصعدون فيها بغير أدب، فغار بعض المجاورين فكتب إلى القاهرة يشكو ذلك‏.‏

فبلغ السلطان الظاهر فأنكر أن يكون أمر بذلك، وجهز بعض الجند لكشف ذلك فتعصب للأول بعض من جاور واجتمع الباقون رغبة ورهبة فكتبوا محضرا بأنه ما فعل شيئا إلا عن ملأ منهم، وأن كل ما فعله مصلحة، فسكن غضب السلطان وغطى عنه الأمر‏.‏

وقد جاء عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي وهو بالتحتانية قبل الألف وبعدها معجمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ إن هذه الأمة لا تزال بخير ما عظموا هذه الحرمة - يعني الكعبة - حق تعظيمها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا ‏"‏ أخرجه أحمد وابن ماجه وعمر بن شبة في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ وسنده حسن، فنسأل الله تعالى الأمن من الفتن بحلمه وكرمه، ومما يتعجب منه أنه لم يتفق الاحتياج في الكعبة إلى الإصلاح إلا فيما صنعه الحجاج إما من الجدار الذي بناه في الجهة الشامية وإما في السلم الذي جدده للسطح والعتبة، وما عدا ذلك مما وقع فإنما هو لزيادة محضة كالرخام أو لتحسين كالباب والميزاب، وكذا ما حكاه الفاكهي عن الحسن بن مكرم عن عبد الله بن بكر السهمي عن أبيه قال ‏"‏ جاورت بمكة فعابت - أي بالعين المهملة وبالباء الموحدة - أسطوانة من أساطين البيت فأخرجت وجيء بأخرى ليدخلوها مكانها فطالت عن الموضع، وأدركهم الليل والكعبة لا تفتح ليلا فتركوها ليعودوا من غد ليصلحوها فجاءوا من غد فأصابوها أقدم من قدح ‏"‏ أي بكسر القاف وهو السهم، وهذا إسناد قوي رجاله ثقات، وبكر هو ابن حبيب من كبار أتباع التابعين، وكأن القصة كانت في أوائل دولة بني العباس، وكانت الأسطوانة من خشب‏.‏

والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 11:06 pm

*3* باب فَضْلِ الْحَرَمِ حذف التشكيل

وَقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل الحرم‏)‏ أي المكي الذي سيأتي ذكر حدوده في ‏"‏ باب لا يعضد شجر الحرم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقوله تعالى ‏(‏إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها‏)‏ الآية‏)‏ وجه تعلقها بالترجمة من جهة إضافة الربوبية إلى البلدة فإنه على سبيل التشريف لها، وهي أصل الحرم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو لم نمكن لهم حرما آمنا الآية‏)‏ روى النسائي في التفسير ‏"‏ أن الحارث بن مر بن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن نتبع الهدي معك نتخطف من أرضنا، فأنزل الله عز وجل ردا عليه ‏(‏أو لم نمكن لهم حرما آمنا‏)‏ الآية ‏"‏ أي إن الله جعلهم في بلد أمين وهم منه في أمان في حال كفرهم فكيف لا يكون أمنا لهم بعد أن أسلموا وتابعوا الحق‏.‏

وأورد المصنف في الباب حديث ابن عباس ‏"‏ أن هذا البلد حرمه الله ‏"‏ أخرجه مختصرا، وسيأتي بأتم من هذا السياق في ‏"‏ باب لا يحل القتال بمكة ‏"‏ ويأتي الكلام عليه مستوفى قريبا هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا حذف التشكيل

وَأَنَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ سَوَاءٌ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ الْبَادِي الطَّارِي مَعْكُوفًا مَحْبُوسًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها، وأن الناس في المسجد الحرام سواء خاصة، لقوله تعالى ‏(‏إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء‏)‏ الآية‏)‏ أشار بهذه الترجمة إلى تضعيف حديث علقمة بن نضلة قال ‏"‏ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن ‏"‏ أخرجه ابن ماجه وفي إسناده انقطاع وإرسال‏.‏

وقال بظاهره ابن عمر ومجاهد وعطاء، قال عبد الرزاق عن ابن جريج‏:‏ كان عطاء ينهي عن الكراء في الحرم، فأخبرني أن عمر نهى أن تبوب دور مكة لأنها ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بوب داره سهيل بن عمرو واعتذر عن ذلك لعمر‏.‏

وروى الطحاوي من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد أنه قال‏:‏ مكة مباح، لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها‏.‏

وروى عبد الرزاق من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عمر‏:‏ لا يحل بيع بيوت مكة ولا إجارتها‏.‏

وبه قال الثوري وأبو حنيفة، وخالفه صاحبه أبو يوسف، واختلف عن محمد، وبالجواز قال الجمهور واختاره الطحاوي‏.‏

ويجاب عن حديث علقمة على تقدير صحته بحمله على ما سيجمع به ما اختلف عن عمر في ذلك‏.‏

واحتج الشافعي بحديث أسامة الذي أورده البخاري في هذا الباب، قال الشافعي‏:‏ فأضاف الملك إليه وإلى من ابتاعها منه وبقوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ‏"‏ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ‏"‏ فأضاف الدار إليه‏.‏

واحتج ابن خزيمة بقوله تعالى ‏(‏للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم‏)‏ فنسب الله الديار إليهم كما نسب الأموال إليهم، ولو كانت الديار ليست بملك لهم لما كانوا مظلومين في الإخراج من دور ليست بملك لهم، قال‏:‏ ولو كانت الدور التي باعها عقيل لا تملك لكان جعفر وعلي أولى بها إذ كانا مسلمين دونه‏.‏

وسيأتي في البيوع أثر عمر أنه اشترى دارا للسجن بمكة‏.‏

ولا يعارض ما جاء عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه كان ينهي أن تغلق دور مكة في زمن الحاج أخرجه عبد بن حميد‏.‏

وقال عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن مجاهد إن عمر قال‏:‏ يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا، لينزل البادي حيث شاء، وقد تقدم من وجه آخر عن عمر، فيجمع بينهما بكرامة الكراء رفقا بالوفود، ولا يلزم من ذلك منع البيع والشراء، وإلى هذا جنح الإمام أحمد وآخرون‏.‏

واختلف عن مالك في ذلك، قال القاضي إسماعيل‏:‏ ظاهر القرآن يدل على أن المراد به المسجد الذي يكون فيه النسك والصلاة لا سائر دور مكة‏.‏

وقال الأبهري‏:‏ لم يختلف قول مالك وأصحابه في أن مكة فتحت عنوة، واختلفوا هل من بها على أهلها لعظم حرمتها أو أقرت للمسلمين‏؟‏ ومن ثم جاء الاختلاف في بيع دورها والكراء، والراجح عند من قال إنها فتحت عنوة أن النبي صلى الله عليه وسلم من بها على أهلها فخالفت حكم غيرها من البلاد في ذلك ذكره السهيلي وغيره، وليس الاختلاف في ذلك ناشئا عن هذه المسألة فقد اختلف أهل التأويل في المراد بقوله هنا ‏"‏ المسجد الحرام ‏"‏ هل هو الحرم كله أو مكان الصلاة فقط، واختلفوا أيضا هل المراد بقوله ‏"‏ سواء ‏"‏ في إلا من والاحترام أو فيما هو أعم من ذلك وبواسطة ذلك نشأ الاختلاف المذكور أيضا، قال ابن خزيمة‏:‏ لو كان المراد بقوله تعالى ‏(‏سواء العاكف فيه والباد‏)‏ جميع الحرم وأن اسم المسجد الحرام واقع على جميع الحرم لما جاز حفر بئر ولا قبر ولا التغوط ولا البول ولا إلقاء الجيف والنتن‏.‏

قال‏:‏ ولا نعلم عالما منع من ذلك ولا كره لحائض ولا لجنب دخول الحرم ولا الجماع فيه، ولو كان كذلك لجاز الاعتكاف في دور مكة وحوانيتها ولا يقول بذلك أحد والله أعلم‏.‏

قلت‏:‏ والقول بأن المراد بالمسجد الحرام الحرم كله ورد عن ابن عباس وعطاء ومجاهد، أخرجه ابن أبي حاتم وغيره عنهم، والأسانيد بذلك كلها إليهم ضعيفة، وسنذكر في ‏"‏ باب فتح مكة ‏"‏ من المغازي الراجح من الخلاف في فتحها صلحا أو عنوة إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏البادي الطاري‏)‏ هو تفسير منه بالمعني، وهو مقتضى ما جاء عن ابن عباس وغيره كما رواه عبد بن حميد وغيره‏.‏

وقال الإسماعيلي‏:‏ البادي الذي يكون في البدو، وكذا من كان ظاهر البلد فهو باد، ومعنى الآية أن المقيم والطارئ سيان‏.‏

وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ‏(‏سواء العاكف فيه والباد‏)‏ قال‏:‏ سواء فيه أهل مكة وغيرهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏معكوفا محبوسا‏)‏ كذا وقع هنا، وليست هذه الكلمة في الآية المذكورة وإنما هي في آية الفتح، ولكن مناسبة ذكرها هنا قوله في هذه الآية ‏(‏العاكف‏)‏ والتفسير المذكور قاله أبو عبيدة في المجاز، والمراد بالعاكف المقيم‏.‏

وروى الطحاوي من طريق سفيان عن أبي حصين قال‏:‏ أردت أن أعتكف وأنا بمكة، فسألت سعيد بن جبير فقال‏:‏ أنت عاكف، ثم قرأ هذه الآية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ فَقَالَ وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانُوا يَتَأَوَّلُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ الْآيَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان‏)‏ في رواية مسلم عن حرملة وغيره عن ابن وهب ‏"‏ أن علي بن الحسين أخبره أن عمرو بن عثمان أخبره‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أين تنزل، في دارك‏)‏ حذف أداة الاستفهام من قوله ‏"‏ في دارك ‏"‏ بدليل رواية ابن خزيمة والطحاوي عن يونس عن عبد الأعلى عن ابن وهب بلفظ ‏"‏ أتنزل في دارك ‏"‏ وكذا أخرجه الجوزقي من وجه آخر عن أصبغ شيخ البخاري فيه، وللمصنف في المغازي من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري ‏"‏ أين تنزل غدا ‏"‏ فكأنه استفهمه أولا عن مكان نزوله ثم ظن أنه ينزل في داره فاستفهمه عن ذلك، وظاهر هذه القصة أن ذلك كان حين أراد دخول مكة، ويزيده وضوحا رواية زمعة بن صالح عن الزهري بلفظ ‏"‏ لما كان يوم الفتح قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة قيل‏:‏ أين تنزل أفي بيوتكم ‏"‏ الحديث، وروى علي بن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن حسين قال ‏"‏ قيل للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة‏:‏ أين تنزل‏؟‏ قال‏:‏ وهل ترك لنا عقيل من طل ‏"‏ قال علي بن المديني‏:‏ ما أشك أن محمد بن علي بن الحسين أخذ هذا الحديث عن أبيه، لكن في حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك حين أراد أن ينفر من منى، فيحمل على تعدد القصة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهل ترك عقيل‏)‏ في رواية مسلم وغيره ‏"‏ وهل ترك لنا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من رباع أو دور‏)‏ الرباع جمع ربع بفتح الراء وسكون الموحدة وهو المنزل المشتمل على أبيات وقيل هو الدار فعلى هذا فقوله ‏"‏ أو دور ‏"‏ إما للتأكيد أو من شك الراوي‏.‏

وفي رواية محمد بن أبي حفصة ‏"‏ من منزل ‏"‏ وأخرج هذا الحديث الفاكهي من طريق محمد بن أبي حفصة وقال في آخره‏:‏ ويقال إن الدار التي أشار إليها كانت دار هاشم بن عبد مناف، ثم صارت لعبد المطلب ابنه فقسمها بين ولده حين عمر، فمن ثم صار للنبي صلى الله عليه وسلم حق أبيه عبد الله وفيها ولد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان عقيل إلخ‏)‏ محصل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر استولى عقيل وطالب على الدار كلها باعتبار ما ورثاه من أبيهما لكونهما كانا لم يسلما، وباعتبار ترك النبي صلى الله عليه وسلم لحقه منها بالهجرة، وفقد طالب ببدر فباع عقيل الدار كلها‏.‏

وحكى الفاكهي أن الدار لم تزل بأولاد عقيل إلى أن باعوها لمحمد بن يوسف أحي الحجاج بمائة ألف دينار وزاد في روايته من طريق محمد بن أبي حفصة ‏"‏ فكان علي بن الحسين يقول من أجل ذلك‏:‏ تركنا نصيبنا من الشعب ‏"‏ أي حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب‏.‏

وقال الداودي وغيره‏:‏ كان من هاجر من المؤمنين باع قريبه الكافر داره، وأمضى النبي صلى الله عليه وسلم تصرفات الجاهلية تأليفا لقلوب من أسلم منهم، وسيأتي في الجهاد مزيد بسط في هذه المسألة إن شاء الله تعالى‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ وعندي أن تلك الدار إن كانت قائمة على ملك عقيل فإنما لم ينزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها دور هجروها في الله تعالى فلم يرجعوا فيما تركوه‏.‏

وتعقب بأن سياق الحديث يقتضي أن عقيلا باعها، ومفهومه أنه لو تركها لنزلها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكان عمر‏)‏ في رواية أحمد بن صالح عن ابن وهب عند الإسماعيلي ‏"‏ فمن أجل ذلك كان عمر يقول ‏"‏ وهذا القدر الموقوف على عمر قد ثبت مرفوعا بهذا الإسناد وهو عند المصنف في المغازي من طريق محمد بن أبي حفصة ومعمر عن الزهري وأخرجه مفردا في الفرائض من طريق ابن جريج عنه، وسيأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

ويختلج في خاطري أن القائل ‏"‏ وكان عمر إلخ ‏"‏ هو ابن شهاب فيكون منقطعا عن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن شهاب وكانوا يتأولون إلخ‏)‏ أي كانوا يفسرون قوله تعالى ‏(‏بعضهم أولياء بعض‏)‏ بولاية الميراث أي يتولى بعضهم بعضا في الميراث وغيره‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 11:08 pm

*3* باب نُزُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم مكة‏)‏ أي موضع نزوله، ووقع هنا في نسخة الصغاني ‏"‏ قال أبو عبد الله‏:‏ نسبت الدور إلى عقيل وتورث الدور وتباع وتشتري‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ والمحل اللائق بهذه الزيادة الباب الذي قبله لما تقدم تقريره والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حين أراد قدوم مكة‏)‏ بين في الرواية التي بعدها أن ذلك كان حين رجوعه من منى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن شاء الله تعالى‏)‏ هو على سبيل التبرك والامتثال للآية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ سَلَامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ وَيَحْيَى بْنُ الضَّحَّاكِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ وَقَالَا بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سلمة‏)‏ في رواية مسلم عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم بسنده ‏"‏ حدثني أبو سلمة حدثنا أبو هريرة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعني بذلك المحصب‏)‏ في رواية المستملي ‏"‏ يعني ذلك ‏"‏ والأول أصح، ويختلج في خاطري أن جميع ما بعد قوله يعني المحصب إلى آخر الحديث من قول الزهري أدرج في الخبر، فقد رواه شعيب كما في هذا الباب وإبراهيم بن سعد كما سيأتي في السيرة ويونس كما سيأتي في التوحيد كلهم عن ابن شهاب مقتصرين على الموصول منه إلى قوله ‏"‏ على الكفر ‏"‏ ومن ثم لم يذكر مسلم في روايته شيئا من ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذلك أن قريشا وكنانة‏)‏ فيه إشعار بأن في كنانة من ليس قرشيا إذ العطف يقتضي المغايرة فترجح القول بأن قريشا من ولد فهر بن مالك على القول بأنهم ولد كـنانة‏.‏

نعم لم يعقب النضر غير مالك ولا مالك غير فهر فقريش ولد النضر بن كنانة وأما كنانة فأعقب من غير النضر فلهذا وقعت المغايرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب‏)‏ كذا وقع عنده بالشك، ووقع عند البيهقي من طريق أخرى عن الوليد ‏"‏ وبني المطلب ‏"‏ بغير شك فكأن الوهم منه فسيأتي على الصواب ويأتي شرحه في أواخر الباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم‏)‏ في رواية محمد بن مصعب عن الأوزاعي عند أحمد ‏"‏ أن لا يناكحوهم ولا يخالطوهم ‏"‏ وفي رواية داود بن رشيد عن الوليد عند الإسماعيلي ‏"‏ وأن لا يكون بينهم وبينهم شيء ‏"‏ وهي أعم، وهذا هو المراد بقوله في الحديث ‏"‏ على الكفر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى يسلموا‏)‏ بضم أوله وإسكان المهملة وكسر اللام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سلامة عن عقيل‏)‏ وصله ابن خزيمة في صحيحه من طريقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويحيى بن الضحاك عن الأوزاعي‏)‏ وقع في رواية أبي ذر وكريمة ‏"‏ ويحيى عن الضحاك ‏"‏ وهو وهم، وهو يحيى بن عبد الله بن الضحاك نسب لجده البابلتي بموحدتين وبعد اللام المضمومة مثناة مشددة نزيل حران وليس له في البخاري إلا هذا الموضع، ويقال إنه لم يسمع من الأوزاعي، ويقال إن الأوزاعي كان زوج أمه، وطريقه هذه وصلها أبو عوانة في صحيحه والخطيب في ‏"‏ المدرج ‏"‏ وقد تابعه على الجزم بقوله ‏"‏ بني هاشم وبني المطلب ‏"‏ محمد بن مصعب عن الأوزاعي أخرجه أحمد وأبو عوانة أيضا، وسيأتي شرح هذه القصة في السيرة النبوية إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا حذف التشكيل

وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ الْآيَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله عز وجل وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني - إلى قوله - لعلهم يشكرون‏)‏ لم يذكر في هذه الترجمة حديثا، وكأنه أشار إلى حديث ابن عباس في قصة إسكان إبراهيم لهاجر وابنها في مكان مكة، وسيأتي مبسوطا في أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى‏.‏

ووقع في شرح ابن بطال ضم هذا الباب إلى الذي بعده فقال بعد قوله يشكرون ‏"‏ وقول الله جعل الله الكعبة البيت الحرام إلخ ‏"‏ ثم قال فيه أبو هريرة فذكر أحاديث الباب الثاني‏.‏

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ حذف التشكيل

ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس - إلى قوله - عليم‏)‏ كأنه يشير إلى أن المراد بقوله ‏"‏ قياما ‏"‏ أي قواما وأنها ما دامت موجودة فالدين قائم، ولهذه النكتة أورد في الباب قصة هدم الكعبة في آخر الزمان، وقد روى ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية فقال‏:‏ لا يزال الناس على دين ما حجوا البيت واستقبلوا القبلة‏.‏

وعن عطاء قال‏:‏ قياما للناس لو تركوه عاما لم ينظروا أن يهلكوا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة ‏"‏ يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في صيام عاشوراء قبل نزول فرض رمضان، وسيأتي الكلام عليه في باب مفرد في آخر كتاب الصيام، والمقصود منه هنا قوله في هذه الطريق ‏"‏ وكان يوما تستر فيه الكعبة ‏"‏ فإنه يفيد أن الجاهلية كانوا يعظمون الكعبة قديما بالستور ويقومون بها، وعرف بهذا جواب الإسماعيلي في قوله‏:‏ ليس في الحديث مما ترجم به شيء سوى بيان اسم الكعبة المذكورة في الآية، ويستفاد من الحديث أيضا معرفة الوقت الذي كانت الكعبة تكسى فيه من كل سنة وهو يوم عاشوراء، وكذا ذكر الواقدي بإسناده عن أبي جعفر الباقر أن الأمر استمر على ذلك في زمانهم، وقد تغير ذلك بعد فصارت تكسى في يوم النحر، وصاروا يعمدون إليه في ذي القعدة فيعلقون كسوته إلى نحو نصفه، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوه الكسوة الجديدة‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قال الإسماعيلي جمع البخاري بين رواية عقيل وابن أبي حفصة في المتن، وليس في رواية عقيل ذكر الستر، ثم ساقه بدونه من طريق عقيل‏.‏

وهو كما قال، وعادة البخاري التجوز في مثل هذا‏.‏

وقد رواه الفاكهي من طريق ابن أبي حفصة فصرح بسماع الزهري له من عروة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُحَجَّ الْبَيْتُ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ أَبَا سَعِيدٍ

الشرح‏:‏

حديث أبي سعيد الخدري في حج البيت بعد يأجوج ومأجوج، أورده موصولا من طريق إبراهيم - وهو ابن طهمان، عن الحجاج بن الحجاج وهو الباهلي البصري عن قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عنه وقال بعده‏:‏ سمع قتادة عبد الله بن أبي عتبة وعبد الله سمع أبا سعيد الخدري، وغرضه بهذا أنه لم يقع فيه تدليس‏.‏

وهل أراد بهذا أن كلا منهما سمع هذا الحديث بخصوصه أو في الجملة‏؟‏ فيه احتمال‏.‏

وقد وجدته من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة مصرحا بسماع قتادة من عبد الله بن أبي عتبة في حديث ‏"‏ كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ‏"‏ وهو عند أحمد، وعند أبي عوانة في مستخرجه من وجه آخر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ليحجن‏)‏ بضم أوله وفتح المهملة والجيم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه أبان وعمران عن قتادة‏)‏ أي على لفظ المتن، فأما متابعة أبان - وهو ابن يزيد العطار - فوصلها الإمام أحمد عن عفان وسويد بن عمرو الكلبي وعبد الصمد بن عبد الوارث ثلاثتهم عن أبان فذكر مثله، وأما متابعة عمران وهو القطان فوصلها أحمد أيضا عن سليمان بن داود وهو الطيالسي عنه، وكذا أخرجه ابن خزيمة وأبو يعلى من طريق الطيالسي، وقد تابع هؤلاء سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أخرجه عبد بن حميد عن روح بن عبادة عنه ولفظه ‏"‏ إن الناس ليحجون ويعتمرون ويغرسون النخل بعد خروج يأجوج ومأجوج‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال عبد الرحمن‏)‏ يعني ابن مهدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن شعبة‏)‏ يعني عن قتادة بهذا السند‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت‏)‏ وصله الحاكم من طريق أحمد بن حنبل عنه قال البخاري‏:‏ والأول أكثر، أي لاتفاق من تقدم ذكره على هذا اللفظ وانفراد شعبة بما يخالفهم، وإنما قال ذلك لأن ظاهرهما التعارض، لأن المفهوم من الأول أن البيت يحج بعد أشراط الساعة، ومن الثاني أنه لا يحج بعدها، ولكن يمكن الجمع بين الحديثين، فإنه لا يلزم من حج الناس بعد خروج يأجوج ومأجوج أن يمتنع الحج في وقت ما عند قرب ظهور الساعة، ويظهر والله أعلم أن المراد بقوله ‏"‏ ليحجن البيت ‏"‏ أي مكان البيت لما سيأتي بعد باب أن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد ذلك‏
.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 11:08 pm

*3* باب كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب كسوة الكعبة‏)‏ أي حكمها في التصرف فيها ونحو ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ جِئْتُ إِلَى شَيْبَةَ ح و حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الْكُرْسِيِّ فِي الْكَعْبَةِ فَقَالَ لَقَدْ جَلَسَ هَذَا الْمَجْلِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهُ قُلْتُ إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلَا قَالَ هُمَا الْمَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري في الطريقين، وإنما قدم الأولى مع نزولها لتصريح سفيان بالتحديث فيها، وأما ابن عيينة فلم يسمعه من واصل بل رواه عن الثوري عنه أخرجه ابن خزيمة من طريقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جلست مع شيبة‏)‏ هو ابن عثمان بن طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الله بن عبد الدار بن قصي العبدري الحجبي بفتح المهملة والجيم ثم موحدة نسبة إلى حجب الكعبة يكنى أبا عثمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على الكرسي‏)‏ في رواية عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الشيباني عند ابن ماجه والطبراني بهذا السند ‏"‏ بعث معي رجل بدراهم هدية إلى البيت، فدخلت البيت وشيبة جالس على كرسي، فناولته إياها فقال‏:‏ لك هذه‏؟‏ فقلت‏:‏ لا ولو كانت لي لم آتك بها، قال أما إن قلت ذلك فقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك الذي أنت فيه ‏"‏ فذكره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيها‏)‏ أي الكعبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صفراء ولا بيضاء‏)‏ أي ذهبا ولا فضة، قال القرطبي‏:‏ غلط‏:‏ من ظن أن المراد بذلك حلية الكعبة، وإنما أراد الكنز الذي بها، وهو ما كان يهدي إليها فيدخر ما يزيد عن الحاجة، وأما الحلي فمحبسة عليها كالقناديل فلا يجوز صرفها في غيرها‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ كانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة المال تعظيما لها فيجتمع فيها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا قسمته‏)‏ أي المال‏.‏

وفي رواية عمر بن شبة في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ عن قبيصة شيخ البخاري فيه ‏"‏ إلا قسمتها ‏"‏ وفي رواية عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عند المصنف في الاعتصام ‏"‏ إلا قسمتها بين المسلمين ‏"‏ وعند الإسماعيلي من هذا الوجه ‏"‏ لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين ‏"‏ ومثله في رواية المحاربي المذكورة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت إن صاحبيك لم يفعلا‏)‏ في رواية ابن مهدي المذكورة ‏"‏ قلت ما أنت بفاعل‏.‏

قال لم‏؟‏ قلت‏:‏ لم يفعله صاحباك ‏"‏ وفي رواية الإسماعيلي من هذا الوجه وكذا المحاربي ‏"‏ قال ولم ذاك‏؟‏ قلت‏:‏ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى مكانه وأبو بكر وهما أحوج منك إلى المال فلم يحركاه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هما المرءان‏)‏ تثنية مرء بفتح الميم ويجوز ضمها والراء ساكنة على كل حال بعدها همزة أي الرجلان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أقتدي بهما‏)‏ في رواية عمر بن شبة تكرير قوله ‏"‏ المرءان أقتدي بهما ‏"‏ وفي رواية ابن مهدي في الاعتصام ‏"‏ يقتدي بهما ‏"‏ على البناء للمجهول‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي والمحاربي ‏"‏ فقام كما هو وخرج‏"‏‏.‏

ودار نحو هذه القصة بين عمر أيضا وأبي بن كعب أخرجه عبد الرزاق وعمر بن شبة من طريق الحسن ‏"‏ أن عمر أراد أن يأخذ كنز الكعبة فينفقه في سبيل الله فقال له أبي بن كعب‏:‏ قد سبقك صاحباك، فلو كان فضلا لفعلاه ‏"‏ لفظ عمر بن شبة‏.‏

وفي رواية عبد الرزاق ‏"‏ فقال له أبي بن كعب‏:‏ والله ما ذاك لك، قال‏:‏ ولم‏؟‏ قال‏:‏ أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ أراد عمر لكثرته إنفاقه في منافع المسلمين، ثم لما ذكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض له أمسك، وإنما تركا ذلك والله أعلم لأن ما جعل في الكعبة وسبل لها يجري مجرى الأوقاف فلا يجوز تغييره عن وجهه، وفي ذلك تعظيم الإسلام وترهيب العدو‏.‏

قلت‏:‏ أما التعليل الأول فليس بظاهر من الحديث بل يحتمل أن يكون تركه صلى الله عليه وسلم لذلك رعاية لقلوب قريش كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، ويؤيده ما وقع عند مسلم في بعض طرق حديث عائشة في بناء الكعبة ‏"‏ لأنفقت كنز الكعبة ‏"‏ ولفظه ‏"‏ لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض ‏"‏ الحديث، فهذا التعليل هو المعتمد‏.‏

وحكى الفاكهي في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم وجد فيها يوم الفتح ستين أوقية، فقيل له‏:‏ لو استعنت بها على حربك فلم يحركه، وعلى هذا فإنفاقه جائز كما جاز لابن الزبير بناؤها على قواعد إبراهيم لزوال سبب الامتناع، ولولا قوله في الحديث ‏"‏ في سبيل الله ‏"‏ لأمكن أن يحمل الإنفاق على ما يتعلق بها فيرجع إلى أن حكمه حكم التحبيس، ويمكن أن يحمل قوله في سبيل الله على ذلك لأن عمارة الكعبة يصدق عليه أنه في سبيل الله، واستدل التقي السبكي بحديث الباب على جواز تعليق قناديل الذهب والفضة في الكعبة ومسجد المدينة فقال‏:‏ هذا الحديث عمدة في مال الكعبة وهو ما يهدى إليها أو ينذر لها، قال‏:‏ وأما قول الرافعي لا يجوز تحلية الكعبة بالذهب والفضة ولا تعليق قناديلها فيها حكى الوجهين في ذلك‏:‏ أحدهما الجواز تعظيما كما في المصحف، والآخر المنع إذ لم ينقل من فعل السلف، فهذا مشكل لأن للكعبة من التعظيم ما ليس لبقية المساجد بدليل تجويز سترها بالحرير والديباج، وفي جواز ستر المساجد بذلك خلاف‏.‏

ثم تمسك للجواز بما وقع في أيام الوليد بن عبد الملك من تذهيبه سقوف المسجد النبوي قال‏:‏ ولم ينكر ذلك عمر بن عبد العزيز ولا أزاله في خلافته‏.‏

ثم استدل للجواز بأن تحريم استعمال الذهب والفضة إنما هو فيما يتعلق بالأواني المعدة للأكل والشرب ونحوهما قال‏:‏ وليس في تحلية المساجد بالقناديل الذهب شيء من ذلك، وقد قال الغزالي‏:‏ من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن فإنه لم يثبت في الذهب إلا تحريمه على الأمة فيما ينسب للذهب وهذا بخلافه فيبقى على أصل الحل ما لم ينه إلى الإسراف انتهى‏.‏

وتعقب بأن تجويز ستر الكعبة بالديباج قام الإجماع عليه، وأما التحلية بالذهب والفضة فلم ينقل عن فعل من يقتدي به، والوليد لا حجة في فعله، وترك عمر بن عبد العزيز النكير أو الإزالة يحتمل عدة معان فلعله كان لا يقدر على الإنكار خوفا من سطوة الوليد، ولعله لم يزلها لأنه لا يتحصل منها شيء، ولا سيما إن كان الوليد جعل في الكعبة صفائح فلعله رأى أن تركها أولى لأنها صارت في حكم المال الموقوف فكأنه أحفظ لها من غيره، وربما أدى قلعه إلى إزعاج بناء الكعبة فتركـه، ومع هذه الاحتمالات لا يصلح الاستدلال بذلك للجواز‏.‏

وقوله إن الحرام من الذهب إنما هو استعماله في الأكل والشرب إلخ هو متعقب بأن استعمال كل شيء بحسبه، واستعمال قناديل الذهب هو تعليقها للزينة، وأما استعمالها للإيقاد فممكن على بعد، وتمسكه بما قاله الغزالي يشكل عليه بأن الغزالي قيده بما لم ينته إلى الإسراف، والقنديل الواحد من الذهب يكتب تحلية عدة مصاحف، وقد أنكر السبكي على الرافعي تمسكه في المنع بكون ذلك لم ينقل عن السلف، وجوابه أن الرافعي تمسك بذلك مضموما إلى شيء آخر وهو أنه قد صح النهي عن استعمال الحرير والذهب فلما استعمل السلف الحرير في الكعبة دون الذهب - مع عنايتهم بها وتعظيمها - دل على أنه بقي عندهم على عموم النهي، وقد نقل الشيخ الموفق الإجماع على تحريم استعمال أواني الذهب، والقناديل من الأواني بلا شك، واستعمال كل شيء بحسبه والله أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ قال الإسماعيلي ليس في حديث الباب لكسوة الكعبة ذكر، يعني فلا يطابق الترجمة‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ معني الترجمة صحيح، ووجهها أنه معلوم أن الملوك في كل زمان كانوا يتفاخرون بكسوة الكعبة برفيع الثياب المنسوجة بالذهب وغيره كما يتفاخرون بتسبيل الأموال لها، فأراد البخاري أن عمر لما رأى قسمة الذهب والفضة صوابا كان حكم الكسوة حكم المال تجوز قسمتها، بل ما فضل من كسوتها أولى بالقسمة‏.‏

وقال ابن المنير في الحاشية‏:‏ يحتمل أن يكون مقصوده التنبيه على أ ن كسوة الكعبة مشروع، والحجة فيه أنها لم تزل تقصد بالمال يوضع فيها على معنى الزينة إعظاما لها فالكسوة من هذا القبيل، قال‏:‏ ويحتمل أن يكون أراد ما في بعض طرق الحديث كعادته ويكون هناك طريق موافقة للترجمة إما لخلل شرطها وإما لتبحر الناظر في ذلك، وإذا تقرر ذلك فيحتمل أن يكون أخذه من قول عمر‏:‏ لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة، فالمال يطلق على كل شيء فيدخل فيه الكسوة، وقد ثبت في الحديث ‏"‏ ليس لك من مالك إلا ما لبست فأبليت ‏"‏ قال‏:‏ ويحتمل أيضا - فذكر نحو ما قال ابن بطال وزاد - فأراد التنبيه على أنه موضع اجتهاد، وإن رأي عمر جواز التصرف في المصالح‏.‏

وأما الترك الذي احتج به عليه شيبة فليس صريحا في المنع، والذي يظهر جواز قسمة الكسوة العتيقة، إذ في بقائها تعريض لإتلافها ولا جمال في كسوة عتيقة مطوية، قال‏:‏ ويؤخذ من رأي عمر أن صرف المال في المصالح آكد من صرفه في كسوة الكعبة، لكن الكسوة في هذه الأزمنة أهم‏.‏

قال‏:‏ واستدلال ابن بطال بالترك على إيجاب بقاء الأحباس لا يتم إلا إن كان القصد بمال الكعبة إقامتها وحفظ أصولها إذا احتيج إلى ذلك، ويحتمل أن يكون القصد منه منفعة أهل الكعبة وسدنتها أو إرصاده لمصالح الحرم أو لأعم من ذلك، وعلى كل تقدير فهو تحبيس لا نظير له فلا يقاس عليه انتهى‏.‏

ولم أر في شيء من طريق حديث شيبة هذا ما يتعلق بالكسوة، إلا أن الفاكهي روى في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ من طريق علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها قالت ‏"‏ دخل علي شيبة الحجبي فقال‏:‏ يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تجتمع عندنا فتكثر، فننزعها ونحفر بئرا فنعمقها وندفنها لكي لا تلبسها الحائض والجنب، قالت‏:‏ بئسما صنعت، ولكن بعها فاجعل ثمنها في سبيل الله وفي المساكين، فإنها إذا نزعت عنها لم يضر من لبسها من حائض أو جنب، فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع له فيضعها حيث أمرته ‏"‏ وأخرجه البيهقي من هذا الوجه، لكن في إسناده راو ضعيف، وإسناد الفاكهي سالم منه‏.‏

وأخرج الفاكهي أيضا من طريق ابن خيثم ‏"‏ حدثني رجل من بني شيبة قال‏:‏ رأيت شيبة بن عثمان يقسم ما سقط من كسوة الكعبة على المساكين ‏"‏ وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن أبيه ‏"‏ أن عمر كان ينزع كسوة البيت كل سنة فيقسمها على الحاج ‏"‏ فلعل البخاري أشار إلى شيء من ذلك‏.‏

‏(‏فصل‏)‏ في معرفة بدء كسوة البيت‏:‏ روى الفاكهي من طريق عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه أنه سمعه يقول ‏"‏ زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب أسعد، وكان أول من كسا البيت الوصائل ‏"‏ ورواه الواقدي عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عنه، ومن وجه آخر عن عمر موقوفا، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال‏:‏ بلغنا أن تبعا أول من كسا الكعبة الوصائل فسترت بها‏.‏

قال‏:‏ وزعم بعض علمائنا أن أول من كسا الكعبة إسماعيل عليه السلام‏.‏

وحكى الزبير بن بكار عن بعض علمائهم أن عدنان أول من وضع أنصاب الحرم، وأول من كسا الكعبة، أو كسيت في زمنه‏.‏

وحكى البلاذري أن أول من كساها الأنطاع عدنان بن أد‏.‏

وروى الواقدي أيضا عن إبراهيم بن أبي ربيعة قال‏:‏ كسي البيت في الجاهلية الأنطاع، ثم كساه رسول الله صلى الله عليه وسلم لثياب اليمانية، ثم كساه عمر وعثمان القباطي، ثم كساه الحجاج الديباج‏.‏

وروى الفاكهي بإسناد حسن عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ لما كان عام الفتح أتت امرأة تجمر الكعبة فاحترقت ثيابها وكانت كسوة المشركين، فكساها المسلمون بعد ذلك‏.‏

وقال أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ حدثنا وكيع عن حسن هو ابن صالح عن ليث هو ابن أبي سليم قال‏:‏ كانت كسوة الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم المسوح والأنطاع‏.‏

ليث ضعيف، والحديث معضل‏.‏

وقال أبو بكر أيضا حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عجوز من أهل مكة قالت‏:‏ أصيب ابن عفان وأنا بنت أربع عشرة سنة، قالت‏:‏ ولقد رأيت البيت وما عليه كسوة إلا ما يكسوه الناس الكساء الأحمر يطرح عليه والثوب الأبيض‏.‏

وقال ابن إسحاق‏:‏ بلغني أن البيت لم يكس في عهد أبي بكر ولا عمر، يعني لم يجدد له كسوة‏.‏

وروى الفاكهي بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكسو بدنه القباطي والحبرات يوم يقلدها، فإذا كان يوم النحر نزعها ثم أرسل بها إلى شيبة بن عثمان فناطها على الكعبة‏.‏

زاد في رواية صحيحة أيضا‏.‏

فلما كست الأمراء الكعبة جللها القباطي، ثم تصدق بها‏.‏

وهذا يدل على أن الأمر كان مطلقا للناس‏.‏

ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه قالت‏:‏ سألت عائشة أنكسو الكعبة‏؟‏ قالت‏:‏ الأمراء يكفونكم‏.‏

وروى عبد الرزاق عن الأسلمي هو إبراهيم بن أبي يحيى عن هشام بن عروة أن أول من كساها الديباج عبد الله بن الزبير، وإبراهيم ضعيف‏.‏

وتابعه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف أيضا أخرجه الزبير عنه عن هشام، وروى الواقدي عن إسحاق بن عبد الله عن أبي جعفر الباقر قال‏:‏ كساها يزيد بن معاوية الديباج، وإسحاق بن أبي فروة ضعيف‏.‏

وقال عبد الرزاق عن ابن جريج‏:‏ أخبرت أن عمر كان يكسوها القباطي، وأخبرني غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كساها القباطي والحبرات وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من كساها الديباج عبد الملك بن مروان، وأن من أدرك ذلك من الفقهاء قالوا أصاب ما نعلم لها من كسوة أوفق منه‏.‏

وروى أبو عروبة في ‏"‏ الأوائل ‏"‏ له عن الحسن قال‏:‏ أول من لبس الكعبة القباطي النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وروى الفاكهي في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ من طريق مسعر عن جسرة قال‏:‏ أصاب خالد بن جعفر بن كلاب لطيمة في الجاهلية فيها نمط من ديباج، فأرسل به إلى الكعبة فنيط عليها، فعلى هذا هو أول من كسا الكعبة الديباج‏.‏

وروى الدارقطني في المؤتلف أن أول من كسا الكعبة الديباج نتيلة بنت جناب والدة العباس بن عبد المطلب كانت أضلت العباس صغيرا فنذرت إن وجدته أن تكسو الكعبة الديباج‏.‏

وذكر الزبير بن بكار أنها أضلت ابنها ضرار بن عبد المطلب شقيق العباس فنذرت أن وجدته أن تكسو البيت فرده عليها رجل من جذام فكست الكعبة ثيابا بيضا‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 11:09 pm

وهذا محمول على تعدد القصة‏.‏

وحكى الأزرقي أن معاوية كساها الديباج والقباطي والحبرات، فكانت تكسى الديباج يوم عاشوراء والقباطي في آخر رمضان، فحصلنا في أول من كساها مطلقا على ثلاثة أقوال‏:‏ إسماعيل وعدنان وتبع وهو أسعد المذكور في الرواية الأولى، ولا تعارض بين ما روي عنه أنه كساها الأنطاع والوصائل لأن الأزرقي حكى في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ أن تبعا أري في المنام أن يكسو الكعبة فكساها الأنطاع، ثم أري أن يكسوها فكساها الوصائل وهي ثياب حبرة من عصب اليمن، ثم كساها الناس بعده في الجاهلية‏.‏

ويجمع بين الأقوال الثلاثة إن كانت ثابتة بأن إسماعيل أول من كساها مطلقا، وأما تبع فأول من كساها ما ذكر، وأما عدنان فلعله أول من كساها بعد إسماعيل، وسيأتي في أوائل غزوة الفتح ما يشعر أنها كانت تكسى في رمضان، وحصلنا في أول من كساها الديباج على ستة أقوال‏:‏ خالد أو نتيلة أو معاوية أو يزيد أو ابن الزبير أو الحجاج، ويجمع بينها بأن كسوة خالد ونتيلة لم تشملها كلها وإنما كان فيما كساها شيء من الديباج، وأما معاوية فلعله كساها في آخر خلافته فصادف ذلك خلافة ابنه يزيد، وأما ابن الزبير فكأنه كساها ذلك بعد تجديد عمارتها فأوليته بذلك الاعتبار، لكن لم يداوم على كسوتها الديباج، فلما كساها الحجاج بأمر عبد الملك استمر ذلك فكأنه أول من داوم على كسوتها الديباج في كل سنة‏.‏

وقول ابن جريج أول من كساها ذلك عبد الملك يوافق القول الأخير، فإن الحجاج إنما كساها بأمر عبد الملك‏.‏

وقول ابن إسحاق أن أبا بكر وعمر لم يكسيا الكعبة فيه نظر، لما تقدم عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن عمر كان ينزعها كل سنة، لكن يعارض ذلك ما حكاه الفاكهي عن بعض المكيين أن شيبة بن عثمان استأذن معاوية في تجريد الكعبة فأذن له فكان أول من جردها من الخلفاء، وكانت كسوتها قبل ذلك تطرح عليها شيئا فوق شيء‏.‏

وقد تقدم سؤال شيبة لعائشة أنها تجتمع عندهم فتكثر‏.‏

وذكر الأزرقي أن أول من ظاهر الكعبة بين كسوتين عثمان بن عفان‏.‏

وذكر الفاكهي أن أول من كساها الديباج الأبيض المأمون بن الرشيد واستمر بعده‏.‏

وكسيت في أيام الفاطميين الديباج الأبيض‏.‏

وكساها محمد بن سبكتكين ديباجا أصفر، وكساها الناصر العباسي ديباجا أخضر، ثم كساها ديباجا أسود فاستمر إلى الآن‏.‏

ولم تزل الملوك يتداولون كسوتها إلى أن وقف عليها الصالح إسماعيل بن الناصر في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة قرية من نواحي القاهرة يقال لها بيسوس كأن اشترى الثلثين منها من وكيل بيت المال ثم وقفها كلها على هذه الجهة فاستمر، ولم تزل تكسى من هذا الوقف إلى سلطنة الملك المؤيد شيخ سلطان العصر فكساها من عنده سنة لضعف وقفها، ثم فوض أمرها إلى بعض أمنائه وهو القاضي زين الدين عبد الباسط - بسط الله له في رزقه وعمره - فبالغ في تحسينها بحيث يعجز الواصف عن صفة حسنها جزاه الله على ذلك أفضل المجازاة‏.‏

وحاول ملك الشرق شاه روخ في سلطنة الأشرف برسباي أن يأذن له في كسوة الكعبة فامتنع، فعاد راسله أن يأذن له أن يكسوها من داخلها فقط فأبى، فعاد راسله أن يرسل الكسوة إليه ويرسلها إلى الكعبة ويكسوها ولو يوما واحدا، واعتذر بأنه نذر أن يكسوها ويريد الوفاء بنذره، فاستفتى أهل العصر فتوقفت عن الجواب وأشرت إلى أنه إن خشي منه الفتنة فيجاب دفعا للضرر، وتسرع جماعة إلى عدم الجواز ولم يستندوا إلى طائل، بل إلى موافقة هوى السلطان، ومات الأشرف على ذلك‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)16
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)17
»  فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )1
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)18

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: