*3* باب حذف التشكيل
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ
الشرح:
قوله: (باب) كذا في الأصول بغير ترجمة، وهو بمنزلة الفصل من الأبواب التي قبله، ومناسبته لها من جهة دلالة حديثه على استحباب صلاة ركعتين عند إرادة الإحرام من الميقات، وقد ترجم عليه بعض الشارحين " نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة " وحكى القطب أنه في بعض النسخ قال: وسقط في نسخة سماعنا لفظ " باب " وفي شرح ابن بطال " الصلاة بذي الحليفة".
قوله: (أناخ) بالنون والخاء المعجمة أي أبرك بعيره، والمراد أنه نزل بها.
والبطحاء قد بين أنها التي بذي الحليفة.
وقوله "فصلى بها " يحتمل أن يكون للإحرام ويحتمل أن يكون للفريضة، وسيأتي من حديث أنس " أنه صلى الله عليه وسلم صلى العصر بذي الحليفة ركعتين " ثم أن هذا النزول يحتمل أن يكون في الذهاب وهو الظاهر من تصرف المصنف، ويحتمل أن يكون في الرجوع ويؤيده حديث ابن عمر الذي بعده بلفظ " وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى أصبح " ويمكن الجمع بأنه كان يفعل الأمرين ذهابا وإيابا والله أعلم.
*3* باب خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب خروج النبي صلى الله عليه وسلم على طريق الشجرة) قال عياض: هو موضع معروف على طريق من أراد الذهاب إلى مكة من المدينة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منه إلى ذي الحليفة فيبيت بها، وإذا رجع بات بها أيضا ودخل على طريق المعرس بفتح الراء المثقلة وبالمهملتين وهو مكان معروف أيضا، وكل من الشجرة والمعرس على ستة أميال من المدينة لكن المعرس أقرب، وسيأتي في الباب الذي بعده مزيد بيان في ذلك.
قال ابن بطال: كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك كما يفعل في العيد يذهب من طريق ويرجع من أخرى، وقد تقدم القول في حكمة ذلك مبسوطا، وقد قال بعضهم: أن نزوله هناك لم يكن قصدا وإنما كان اتفاقا حكاه إسماعيل القاضي في أحكامه عن محمد بن الحسن وتعقبه، والصحيح أنه كان قصدا لئلا يدخل المدينة ليلا، ويدل عليه قوله " وبات حتى يصبح " ولمعنى فيه وهو التبرك به كما سيأتي في الباب الذي بعده.
الحديث:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ الشَّجَرَةِ وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ يُصَلِّي فِي مسْجِدِ الشَّجَرَةِ وَإِذَا رَجَعَ صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي وَبَاتَ حَتَّى يُصْبِحَ
الشرح:
تقدمت الإشارة إلى شيء من الحديث في أواخر أبواب المساجد، وسياقه هناك أبسط من هذا.
*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقِيقُ وَادٍ مُبَارَكٌ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم العقيق واد مبارك) أورد فيه حديث عمر في ذلك، وليس هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما حكاه عن الآتي الذي أتاه.
لكن روى أبو أحمد بن عدي من طريق يعقوب بن إبراهيم الزهري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا " تخيموا بالعقيق فإنه مبارك " فكأنه أشار إلى هذا.
وقوله "تخيموا بالخاء المعجمة والتحتانية أمر بالتخيم والمراد به النزول هناك.
وذكر ابن الجوزي في " الموضوعات " عن حمزة الأصبهاني أنه ذكر في " كتاب التصحيف " أن الرواية بالتحتانية تصحيف وأن الصواب بالمثناة الفوقانية، ولما قاله اتجاه لأنه وقع في معظم الطرق ما يدل على أنه من الخاتم، وهو من طريق يعقوب بن الوليد عن هشام بلفظه، ووقع في حديث عمر تختموا بالعقيق فإن جبريل أتاني به من الجنة الحديث وأسانيده ضعيفة.
الحديث:
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ
الشرح:
قوله: (آت من ربي) هو جبريل.
قوله: (فقال صل في هذا الوادي المبارك) يعني وادي العقيق، وهو بقرب البقيع بينه وبين المدينة أربعة أميال.
روى الزبير بن بكار في " أخبار المدينة " أن تبعا لما رجع من المدينة انحدر في مكان فقال: هذا عقيق الأرض، فسمي العقيق.
قوله: (وقل عمرة في حجة) برفع عمرة للأكثر وبنصبها لأبي ذر على حكاية اللفظ أي قل جعلتها عمرة، وهذا دال على أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وسيأتي بيان ذلك بعد أبواب.
وأبعد من قال معناه عمرة مدرجة في حجة أي أن عمل العمرة يدخل في عمل الحج فيجزي لها طواف واحد.
وقال من معناه أنه يعتمر في تلك السنة بعد فراغ حجه.
وهذا أبعد من الذي قبله، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك.
نعم يحتمل أن يكون أمر أن يقول ذلك لأصحابه ليعلمهم مشروعية القران، وهو كقوله " دخلت العمرة في الحج " قاله الطبري.
واعترضه ابن المنير في الحاشية فقال: ليس نظيره، لأن قوله " دخلت إلخ " تأسيس قاعدة، وقوله "عمرة في حجة " بالتنكير يستدعي الوحدة وهو إشارة إلى الفعل الواقع من القران إذ ذاك.
قلت: ويؤيده ما يأتي في كتاب الاعتصام بلفظ " عمرة وحجة " بواو العطف وسيأتي بيان ذلك بعد أبواب.
وفي الحديث فضل العقيق كفضل المدينة وفضل الصلاة فيه، وفيه استحباب نزول الحاج في منزلة قريبة من البلد ومبيتهم بها ليجتمع إليهم من تأخر عنهم ممن أراد مرافقتهم، وليستدرك حاجته من نسيها مثلا فيرجع إليها من قريب.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي قِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ
الشرح:
قوله في حديث ابن عمر (أنه أري) بضم الهمزة أي في المنام.
وفي رواية كريمة " رئي " بتقديم الراء أي رآه غيره.
قوله: (وهو معرس) في رواية الكشميهني " في معرس " بالتنوين، وقوله "ببطن الوادي " تبين من حديث ابن عمر الذي قبله أنه وادي العقيق.
قوله: (وقد أناخ بنا سالم) هو مقول موسى بن عقبة الراوي عنه، وقوله "يتوخى " بالخاء المعجمة أي يقصد، و " المناخ " بضم الميم المبرك.
قوله: (وهو أسفل) بالنصب ويجوز الرفع، والمراد بالمسجد الذي كان هنا في ذلك الزمان.
وقوله "بينه " أي بين المعرس.
وفي رواية الحموي " بينهم " أي بين النازلين وبين الطريق، وقوله "وسط من ذلك " بفتح المهملة أي متوسط بين بطن الوادي وبين الطريق، وعند أبي ذر " وسطا من ذلك " بالنصب.