foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11   فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 10:46 pm

*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُدُّوا الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ حذف التشكيل

قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب، إلا باب أبي بكر، قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ وصله المصنف في الصلاة بلفظ ‏"‏ سدوا عني كل خوخة ‏"‏ فكأنه ذكره بالمعنى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ قَالَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو عامر‏)‏ هو العقدي و ‏(‏فليح‏)‏ هو ابن سليمان، وهو ومن فوقه مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد بن حنين‏)‏ تقدم بيان الاختلاف في إسناده في ‏"‏ باب الخوخة في المسجد ‏"‏ في أوائل الصلاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية مالك عن أبي النضر الآتية في الهجرة إلى المدينة ‏"‏ جلس على المنبر فقال ‏"‏ وفي حديث ابن عباس الماضي تلو حديث أبي سعيد في ‏"‏ باب الخوخة ‏"‏ من أوائل الصلاة ‏"‏ في مرضه الذي مات فيه ‏"‏ ولمسلم من حديث جندب ‏"‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس ليال ‏"‏ وفي حديث أبي بن كعب الذي سأنبه عليه قريبا ‏"‏ إن أحدث عهدي بنبيكم قبل وفاته بثلاث ‏"‏ فذكر الحديث في خطبة أبي بكر، وهو طرف من هذا، وكأن أبا بكر رضي الله عنه فهم الرمز الذي أشار به النبي صلى الله عليه وسلم من قرينة ذكره ذلك في مرض موته، فاستشعر منه أنه أراد نفسه فلذلك بكى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بين الدنيا وبين ما عنده‏)‏ في رواية مالك المذكورة ‏"‏ بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فعجبنا لبكائه‏)‏ وقع في رواية محمد بن سنان في ‏"‏ باب الخوخة ‏"‏ المذكورة ‏"‏ فقلت في نفسي ‏"‏ وفي رواية مالك ‏"‏ فقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد، وهو يقول فديناك ‏"‏ ويجمع بأن أبا سعيد حدث نفسه بذلك فوافق تحديث غيره بذلك فنقل جميع ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان أبو بكر أعلمنا‏)‏ في رواية مالك ‏"‏ وكان أبو بكر هو أعلمنا به ‏"‏ أي بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالمراد من الكلام المذكور، زاد في رواية محمد بن سنان ‏"‏ فقال‏:‏ يا أبا بكر لا تبك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر‏)‏ في رواية مالك كذلك‏.‏

وفي رواية محمد بن سنان ‏"‏ إن من أمن الناس علي ‏"‏ بزيادة من‏.‏

وقال فيها ‏"‏ أبا بكر ‏"‏ بالنصب للأكثر، ولبعضهم ‏"‏ أبو بكر ‏"‏ بالرفع، وقد قيل إن الرفع خطأ والصواب النصب لأنه اسم إن، ووجه الرفع بتقدير ضمير الشأن أي إنه، والجار والمجرور بعده خبر مقدم وأبو بكر مبتدأ مؤخر، أو على أن مجموع الكنية اسم فلا يعرب ما وقع فيها من الأداة أو ‏"‏ إن ‏"‏ بمعنى نعم أو إن ‏"‏ من ‏"‏ زائدة على رأي الكسائي‏.‏

وقال ابن بري‏:‏ يجوز الرفع إذا جعلت من صفة لشيء محذوف تقديره إن رجلا أو إنسانا من أمن الناس فيكون اسم إن محذوفا والجار والمجرور في موضع الصفة، وقوله‏:‏ ‏"‏ أبو بكر ‏"‏ الخبر، وقوله ‏"‏أمن ‏"‏ أفعل تفضيل من المن بمعنى العطاء والبذل، بمعنى إن أبذل الناس لنفسه وماله، لا من المنة التي تفسد الصنيعة، وقد تقدم تقرير ذلك في ‏"‏ باب الخوخة ‏"‏ وأغرب الداودي فشرحه على أنه من المنة وقال‏:‏ تقديره لو كان يتوجه لأحد الامتنان على نبي الله صلى الله عليه وسلم لتوجه له، والأول أولى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ أمن الناس ‏"‏ في رواية الباب ما يوافق حديث ابن عباس بلفظ ‏"‏ ليس أحد من الناس أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر ‏"‏ وأما الرواية التي فيها ‏"‏ من ‏"‏ فإن قلنا زائدة فلا تخالف، وإلا فتحمل على أن المراد أن لغيره مشاركة ما في الأفضلية إلا أنه مقدم في ذلك بدليل ما تقدم من السياق وما تأخر، ويؤيده ما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ ‏"‏ ما لأحد له عندنا يد إلا كافأناه عليها؛ ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة ‏"‏ فإن ذلك يدل على ثبوت يد لغيره، إلا أن لأبي بكر رجحانا‏.‏

فالحاصل أنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم في ذلك، وحيث لم يطلق أراد الإشارة إلى من شاركه في شيء من ذلك، ووقع بيان ذلك في حديث آخر لابن عباس رفعه نحو حديث الترمذي وزاد ‏"‏ منة أعتق بلالا ومنة هاجر بنبيه ‏"‏ أخرجه الطبراني، وعنه في طريق أخرى ‏"‏ ما أحد أعظم عندي يدا من أبي بكر‏:‏ واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته ‏"‏ أخرجه الطبراني، وفي حديث مالك بن دينار عن أنس رفعه ‏"‏ إن أعظم الناس علينا منا أبو بكر، زوجني ابنته، وواساني بنفسه‏.‏

وإن خير المسلمين مالا أبو بكر، أعتق منه بلالا، وحملني إلى دار الهجرة ‏"‏ أخرجه ابن عساكر‏.‏

وأخرج من رواية ابن حبان التيمي عن أبيه عن علي نحوه، وجاء عن عائشة مقدار المال الذي أنفقه أبو بكر، فروى ابن حبان من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت ‏"‏ أنفق أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألف درهم ‏"‏ وروى الزبير بن بكار عن عروة عن عائشة ‏"‏ أنه لما مات ما ترك دينارا ولا درهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لو كنت متخذا خليلا‏)‏ يأتي الكلام عليه بعد باب، قال الداودي‏:‏ لا ينافي هذا قول أبي هريرة وأبي ذر وغيرهما ‏"‏ أخبرني خليلي صلى الله عليه وسلم، لأن ذلك جائز لهم، ولا يجوز للواحد منهم أن يقول أنا خليل النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا يقال إبراهيم خليل الله ولا يقال الله خليل إبراهيم‏.‏

قلت‏:‏ ولا يخفى ما فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولكن أخوة الإسلام ومودته‏)‏ أي حاصلة، ووقع في حديث ابن عباس الآتي بعد باب ‏"‏ أفضل ‏"‏ وكذا أخرجه الطبراني من طريق عبيد الله بن تمام عن خالد الحذاء بلفظ ‏"‏ ولكن أخوة الإيمان والإسلام أفضل ‏"‏ وأخرجه أبو يعلى من طريق يعلى بن حكيم عن عكرمة بلفظ ‏"‏ ولكن خلة الإسلام أفضل ‏"‏ وفيه إشكال، فإن الخلة أفضل من أخوة الإسلام لأنها تستلزم ذلك وزيادة، فقيل المراد أن مودة الإسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم يفضل من مودته مع غيره، وقيل‏:‏ أفضل بمعنى فاضل، ولا يعكر على ذلك اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة لأن رجحان أبي بكر عرف من غير ذلك، وأخوة الإسلام ومودته متفاوتة بين المسلمين في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق وتحصيل كثرة الثواب، ولأبي بكر من ذلك أعظمه وأكثره، والله أعلم‏.‏

ووقع في بعض الروايات ‏"‏ ولكن خوة الإسلام ‏"‏ بغير ألف فقال ابن بطال‏:‏ لا أعرف معنى هذه الكلمة ولم أجد خوة بمعنى خلة في كلام العرب، وقد وجدت في بعض الروايات ‏"‏ ولكن خلة الإسلام ‏"‏ وهو الصواب‏:‏ وقال ابن التين‏:‏ لعل الألف سقطت من الرواية فإنها ثابتة في سائر الروايات، ووجه ابن مالك بأنه نقلت حركة الهمزة إلى النون فحذف الألف، وجوز مع حذفها ضم نون لكن وسكونها، قال‏:‏ ولا يجوز مع إثبات الهمزة إلا سكون النون فقط‏.‏

وفي قوله‏:‏ ‏"‏ ولو كنت متخذا خليلا إلخ ‏"‏ منقبة عظيمة لأبي بكر لم يشاركه فيها أحد‏.‏

ونقل ابن التين عن بعضهم أن معنى قوله‏:‏ ‏"‏ ولو كنت متخذا خليلا ‏"‏ لو كنت أخص أحدا بشيء من أمر الدين لخصصت أبا بكر، قال‏:‏ وفيه دلالة على كذب الشيعة في دعواهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان خص عليا بأشياء من القرآن وأمور الدين لم يخص بها غيره‏.‏

قلت‏:‏ والاستدلال بذلك متوقف على صحة التأويل المذكور وما بعدها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا يبقين‏)‏ بفتح أوله وبنون التأكيد، وفي إضافة النهي إلى الباب تجوز لأن عدم بقائه لازم للنهي عن إبقائه، فكأنه قال‏:‏ لا تبقوه حتى لا يبقى‏.‏

وقد رواه بعضهم بضم أوله وهو واضح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا سد‏)‏ بضم المهملة‏.‏

وفي رواية مالك ‏"‏ خوخة ‏"‏ بدل ‏"‏ باب ‏"‏ والخوخة طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب، وهو المقصود هنا، ولهذا أطلق عليها باب، وقيل‏:‏ لا يطلق عليها باب إلا إذا كانت تغلق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا باب أبي بكر‏)‏ هو استثناء مفرغ، والمعنى لا تبقوا بابا غير مسدود إلا باب أبي بكر فاتركوه بغير سد، قال الخطابي وابن بطال وغيرهما‏:‏ في هذا الحديث اختصاص ظاهر لأبي بكر، وفيه إشارة قوية إلى استحقاقه للخلافة، ولا سيما وقد ثبت أن ذلك كان في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي أمرهم فيه أن لا يؤمهم إلا أبو بكر‏.‏

وقد ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخلافة والأمر بالسد كناية عن طلبها كأنه قال‏:‏ لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر فإنه لا حرج عليه في طلبها، وإلى هذا جنح ابن حبان فقال بعد أن أخرج هذا الحديث‏:‏ في هذا دليل على أنه الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه حسم بقوله‏:‏ ‏"‏ سدوا عني كل خوخة في المسجد ‏"‏ أطماع الناس كلهم عن أن يكونوا خلفاء بعده‏.‏

وقوى بعضهم ذلك بأن منزلا أبي بكر كان بالسنح من عوالي المدينة كما سيأتي قريبا بعد باب فلا يكون له خوخة إلى المسجد، وهذا الإسناد ضعيف لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار، وقد كان له إذ ذاك زوجة أخرى وهي أسماء بنت عميس بالاتفاق وأم رومان على القول بأنها كانت باقية يومئذ‏.‏

وقد تعقب المحب الطبري كلام ابن حبان فقال‏:‏ وقد ذكر عمر بن شبة في ‏"‏ أخبار المدينة ‏"‏ أن دار أبي بكر التي أذن له في إبقاء الخوخة منها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد ولم تزل بيد أبي بكر حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض من وفد عليه فباعها فاشترتها منه حفصة أم المؤمنين بأربعة آلاف درهم فلم تزل بيدها إلى أن أرادوا توسيع المسجد في خلافة عثمان فطلبوها منها ليوسعوا بها المسجد فامتنعت وقالت‏:‏ كيف بطريقي إلى المسجد‏؟‏ فقيل لها نعطيك دارا أوسع منها ونجعل لك طريقا مثلها، فسلمت ورضيت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا باب أبي بكر‏)‏ زاد الطبراني من حديث معاوية في آخر هذا الحديث بمعناه ‏"‏ فإني رأيت عليه نورا‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ جاء في سد الأبواب التي حول المسجد أحاديث يخالف ظاهرها حديث الباب، منها حديث سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي ‏"‏ أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي‏.‏

وفي رواية للطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ رجالها ثقات من الزيادة ‏"‏ فقالوا يا رسول الله سددت أبوابنا، فقال‏:‏ ما أنا سددتها ولكن الله سدها ‏"‏ وعن زيد بن أرقم قال‏:‏ ‏"‏ كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم ناس في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشيء فاتبعته ‏"‏ أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات، وعن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي ‏"‏ وفي رواية ‏"‏ وأمر بسد الأبواب غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له طريق غيره ‏"‏ أخرجهما أحمد والنسائي ورجالهما ثقات‏.‏

وعن جابر بن سمرة قال‏:‏ ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي، فربما مر فيه وهو جنب ‏"‏ أخرجه الطبراني‏.‏

وعن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏ كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر، ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم‏:‏ زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر ‏"‏ أخرجه أحمد وإسناده حسن‏.‏

وأخرج النسائي من طريق العلاء بن عرار بمهملات قال‏:‏ ‏"‏ فقلت لابن عمر‏:‏ أخبرني عن علي وعثمان - فذكر الحديث وفيه - وأما علي فلا تسأل عنه أحدا وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه ‏"‏ ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء وقد وثقه يحيى بن معين وغيره‏.‏

وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا وكل طريق منها صالح للاحتجاج فضلا عن مجموعها‏.‏

وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات، أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص وزيد بن أرقم وابن عمر مقتصرا على بعض طرقه عنهم، وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته، وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعله أيضا بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر انتهى، وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة، مع أن الجمع بين القصتين ممكن، وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال‏:‏ ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة علي، وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري يعني الذي أخرجه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد جنبا غيري وغيرك ‏"‏ والمعنى أن باب علي كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره فلذلك لم يؤمر بسده، ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في ‏"‏ أحكام القرآن ‏"‏ من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب لأن بيته كان في المسجد ‏"‏ ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين، ففي الأولى استثني علي لما ذكره، وفي الأخرى استثني أبو بكر، ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة علي على الباب الحقيقي وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي والمراد به الخوخة كما صرح به في بعض طرقه، وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأمروا بعد ذلك بسدها، فهذه طريقة لا بأس بها في الجمع بين الحديثين، وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار، وهو في أوائل الثلث الثالث منه، وأبو بكر الكلاباذي في ‏"‏ معاني الأخبار ‏"‏ وصرح بأن بيت أبي بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخل المسجد، وبيت علي لم يكن له باب إلا من داخل المسجد، والله أعلم‏.‏

وفي حديث الباب من الفوائد غير ما تقدم فضيلة ظاهرة لأبي بكر الصديق وأنه كان متأهلا لأن يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم خليلا لولا المانع المتقدم ذكره، ويؤخذ منه أن للخليل صفه خاصة تقتضي عدم المشاركة فيها، وأن المساجد تصان عن التطرق إليها لغير ضرورة مهمة، والإشارة بالعلم الخاص دون التصريح لإثارة أفهام السامعين وتفاوت العلماء في الفهم وأن من كان أرفع في الفهم استحق أن يطلق عليه أعلم، وفيه الترغيب في اختيار ما في الآخرة على ما في الدنيا، وقيه شكر المحسن والتنويه بفضله والثناء عليه‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ فيه أن المرشح للإمامة يخص بكرامة تدل عليه كما وقع في حق الصديق في هذه القصة‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11   فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 10:48 pm

*3* باب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فضل أبي بكر - بعد النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي في رتبة الفضل، وليس المراد البعدية الزمانية فإن فضل أبي بكر كان ثابتا في حياته صلى الله عليه وسلم كما دل عليه حديث الباب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سليمان‏)‏ هو ابن بلال، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري، والإسناد كله مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي نقول‏:‏ فلان خير من فلان إلخ‏.‏

وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع الآتية في مناقب عثمان ‏"‏ كنا لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ لا نعدل بأبي بكر ‏"‏ أي لا نجعل له مثلا، وقوله‏:‏ ‏"‏ ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الكلام فيه ولأبي داود من طريق سالم عن ابن عمر ‏"‏ كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي‏:‏ أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ‏"‏ زاد الطبراني في رواية ‏"‏ فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره ‏"‏ وروى خيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن ابن عمر ‏"‏ كنا نقول‏:‏ ‏"‏ إذا ذهب أبو بكر وعمر وعثمان استوى الناس، فيسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره ‏"‏ وهكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال في حديث الباب دون آخره‏.‏

وفي الحديث تقديم عثمان بعد أبي بكر وعمر، كما هو المشهور عند جمهور أهل السنة، وذهب بعض السلف إلى تقديم علي على عثمان، وممن قال به سفيان الثوري ويقال إنه رجع عنه‏.‏

وقال به ابن خزيمة، وطائفة قبله وبعده، وقيل لا يفضل أحدهما على الآخر قاله مالك في ‏"‏ المدونة ‏"‏ وتبعه جماعة منهم يحيى القطان، ومن المتأخرين ابن حزم، وحديث الباب حجة للجمهور، وقد طعن فيه ابن عبد البر واستند إلى ما حكاه عن هارون بن إسحاق قال‏:‏ سمعت ابن معين يقول‏:‏ من قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقيته وفضله فهو صاحب سنة، قال فذكرت له من يقول أبو بكر وعمر وعثمان ويسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ، وتعقب بأن ابن معين أنكر رأي قوم وهم العثمانية الذين يغالون في حب عثمان وينتقصون عليا، ولا شك في أن من اقتصر على ذلك ولم يعرف لعلي بن أبي طالب فضله فهو مذموم، وادعى ابن عبد البر أيضا أن هذا الحديث خلاف قول أهل السنة إن عليا أفضل الناس بعد الثلاثة، فإنهم أجمعوا على أن عليا أفضل الخلق بعد الثلاثة، ودل هذا الإجماع على أن حديث ابن عمر غلط وإن كان السند إليه صحيحا، وتعقب أيضا بأنه لا يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن تفضيله عدم تفضيله على الدوام، وبأن الإجماع المذكور إنما حدث بعد الزمن الذي قيده ابن عمر فيخرج حديثه عن أن يكون غلطا، والذي أظن أن ابن عبد البر إنما أنكر الزيادة التي وقعت في رواية عبيد الله بن عمر وهي قول ابن عمر ‏"‏ ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ ‏"‏ لكن لم ينفرد بها نافع فقد تابعه ابن الماجشون أخرجه خيثمة من طريق يوسف بن الماجشون عن أبيه عن ابن عمر ‏"‏ كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان، ثم ندع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نفاضل بينهم ‏"‏ ومع ذلك فلا يلزم من تركهم التفاضل إذ ذاك أن لا يكونوا اعتقدوا بعد ذلك تفضيل علي على من سواه والله أعلم‏.‏

وقد اعترف ابن عمر بتقديم علي على غيره كما تقدم في حديثه الذي أوردته في الباب الذي قبله، وقد جاء في بعض الطرق في حديث ابن عمر تقييد الخيرية المذكورة والأفضلية بما يتعلق بالخلافة، وذلك فيما أخرجه ابن عساكر عن عبد الله بن يسار عن سالم عن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏ إنكم لتعلمون أنا كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان، يعني في الخلافة ‏"‏ كذا في أصل الحديث‏.‏

ومن طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ‏"‏ كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من يكون أولى الناس بهذا الأمر‏؟‏ فنقول‏:‏ أبو بكر ثم عمر‏"‏‏.‏

وذهب قوم إلى أن أفضل الصحابة من استشهد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعين بعضهم منهم جعفر بن أبي طالب‏.‏

ومنهم من ذهب إلى العباس وهو قول مرغوب عنه ليس قائله من أهل السنة بل ولا من أهل الإيمان، ومنهم من قال‏:‏ أفضلهم مطلقا عمر متمسكا بالحديث الآتي في ترجمته في المنام الذي فيه في حق أبي بكر ‏"‏ وفي نزعه ضعف ‏"‏ وهو تمسك واه‏.‏

ونقل البيهقي في ‏"‏ الاعتقاد ‏"‏ بسنده إلى أبي ثور عن الشافعي أنه قال‏:‏ أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11   فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 11:33 pm

*3* باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لو كنت متخذا خليلا، قاله أبو سعيد‏)‏ يشير إلى حديثه السابق قبل بباب ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث‏:‏ الحديث الأول‏:‏ حديث أبي سعيد المذكور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي

الشرح‏:‏

حديث ابن عباس أخرجه من طرق ثلاثة‏:‏ الأولى‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏لو كنت متخذا خليلا‏)‏ زاد في حديث أبي سعيد ‏"‏ غير ربي ‏"‏ وفي حديث ابن مسعود عند مسلم ‏"‏ وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا‏"‏‏.‏

وقد تواردت هذه الأحاديث على نفي الخلة من النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من الناس، وأما ما روي عن أبي بن كعب قال‏:‏ ‏"‏ إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس، دخلت عليه وهو يقول‏:‏ إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا، وإن خليلي أبو بكر‏.‏

ألا وإن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ‏"‏ أخرجه أبو الحسن الحربي في فوائده، وهذا يعارضه ما في رواية جندب عند مسلم كما قدمته أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس ‏"‏ إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ‏"‏ فإن ثبت حديث أبي أمكن أن يجمع بينهما بأنه لما برئ من ذلك تواضعا لربه وإعظاما له أذن الله تعالى له فيه من ذلك اليوم لما رأى من تشوفه إليه وإكراما لأبي بكر بذلك، فلا يتنافى الخبران، أشار إلى ذلك المحب الطبري‏.‏

وقد روى من حديث أبي أمامة نحو حديث أبي بن كعب دون التقييد بالخمس، أخرجه الواحدي في تفسيره، والخبران واهيان، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولكن أخي وصاحبي‏)‏ في رواية خيثمة في ‏"‏ فضائل الصحابة ‏"‏ عن أحمد بن الأسود عن مسلم بن إبراهيم وهو شيخ البخاري فيه ‏"‏ ولكنه أخي وصاحبي في الله تعالى ‏"‏ وفي الرواية التي بعدها ‏"‏ ولكن أخوة الإسلام أفضل ‏"‏ وقد تقدم توجيهها قبل باب‏.‏

وقوله‏:‏ في الرواية الثانية ‏"‏ حدثنا معلى بن أسد وموسى بن إسماعيل التبوذكي ‏"‏ كذا للأكثر وهو الصواب، ووقع في رواية أبي ذر وحده ‏"‏ التنوخي ‏"‏ وهو تصحيف، وقد تقدم تفسير الخليل في ترجمة إبراهيم عليه السلام من أحاديث الأنبياء، واختلف في المودة والخلة والمحبة والصداقة هي مترادفة أو مختلفة، قال أهل اللغة‏:‏ الخلة أرفع رتبة، وهو الذي يشعر به حديث الباب، وكذا قوله عليه السلام ‏"‏ لو كنت متخذا خليلا غير ربي ‏"‏ فإنه يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم، وقد ثبتت محبته لجماعة من أصحابه كأبي بكر وفاطمة وعائشة والحسنين وغيرهم، ولا يعكر على هذا اتصاف إبراهيم عليه السلام بالخلة ومحمد صلى الله عليه وسلم بالمحبة فتكون المحبة أرفع رتبة من الخلة، لأنه يجاب عن ذلك بأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد ثبت له الأمران معا فيكون رجحانه من الجهتين، والله أعلم‏.‏

وقال الزمخشري‏:‏ الخليل هو الذي يوافقك في خلالك ويسايرك في طريقك، أو الذي يسد خللك وتسد خلله، أو يداخلك خلال منزلك انتهى‏.‏

وكأنه جوز أن يكون اشتقاقه مما ذكر‏.‏

وقيل‏:‏ أصل الخلة انقطاع الخليل إلى خليله، وقيل‏:‏ الخليل من يتخلله سرك، وقيل‏:‏ من لا يسع قلبه غيرك، وقيل‏:‏ أصل الخلة الاستصفاء، وقيل‏:‏ المختص بالمودة، وقيل‏:‏ اشتقاق الخليل من الخلة بفتح الخاء وهي الحاجة، فعلى هذا فهو المحتاج إلى من يخاله، وهذا كله بالنسبة إلى الإنسان، أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْجَدِّ فَقَالَ أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ أَنْزَلَهُ أَبًا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ

الشرح‏:‏

حديث ابن الزبير في المعنى، وسيأتي الكلام على ما يتعلق منه بالجد في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى‏.‏

والمراد بقوله ‏"‏ كتب أهل الكوفة ‏"‏ بعض أهلها وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة، أخرجه أحمد من طريق سعيد بن جبير قال‏:‏ ‏"‏ كنت عند عبد الله بن عتبة، وكان ابن الزبير جعله على القضاء فجاءه كتابه‏:‏ كتبت تسألني عن الجد ‏"‏ فذكره نحوه وزاد بعد قوله‏:‏ ‏"‏ لاتخذت أبا بكر‏:‏ ولكنه أخي في الدين، وصاحبي في الغار ‏"‏ ووقع في رواية أحمد من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة في هذا الحديث ‏"‏ لو كنت متخذا خليلا سوى الله حتى ألقاه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ قَالَتْ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقُولُ الْمَوْتَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ

الشرح‏:‏

حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتت امرأة‏)‏ لم أقف على اسمها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أرأيت‏)‏ أي أخبرني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن جئت ولم أجدك، كأنها تقول الموت‏)‏ في رواية يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عند البلاذري ‏"‏ قالت فإن رجعت فلم أجدك، تعرض بالموت‏"‏، وكذا عند الإسماعيلي من طريق ابن معمر عن إبراهيم، وهو يقوي جزم القاضي عياض أنه كلام جيد‏.‏

وفي رواية الحميدي الآتي ذكرها في الأحكام ‏"‏ كأنها تعني الموت ‏"‏ ومرادها إن جئت فوجدتك قد مت ماذا أعمل‏؟‏ واختلف في تعيين قائل ‏"‏ كأنها ‏"‏ فجزم عياض بأنه جبير بن مطعم راوي الحديث وهو الظاهر، ويحتمل من دونه‏.‏

وروى الطبراني من حديث عصمة بن مالك قال‏:‏ ‏"‏ قلنا يا رسول الله إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك‏؟‏ قال‏:‏ إلى أبي بكر الصديق ‏"‏ وهو لو ثبت كان أصرح في حديث الباب من الإشارة إلى أنه الخليفة بعده، لكن إسناده ضعيف‏.‏

وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث سهل بن أبي خيثمة قال‏:‏ ‏"‏ بايع النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فسأله إن أتى عليه أجله من يقضيه‏؟‏ فقال‏:‏ أبو بكر‏.‏

ثم سأله من يقضيه بعده‏؟‏ قال‏:‏ عمر ‏"‏ الحديث‏.‏

وأخرجه الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من هذا الوجه مختصرا‏.‏

وفي الحديث أن مواعيد النبي صلى الله عليه وسلم كانت على من يتولى الخلافة بعده تنجيزها‏.‏

وفيه رد على الشيعة في زعمهم أنه نص على استخلاف علي والعباس، وسيأتي شيء من ذلك في ‏"‏ باب الاستخلاف ‏"‏ من كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ حَدَّثَنَا بَيَانُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هَمَّامٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَامْرَأَتَانِ وَأَبُو بَكْرٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أحمد بن أبي الطيب‏)‏ هو المروزي، بغدادي الأصل يكنى أبا سليمان واسم أبيه سليمان، وصفه أبو زرعة بالحفظ، وضعفه أبو حاتم؛ وليس له في البخاري غير هذا الحديث‏.‏

وقد أخرجه من رواية غيره كما سيأتي في ‏"‏ باب إسلام أبي بكر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن مجالد‏)‏ بالجيم هو الكوفي، قواه يحيى بن معين وجماعة، ولينه بعضهم، وليس له عند البخاري أيضا غير هذا الحديث‏.‏

ووبرة بفتح الواو والموحدة تابعي صغير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن همام‏)‏ هو ابن الحارث، وعند الإسماعيلي من طريق جهور بن منصور عن إسماعيل ‏"‏ سمعت همام بن الحارث ‏"‏ وهو من كبار التابعين، وعمار هو ابن ياسر، والإسناد من إسماعيل فصاعدا كوفيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وما معه‏)‏ أي ممن أسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر‏)‏ أما الأعبد فهم بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، فإنه أسلم قديما مع أبي بكر، وروى الطبراني من طريق عروة أنه كان ممن كان يعذب في الله فاشتراه أبو بكر وأعتقه، وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف ذكر ابن إسحاق أنه أسلم حين أسلم بلال فعذبه أمية فاشتراه أبو بكر فأعتقه‏.‏

وأما الخامس فيحتمل أن يفسر بشقران، فقد ذكر ابن السكن في ‏"‏ كتاب الصحابة ‏"‏ عن عبد الله بن داود أن النبي صلى الله عليه وسلم ورثه من أبيه هو وأم أيمن، وذكر بعض شيوخنا بدل أبي فكيهة عمار بن ياسر وهو محتمل، وكان ينبغي أن يكون منهم أبوه فإن الثلاثة كانوا ممن يعذب في الله وأمه أول من استشهدت في الإسلام طعنها أبو جهل في قلبها بحربة فماتت، وأما المرأتان فخديجة والأخرى أم أيمن أو سمية، وذكر بعض شيوخنا تبعا للدمياطي أنها أم الفضل زوج العباس، وليس بواضح لأنها وإن كانت قديمة الإسلام إلا أنها لم تذكر في السابقين، ولو كان كما قال لعد أبو رافع مولى العباس لأنه أسلم حين أسلمت أم الفضل‏.‏

كذا عند ابن إسحاق‏.‏

وفي هذا الحديث أن أبا بكر أول من أسلم من الأحرار مطلقا، ولكن مراد عمار بذلك ممن أظهر إسلامه، وإلا فقد كان حينئذ جماعة ممن أسلم لكنهم كانوا يخفونه من أقاربهم، وسيأتي قول سعد إنه كان ثلث الإسلام، وذلك بالنسبة إلى من اطلع على إسلامه ممن سبق إسلامه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لَا فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا زيد بن واقد‏)‏ هو الدمشقي، ثقة قليل الحديث، وليس له في البخاري غير هذا الحديث الواحد، وكلهم دمشقيون، وبسر بضم الموحدة وبالمهملة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن بسر بن عبيد الله‏)‏ في رواية عبد الله بن العلاء بن زيد عند المصنف في التفسير ‏"‏ حدثني بسر بن عبيد الله حدثني أبو إدريس سألت أبا الدرداء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أما صاحبكم‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ أما صاحبك ‏"‏ بالإفراد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقد غامر‏)‏ بالغين المعجمة أي خاصم، والمعنى دخل في غمرة الخصومة، والغامر الذي يرمي بنفسه في الأمر العظيم كالحرب وغيره‏.‏

وقيل هو من الغمر بكسر المعجمة وهو الحقد، أي صنع أمرا اقتضى له أن يحقد على من صنعه معه ويحقد الآخر عليه، ووقع في تفسير الأعراف في رواية أبي ذر وحده ‏"‏ قال أبو عبد الله هو المصنف‏:‏ غامر أي سبق أي سبق بالخير ‏"‏ وذكر عياض أنه في رواية المستملي وحده عن أبي ذر، وهو تفسير مستغرب والأول أظهر، وقد عزاه المحب الطبري لأبي عبيدة بن المثنى أيضا، فهو سلف البخاري فيه، وقسيم قوله‏:‏ ‏"‏ أما صاحبكم ‏"‏ محذوف أي وأما غيره فلا‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11   فتح الباري شرح صحيح البخاري   ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11 Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 11:34 pm

قوله‏:‏ ‏(‏فسلم‏)‏ بتشديد اللام من السلام، ووقع في رواية محمد بن المبارك عن صدقة بن خالد عند أبي نعيم في الحلية ‏"‏ حتى سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقع في الحديث ذكر الرد وهو مما يحذف للعلم به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان بيني وبين ابن الخطاب شيء‏)‏ في الرواية التي في التفسير ‏"‏ محاورة ‏"‏ وهو بالحاء المهملة أي مراجعة، وفي حديث أبي أمامة عند أبي يعلى ‏"‏ معاتبة ‏"‏ وفي لفظ ‏"‏ مقاولة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأسرعت إليه‏)‏ في التفسير ‏"‏ فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه مغضبا فاتبعه أبو بكر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم ندمت‏)‏ زاد محمد بن المبارك ‏"‏ على ما كان‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فسألته أن يغفر لي‏)‏ في الرواية التي في التفسير ‏"‏ أن يستغفر لي فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأبى علي‏)‏ زاد محمد بن المبارك ‏"‏ فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره ‏"‏ وللإسماعيلي عن الهسنجاني عن هشام بن عمار ‏"‏ وتحرز مني بداره ‏"‏ وفي حديث أبي أمامة ‏"‏ فاعتذر أبو بكر إلى عمر فلم يقبل منه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا‏)‏ أي أعاد هذه الكلمة ثلاث مرات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يتمعر‏)‏ بالعين المهملة المشددة أي تذهب نضارته من الغضب، وأصله من العر وهو الجرب يقال أمعر المكان إذا أجرب، وفي بعض النسخ ‏"‏ يتمغر ‏"‏ بالغين المعجمة أي يحمر من الغضب فصار كالذي صبغ بالمغرة، وللمؤلف في التفسير ‏"‏ وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي حديث أبي أمامة عند أبي يعلى في نحو هذه القصة ‏"‏ فجلس عمر فأعرض عنه - أي النبي صلى الله عليه وسلم - ثم تحول فجلس إلى الجانب الآخر فأعرض عنه، ثم قام فجلس بين يديه فأعرض عنه، فقال‏:‏ يا رسول الله ما أرى إعراضك إلا لشيء بلغك عني، فما خير حياتي وأنت معرض عني‏؟‏ فقال‏:‏ أنت الذي اعتذر إليك أبو بكر فلم تقبل منه، ووقع في حديث ابن عمر عند الطبراني في نحو هذه القصة ‏"‏ يسألك أخوك أن تستغفر له فلا تفعل ‏"‏ فقال‏:‏ والذي بعثك بالحق ما من مرة يسألني إلا وأنا أستغفر له، وما خلق الله من أحد أحب إلي منه بعدك‏.‏

فقال أبو بكر‏:‏ وأنا والذي بعثك بالحق كذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى أشفق أبو بكر‏)‏ زاد محمد بن المبارك ‏"‏ أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر ما يكره‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجثا‏)‏ بالجيم والمثلثة أي برك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والله أنا كنت أظلم‏)‏ في القصة المذكورة ‏"‏ وإنما قال ذلك لأنه الذي بدأ ‏"‏ كما تقدم في أول القصة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مرتين‏)‏ أي قال ذلك القول مرتين، ويحتمل أنه من قول أبي بكر فيكون معلقا بقوله ‏"‏ كنت أظلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وواساني‏)‏ في رواية الكشميهني وحده ‏"‏ واساني ‏"‏ والأول أوجه، وهو من المواساة وهي بلفظ المفاعلة من الجانبين، والمراد به أن صاحب المال يجعل يده ويد صاحبه في ماله سواء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تاركو لي صاحبي‏)‏ في التفسير ‏"‏ تاركون لي صاحبي ‏"‏ وهي الموجهة حتى قال أبو البقاء‏:‏ إن حذف النون من خطأ الرواة، لأن الكلمة ليست مضافة ولا فيها ألف ولام، وإنما يجوز الحذف في هذين الموضعين‏.‏

ووجهها غيره بوجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن يكون ‏"‏ صاحبي ‏"‏ مضافا وفصل بين المضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الإضافة، وفي ذلك جمع بين إضافتين إلى نفسه تعظيما للصديق، ونظيره قراءة ابن عامر ‏(‏وكذلك زين للكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم‏)‏ بنصب أولادهم وخفض شركائهم وفصل بين المضافين بالمفعول، والثاني أن يكون استطال الكلام فحذف النون كما يحذف من الموصول المطول، ومنه ما ذكروه في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وخضتم كالذي خاضوا‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مرتين‏)‏ أي قال ذلك القول مرتين‏.‏

وفي رواية محمد بن المبارك ‏"‏ ثلاث مرات‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فما أوذي بعدها‏)‏ أي لما أظهره النبي صلى الله عليه وسلم لهم من تعظيمه، ولم أر هذه الزيادة من غير رواية هشام بن عمار، ووقع لأبي بكر مع ربيعة بن جعفر قصة نحو هذه‏:‏ فأخرج أحمد من حديث ربيعة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أرضا وأعطى أبا بكر أرضا، قال‏:‏ فاختلفا في عذق نخلة، فقلت أنا‏:‏ هي في حدي‏.‏

وقال أبو بكر‏:‏ هي في حدي، فكان بيننا كلام، فقال له أبو بكر كلمة ثم ندم فقال‏:‏ رد على مثلها حتى يكون قصاصا، فأبيت‏.‏

فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ما لك وللصديق - فذكر القصة - فقال‏:‏ أجل فلا ترد عليه، ولكن قل‏:‏ غفر الله لك يا أبا بكر، فقلت‏.‏

فولى أبو بكر وهو يبكي‏"‏‏.‏

وفي الحديث من الفوائد فضل أبي بكر على جميع الصحابة، وأن الفاضل لا ينبغي له أن يغاضب من هو أفضل منه، وفيه جواز مدح المرء في وجهه، ومحله إذا أمن عليه الافتتان والاغترار‏.‏

وفيه ما طبع عليه الإنسان من البشرية حتى يحمله الغضب على ارتكاب خلاف الأولى، لكن الفاضل في الدين يسرع الرجوع إلى الأولى كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا‏)‏ وفيه أن غير النبي ولو بلغ من الفضل الغاية ليس بمعصوم‏.‏

وفيه استحباب سؤال الاستغفار والتحلل من المظلوم، وفيه أن من غضب على صاحبه نسبه إلى أبيه أو جده ولم يسمه باسمه وذلك من قول أبي بكر لما جاء وهو غضبان من عمر ‏"‏ كان بيني وبين ابن الخطاب ‏"‏ فلم يذكره باسمه، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إلا إن كان ابن أبي طالب يريد أن ينكح ابنتهم‏"‏، وفيه أن الركبة ليست عورة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ فَقُلْتُ مِنْ الرِّجَالِ فَقَالَ أَبُوهَا قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَعَدَّ رِجَالًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏خالد الحذاء حدثنا‏)‏ هو من تقديم الاسم على الصفة وقد استعملوه كثيرا، والإسناد كله بصريون إلا الصحابي، وأبو عثمان هو النهدي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعثه على جيش ذات السلاسل‏)‏ بالمهملتين والمشهور أنها بفتح الأولى على لفظ جمع السلسلة، وضبطه كذلك أبو عبيد البكري، قيل سمي المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة، وضبطها ابن الأثير بالضم‏.‏

وقال هو بمعنى السلسال أي السهل، وسيأتي شرحها وتسميتها في المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أي الناس أحب إليك‏)‏ زاد في رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص ‏"‏ يا رسول الله فأحبه ‏"‏ أخرجه ابن عساكر من طريق علي بن مسهر عن إسماعيل عن قيس، وقع عند ابن سعد سبب هذا السؤال وأنه وقع في نفس عمرو لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش وفيهم أبو بكر وعمر أنه مقدم عنده في المنزلة عليهم فسأله لذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت من الرجال‏)‏ في رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو عند ابن خزيمة وابن حبان ‏"‏ قلت إني لست أعني النساء إني أعني الرجال ‏"‏ وفي حديث أنس عند ابن حبان أيضا ‏"‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك‏؟‏ قال‏:‏ عائشة، قيل له ليس عن أهلك نسألك ‏"‏ وعرف بحديث عمر اسم السائل في حديث أنس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ثم عمر بن الخطاب، فعد رجالا‏)‏ زاد في المغازي من وجه آخر ‏"‏ فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم ‏"‏ ووقع في حديث عبد الله بن شقيق قال‏:‏ ‏"‏ قلت لعائشة‏:‏ أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه‏؟‏ قالت‏:‏ أبو بكر، قلت‏:‏ ثم من‏؟‏ قالت‏:‏ عمر، قلت‏:‏ ثم من‏؟‏ قالت‏:‏ أبو عبيدة بن الجراح، قلت‏:‏ ثم من‏؟‏ فسكتت ‏"‏ أخرجه الترمذي وصححه فيمكن أن يفسر بعض الرجال الذي أبهموا في حديث الباب بأبي عبيدة‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال‏:‏ ‏"‏ استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت عائشة عاليا وهي تقول‏:‏ والله لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي ‏"‏ الحديث، فيكون علي ممن أبهمه عمرو بن العاص، وهو أيضا وإن كان في الظاهر يعارض حديث عمرو لكن يرجح حديث عمرو أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من تقريره، ويمكن الجمع باختلاف جهة المحبة‏:‏ فيكون في حق أبي بكر على عمومه بخلاف علي، ويصح حينئذ دخوله فيمن أبهمه عمرو، ومعاذ الله أن نقول كما تقول الرافضة من إبهام عمرو فيما روى لما كان بينه وبين علي رضي الله عنهما، فقد كان النعمان مع معاوية على علي ولم يمنعه ذلك من التحديث بمنقبة علي، ولا ارتياب في أن عمرا أفضل من النعمان، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهُ الرَّاعِي فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَتْ إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا وَلَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ قَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في قصة الذئب الذي كلم الراعي، وفي قصة البقرة التي كلمت من حملها، وقد تقدم الكلام على ما في إسناده في ذكر بني إسرائيل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب‏)‏ الحديث لم أقف على اسم هذا الراعي، وقد أورد المصنف الحديث في ذكر بني إسرائيل، وهو مشعر بأنه عنده ممن كان قبل الإسلام، وقد وقع كلام الذئب لبعض الصحابة في نحو هذه القصة، فروى أبو نعيم في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق ربيعة بن أوس عن أنيس بن عمرو عن أهبان بن أوس قال‏:‏ ‏"‏ كنت في غنم لي، فشد الذئب على شاة منها، فصحت عليه فأقعى الذئب على ذنبه يخاطبني وقال‏:‏ من لها يوم تشتغل عنها‏؟‏ تمنعني رزقا رزقنيه الله تعالى، فصفقت بيدي وقلت‏:‏ والله ما رأيت شيئا أعجب من هذا، فقال‏:‏ أعجب من هذا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين هذه النخلات يدعو إلى الله، قال فأتى أهبان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وأسلم ‏"‏ فيحتمل أن يكون أهبان لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان أبو بكر وعمر حاضرين، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأبو بكر وعمر غائبين، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر ‏"‏ وقد تقدمت هذه الزيادة في هذه القصة من وجه آخر عن أبي سلمة في المزارعة وفيه‏:‏ ‏"‏ قال أبو سلمة‏:‏ وما هما يومئذ في القوم ‏"‏ أي عند حكاية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك‏.‏

ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما اطلع عليه من غلبة صدق إيمانهما وقوة يقينهما، وهذا أليق بدخوله في مناقبهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يوم السبع‏)‏ قال عياض‏:‏ يجوز ضم الموحدة وسكونها، إلا أن الرواية بالضم‏.‏

وقال الحربي‏:‏ هو بالضم والسكون وجزم بأن المراد به الحيوان المعروف‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ هو بالإسكان والضم تصحيف، كذا قال‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم وعلى هذا - أي الضم - فالمعنى إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذ غيري، أي إنك تهرب منه وأكون أنا قريبا منه أرعى ما يفضل لي منها‏.‏

وقال الداودي‏:‏ معناه من لها يوم يطرقها السبع - أي الأسد - فتفر أنت منه فيأخذ منها حاجته وأتخلف أنا لا راعي لها حينئذ غيري، وقيل‏:‏ إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن فتصير الغنم هملا فتنهبها السباع فيصير الذئب كالراعي لها لانفراده بها‏.‏

وأما بالسكون فاختلف في المراد به فقيل‏:‏ هو اسم الموضع الذي يقع فيه الحشر يوم القيامة، وهذا نقله الأزهري في ‏"‏ تهذيب اللغة ‏"‏ عن ابن الأعرابي، ويؤيده أنه وقع في بعض طرقه عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة ‏"‏ يوم القيامة ‏"‏ وقد تعقب هذا بأن الذئب حينئذ لا يكون راعيا للغنم ولا تعلق له بها، وقيل‏:‏ هو اسم يوم عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون فيه باللهو واللعب فيغفل الراعي عن غنمه فيتمكن الذئب من الغنم، وإنما قال‏:‏ ‏"‏ ليس لها راع غيري ‏"‏ مبالغة في تمكنه منها، وهذا نقله الإسماعيلي عن أبي عبيدة، وقيل‏:‏ هو من سبعت الرجل إذا ذعرته، أي من لها يوم الفزع‏؟‏ أو من أسبعته إذا أهملته، أي من لها يوم الإهمال‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ السبع الهمل، وأسبع الرجل أغنامه إذا تركها تصنع ما تشاء، ورجح هذا القول النووي‏.‏

وقيل‏:‏ يوم الأكل، يقال سبع الذئب الشاة إذا أكلها‏.‏

وحكى صاحب ‏"‏ المطالع ‏"‏ أنه روي بسكون التحتانية آخر الحروف وفسره بيوم الضياع، يقال أسبعت وأضيعت بمعنى، وهذا نقله ابن دحية عن إسماعيل القاضي عن علي بن المديني عن معمر بن المثنى، وقيل‏:‏ المراد بيوم السبع يوم الشدة كما روي عن ابن عباس أنه سئل عن مسألة فقال‏:‏ أجرأ من سبع، يريد أنها من المسائل الشداد التي يشتد فيها الخطب على المفتي، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبينما رجل يسوق بقرة‏)‏ تقدم الكلام عليه في المزارعة، ووقع عند ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في آخره في القصتين ‏"‏ فقال الناس آمنا بما آمن به رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وفي الحديث جواز التعجب من خوارق العادات، وتفاوت الناس في المعارف‏.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)14
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)30
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)31
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: