*3* باب مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل
الشرح:
قوله: (باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح) كذا أخر ذ كره عن إخوانه من العشرة، ولم أقف في شيء من نسخ البخاري على ترجمة لمناقب عبد الرحمن بن عوف، ولا لسعيد بن زيد، وهما من العشرة، وإن كان قد أفرد ذكر إسلام سعيد بن زيد بترجمة في أوائل السيرة النبوية، وأظن ذلك من تصرف الناقلين لكتاب البخاري، كما تقدم مرارا أنه ترك الكتاب مسودة، فإن أسماء من ذكرهم هنا لم يقع فيهم مراعاة الأفضلية ولا السابقية ولا الأسنية، وهذه جهات التقديم في الترتيب، فلما لم يراع واحدا منها دل على أنه كتب كل ترجمة على حدة فضم بعض النقلة بعضها إلى بعض حسبما اتفق.
وأبو عبيدة اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في فهر بن مالك، وعدد ما بينهما من الآباء متفاوت جدا بخمسة آباء، فيكون أبو عبيدة من حيث العدد في درجة عبد مناف، ومنهم من أدخل في نسبه بين الجراح وهلال ربيعة فيكون على هذا في درجة هاشم، وبذلك جزم أبو الحسن بن سميع ولم يذكره غيره، وأم أبي عبيدة هي من بنات عم أبيه، ذكر أبو أحمد الحاكم أنها أسلمت وقتل أبوه كافرا يوم بدر، ويقال إنه هو الذي قتله، ورواه الطبراني وغيره من طريق عبد الله بن شوذب مرسلا، ومات أبو عبيدة وهو أمير على الشام من قبل عمر بالطاعون سنه ثمان عشرة باتفاق.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ
الشرح:
قوله: (حدثنا عبد الأعلى) هو ابن عبد الأعلى البصري السامي بالمهملة من بني سامة بن لؤي، وخالد شيخه هو الحذاء.
قوله: (إن لكل أمة أمينا إن أميننا أيتها الأمة) صورته صورة النداء، لكن المراد فيه الاختصاص أي أمتنا مخصوصون من بين الأمم، وعلى هذا فهو بالنصب على الاختصاص، ويجوز الرفع، والأمين هو الثقة الرضي وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره لكن السياق يشعر بأن له مزيدا في ذلك، لكن خص النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها، فأشعر بقدر زائد فيها على غيره، كالحياء لعثمان، والقضاء لعلي ونحو ذلك.
(تنبيه) : أورد الترمذي وابن حبان هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء بهذا الإسناد مطولا وأوله " أرحم أمتي بأمي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرأهم لكتاب الله أبي، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ألا وإن لكل أمة أمينا " الحديث وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري، والله أعلم.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ لَأَبْعَثَنَّ يَعْنِي عَلَيْكُمْ يَعْنِي أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الشرح:
قوله: (عن صلة) بكسر المهملة وتخفيف اللام هو ابن زفر وذكر الجياني أنه وقع هنا في رواية القابسي صلة بن حذيفة وهو تحريف.
قوله: (عن حذيفة) وقع في رواية النسائي " عن صلة عن ابن مسعود " وسيأتي بيان ذلك في المغازي.
قوله: (لأهل نجران) هم أهل بلد قريب من اليمن، وهم العاقب واسمه عبد المسيح والسيد ومن معهما، ذكر ابن سعد أنهم وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع وسماهم، وسيأتي شرح ذلك مطولا في أواخر المغازي حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى.
ووقع في حديث أنس عند مسلم " أن أهل اليمن قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام، فأخذ بيد أبي عبيدة وقال: هذا أمين هذه الأمة " فإن كان الراوي تجوز عن أهل نجران بقوله: " أهل اليمن " لقرب نجران من اليمن وإلا فهما واقعتان، والأول أرجح، والله أعلم.
قوله: (لأبعثن حق أمين) في رواية غير أبي ذر " لأبعثن - يعني عليكم - أمينا حق أمين " ولمسلم " لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين".
قوله: (فأشرف أصحابه) في رواية مسلم والإسماعيلي " فاستشرف لها أصحاب رسولا الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
قوله: (فبعث أبا عبيدة) في رواية أبي يعلى " قم يا أبا عبيدة، فأرسله معهم " ووقع في رواية لأبي يعلى من طريق سالم عن أبيه " سمعت عمر يقول: ما أحببت الإمارة قط إلا مرة واحدة " فذكر القصة.
وقال في الحديث " فتعرضت أن تصيبني، فقال: قم يا أبا عبيدة".