foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:34 pm

*3* باب التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِي حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التلبية إذا انحدر في الوادي‏)‏ أورد فيه حديث ابن عباس ‏"‏ أما موسى كأني أنظر إليه إذا انحدر إلى الوادي يلبي ‏"‏ وفيه قصة وسيأتي بها الإسناد بأتم من هذا السياق في كتاب اللباس‏.‏

وقوله ‏"‏أما موسى كأني أنظر إليه ‏"‏ قال المهلب‏:‏ هذا وهم من بعض رواته لأنه لم يأت أثر ولا خبر أن موسى حي وأنه سيحج، إنما أتى ذلك عن عيسى فاشتبه على الراوي، ويدل عليه قوله في الحديث الآخر ‏"‏ ليهلن ابن مريم بفج الروحاء ‏"‏ انتهى، وهو تغليط للثقات بمجرد التوهم، فسيأتي في اللباس بالإسناد المذكور بزيادة ذكر إبراهيم فيه أفيقال إن الراوي غلط فزاده‏؟‏ وقد أخرج مسلم الحديث من طريق أبي العالية عن ابن عباس بلفظ ‏"‏ كأني أنظر إلى موسى هابطا من الثنية واضعا إصبعيه في أذنيه مارا بهذا الوادي وله جؤار إلى الله بالتلبية، قاله لما مر بوادي الأزرق ‏"‏ واستفيد منه تسمية الوادي، وهو خلف أمج بينه وبين مكة ميل واحد، وأمج بفتح الهمزة والميم وبالجيم قرية ذات مزارع هناك، وفي هذا الحديث أيضا ذكر يونس، أفيقال إن الراوي الآخر غلط فزاد يونس‏؟‏ وقد اختلف أهل التحقيق في معني قوله ‏"‏ كأني أنظر ‏"‏ على أوجه‏:‏ الأول هو على الحقيقة والأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون فلا مانع أن يحجوا في هذا الحال كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم رأى موسى قائما في قبره يصلي، قال القرطبي‏:‏ حببت إليهم العبادة فهم يتعبدون بما يجدونه من دواعي أنفسهم لا بما يلزمون به، كما يلهم أهل الجنة الذكر‏.‏

ويؤيده أن عمل الآخرة ذكر ودعاء لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏دعواهم فيها سبحانك اللهم‏)‏ الآية، لكن تمام هذا التوجيه أن يقال إن المنظور إليه هي أرواحهم، فلعلها مثلت له صلى الله عليه وسلم في الدنيا كما مثلت له ليلة الإسراء، وأما أجسادهم فهي في القبور، قال ابن المنير وغيره‏:‏ يجعل الله لروحه مثالا فيرى في اليقظة كما يرى في النوم‏.‏

ثانيها كأنه مثلت له أحوالهم التي كانت في الحياة الدنيا كيف تعبدوا وكيف حجوا وكيف لبوا، ولهذا قال‏:‏ ‏"‏ كأني‏"‏‏.‏

ثالثها كأنه أخبر بالوحي عن ذلك فلشدة قطعه به قال‏:‏ ‏"‏ كأني أنظر إليه‏"‏‏.‏

رابعها كأنها رؤية منام تقدمت له فأخبر عنها لما حج عندما تذكر ذلك، ورؤيا الأنبياء وحي، وهذا هو المعتمد عندي لما سيأتي في أحاديث الأنبياء من التصريح بنحو ذلك في أحاديث أخر، وكون ذلك كان في المنام والذي قبله أيضا ليس ببعيد والله أعلم‏.‏

قال ابن المنير في الحاشية‏:‏ توهيم المهلب للراوي وهم منه، وإلا فأي فرق بين موسى وعيسى لأنه لم يثبت أن عيسى منذ رفع نزل إلى الأرض إنما ثبت أنه سينزل‏.‏

قلت أراد المهلب بأن عيسى لما ثبت أنه سينزل كان كالمحقق فقال ‏"‏ كأني أنظر إليه ‏"‏ ولهذا استدل المهلب بحديث أبي هريرة الذي فيه ‏"‏ ليهلن ابن مريم بالحج ‏"‏ والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَالَ أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي يُلَبِّي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذ انحدر‏)‏ كذا في الأصول وحكى عياض أن بعض العلماء أنكر إثبات الألف وغلط رواته قال‏:‏ وهو غلط منه إذ لا فرق بين إذا وإذ هنا لأنه وصفه حالة انحداره فيما مضى‏.‏

وفي الحديث أن التلبية في بطون الأودية من سنن المرسلين، وأنها تتأكد عند الهبوط كما تتأكد عند الصعود‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ لم يصرح أحد ممن روي هذا الحديث عن ابن عون بذكر النبي صلى الله عليه وسلم قاله الإسماعيلي، ولا شك أنه مراد لأن ذلك لا يقوله ابن عباس من قبل نفسه ولا عن غير النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم‏.‏

*3* باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ حذف التشكيل

أَهَلَّ تَكَلَّمَ بِهِ وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الْهِلَالَ كُلُّهُ مِنْ الظُّهُورِ وَاسْتَهَلَّ الْمَطَرُ خَرَجَ مِنْ السَّحَابِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَهُوَ مِنْ اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب كيف تهل الحائض والنفساء‏)‏ أي كيف تحرم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أهل تكلم به إلخ‏)‏ هكذا في رواية المستملي والكشميهني‏.‏

وليس هذا مخالفا لما قدمناه من أن أصل الإهلال رفع الصوت لأن رفع الصوت يقع بذكر الشيء عند ظهوره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وما أهل لغير الله به وهو من استهلال الصبي‏)‏ أي أنه من رفع الصوت بذلك فاستهل الصبي أي رفع صوته بالصياح إذا خرج من بطن أمه، وأهل به لغير الله أي رفع الصوت به عند الذبح للأصنام، ومنه استهلال المطر والدمع وهو صوت وقعه بالأرض ومن لازم ذلك الظهور غالبا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأهللنا بعمرة‏)‏ قال عياض‏:‏ اختلفت الروايات في إحرام عائشة اختلافا كثيرا‏.‏

قلت‏:‏ وسيأتي بسط القول فيه بعد بابين في ‏"‏ باب التمتع والقران‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال انقضي رأسك‏)‏ هو بالقاف وبالمعجمة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وامتشطي وأهلي بالحج‏)‏ وهو شاهد الترجمة‏.‏

وقد سبق في كتاب الحيض بلفظ ‏"‏ وافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ‏"‏ وسيأتي بقية الكلام عليه بعد هذا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم طافوا طوافا آخر‏)‏ كذا للكشميهني والجرجاني، ولغيرهما ‏"‏ طوافا واحدا ‏"‏ والأول هو الصواب قاله عياض، قال الخطابي‏:‏ استشكل بعض أهل العلم أمره لها بنقض رأسها ثم بالامتشاط، وكان الشافعي يتأوله على أنه أمرها أن تدع العمرة وتدخل عليها الحج فتصير قارنة، قال‏:‏ وهذا لا يشاكل القصة‏.‏

وقيل إن مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج إذا رمى الجمرة، قال‏:‏ وهذا لا يعلم وجهه‏.‏

وقيل كانت مضطرة إلى ذلك‏.‏

قال‏:‏ ويحتمل أن يكون نقض رأسها كان لأجل الغسل لتهل بالحج لا سيما إن كانت ملبدة فتحتاج إلى نقض الضفر، وأما الامتشاط فلعل المراد به تسريحها شعرها بأصابعها برفق حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان‏.‏

*3* باب مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذف التشكيل

قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فجاز الإحرام على الإبهام، لكن لا يلزم منه جواز تعليقه إلا على فعل من يتحقق أنه يعرفه كما وقع في حديثي الباب، وأما مطلق الإحرام على الإبهام فهو جائز ثم يصرفه المحرم لما شاء لكونه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك وهذا قول الجمهور، وعن المالكية لا يصح الإحرام على الإبهام وهو قول الكوفيين، قال ابن المنير‏:‏ وكأنه مذهب البخاري لأنه أشار بالترجمة إلى أن ذلك خاص بذلك الزمن لأن عليا وأبا موسى لم يكن عندهما أصل يرجعان إليه في كيفية الإحرام فأحالاه على النبي صلى الله عليه وسلم، وأما الآن فقد استقرت الأحكام وعرفت مراتب الإحرام فلا يصح ذلك والله أعلم‏.‏

وكأنه أخذ الإشارة من تقييده بزمن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قاله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ يشير إلى ما أخرجه موصولا في ‏"‏ باب بعث علي إلى اليمن ‏"‏ من كتاب المغازي من طريق بكر بن عبد الله المزني عن ابن عمر فذكر فيه حديثا ‏"‏ فقدم علينا علي بن أبي طالب من اليمن حاجا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بـم أهللت فإن معنا أهلك، قال أهللت بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ الحديث، إنما قال له ‏"‏ فإن معنا أهلك ‏"‏ لأن فاطمة كانت قد تمتعت بالعمرة وأحلت كما بينه مسلم من حديث جابر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وزاد محمد بن بكر عن ابن جريج‏)‏ يعني عن عطاء عن جابر، ثبت هذا التعليق في رواية أبي ذر وقد وصله الإسماعيلي من طريق محمد بن بشار وأبو عوانة في صحيحه عن عمار بن رجاء كلاهما عن محمد بن بكر به، وسيأتي معلقا أيضا في المغازي من هذا الوجه مقرونا بطريق مكي بن إبراهيم أيضا هناك أتم، والمذكور في كل من الموضعين قطعة من الحديث، وأورد بقيته بهذين السندين معلقا وموصولا في كتاب الاعتصام، والمراد بقوله في طريق مكي ‏"‏ وذكر قول سراقة ‏"‏ أي سؤاله ‏"‏ أعمرتنا لعامنا هذا أو للأبد قال بل للأبد ‏"‏ وسيأتي موصولا في أبواب العمرة من وجه آخر عن عطاء عن جابر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وامكث حراما كما أنت‏)‏ في حديث ابن عمر المشار إليه قال ‏"‏ فأمسك فإن معنا هديا‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ الْهُذَلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ مَرْوَانَ الْأَصْفَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ فَقَالَ بِمَا أَهْلَلْتَ قَالَ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الصمد‏)‏ هو ابن عبد الوارث بن سعيد، ومروان الأصفر يقال اسم أبيه خاقان وهو أبو خلف البصري، وروي أيضا عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما من الصحابة، وليس له في البخاري عن أنس سوى هذا الحديث وهو من أفراد الصحيح قال الترمذي حسن غريب‏.‏

وقال الدارقطني في ‏"‏ الأفراد ‏"‏ لا أعلم رواه عن سليم بن حيان غير عبد الصمد بن عبد الوارث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قدم علي من اليمن‏)‏ سيأتي في المغازي ذكر سبب بعث علي إلى اليمن وأن ذلك قبل حجة الوداع وبيان ذلك من حديث البراء بن عازب ومن حديث بريدة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ بِمَا أَهْلَلْتَ قُلْتُ أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ قُلْتُ لَا فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي فَقَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ اللَّهُ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن طارق بن شهاب‏)‏ في رواية أيوب بن عائذ الآتية في المغازي عن قيس بن مسلم ‏"‏ سمعت طارق بن شهاب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ هو الأشعري‏.‏

وفي رواية أيوب المذكورة ‏"‏ حدثني أبو موسى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومي باليمن‏)‏ سيأتي تحرير وقت ذلك وسببه في كتاب المغازي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو بالبطحاء‏)‏ زاد في رواية شعبة عن قيس الآتية في ‏"‏ باب متى يحل المعتمر ‏"‏ منيخ أي نازل بها وذلك في ابتداء قدومه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بم أهللت‏)‏ في رواية شعبة ‏"‏ فقال أحججت‏؟‏ قلت نعم قال بم أهللت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت أهللت‏)‏ في رواية شعبة ‏"‏ قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال أحسنت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأمرني فطفت‏)‏ في رواية شعبة ‏"‏ طف بالبيت وبالصفا والمروة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأتيت امرأة من قومي‏)‏ في رواية شعبة ‏"‏ امرأة من قيس ‏"‏ والمبادر إلى الذهن من هذا الإطلاق أنها من قيس عيلان وليس بينهم وبين الأشعريين نسبة لكن في رواية أيوب بن عائذ امرأة من نساء بني قيس وظهر لي من ذلك أن المراد بقيس قيس بن سليم والد أبي موسى الأشعري وأن المرأة زوج بعض إخوته، وكان لأبي موسى من الإخوة أبو رهم وأبو بردة قيل ومحمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أو غسلت رأسي‏)‏ كذا فيه بالشك، وأخرجه مسلم من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان بلفظ ‏"‏ وغسلت رأسي ‏"‏ بواو العطف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقدم عمر‏)‏ ظاهر سياقه أن قدوم عمر كان في تلك الحجة وليس كذلك بل البخاري اختصره، وقد أخرجه مسلم من طريق عبد الرحمن بن مهدي أيضا بعد قوله ‏"‏ وغسلت رأسي‏:‏ فكنت أفتي الناس بذاك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر، فإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال‏:‏ إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك ‏"‏ فذكر القصة وفيه ‏"‏ فلما قدم قلت يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك ‏"‏‏؟‏ فذكر جوابه‏.‏

وقد اختصره المصنف أيضا من طريق شعبة لكنه أبين من هذا ولفظه ‏"‏ فكنت أفتي به حتى كانت خلافة عمر فقال‏:‏ إن أخذنا ‏"‏ الحديث، ولمسلم أيضا من طريق إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل رويدك ببعض فتياك الحديث‏.‏

وفي هذه الرواية تبيين عمر العلة التي لأجلها كره التمتع وهي قوله‏:‏ ‏"‏ قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن - أي بالنساء - ثم يروحوا في الحج تقطر رءوسهم ‏"‏ انتهى، وكان من رأي عمر عدم الترفه للحج بكل طريق، فكره لهم قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر الميل إلى ذلك بخلاف من بعد عهده به، ومن يفطم ينفطم‏.‏

وقد أخرج مسلم من حديث جابر أن عمر قال‏:‏ ‏"‏ افصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم‏"‏‏.‏

وفي رواية ‏"‏ إن الله يحل لرسوله ما شاء، فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن نأخذ بكتاب الله إلخ‏)‏ محصل جواب عمر في منعه الناس من التحلل بالعمرة أن كتاب الله دال على منع التحلل لأمره بالإتمام فيقتضي استمرار الإحرام إلى فراغ الحج، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا دالة على ذلك لأنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله، لكن الجواب عن ذلك ما أجاب به هو صلى الله عليه وسلم حيث قال ‏"‏ ولولا أن معي الهدي لأحللت ‏"‏ فدل على جواز الإحلال لمن لم يكن معه هدي، وتبين من مجموع ما جاء عن عمر في ذلك أنه منع منه سدا للذريعة‏.‏

وقال المازري‏:‏ قيل إن المتعة التي نهى عنها عمر فسخ الحج إلى العمرة، وقيل العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامه، وعلى الثاني إنما نهى عنها ترغيبا في الإفراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها‏.‏

وقال عياض‏:‏ الظاهر أنه نهى عن الفسخ ولهذا كان يضرب الناس عليها كما رواه مسلم بناء على معتقده أن الفسخ كان خاصا بتلك السنة، قال النووي‏:‏ والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه وهو على التنزيه للترغيب في الإفراد كما يظهر من كلامه، ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة ونفي الاختلاف في الأفضل كما سيأتي في الباب الذي بعده، ويمكن أن يتمسك من يقول بأنه إنما نهي عن الفسخ بقوله في الحديث الذي أشرنا إليه قريبا من مسلم ‏"‏ أن الله يحل لرسوله ما شاء ‏"‏ والله أعلم‏.‏

وفي قصة أبي موسى وعلي دلالة على جواز تعليق الإحرام بإحرام الغير مع اختلاف آخر الحديثين في التحلل، وذلك أن أبا موسى لم يكن منه هدي فصار له حكم النبي صلى الله عليه وسلم، لو لم يكن معه هدي وقد قال ‏"‏ لولا الهدي لأحللت ‏"‏ أي وفسخت الحج إلى العمرة كما فعله أصحابه بأمره كما سيأتي، وأما علي فكان معه هدي فلذلك أمر بالبقاء على إحرامه وصار مثله قارنا‏.‏

قال النووي‏:‏ هذا هو الصواب، وقد تأوله الخطابي وعياض بتأويلين غير مرضيين انتهى‏.‏

فأما تأويل الخطابي فإنه قال‏:‏ فعل أبي موسى يخالف فعل علي، وكأنه أراد بقوله أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم أي كما يبينه لي ويعينه لي من أنواع ما يحرم به فأمره أن يحل بعمل عمرة لأنه لم يكن معه هدي، وأما تأويل عياض فقال‏:‏ المراد بقوله ‏"‏ فكنت أفتي الناس بالمتعة ‏"‏ أي بفسخ الحج إلى العمرة، والحامل لهما على ذلك اعتقادهما أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا مع قوله ‏"‏ لولا أن معي الهدي لأحللت ‏"‏ أي فسخت الحج وجعلته عمرة فلهذا أمر أبا موسى بالتحلل لأنه لم يكن معه هدي، بخلاف علي‏.‏

قال عياض‏:‏ وجمهور الأئمة على أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بالصحابة انتهى‏.‏

وقال ابن المنير في الحاشية‏:‏ ظاهر كلام عمر التفريق بين ما دل عليه الكتاب ودلت عليه السنة، وهذا التأويل يقتضي أنهما يرجعان إلى معنى واحد، ثم أجاب بأنه لعله أراد إبطال وهم من توهم أنه خالف السنة حيث منع من الفسخ فبين أن الكتاب والسنة متوافقان على الأمر بالإتمام وأن الفسخ كان خاصا بتلك السنة لإبطال اعتقاد الجاهلية أن العمرة لا تصح في أشهر الحج انتهى‏.‏

وأما إذا قلنا كان قارنا على ما هو الصحيح المختار فالمعتمد ما ذكر النووي والله أعلم‏.‏

وسيأتي بيان اختلاف الصحابة في كيفية التمتع في ‏"‏ باب التمتع والقران ‏"‏ إن شاء الله تعالى‏.‏

واستدل به على جواز الإحرام المبهم وأن المحرم به يصرفه لما شاء وهو قول الشافعي وأصحاب الحديث، ومحل ذلك ما إذا كان الوقت قابلا بناء على أن الحج لا ينعقد في غير أشهره كما سيأتي في الباب الذي يليه‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:35 pm

*3* باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ حذف التشكيل

وَقَوْلِهِ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَرِهَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى الحج أشهر معلومات إلى قوله في الحج، وقوله يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج‏)‏ قال العلماء‏:‏ تقدير قوله‏:‏ ‏(‏الحج أشهر معلومات‏)‏ أي الحج حج أشهر معلومات أو أشهر الحج أو وقت الحج أشهر معلومات فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه‏.‏


وقال الواحدي‏:‏ يمكن حمله على غير إضمار وهو أن الأشهر جعلت نفس الحج اتساعا لكون الحج يقع فيها كقولهم ليل نائم‏.‏

وقال الشيخ أبو إسحاق في ‏"‏ المهذب ‏"‏‏:‏ المراد وقت إحرام الحج لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر فدل على أن المراد وقت الإحرام به، وأجمع العلماء على أن المراد بأشهر الحج ثلاثة أولها شوال، لكن اختلفوا هل هي ثلاثة بكمالها وهو قول مالك ونقل عن ‏"‏ الإملاء ‏"‏ للشافعي، أو شهران وبعض الثالث وهو قول الباقين، ثم اختلفوا فقال ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وآخرون‏:‏ عشر ليال من ذي الحجة، وهل يدخل يوم النحر أو لا‏؟‏ قال أبو حنيفة وأحمد‏:‏ نعم‏.‏

وقال الشافعي في المشهور المصحح عنه‏:‏ لا‏.‏

وقال بعض أتباعه‏:‏ تسع من ذي الحجة ولا يصح في يوم النحر ولا في ليلته وهو شاذ‏.‏

واختلف العلماء أيضا في اعتبار هذه الأشهر هل هو على الشرط أو الاستحباب‏؟‏ فقال ابن عمر وابن عباس وجابر وغيرهم من الصحابة والتابعين‏:‏ هو شرط فلا يصح الإحرام بالحج إلا فيها، وهو قول الشافعي، وسيأتي استدلال ابن عباس لذلك في هذا الباب، واستدل بعضهم بالقياس على الوقوف وبالقياس على إحرام الصلاة وليس بواضح لأن الصحيح عند الشافعية أن من أحرم بالحج في غير أشهره انقلب عمرة تجزئه عن عمرة الفرض، وأما الصلاة فلو أحرم قبل الوقت انقلب بشرط أن يكون ظانا دخول الوقت لا عالما فاختلفا من وجهين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ أشهر الحج إلخ‏)‏ وصله الطبري والدارقطني من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عنه قال ‏"‏ الحج أشهر معلومات، شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ‏"‏ وروى البيهقي من طريق عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله والإسنادان صحيحان، وأما ما رواه مالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال ‏"‏ من اعتمر في أشهر الحج - شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة - قبل الحج فقد استمتع ‏"‏ فلعله تجوز في إطلاق ذي الحجة جمعا بين الروايتين والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس إلخ‏)‏ وصله ابن خزيمة والحاكم والدارقطني من طريق الحاكم عن مقسم عنه قال ‏"‏ لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج ‏"‏ ورواه ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس قال ‏"‏ لا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكره عثمان رضي الله عنه أن يحرم من خراسان أو كرمان‏)‏ وصله سعيد بن منصور ‏"‏ حدثنا هشيم حدثنا يونس بن عبيد أخبرنا الحسن هو البصري أن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه‏"‏‏.‏

وقال عبد الرزاق ‏"‏ أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال‏:‏ أحرم عبد الله بن عامر من خراسان، فقدم على عثمان فلامه وقال‏:‏ غزوت وهان عليك نسكك ‏"‏ وروى أحمد بن سيار في ‏"‏ تاريخ مرو ‏"‏ من طريق داود بن أبي هند قال ‏"‏ لما فتح عبد الله بن عامر خراسان قال‏:‏ لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي هذا محرما، فأحرم من نيسابور، فلما قدم على عثمان لامه على ما صنع‏"‏‏.‏

وهذه أسانيد يقوي بعضها بعضا‏.‏

وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق محمد بن إسحاق أن ذلك كان في السنة التي قتل فيها عثمان، ومناسبة هذا الأثر للذي قبله أن بين خراسان ومكة أكثر من مسافة أشهر الحج، فيستلزم أن يكون أحرم في غير أشهر الحج فكره ذلك عثمان، وإلا فظاهره يتعلق بكراهة الإحرام قبل الميقات فيكون من متعلق الميقات المكاني لا الزماني‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَيَالِي الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ قَالَتْ فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَا قَالَتْ فَالْآخِذُ بِهَا وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَتْ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ وَكَانَ مَعَهُمْ الْهَدْيُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْعُمْرَةِ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهُ قُلْتُ سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ قَالَ وَمَا شَأْنُكِ قُلْتُ لَا أُصَلِّي قَالَ فَلَا يَضِيرُكِ إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا قَالَتْ فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى فَطَهَرْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الْآخِرِ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ وَنَزَلْنَا مَعَهُ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنْ الْحَرَمِ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ افْرُغَا ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي قَالَتْ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ وَفَرَغْتُ مِنْ الطَّوَافِ ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ فَقَالَ هَلْ فَرَغْتُمْ فَقُلْتُ نَعَمْ فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ ضَيْرِ مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا وَيُقَالُ ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا

الشرح‏:‏

حديث عائشة في قصة عمرتها، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الباب الذي بعده، وشاهد الترجمة منه قولها ‏"‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج وليالي الحج وحرم الحج ‏"‏ فإن هذا كله يدل على أن ذلك كان مشهورا عندهم معلوما، وقوله فيه ‏"‏ وحرم الحج ‏"‏ بضم الحاء المهملة والراء أي أزمنته وأمكنته وحالاته، وروي بفتح الراء وهو جمع حرمة أي ممنوعات الحج، وقوله ‏"‏يا هنتاه ‏"‏ بفتح الهاء والنون - وقد تسكن النون - بعدها مثناة وآخرها هاء ساكنة كناية عن شيء لا يكره باسمه تقول في النداء للمذكر يا هن وقد تزاد الهاء في آخره للسكت فتقول يا هنه، وأن تشبع الحركة في النون فتقول يا هناه وتزاد في جميع ذلك للمؤنث مثناة‏.‏

وقال بعضهم الألف والهاء في آخره كهما في الندبة، وقوله ‏"‏قلت لا أصلي ‏"‏ كناية عن أنها حاضت، قال ابن المنير‏:‏ كنت عن الحيض بالحكم الخاص به أدبا منها، وقد ظهر أثر ذلك في بناتها المؤمنات فكلهن يكنين عن الحيض بحرمان الصلاة أو غير ذلك‏.‏

وقوله ‏"‏فلا يضرك ‏"‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فلا يضيرك ‏"‏ بكسر الضاد وتخفف التحتانية من الضير، وقوله ‏"‏النفر الثاني ‏"‏ هو رابع أيام منى، وقوله ‏"‏فإني انظر كما ‏"‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ أنتظركما ‏"‏ بزيادة مثناة، وقوله ‏"‏حتى إذا فرغت ‏"‏ أي من الاعتمار وفرغت من الطواف وحذف الأول للعلم به‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:40 pm

*3* باب التَّمَتُّعِ وَالْإِقْرَانِ وَالْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التمتع والقران والإفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي‏)‏ أما التمتع فالمعروف أنه الاعتمار في أشهر الحج ثم التحلل من تلك العمرة والإهلال بالحج في تلك السنة قال الله تعالى ‏(‏فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي‏)‏ ويطلق التمتع في عرف السلف على القران أيضا، قال ابن عبد البر‏:‏ لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقوله تعالى ‏(‏فمن تمتع بالعمرة إلى الحج‏)‏ أنه الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج، قال‏:‏ ومن التمتع أيضا القران لأنه تمتع بسقوط سفر للنسك الآخر من بلده، ومن التمتع فسخ الحج أيضا إلى العمرة انتهى‏.‏

وأما القران فوقع في رواية أبي ذر ‏"‏ الإقران ‏"‏ بالألف وهو خطأ من حيث اللغة كما قاله عياض وغيره، وصورته الإهلال بالحج والعمرة معا، وهذا لا خلاف في جوازه‏.‏

أو الإهلال بالعمرة ثم يدخل عليها الحج أو عكسه وهذا مختلف فيه‏.‏

وأما الإفراد فالإهلال بالحج وحده في أشهره عند الجميع وفي غير أشهره أيضا عند من يجيزه، والاعتمار بعد الفراغ من أعمال الحج لمن شاء‏.‏

وأما فسخ الحج فالإحرام بالحج ثم يتحلل منه بعمل عمرة فيصير متمتعا وفي جوازه اختلاف آخر، وظاهر تصرف المصنف إجازته، فإن تقدير الترجمة باب مشروعية التمتع إلخ، ويحتمل أن يكون التقدير باب حكم التمتع إلخ فلا يكون فيه دلالة على أنه يجيزه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نُرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ قَالَ وَمَا طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ قُلْتُ لَا قَالَ فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ صَفِيَّةُ مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَهُمْ قَالَ عَقْرَى حَلْقَى أَوَ مَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ قُلْتُ بَلَى قَالَ لَا بَأْسَ انْفِرِي قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ تقدم في الباب قبله بيان الوقت الذي خرجوا فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا نرى إلا أنه الحج‏)‏ ، ولأبي الأسود عن عروة عنها كما سيأتي ‏"‏ مهلين بالحج ‏"‏ ولمسلم من طريق القاسم عنها ‏"‏ لا نذكر إلا الحج ‏"‏ وله من هذا الوجه ‏"‏ لبينا بالحج ‏"‏ وظاهره أن عائشة من غيرها من الصحابة كانوا أولا محرمين بالحج، لكن في رواية عروة عنها هنا ‏"‏ فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج ‏"‏ فيحمل الأول على أنها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحج فخرجوا لا يعرفون إلا الحج، ثم بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم وجوه الإحرام وجوز لهم الاعتمار في أشهر الحج وسيأتي في ‏"‏ باب الاعتمار بعد الحج ‏"‏ من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها ‏"‏ فقال‏:‏ من أحب أن يهل بعمرة فليهل، ومن أحب أن يهل بحج فليهل ‏"‏ ولأحمد من طريق ابن شهاب عن عروة ‏"‏ فقال‏.‏

من شاء فليهل بعمرة، ومن شاء فليهل بحج ‏"‏ ولهذه النكتة أورد المصنف في الباب حديث ابن عباس ‏"‏ كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ‏"‏ فأشار إلى الجمع بين ما اختلف عن عائشة في ذلك، وأما عائشة نفسها فسيأتي في أبواب العمرة وفي حجة الوداع من المغازي من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها في أثناء هذا الحديث قالت ‏"‏ وكنت ممن أهل بعمرة ‏"‏ وسبق في كتاب الحيض من طريق ابن شهاب نحوه عن عروة، زاد أحمد من وجه آخر عن الزهري ‏"‏ ولم أسق هديا ‏"‏ فادعى إسماعيل القاضي وغيره أن هذا غلط من عروة وأن الصواب رواية الأسود والقاسم وعروة عنها أنها أهلت بالحج مفردا وتعقب بأن قول عروة عنها إنها أهلت بعمرة صريح، وأما قول الأسود وغيره عنها ‏"‏ لا نرى إلا الحج ‏"‏ فليس صريحا في إهلالها بحج مفرد فالجمع بينهما ما تقدم من غير تغليط عروة وهو أعلم الناس بحديثها، وقد وافقه جابر بن عبد الله الصحابي كما أخرجه مسلم عنه، وكذا رواه طاوس ومجاهد عن عائشة ويحتمل في الجمع أيضا أن يقال‏:‏ أهلت عائشة بالحج مفردا كما فعل غيرها من الصحابة، وعلى هذا ينزل حديث الأسود ومن تبعه ‏"‏ ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يفسخوا الحج إلى العمرة ففعلت عائشة ما صنعوا فصارت متمتعة ‏"‏ وعلى هذا يتنزل حديث عروة ‏"‏ ثم لما دخلت مكة وهي حائض فلم تقدر على الطواف لأجل الحيض أمرها أن تحرم بالحج ‏"‏ على ما سيأتي من الاختلاف في ذلك والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما قدمنا تطوفنا بالبيت‏)‏ أي غيرها لقولها بعده ‏"‏ فلم أطف ‏"‏ فإنه تبين به أن قولها ‏"‏ تطوفنا ‏"‏ من العام الذي أريد به الخاص‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل‏)‏ أي من الحج بعمل العمرة، وهذا هو فسخ الحج المترجم به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونساؤه لم يسقن‏)‏ أي الهدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأحللن‏)‏ أي وهي منهن لكن منعها من التحلل كونها حاضت ليلة دخولهم مكة، وقد مضى في الباب قبله بيان ذلك وأنها بكت وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ‏"‏ كوني في حجك ‏"‏ فظاهره أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تجعل عمرتها حجا ولهذا قالت ‏"‏ يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج ‏"‏ فأعمرها لأجل ذلك من التنعيم‏.‏

وقال مالك ليس العمل على حديث عروة قديما ولا حديثا، قال ابن عبد البر‏:‏ يريد ليس عليه العمل في رفض العمرة وجعلها حجا بخلاف جعل الحج عمرة فإنه وقع للصحابة‏.‏

واختلف في جوازه من بعدهم لكن أجاب جماعة من العلماء عن ذلك باحتمال أن يكون معني قوله ‏"‏ ارفضي عمرتك ‏"‏ أي اتركي التحلل منها وأدخلي عليها الحج فتصير قارنة، ويؤيده قوله في رواية لمسلم ‏"‏ وأمسكي عن العمرة ‏"‏ أي عن أعمالها، وإنما قالت عائشة ‏"‏ وأرجع بحج ‏"‏ لاعتقادها أن إفراد العمرة بالعمل أفضل كما وقع لغيرها من أمهات المؤمنين، واستبعد هذا التأويل لقولها في رواية عطاء عنها ‏"‏ وأرجع أنا بحجة ليس معها عمرة ‏"‏ أخرجه أحمد، وهذا يقوي قول الكوفيين إن عائشة تركت العمرة وحجت مفردة، وتمسكوا في ذلك بقولها في الرواية المتقدمة ‏"‏ دعي عمرتك ‏"‏ في رواية ‏"‏ ارفضي عمرتك ‏"‏ ونحو ذلك‏.‏

واستدلوا به على أن للمرأة إذا أهلت بالعمرة متمتعة فحاضت قبل أن تطوف أن تترك العمرة وتهل بالحج مفردا كما فعلت عائشة، لكن في رواية عطاء عنها ضعف، والرافع للإشكال في ذلك ما رواه مسلم من حديث جابر ‏"‏ أن عائشة أهلت بعمرة، حتى إذا كانت بسرف حاضت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أهلي بالحج، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وسعت فقال‏:‏ قد حللت من حجك وعمرتك، قالت يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال فأعمرها من التنعيم ‏"‏ ولمسلم من طريق طاوس عنها ‏"‏ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم طوافك يسعك لحجك وعمرتك ‏"‏ فهذا صريح في أنها كانت قارنة لقوله ‏"‏ قد حللت من حجك وعمرتك ‏"‏ وإنما أعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها لكونها لم تطف بالبيت لما دخلت معتمرة‏.‏

وقد وقع في رواية لمسلم ‏"‏ وكان النبي صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا إذا هويت الشيء تابعها عليه ‏"‏ وسيأتي الكلام على قصة صفية في أواخر الحج وعلى ما في قصة اعتمار عائشة من الفوائد في أبواب العمرة إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأرجع أنا بحجة‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ وأرجع لي بحجة‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة لم يحلوا حتى كان يوم النحر‏)‏ كذا فيه هنا، وسيأتي في حجة الوداع بلفظ ‏"‏ فلم يحلوا ‏"‏ بزيادة فاء وهو الوجه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ شَهِدْتُ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ قَالَ مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الحكم‏)‏ هو ابن عتيبة بالمثناة والموحدة مصغرا الفقيه الكوفي، وعلي بن الحسين هو زين العابدين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شهدت عثمان وعليا‏)‏ سيأتي في آخر الباب من طريق سعيد بن المسيب أن ذلك كان بعسفان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما‏)‏ أي بين الحج والعمرة ‏(‏فلما رأى علي‏)‏ في رواية سعيد بن المسيب ‏"‏ فقال علي ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ إلا أن تنهى ‏"‏ بحرف الاستثناء، زاد مسلم من هذا الوجه ‏"‏ فقال عثمان دعنا عنك‏.‏

قال‏:‏ إني لا أستطيع أن أدعك ‏"‏ وقوله ‏"‏ وأن يجمع بينهما ‏"‏ يحتمل أن تكون الواو عاطفة فيكون نهي عن التمتع والقران معا، ويحتمل أن يكون عطفا تفسيريا وهو على ما تقدم أن السلف كانوا يطلقون على القران تمتعا، ووجهه أن القارن يتمتع بترك النصب بالسفر مرتين فيكون المراد أن يجمع بينهما قرانا أو إيقاعا لهما في سنة واحدة بتقديم العمرة على الحج، وقد رواه النسائي من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب بلفظ ‏"‏ نهى عثمان عن التمتع ‏"‏ وزاد فيه ‏"‏ فلبى علي وأصحابه بالعمرة فلم ينههم عثمان، فقال له علي‏:‏ ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع‏؟‏ قال‏:‏ بلى ‏"‏ وله من وجه آخر ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بهما جميعا ‏"‏ زاد مسلم من طريق عبد الله بن شقيق عن عثمان قال ‏"‏ أجل، ولكنا كنا خائفين ‏"‏ قال النووي‏:‏ لعله أشار إلى عمرة القضية سنة سبع، لكن لم يكن في تلك السنة حقيقة تمتع إنما كان عمرة وحدها‏.‏

قلت‏:‏ هي رواية شاذة، فقد روى الحديث مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب وهما أعلم من عبد الله بن شقيق فلم يقولا ذلك، والتمتع إنما كان في حجة الوداع وقد قال ابن مسعود كما ثبت عنه في الصحيحين ‏"‏ كنا آمن ما يكون الناس ‏"‏ وقال القرطبي‏:‏ قوله ‏"‏ خائفين ‏"‏ أي من أن يكون أجر من أفرد أعظم من أجر من تمتع، كذا قال؛ وهو جمع حسن ولكن لا يخفى بعده‏.‏

ويحتمل أن يكون عثمان أشار إلى أن الأصل في اختياره صلى الله عليه وسلم فسخ إلى العمرة في حجة الوداع دفع اعتقاد قريش منع العمرة في أشهر الحج، وكان ابتداء ذلك بالحديبية لأن إحرامهم بالعمرة كان في ذي القعدة وهو من أشهر الحج، وهناك يصح إطلاق كونهم خائفين، أي من وقوع القتال بينهم وبين المشركين، وكان المشركون صدوهم عن الوصول إلى البيت فتحللوا من عمرتهم، وكانت أول عمرة وقعت في أشهر الحج، ثم جاءت عمرة القضية في ذي القعدة أيضا، ثم أراد صلى الله عليه وسلم تأكيد ذلك بالمبالغة فيه حتى أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما كنت لأدع إلخ‏)‏ زاد النسائي والإسماعيلي ‏"‏ فقال عثمان‏:‏ تراني أنهى الناس وأنت تفعله‏؟‏ فقال‏:‏ ما كنت أدع‏"‏‏.‏

وفي قصة عثمان وعلي من الفوائد إشاعة العالم ما عنده من العلم وإظهاره، ومناظرة ولاة الأمور وغيرهم في تحقيقه لمن قوي على ذلك لقصد مناصحة المسلمين، والبيان بالفعل مع القول، وجواز الاستنباط من النص لأن عثمان لم يخف عليه أن التمتع والقران جائزان، وإنما نهى عنهما ليعمل فالأفضل كما وقع لعمر، لكن خشي علي أن يحمل غيره النهي على التحريم فأشاع جواز ذلك، وكل منهما مجتهد مأجور‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ذكر ابن الحاجب حديث عثمان في التمتع دليلا لمسألة اتفاق أهل العصر الثاني بعد اختلاف أهل العصر الأول فقال‏:‏ وفي الصحيح أن عثمان كان نهى عن المتعة، قال البغوي‏:‏ ثم صار إجماعا‏.‏

وتعقب بأن نهي عثمان عن المتعة إن كان المراد به الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج فلم يستقر الإجماع عليه لأن الحنفية يخالفون فيه‏.‏

وإن كان المراد به فسخ الحج إلى العمرة فكذلك لأن الحنابلة يخالفون فيه، ثم وراء ذلك أن رواية النسائي السابقة مشعرة بأن عثمان رجع عن النهي فلا يصح التمسك به، ولفظ البغوي بعد أن ساق حديث عثمان في ‏"‏ شرح السنة ‏"‏‏:‏ هذا خلاف علي وأكثر الصحابة على الجواز، واتفقت عليه الأئمة بعد فحمله على أن عثمان نهى عن التمتع المعهود، والظاهر أن عثمان ما كان يبطله إنما كان يرى أن الإفراد أفضل منه، وإذا كان ذلك فلم تتفق الأئمة على ذلك فإن الخلاف في أي الأمور الثلاثة أفضل باق والله أعلم‏.‏

وفيه أن المجتهد لا يلزم مجتهدا آخر بتقليده لعدم إنكار عثمان على علي ذلك مع كون عثمان الإمام إذ ذاك والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ حِلٌّ كُلُّهُ

الشرح‏:‏

عن ابن عباس قال ‏(‏كانوا يرون أن العمرة‏)‏ بفتح أوله أي يعتقدون، والمراد أهل الجاهلية‏.‏

ولابن حبان من طريق أخرى عن ابن عباس قال ‏"‏ والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون ‏"‏ فذكر نحوه فعرف بهذا تعيين القائلين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من أفجر الفجور‏)‏ هذا من تحكماتهم الباطلة المأخوذة عن غير أصل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويجعلون المحرم صفر‏)‏ كذا هو في جميع الأصول من الصحيحين، قال النووي‏:‏ كان ينبغي أن يكتب بالألف، ولكن على تقدير حذفها لا بد من قراءته منصوبا لأنه مصروف بلا خلاف، يعني والمشهور عن اللغة الربيعية كتابة المنصوب بغير ألف فلا يلزم من كتابته بغير ألف أن لا يصرف فيقرأ بالألف‏.‏

وسبقه عياض إلى نفي الخلاف فيه لكن في ‏"‏ المحكم ‏"‏ كان أبو عبيدة لا يصرفه فقيل له‏:‏ إنه لا يمتنع الصرف حتى يجتمع علتان فما هما‏؟‏ قال‏:‏ المعرفة والساعة‏.‏

وفسره المطرزي بأن مراده بالساعة أن الأزمنة ساعات والساعة مؤنثة انتهى‏.‏

وحديث ابن عباس هذا حجة قوية لأبي عبيدة، ونقل بعضهم أن في صحيح مسلم ‏"‏ صفرا ‏"‏ بالألف‏.‏

وأما جعلهم ذلك فقال النووي‏:‏ قال العلماء المراد الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية فكانوا يسمون المحرم صفرا ويحلونه ويؤخرون تحريم المحرم إلى نفس صفر لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة فيضيق عليهم فيها ما اعتادوه من المقاتلة والغارة بعضهم على بعض، فضللهم الله في ذلك فقال ‏(‏إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا‏)‏ الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقولون إذا برأ الدبر‏)‏ بفتح المهملة والموحدة أي ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها ومشقة السفر فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج، و قوله‏:‏ ‏(‏وعفا الأثر‏)‏ أي اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها، ويحتمل أثر الدبر المذكور‏.‏

وفي سنن أبي داود و ‏"‏ عفا الوبر ‏"‏ أي كثر وبر الإبل الذي حلق بالرحال، وهذه الألفاظ تقرأ ساكنة الراء لإرادة السجع، ووجه تعلق جواز الاعتمار بانسلاخ صفر - مع كونه ليس من أشهر الحج وكذلك المحرم - أنهم لما جعلوا المحرم صفرا ولا يستقرون ببلادهم في الغالب ويبرأ دبر إبلهم إلا عند انسلاخه ألحقوه بأشهر الحج على طريق التبعية وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرم الذي هو في الأصل صفر، العمرة عندهم في غير أشهر الحج، وأما تسمية الشهر صفرا فقال رؤبة أصلها أنهم كانوا يغيرون فيه بعضهم على بعض فيتركون منازلهم صفرا أي خالية من المتاع، وقيل لإصفار أماكنهم من أهلها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قدم النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ كذا في الأصول من رواية موسى بن إسماعيل عن وهيب، وقد أخرجه المصنف في ‏"‏ أيام الجاهلية ‏"‏ عن مسلم بن إبراهيم عن وهيب بلفظ ‏"‏ فقدم ‏"‏ بزيادة فاء وهو الوجه، وكذا أخرجه مسلم من طريق بهز بن أسد والإسماعيلي من طريق إبراهيم بن الحجاج كلاهما عن وهيب‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5   فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5 Icon_minitimeالأحد ديسمبر 19, 2010 10:41 pm

قوله‏:‏ ‏(‏صبيحة رابعة‏)‏ أي يوم الأحد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مهلين بالحج‏)‏ في رواية إبراهيم بن الحجاج ‏"‏ وهم يلبون بالحج ‏"‏ وهي مفسرة لقوله مهلين، واحتج به من قال كان حج النبي صلى الله عليه وسلم مفردا، وأجاب من قال كان قارنا بأنه لا يلزم من إهلاله بالحج أن لا يكون أدخل عليه العمرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم‏)‏ أي لما كانوا يعتقدونه أولا‏.‏

وفي رواية إبراهيم بن الحجاج ‏"‏ فكبر ذلك عندهم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أي الحل‏)‏ كأنهم كانوا يعرفون أن للحج تحللين فأرادوا بيان ذلك فبين لهم أنهم يتحللون الحل كله، لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد، ووقع في رواية الطحاوي ‏"‏ أي الحل نحل‏؟‏ قال‏:‏ الحل كله‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِالْحِلِّ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى ‏"‏ قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني بالحل ‏"‏ هكذا أورده مختصرا‏.‏

وقد تقدم تاما مشروحا قبل بباب‏.‏

ووقع للكشميهني ‏"‏ فأمره بالحل ‏"‏ على الالتفات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ ح و حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ قَالَ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ

الشرح‏:‏

حديث حفصة ‏"‏ أنها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا بعمرة ‏"‏ الحديث، لم يقع في رواية مسلم قوله ‏"‏ بعمرة ‏"‏ وذكر ابن عبد البر أن أصحاب مالك ذكرها بعضهم وحذفها بعضهم، واستشكل كيف حلوا بعمرة مع قولها ولم تحل من عمرتك، والجواب أن المراد قولها بعمرة أي إن إحرامهم بعمرة كان سببا لسرعة حلهم، واستدل به على أن من ساق الهدي لا يتحلل من عمل العمرة حتى يحل بالحج ويفرغ منه، لأنه جعل العلة في بقائه على إحرامه كونه أهدى، وكذا وقع في حديث جابر سابع أحاديث الباب، وأخبر أنه لا يحل حتى ينحر الهدي وهو قول أبي حنيفة وأحمد ومن وافقهما، ويؤيده قوله في حديث عائشة أول حديث الباب ‏"‏ فأمر من لم يكن ساق الهدي أن يحل ‏"‏ والأحاديث بذلك متضافرة وأجاب بعض المالكية والشافعية عن ذلك بأن السبب في عدم تحلله من العمرة كونه أدخلها على الحج، وهو مشكل عليه لأنه يقول إن حجه كان مفردا‏.‏

وقال بعض العلماء‏.‏

ليس لمن قال كان مفردا عن هذا الحديث انفصال، لأنه إن قال به استشكل عليه كونه علل عدم التحلل بسوق الهدي لأن عدم التحلل لا يمتنع على من كان قارنا عنده، وجنح الأصيلي وغيره إلى توهيم مالك في قوله ‏"‏ ولم تحل أنت من عمرتك ‏"‏ وأنه لم يقله أحد في حديث حفصة غيره، وتعقبه ابن عبد البر - على تقدير تسليم انفراده - بأنها زيادة حافظ فيجب قبولها، على أنه لم ينفرد، فقد تابعه أيوب وعبيد الله بن عمر وهما مع ذلك حفاظ أصحاب نافع انتهى‏.‏

ورواية عبيد الله بن عمر عند مسلم، وقد أخرجه مسلم من رواية ابن جريج والبخاري من رواية موسى بن عقبة والبيهقي من رواية شعيب بن أبي حمزة ثلاثتهم عن نافع بدونها، ووقع في رواية عبيد الله بن عمر عند الشيخين ‏"‏ فلا أحل حتى أحل من الحج ‏"‏ ولا تنافي هذه رواية مالك لأن القارن لا يحل من العمرة ولا من الحج حتى ينحر، فلا حجة فيه لمن تمسك بأنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا كما سيأتي، لأن قول حفصة ‏"‏ ولم تحل من عمرتك ‏"‏ وقوله هو ‏"‏ حتى أحل من الحج ‏"‏ ظاهر في أنه كان قارنا‏.‏

وأجاب من قال كان مفردا عن قوله ‏"‏ ولم تحل من عمرتك ‏"‏ بأجوبة‏:‏ أحدها قاله الشافعي معناه ولم تحل أنت من إحرامك الذي ابتدأته معهم بنية واحدة، بدليل قوله ‏"‏ لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ‏"‏ وقيل معناه ولم تحل من حجك بعمرة كما أمرت أصحابك، قالوا وقد تأتي ‏"‏ من ‏"‏ بمعنى الباء كقوله عز وجل ‏(‏يحفظونه من أمر الله‏)‏ أي بأمر الله، والتقدير ولم تحل أنت بعمرة من إحرامك، وقيل ظنت أنه فسخ حجه بعمرة كما فعل أصحابه بأمره فقالت لم لم تحل أنت أيضا من عمرتك‏؟‏ ولا يخفى ما في بعض هذه التأويلات من التعسف‏.‏

والذي تجتمع به الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا بمعنى أنه أدخل العمرة على الحج بعد أن أهل به مفردا، لا أنه أول ما أهل أحرم بالحج والعمرة معا، وقد تقدم حديث عمر مرفوعا ‏"‏ وقل عمرة في حجة ‏"‏ وحديث أنس ‏"‏ ثم أهل بحج وعمرة ‏"‏ ولمسلم من حديث عمران بن حصين ‏"‏ جمع بين حج وعمرة ‏"‏ ولأبي داود والنسائي من حديث البراء مرفوعا ‏"‏ أني سقت الهدي وقرنت ‏"‏ وللنسائي من حديث علي مثله، ولأحمد من حديث سراقة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن في حجة الوداع ‏"‏ وله من حديث أبي طلحة ‏"‏ جمع بين الحج والعمرة ‏"‏ وللدارقطني من حديث أبي سعيد وأبي قتادة والبزار من حديث ابن أبي أوفى ثلاثتهم مرفوعا مثله، وأجاب البيهقي عن هذه الأحاديث وغيرها نصرة لمن قال أنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا فنقل عن سليمان بن حرب أن رواية أبي قلابة أنس ‏"‏ أنه سمعهم يصرخون بهما جميعا ‏"‏ أثبت من رواية من روي عنه أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الحج والعمرة، ثم تعقبه بأن قتادة وغيره من الحفاظ رووه عن أنس كذلك، فالاختلاف فيه على أنس نفسه، قال فلعله سمع النبي صلى الله عليه وسلم يعلم غيره كيف يهل بالقران فظن أنه أهل عن نفسه وأجاب عن حديث حفصة بما نقل عن الشافعي أن معنى قولها ‏"‏ ولم تحل أنت من عمرتك ‏"‏ أي من إحرامك كما تقدم، وعن حديث عمر بأن جماعة رووه بلفظ ‏"‏ صلى في هذا الوادي وقال عمرة في حجة ‏"‏ قال‏:‏ وهؤلاء أكثر عددا ممن رواه ‏"‏ وقل عمرة في حجة ‏"‏ فيكون إذنا في القران لا أمرا للنبي صلى الله عليه وسلم في حال نفسه، وعن حديث عمران بأن المراد بذلك إذنه لأصحابه في القران بدليل روايته الأخرى ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم أعمر بعض أهله في العشر ‏"‏ وروايته الأخرى ‏"‏ أنه صلى الله عليه وسلم تمتع ‏"‏ فإن مراده بكل ذلك إذنه في ذلك، وعن حديث البراء بأنه ساقه في قصة علي وقد رواها أنس يعني كما تقدم في هذا الباب وجابر كما أخرجه مسلم وليس فيها لفظ ‏"‏ وقرنت ‏"‏ وأخرج حديث مجاهد عن عائشة قالت ‏"‏ لقد علم ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها في حجته ‏"‏ أخرجه أبو داود‏.‏

وقال البيهقي تفرد أبو إسحاق عن مجاهد بهذا، وقد رواه منصور عن مجاهد بلفء ‏"‏ فقالت ما اعتمر في رجب قط ‏"‏ وقال هذا هو المحفوظ يعني كما سيأتي في أبواب العمرة، ثم أشار إلى أنه اختلف فيه على أبي إسحاق فرواه زهير بن معاوية عنه هكذا وقال زكريا عن أبي إسحاق عن البراء، ثم روى حديث جابر ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم حج حجتين قبل أن يهاجر وحجة قرن منها عمرة ‏"‏ يعني بعدما هاجر، وحكي عن البخاري أنه أعله لأنه من رواية زيد بن الحباب عن الثوري عن جعفر عن أبيه عنه، وزيد ربما يهم في الشيء، والمحفوظ عن الثوري مرسل، والمعروف عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بالحج خالصا، ثم روى حديث ابن عباس نحو حديث مجاهد عن عائشة وأعله بداود العطار وقال إنه تفرد بوصله عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه ابن عيينة عن عمرو فأرسله ولم يذكر ابن عباس، ثم روى حديث الصبي بن معبد أنه أهل بالحج والعمرة معا فأنكر عليه، فقال له عمر ‏"‏ هديت لسنة نبيك ‏"‏ الحديث وهو في السنن وفيه قصة، وأجاب عنه بأنه يدل على جواز القران لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا، ولا يخفى ما في هذه الأجوبة من التعسف‏.‏

وقال النووي‏:‏ الصواب الذي نعتقده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا، ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في تلك السنة بعد الحج، ولا شك أن القران أفضل من الإفراد الذي لا يعتمر في سننه عندنا، ولم ينقل أحد أن الحج وحده أفصل من القران، كذا قال والخلاف ثابت قديما وحديثا، أما قديما فالثابت عن عمر أنه قال ‏"‏ إن أتم لحجكم وعمرتكم أن تنشئوا لكل منهما سفرا ‏"‏ وعن ابن مسعود نحوه أخرجه ابن أبي شيبة وغيره، وأما حديثا فقد صرح القاضي حسين والمتولي بترجيح الإفراد ولو لم يعتمر في تلك السنة‏.‏

وقال صاحب الهداية من الحنفية‏:‏ الخلاف بيننا وبين الشافعي مبني على أن القارن يطوف طوافا واحدا وسعيا واحدا فبهذا قال إن الإفراد أفضل، ونحن عندنا أن القارن يطوف طوافين وسعيين فهو أفضل لكونه أكثر عملا‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ اختلفت الرواية فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم به محرما، والجواب عن ذلك بأن كل راو أضاف إليه ما أمر به اتساعا، ثم رجح بأنه كان أفرد الحج، وهذا هو المشهور عند المالكية والشافعية، وقد بسط الشافعي القول فيه في ‏"‏ اختلاف الحديث ‏"‏ وغيره ورجح أنه صلى الله عليه وسلم أحرم إحراما مطلقا ينتظر ما يؤمر به فنزل عليه الحكم بذلك وهو على الصفا، ورجحوا الإفراد أيضا بأن الخلفاء الراشدين واظبوا عليه ولا يظن بهم المواظبة على ترك الأفضل، وبأنه لم ينقل عن أحد منهم أنه كره الإفراد، وقد نقل عنهم كراهية التمتع والجمع بينهما حتى فعله علي لبيان الجواز، وبأن الإفراد لا يجب فيه دم بالإجماع بخلاف التمتع والقران انتهى‏.‏

وهذا ينبني على أن دم القران دم جبران وقد منعه من رجح القران وقال إنه دم فضل وثواب كالأضحية، ولو كان دم نقص لما قام الصيام مقامه، ولأنه يؤكل منه ودم النقص لا يؤكل منه كدم الجزاء قاله الطحاوي‏.‏

وقال عياض نحو ما قال الخطابي وزاد‏:‏ وأما إحرامه هو فقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردا، وأما رواية من روى متمتعا فمعناه أمر به لأنه صرح بقوله ‏"‏ ولولا أن معي الهدي لأحللت ‏"‏ فصح أنه لم يتحلل‏.‏

وأما رواية من روى القران فهو إخبار عن آخر أحواله لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادي وقيل له ‏"‏ قل عمرة في حجة ‏"‏ انتهى‏.‏

وهذا الجمع هو المعتمد، وقد سيق إليه قديما ابن المنذر وبينه ابن حزم في ‏"‏ حجة الوداع ‏"‏ بيانا شافيا ومهده المحب الطبري تمهيدا بالغا يطول ذكره، ومحصله أن كل من روي عنه الإفراد حمل على ما أهل به في أول الحال، وكل من روي عنه التمتع أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روي عنه القران أراد ما استقر عليه أمره، ويترجح رواية من روى القران بأمور‏:‏ منها أن معه زيادة علم على من روى الإفراد وغيره، وبأن من روى الإفراد والتمتع اختلف عليه في ذلك‏:‏ فأشهر من روي عنه الإفراد عائشة وقد ثبت عنها أنه اعتمر مع حجته كما تقدم، وابن عمر وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالعمرة ثم أهل بالحج كما سيأتي في أبواب الهدي، وثبت أنه جمع بين حج وعمرة ثم حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وسيأتي أيضا، وجابر وقد تقدم قوله إنه اعتمر مع حجته أيضا‏.‏

وروى القران عنه جماعة من الصحابة لم يختلف عليهم فيه، وبأنه لم يقع في شيء من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال أفردت ولا تمتعت، بل صح عنه أنه قال ‏"‏ قرنت ‏"‏ وصح عنه أنه قال ‏"‏ لولا أن معي الهدي لأحللت ‏"‏ وأيضا فإن من روي عنه القران لا يحتمل حديثه التأويل إلا بتعسف بخلاف من روى الإفراد فإنه محمول على أول الحال وينتفي التعارض، ويؤيده أن من جاء عنه الإفراد جاء عنه صورة القران كما تقدم، ومن روي عنه التمتع فإنه محمول على الاقتصار على سفر واحد للنسكين، ويؤيده أن من جاء عنه التمتع لما وصفه بصورة القران لأنهم اتفقوا على أنه لم يحل من عمرته حتى أتم عمل جميع الحج وهذه إحدى صور القران، وأيضا فإن رواية القران جاءت عن بضعة عشر صحابيا بأسانيد جياد بخلاف روايتي الإفراد والتمتع وهذا يقتضي رفع الشك عن ذلك والمصير إلى أنه كان قارنا، ومقتضى ذلك أن يكون القران أفضل من الإفراد ومن التمتع وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين وبه قال الثوري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه واختاره من الشافعية المزني وابن المنذر وأبو إسحاق المروزي ومن المتأخرين تقي الدين السبكي وبحث مع النووي في اختياره أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا وأن الإفراد مع ذلك أفضل مستندا إلى أنه صلى الله عليه وسلم اختار الإفراد أولا ثم أدخل عليه العمرة لبيان جواز الاعتمار في أشهر الحج لكونهم كانوا يعتقدونه من أفجر الفجور كما في ثالث أحاديث الباب، وملخص ما يتعقب به كلامه أن البيان قد سبق منه صلى الله عليه وسلم في عمره الثلاث فإنه أحرم بكل منها في ذي القعدة عمرة الحديبية التي صد عن البيت فيها وعمرة القضية التي بعدها وعمرة الجعرانة، ولو كان أراد باعتماره عمرة حجته بيان الجواز فقط مع أن الأفضل خلافه لاكتفى في ذلك بأمره أصحابه أن يفسخوا حجهم إلى العمرة‏.‏

وذهب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أن التمتع أفضل لكونه صلى الله عليه وسلم تمناه فقال ‏"‏ لولا أني سقت الهدي لأحللت ‏"‏ ولا يتمنى إلا الأفضل، وهو قول أحمد بن حنبل في المشهور عنه، وأجيب بأنه إنما تمناه تطييبا لقلوب أصحابه لحزنهم على فوات موافقته وإلا فالأفضل ما اختاره الله له واستمر عليه‏.‏

وقال ابن قدامة يترجح التمتع بأن الذي يفرد إن اعتمر بعدها فهي عمرة مختلف في إجزائها عن حجة الإسلام بخلاف عمرة التمتع فهي مجزئة بلا خلاف فيترجح التمتع على الإفراد ويليه القران‏.‏

وقال من رجح القران‏.‏

هو أشق من التمتع وعمرته مجزئة بلا خلاف فيكون أفضل منهما، وحكى عياض عن بعض العلماء أن الصور الثلاث في الفضل سواء وهو مقتضى تصرف ابن خزيمة في صحيحه، وعن أبي يوسف القران والتمتع في الفضل سواء وهما أفضل من الإفراد، وعن أحمد‏:‏ من ساق الهدي فالقران أفضل له ليوافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن لم يسق الهدي فالتمتع أفضل له ليوافق ما تمناه وأمر به أصحابه، زاد بعض أتباعه ومن أراد أن ينشئ لعمرته من بلده سفرا فالإفراد أفضل له قال‏:‏ وهذا أعدل المذاهب وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة، فمن قال الإفراد أفضل فعلى هذا يتنزل لأن أعمال سفرين للنسكين أكثر مشقة فيكون أعظم أجرا ولتجزئ عنه عمرته من غير نقص ولا اختلاف ومن العلماء من جمع بين الأحاديث على نمط آخر مع موافقته على أنه كان قارنا كالطحاوي وابن حبان وغيرهما فقيل أهل أولا بعمرة ثم لم يحلل منها إلى أن أدخل عليها الحج يوم التروية، ومستند هذا القائل حديث ابن عمر الآتي في أبواب الهدي بلفظ ‏"‏ فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة ثم أهل بالحج‏.‏

وهذا لا ينافي إنكار ابن عمر على أنس كونه نقل أنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج والعمرة كما سيأتي في حجة الوداع من المغازي لاحتمال أن يكون من إنكاره كونه نقل أنه أهل بهما معا وإنما المعروف عنده أنه أدخل أحد النسكين على الآخر لكن جزمه بأنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالعمرة مخالف لما عليه أكثر الأحاديث فهو مرجوح، وقيل أهل أولا بالحج مفردا ثم استمر على ذلك إلى أن أمر أصحابه بأن يفسخوا حجهم فيجعلوه عمرة وفسخ معهم، ومنعه من التحلل من عمرته المذكورة ما ذكره في حديث الباب وغيره من سوق الهدي فاستمر معتمرا إلى أن أدخل عليها الحج حتى تحلل منهما جميعا، وهذا يستلزم أنه أحرم بالحج أولا وآخرا، وهو محتمل لكن الجمع الأول أولى‏.‏

وقيل إنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا واستمر عليه إلى أن تحلل منه بمنى ولم يعتمر في تلك السنة وهو مقتضى من رجح أنه كان مفردا‏.‏

والذي يظهر لي أن من أنكر القران من الصحابة نفى أن يكون أهل بهما في أول الحال، ولا ينفي أن يكون أهل بالحج مفردا ثم أدخل عليه العمرة فيجتمع القولان كما تقدم والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم تحلل‏)‏ بكسر اللام الأولى أي لم تحل، وإظهار التضعيف لغة معروفة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لبدت‏)‏ بتشديد الموحدة أي شعر رأسي، وقد تقدم بيان التلبيد، وهو أن يجعل فيه شيء ليلتصق به، ويؤخذ منه استحباب ذلك للمحرم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلا أحل حتى أنحر‏)‏ يأتي الكلام عليه في الحديث السابع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ قَالَ تَمَتَّعْتُ فَنَهَانِي نَاسٌ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَمَرَنِي فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَجُلًا يَقُولُ لِي حَجٌّ مَبْرُورٌ وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي أَقِمْ عِنْدِي فَأَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي قَالَ شُعْبَةُ فَقُلْتُ لِمَ فَقَالَ لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أبو جمرة‏)‏ بالجيم والراء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تمتعت فنهاني ناس‏)‏ لم أقف على أسمائهم، وكان ذلك في زمن ابن الزبير وكان ينهى عن المتعة كما رواه مسلم من حديث أبي الزبير عنه وعن جابر، ونفل ابن أبي حاتم عن ابن الزبير أنه كان لا يرى التمتع إلا للمحصر، ووافقه علقمة وإبراهيم‏.‏

وقال الجمهور لا اختصاص لذلك للحصر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأمرني‏)‏ أي أن أستمر على عمرتي، ولأحمد ومسلم من طريق غندر عن شعبة ‏"‏ فأتيت ابن عباس فسألته عن ذلك فأمرني بها، ثم انطلقت إلى البيت فنمت فأتاني آت في منامي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعمرة متقبلة‏)‏ في رواية النضر عن شعبة كما سيأتي في أبواب الهدي ‏"‏ متعة متقبلة ‏"‏ وهو خبر مبتدأ محذوف أي هذه عمرة متقبلة، وقد تقدم تفسير المبرور في أوائل الحج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال سنة أبي القاسم‏)‏ هو خبر مبتدأ محذوف أي هذه سنة، ويجوز فيه النصب أي وافقت سنة أبي القاسم أو على الاختصاص‏.‏

وفي رواية النضر ‏"‏ فقال‏:‏ الله أكبر، سنة أبي القاسم ‏"‏ وزاد فيه زيادة يأتي الكلام عليها هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم قال لي‏)‏ أي ابن عباس ‏(‏أقم عندي وأجعل لك سهما من مالي‏)‏ أي نصيبا‏.‏

‏(‏قال شعبة فقلت‏)‏ يعني لأبي جمرة ‏(‏ولم‏)‏ ‏؟‏ أي استفهمه عن سبب ذلك ‏(‏فقال للرؤيا‏)‏ أي لأجل الرؤيا المذكورة‏.‏

ويؤخذ منه إكرام من أخبر المرء بما يسره، وفرح العالم بموافقته الحق، والاستئناس بالرؤيا لموافقة الدليل الشرعي، وعرض الرؤيا على العالم، والتكبير عند المسرة، والعمل بالأدلة الظاهرة، والتنبيه على اختلاف أهل العلم ليعمل بالراجح منه الموافق للدليل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلْنَا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَالَ لِي أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ تَصِيرُ الْآنَ حَجَّتُكَ مَكِّيَّةً فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا فَقَالَ لَهُمْ أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً فَقَالُوا كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا الْحَجَّ فَقَالَ افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ فَلَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَفَعَلُوا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أَبُو شِهَابٍ لَيْسَ لَهُ مُسْنَدٌ إِلَّا هَذَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو شهاب‏)‏ هو الأكبر واسمه موسى بن نافع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حجك مكيا‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ حجتك مكية ‏"‏ يعني قليلة الثواب لقلة مشقتها‏.‏

وقال ابن بطال معناه أنك تنشئ حجك من مكة كما ينشئ أهل مكة منها فيفوتك فضل الإحرام من الميقات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فدخلت على عطاء‏)‏ أي ابن أبي رباح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يوم ساق البدن معه‏)‏ بضم الموحدة وإسكان الدال جمع بدنة وذلك في حجة الوداع، وقد رواه مسلم عن ابن نمير عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ ‏"‏ عام ساق الهدي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال لهم أحلوا من إحرامكم إلخ‏)‏ أي اجعلوا حجكم عمرة وتحللوا منها بالطواف والسعي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقصروا‏)‏ إنما أمرهم بذلك لأنهم يهلون بعد قليل بالحج فأخر الحلق لأن بين دخولهم وبين يوم التروية أربعة أيام فقط‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏واجعلوا التي قدمتم بها متعة‏)‏ أي اجعلوا الحجة المفردة التي أهللتم بها عمرة تتحللوا منها فتصيروا متمتعين، فأطلق على العمرة متعة مجازا والعلاقة بينهما ظاهرة‏.‏

ووقع في رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عند مسلم ‏"‏ فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة ‏"‏ ونحوه في رواية الباقر عن جابر في الخبر الطويل عند مسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال افعلوا ما أمرتكم، فلولا أني سقت الهدي إلخ‏)‏ فيه ما كان عليه عليه السلام من تطييب قلوب أصحابه وتلطفه بهم وحلمه عنهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يحل مني حرام‏)‏ بكسر حاء يحل أي شيء حرام، والمعنى لا يحل مني ما حرم علي، ووقع في رواية مسلم ‏"‏ لا يحل مني حراما ‏"‏ بالنصب على المفعولية وعلى هذا فيقرأ يحل بضم أوله والفاعل محذوف تقديره لا يحل طول المكث ونحو ذلك مني شيئا حراما حتى يبلغ الهدي محله، أي إذا نحر يوم منى‏.‏

واستدل به على أن من اعتمر فساق هديا لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر، وقد تقدم حديث حفصة نحوه، ويأتي حديث عائشة من طريق عقيل عن الزهري عن عروة عنها بلفظ ‏"‏ من أحرم بعمرة فأهدى فلا يحل حتى ينحر ‏"‏ وتأول ذلك المالكية والشافعية على أن معناه ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه، ولا يخفى ما فيه‏.‏

قلت‏:‏ فإنه خلاف ظاهر الأحاديث المذكورة وبالله التوفيق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قاله أبو عبد الله‏)‏ هو المصنف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أبو شهاب ليس له حديث مسند إلا هذا‏)‏ أي لم يرو حديثا مرفوعا إلا هذا الحديث، قال مغلطاي‏:‏ كأنه يقول من كان هكذا لا يجعل حديثه أصلا من أصل العلم‏.‏

قلت‏:‏ إذا كان موصوفا بصفة من يصحح حديثه لم يضره ذلك مع أنه قد توبع عليه‏.‏

ثم كلام مغلطاي محمول على ظاهر الإطلاق، وقد أجاب غيره بأنه مقيد بالرواية عن عطاء فإن حديثه هذا طرف من حديث جابر الطويل الذي انفرد مسلم بسياقه من طريق جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر، وفي هذا الطرف زيادة بيان لصفة التحلل من العمرة ليس في الحديث الطويل حيث قال فيه ‏"‏ أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالا إلى يوم التروية وأهلوا بالحج ‏"‏ ويستفاد منه جواز جواب المفتي لمن سأله عن حكم خاص بأن يذكر له قصة مسندة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتمل على جواب سؤاله ويكون ما اشتملت عليه من الفوائد الزائدة على ذلك زيادة خير، وينبغي أن يكون محل ذلك لائقا بحال السائل‏.‏

ثم ذكر المصنف حديث اختلاف عثمان وعلي في التمتع وقد تقدم من وجه آخر وهو ثاني أحاديث هذا الباب، فاشتملت أحاديث الباب على ما ترجم به، فحديث عائشة من طريق يؤخذ منه الفسخ والإفراد، وحديث علي من طريقه يؤخذ منه التمتع والقران، وحديث ابن عباس يؤخذ منه الفسخ، وكذا حديث أبي موسى وجابر، وحديث حفصة يؤخذ منه أن من تمتع بالعمرة إلى الحج لا يحل من عمرته إن كان ساق الهدي، وكذا حديث جابر، وحديث ابن عباس الثاني يؤخذ منه مشروعية التمتع وكذا حديث جابر أيضا‏.‏

والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )5
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )2
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)19
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ )4
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)20
» فتح الباري شرح صحيح البخاري (كتاب الْحَجِّ)21

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: