foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:31 am

وقائله هو أبو محمد بن حزم وفساده ظاهر‏.‏

قال السبكي‏:‏ ونساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل، وهن أفضل النساء لقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏لستن كأحد من النساء إن اتقيتن‏)‏ الآية، ولا يستثنى من ذلك إلا من قيل إنها نبية كمريم، والله أعلم‏.‏

ومما نبه عليه أنه وقع عند الطبراني من رواية أبي يونس عن عائشة أنها وقع لها نظير ما وقع لخديجة من السلام والجواب، وهي رواية شاذة، والعلم عند الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال إسماعيل بن خليل‏)‏ كذا في جميع النسخ التي اتصلت إلينا بصيغة التعليق، لكن صنيع المزي يقتضي أنه أخرجه موصولا، وقد أخرجه أبو عوانة عن محمد بن يحيى الذهلي عن إسماعيل المذكور، وأخرجه مسلم عن سويد بن سعيد والإسماعيلي من طريق الوليد بن شجاع كلاهما عن علي بن مسهر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استأذنت هالة بنت خويلد‏)‏ هي أخت خديجة، وكانت زوج الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس والد أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكروها في الصحابة وهو ظاهر هذا الحديث، وقد هاجرت إلى المدينة لأن دخولها كان بها أي بالمدينة، ويحتمل أن تكون دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حيث كانت عائشة معه في بعض سفراته، ووقع عند المستغفري من طريق حماد بن سلمة عن هشام بهذا السند ‏"‏ قدم ابن لخديجة يقال له هالة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم في قائلته كلام هالة، فانتبه وقال‏:‏ هالة هالة ‏"‏ قال المستغفري‏:‏ الصواب هالة أخت خديجة انتهى‏.‏

وروى الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من طريق تميم بن زيد بن هالة عن أبي هالة عن أبيه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو راقد فاستيقظ فضمه إلى صدره وقال‏:‏ ‏"‏ هالة هالة ‏"‏ وذكر ابن حبان وابن عبد البر في الصحابة هالة بن أبي هالة التميمي، فلعله كان لخديجة أيضا ابن اسمه هالة والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فعرف استئذان خديجة‏)‏ أي صفته لشبه صوتها بصوت أختها فتذكر خديجة بذلك، وقوله‏:‏ ‏"‏ ارتاع ‏"‏ من الروع بفتح الراء أي فزع، والمراد من الفزع لازمه وهو التغير‏.‏

ووقع في بعض الروايات ‏"‏ ارتاح ‏"‏ بالحاء المهملة أي اهتز لذلك سرورا، وقوله ‏"‏اللهم هالة ‏"‏ فيه حذف تقديره اجعلها هالة، فعلى هذا فهو منصوب، ويحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذه هالة وعلى هذا هو مرفوع، وفي الحديث أن من أحب شيئا أحب محبوباته وما يشبهه وما يتعلق به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حمراء الشدقين‏)‏ بالجر، قال أبو البقاء‏:‏ يجوز في حمراء الرفع على القطع والنصب على الصفة أو الحال، ثم الموجود في جميع النسخ وفي مسلم ‏"‏ حمراء ‏"‏ بالمهملتين، وحكى ابن التين أنه روي بالجيم والزاي ولم يذكر له معنى، وهو تصحيف والله أعلم‏.‏

قال القرطبي‏:‏ قيل‏:‏ معنى حمراء الشدقين بيضاء الشدقين، والعرب تطلق على الأبيض الأحمر كراهة اسم البياض لكونه يشبه البرص، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة يا حميراء‏.‏

ثم استبعد القرطبي هذا لكون عائشة أوردت هذه المقالة مورد التنقيص، فلو كان الأمر كما قيل لنصت على البياض لأنه كان يكون أبلغ في مرادها‏.‏

قال‏:‏ والذي عندي أن المراد بذلك نسبتها إلى كبر السن، لأن من دخل في سن الشيخوخة مع قوة في بدنه يغلب على لونه غالبا الحمرة المائلة إلى السمرة، كذا قال، والذي يتبادر أن المراد بالشدقين ما في باطن الفم فكنت بذلك عن سقوط أسنانها حتى لا يبقى داخل فمها إلا اللحم الأحمر من اللثة وغيرها، وبهذا جزم النووي وغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قد أبدلك الله خيرا منها‏)‏ قال ابن التين‏:‏ في سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المقالة دليل على أفضلية عائشة على خديجة إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن انتهى‏.‏

ولا يلزم من كونه لم ينقل في هذه الطريق أنه صلى الله عليه وسلم رد عليها عدم ذلك، بل الواقع أنه صدر منه رد لهذه المقالة، ففي رواية أبي نجيح عن عائشة عند أحمد والطبراني في هذه القصة ‏"‏ قالت عائشة فقلت أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن، فغضب حتى قلت‏:‏ والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير ‏"‏ وهذا يؤيد ما تأوله ابن التين في الخيرية المذكورة، والحديث يفسر بعضه بعضا‏.‏

وروى أحمد أيضا والطبراني من طريق مسروق عن عائشة في نحو هذه القصة ‏"‏ فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي إذ كفر بي الناس ‏"‏ الحديث، قال عياض قال الطبري وغيره من العلماء الغيرة مسامح للنساء ما يقع فيها ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة لما جبلن عليه منها، ولهذا لم يزجر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة عن ذلك‏.‏

وتعقبه عياض بأن ذلك جرى من عائشة لصغر سنها وأول شبيبتها، فلعلها لم تكن بلغت حينئذ‏.‏

قلت‏:‏ وهو محتمل مع ما فيه من نظر، قال القرطبي‏:‏ لا تدل قصة عائشة هذه على أن الغيرة لا تؤاخذ بما يصدر منها، لأن الغيرة هنا جزء سبب، وذلك أن عائشة اجتمع فيها حينئذ الغيرة وصغر السن والإدلال، قال فإحالة الصفح عنها على الغيرة وحدها تحكم، نعم الحامل لها على ما قالت الغيرة لأنها هي التي نصت عليها بقولها ‏"‏ فغرت ‏"‏ وأما الصفح فيحتمل أن يكون لأجل الغيرة وحدها، ويحتمل أن يكون لها ولغيرها من الشباب والإدلال‏.‏

قلت‏:‏ الغيرة محققة بتنصيصها، والشباب محتاج إلى دليل، فإنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي بنت تسع وذلك في أول زمن البلوغ، فمن أين له أن ذلك القول وقع في أوائل دخوله عليها وهي بنت تسع‏.‏

وأما إدلال المحبة فليس موجبا للصفح عن حق الغير، بخلاف الغيرة فإنما يقع الصفح بها لأن من يحصل لها الغيرة لا تكون في كمال عقلها، فلهذا تصدر منها أمور لا تصدر منها في حال عدم الغيرة، والله أعلم‏.‏

*3* باب ذِكْرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي‏)‏ أي ابن جابر بن مالك من بني أنمار بن أراش، نسبوا إلى أمهم بجيلة، يكنى أبا عمرو على المشهور، واختلف في إسلامه والصحيح أنه في سنة الوفود سنة تسع، ووهم من قال إنه أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما لما ثبت في الصحيح ‏"‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له استنصت الناس ‏"‏ في حجة الوداع وذلك قبل موته صلى الله عليه وسلم بأكثر من ثمانين يوما، وكان موت جرير سنة خمسين وقيل‏:‏ بعدها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي ما منعني من الدخول إليه إذا كان في بيته فاستأذنت عليه، وليس كما حمله بعضهم على إطلاقه فقال كيف جاز له أن يدخل على محرم بغير حجاب‏؟‏ ثم تكلف في الجواب أن المراد مجلسه المختص بالرجال، أو أن المراد بالحجاب منع ما يطلبه منه‏.‏

قلت‏:‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ ما حجبني ‏"‏ يتناول الجميع مع بعد إرادة الأخير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا رآني إلا ضحك‏)‏ في رواية الحميدي عن إسماعيل ‏"‏ إلا تبسم في وجهي ‏"‏ وروى أحمد وابن حبان من طريق المغيرة بن شبيل عن جرير قال‏:‏ ‏"‏ لما دنوت من المدينة أنخت ثم لبست حلتي فدخلت، فرماني الناس بالحدق، فقلت‏:‏ هل ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، ذكرك بأحسن ذكر فقال‏:‏ يدخل عليكم رجل من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

وَعَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ أَوْ الْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ قَالَ فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ قَالَ فَكَسَرْنَا وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْنَاهُ فَأَخْبَرْنَاهُ فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن قيس‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ذو الخلصة‏)‏ بفتح المعجمة واللام والصاد المهملة وحكي إسكان اللام‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ اليمانية ‏"‏ بتخفيف الياء وحكي تشديدها، وقوله‏:‏ ‏"‏ أو الكعبة الشامية ‏"‏ استشكل الجمع بين هذين الوصفين، وسيأتي جوابه مع شرح هذه القصة في أواخر المغازي مع الكلام على قوله الكعبة اليمانية أو الكعبة الشامية إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:32 am

3* باب ذِكْرُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ الْعَبْسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر حذيفة بن اليمان العبسي‏)‏ بالموحدة، واسم اليمان حسل بمهملتين وكسر أوله وسكون ثانيه ثم لام ابن جابر له ولأبيه صحبة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ هَزِيمَةً بَيِّنَةً فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ أُخْرَاهُمْ فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ فَنَادَى أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي فَقَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ أَبِي فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهَا بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما هزم‏)‏ بضم أوله، وقوله‏:‏ ‏"‏ وأخراكم ‏"‏ أي اقبلوا أخراكم أو احذروا أخراكم أو انصروا أخراكم، وقوله‏:‏ ‏"‏ احتجزوا ‏"‏ أي انفصلوا من القتال وامتنع بعضهم من بعض، وسيأتي بقية شرح هذه القصة في كتاب المغازي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبي‏)‏ القائل هو هشام بن عروة، نقله عن أبيه عروة وفصله من حديث عائشة فصار مرسلا، وقوله‏:‏ ‏"‏ ما زالت في حذيفة منها ‏"‏ أي من هذه الكلمة أي بسببها، وقوله‏:‏ ‏"‏ بقية خير ‏"‏ يؤخذ منه أن فعل الخير تعود بركته على صاحبه في طول حياته‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وقع ذكر جرير وحذيفة مؤخرا عن ذكر خديجة عليها السلام، وفي بعضها مقدما وهو أليق، فإن الذي يظهر أنه أخر ذكر خديجة عمدا لكون غالب أحوالها متعلقة بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث فوقع له في ذلك حسن التخلص من المناقب التي استطرد من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إليها، فلما فرغ منها رجع إلى بقية سيرته ومغازيه، والله أعلم‏.‏

*3* باب ذِكْرُ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حذف التشكيل

وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ قَالَتْ وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا قَالَ لَا أُرَاهُ إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة‏)‏ أي ابن عبد شمس، وهي والدة معاوية، قتل أبوها ببدر كما سيأتي في المغازي، وشهدت مع زوجها أبي سفيان أحدا، وحرضت على قتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم لكونه قتل عمها شيبة وشرك في قتل أبيها عتبة فقتله وحشي بن حرب كما سيأتي بيان ذلك في حديث وحشي، ثم أسلمت هند يوم الفتح، وكانت من عقلاء النساء، وكانت قبل أبي سفيان عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ثم طلقها في قصة جرت، فتزوجها أبو سفيان فأنتجت عنده، وهي القائلة للنبي صلى الله عليه وسلم لما شرط على النساء المبايعة ولا يسرقن ولا يزنين ‏"‏ وهل تزني الحرة ‏"‏‏؟‏ وماتت هند في خلافة عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبدان‏)‏ كذا للجميع بصيغة التعليق، وكلام أبي نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ يقتضي أن البخاري أخرجه موصولا عن عبدان، وقد وصله البيهقي أيضا من طريق أبي الموجه عن عبدان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خباء‏)‏ بكسر المعجمة وتخفيف الموحدة مع المد هي خيمة من وبر أو صوف، ثم أطلقت على البيت كيف ما كان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال وأيضا والذي نفسي بيده‏)‏ قال ابن التين‏:‏ فيه تصديق لها فيما ذكرته، كأنه رأى أن المعنى‏:‏ وأنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك‏.‏

تعقب من جهة طرفي البغض والحب، فقد كان في المشركين من كان أشد أذى للنبي صلى الله عليه وسلم من هند وأهلها، وكان في المسلمين بعد أن أسلمت من هو أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها ومن أهلها، فلا يمكن حمل الخبر على ظاهره‏.‏

وقال غيره‏:‏ المعنى بقوله ‏"‏ وأيضا ‏"‏ ستزيدين في المحبة كلما تمكن الإيمان من قلبك وترجعين عن البغض المذكور حتى لا يبقى له أثر، فأيضا خاص بما يتعلق بها لا أن المراد بها أني كنت في حقك كما ذكرت في البغض ثم صرت على خلافه في الحب بل ساكت عن ذلك، ولا يعكر على هذا قوله في بعض الروايات ‏"‏ وأنا ‏"‏ إن ثبتت الرواية بذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن أبا سفيان رجل مسيك‏)‏ سيأتي شرحه في كتاب النفقات إن شاء الله تعالى، وفي الحديث دلالة على وفور عقل هند وحسن تأتيها في المخاطبة، ويؤخذ منه أن صاحب الحاجة يستحب له أن يقدم بين يدي نحواه اعتذارا إذا كان في نفس الذي يخاطبه عليه موجدة، وأن المعتذر يستحب له أن يقدم ما يتأكد به صدقه عند من يعتذر إليه، لأن هندا قدمت الاعتراف بذكر ما كانت عليه من البغض ليعلم صدقها فيما ادعته من المحبة، وقد كانت هند في منزلة أمهات نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأن أم حبيبة إحدى زوجاته بنت زوجها أبي سفيان‏.‏

*3* باب حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

‏(‏باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل‏)‏ هو ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل، وقد تقدم نسبه في ترجمته‏.‏

وهو والد سعيد بن زيد أحد العشرة؛ وكان ممن طلب التوحيد وخلع الأوثان وجانب الشرك، لكنه مات قبل المبعث، فروى محمد بن سعد والفاكهي من حديث عامر بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب قال‏:‏ ‏"‏ قال لي زيد بن عمرو‏:‏ إني خالفت قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وأنا أنتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث، ولا أراني أدركه، وأنا أومن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، وإن طالت بك حياة فأقره مني السلام‏.‏

قال عامر‏:‏ فلما أسلمت أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بخبره قال‏:‏ فرد عليه السلام وترحم عليه، قال‏:‏ ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا ‏"‏ وروى البزار والطبراني من حديث سعيد بن زيد قال‏:‏ ‏"‏ خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل يطلبان الدين، حتى أتيا الشام، فتنصر ورقة وامتنع زيد، فأتى الموصل فلقي راهبا فعرض عليه النصرانية فامتنع ‏"‏ وذكر الحديث نحو حديث ابن عمر الآتي في ترجمته وفيه ‏"‏ قال سعيد بن زيد فسألت أنا وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد فقال‏:‏ غفر الله له ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم‏"‏، وروى الزبير بن بكار من طريق هشام بن عروة قال‏:‏ ‏"‏ بلغنا أن زيدا كان بالشام، فبلغه مخرج النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأقبل يريده فقتل بمضيعة من أرض البلقاء ‏"‏ وقال ابن إسحاق‏:‏ لما توسط بلاد لخم قتلوه، وقيل‏:‏ إنه مات قبل المبعث بخمس سنين عند بناء قريش الكعبة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنْ السَّمَاءِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بأسفل بلدح‏)‏ هو مكان في طريق التنعيم بفتح الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة وآخره مهملة، ويقال هو واد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقدمت‏)‏ بضم القاف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية الجرجاني ‏"‏ فقدم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة ‏"‏ قال عياض‏:‏ الصواب الأول، قلت‏:‏ رواية الإسماعيلي توافق رواية الجرجاني، وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ كانت السفرة لقريش قدموها للنبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل منها فقدمها النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن عمرو فأبى أن يأكل منها وقال مخاطبا لقريش الذين قدموها أولا‏:‏ ‏"‏ إنا لا نأكل ما ذبح على أنصابكم ‏"‏ انتهى‏.‏

وما قاله محتمل، لكن لا أدري من أين له الجزم بذلك، فإني لم أقف عليه في رواية أحد‏.‏

وقد تبعه ابن المنير في ذلك وفيه ما فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على أنصابكم‏)‏ بالمهملة جمع نصب بضمتين وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام، قال الخطابي‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام، ويأكل ما عدا ذلك وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه، لأن الشرع لم يكن نزل بعد، بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلا بعد المبعث بمدة طويلة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا الجواب أولى مما ارتكبه ابن بطال، وعلى تقدير أن يكون حارثة ذبح على الحجر المذكور فإنما يحمل على أنه إنما ذبح عليه لغير الأصنام، وأما قوله تعالى‏:‏ ‏(‏وما ذبح على النصب‏)‏ فالمراد به ما ذبح عليها للأصنام، ثم قال الخطابي‏:‏ وقيل‏:‏ لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك شيء‏.‏

قلت‏:‏ وفيه نظر، لأنه كان قبل المبعث فهو من تحصيل الحاصل‏:‏ وقد وقع في حديث سعيد بن زيد الذي قدمته وهو عند أحمد ‏"‏ وكان ابن زيد يقول‏:‏ عذت بما عاذ به إبراهيم، ثم يخر ساجدا للكعبة، قال‏:‏ فمر بالنبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما فدعياه فقال‏:‏ يا ابن أخي لا آكل مما ذبح على النصب، قال‏:‏ فما رؤي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك‏"‏‏.‏

وفي حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والبزار وغيرهما قال‏:‏ ‏"‏ خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من مكة وهو مردفي، فذبحنا شاة على بعض الأنصاب فأنضجناها، فلقينا زيد بن عمرو ‏"‏ فذكر الحديث مطولا وفيه‏:‏ ‏"‏ فقال زيد‏:‏ إني لا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه ‏"‏ قال الداودي‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث يجانب المشركين في عاداتهم، لكن لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبح، وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم‏.‏

وقال السهيلي‏:‏ فإن قيل فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أولى من زيد بهذه الفضيلة، فالجواب أنه ليس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أكل منها، وعلى تقدير أن يكون أكل فزيد إنما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغه، وإنما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه، وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام، والأصح أن الأشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا بحرمة، مع أن الذبائح لها أصل في تحليل الشرع، واستمر ذلك إلى نزول القرآن، ولم ينقل أن أحدا بعد المبعث كف عن الذبائح حتى نزلت الآية‏.‏

قلت‏:‏ وقوله إن زيدا فعل ذلك برأيه أولى من قول الداودي إنه تلقاه عن أهل الكتاب، فإن حديث الباب بين فيما قال السهيلي، وإن ذلك قاله زيد باجتهاد لا بنقل عن غيره، ولا سيما وزيد يصرح عن نفسه بأنه لم يتبع أحدا من أهل الكتابين‏.‏

وقد قال القاضي عياض في الملة المشهورة في عصمة الأنبياء قبل النبوة إنها كالممتنع لأن النواهي إنما تكون بعد تقرير الشرع، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدا قبل أن يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح، فعلى هذا فالنواهي إذا لم تكن موجودة فهي معتبرة في حقه والله أعلم‏.‏

فإن فرعنا على القول الآخر فالجواب عن قوله ‏"‏ ذبحنا شاة على بعض الأنصاب ‏"‏ يعني الحجارة التي ليست بأصنام ولا معبودة، إنما هي من آلات الجزار التي يذبح عليها، لأن النصب في الأصل حجر كبير، فمنها ما يكون عندهم من جملة الأصنام فيذبحون له وعلى اسمه، ومنها ما لا يعبد بل يكون من آلات الذبح فيذبح الذابح عليه لا للصنم، أو كان امتناع زيد منها حسما للمادة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن زيد بن عمرو‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور‏.‏

الحديث‏:‏

قَالَ مُوسَى حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا تَحَدَّثَ بِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنْ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ فَأَخْبِرْنِي فَقَالَ لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ قَالَ زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا قَالَ زَيْدٌ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَقَالَ لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ قَالَ مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا قَالَ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام خَرَجَ فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لَا تَقْتُلْهَا أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال موسى‏)‏ هو ابن عقبة، والخبر موصول بالإسناد المذكور إليه، وقد شك فيه الإسماعيلي فقال‏:‏ ما أدري هذه القصة الثانية من رواية الفضيل بن موسى أم لا‏.‏

ثم ساقها مطولة من طريق عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة، وكذا أوردها الزبير بن بكار والفاكهي بالإسنادين معا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا أعلمه إلا يحدث به عن ابن عمر‏)‏ قد ساق البخاري الحديث الأول في الذبائح من طريق عبد العزيز بن المختار عن موسى بغير شك، وساق الإسماعيلي هذا الثاني من رواية عبد العزيز المذكور بالشك أيضا فكان الشك فيه من موسى بن عقبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يسأل عن الدين‏)‏ أي دين التوحيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويتبعه‏)‏ بتشديد المثناة بعدها موحدة‏.‏

وللكشميهني بسكون الموحدة بعدها مثناة مفتوحة ثم عين معجمة أي يطلبه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلقي عالما من اليهود‏)‏ لم أقف على اسمه، وفي حديث زيد بن حارثة المذكور ‏"‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن عمرو‏:‏ ما لي أرى قومك قد شنفوا عليك ‏"‏ أي أبغضوك، وهو بفتح الشين المعجمة وكسر النون بعدها فاء ‏"‏ قال خرجت أبتغي الدين فقدمت على الأحبار فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلقي عالما من النصارى‏)‏ لم أقف على اسمه أيضا، ووقع في حديث زيد بن حارثة ‏"‏ قال لي شيخ من أحبار الشام‏:‏ إنك لتسألني عن دين ما أعلم أحدا يعبد الله به إلا شيخا بالجزيرة‏.‏

قال فقدمت عليه فقال‏:‏ إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك، وجميع من رأيتهم في ضلال ‏"‏ وفي رواية الطبراني من هذا الوجه ‏"‏ وقد خرج في أرضك نبي، أو هو خارج، فارجع وصدقه وآمن به‏.‏

قال زيد‏:‏ فلم أحس بشيء بعد‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وهذا مع ما تقدم يدل على أن زيدا رجع إلى الشام فبعث النبي صلى الله عليه وسلم به فرجع ومات، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأنا أستطيع‏)‏ أي والحال أن لي قدرة على عدم حمل ذلك، كذا للأكثر بتخفيف النون ضمير القائل‏.‏

وفي رواية بتشديد النون بمعنى الاستبعاد، والمراد بغضب الله إرادة إيصال العقاب كما أن المراد بلعنة الله الإبعاد عن رحمته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما برز‏)‏ أي خارج أرضهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم‏)‏ بكسر الهمزة الأولى وفتح الثانية‏.‏

وفي حديث سعيد بن زيد ‏"‏ فانطلق زيد وهو يقول‏:‏ لبيك حقا حقا، تعبدا ورقا‏.‏

ثم يخر فيسجد لله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الليث‏:‏ كتب إلى هشام‏)‏ أي ابن عروة، وهذا التعليق رويناه موصولا في حديث زغبة من رواية أبي بكر بن أبي داود عن عيسى بن حماد وهو المعروف بزغبة عن الليث‏.‏

وأخرج ابن إسحاق عن هشام بن عروة هذا الحديث بتمامه، وأخرجه الفاكهي من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد والنسائي وأبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق أبي أسامة كلهم عن هشام بن عروة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما منكم على دين إبراهيم غيري‏)‏ زاد أبو أسامة في روايته ‏"‏ وكان يقول‏:‏ إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم ‏"‏ وفي رواية ابن أبي الزناد ‏"‏ وكان قد ترك عبادة الأوثان، وترك أكل ما يذبح على النصب ‏"‏ في رواية ابن إسحاق ‏"‏ وكان يقول‏:‏ اللهم لو أعلم أحب الوجوه إليك لعبدتك به، ولكني لا أعلمه‏.‏

ثم يسجد على الأرض براحته‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان يحيي الموءودة‏)‏ هو مجاز، والمراد بإحيائها إبقاؤها‏.‏

وقد فسره في الحديث‏.‏

ووقع في رواية ابن أبي الزناد ‏"‏ وكان يفتدي الموءودة أن تقتل ‏"‏ والموءودة مفعولة من وأد الشيء إذا أثقل، وأطلق عليها اسم الوأد اعتبارا بما أريد بها وإن لم يقع‏.‏

وكان أهل الجاهلية يدفنون البنات وهن بالحياة، ويقال كان أصلها من الغيرة عليهن لما وقع لبعض العرب حيث سبى بنت آخر فاستفرشها، فأراد أبوها أن يفتديها منه فخيرها فاختارت الذي سباها، فحلف أبوها ليقتلن كل بنت تولد له، فتبع على ذلك‏.‏

وقد شرحت ذلك مطولا في كتابي في ‏"‏ الأوائل‏"‏‏.‏

وأكثر من كان يفعل ذلك منهم من الإملاق كما قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم‏)‏ وقصة زيد هذه تدل على هذا المعنى الثاني، فيحتمل أن يكون كل واحد من الأمرين كان سببا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أكفيك مؤنتها‏)‏ كذا لأبي ذر، ولغيره ‏"‏ أكفيكها مؤنتها ‏"‏ زاد أبو أسامة في روايته ‏"‏ وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن زيد فقال‏:‏ يبعث يوم القيامة أمة وحده بيني وبين عيسى ابن مريم ‏"‏ وروى البغوي في ‏"‏ الصحابة ‏"‏ من حديث جابر نحو هذه الزيادة، وساق له ابن إسحاق أشعارا قالها في مجانبة الأوثان لا نطيل بذكرها‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:33 am

*3* باب بُنْيَانُ الْكَعْبَةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب بنيان الكعبة‏)‏ أي على يد قريش في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته، وقد تقدم ما يتعلق ببناء إبراهيم عليه السلام قبل بناء قريش، وما يتعلق ببناء عبد الله بن الزبير في الإسلام‏.‏

وروى الفاكهي من طريق ابن جريج عن عبد الله بن عبيد الله بن عمير قال‏:‏ ‏"‏ كانت الكعبة فوق القامة، فأرادت قريش رفعها وتسقيفها ‏"‏ وسيأتي بيان ذلك في الباب الذي يليه‏.‏

وروى يعقوب بن سفيان بإسناد صحيح عن الزهري ‏"‏ أن امرأة جمرت الكعبة، فطارت شرارة في ثياب الكعبة فأحرقتها ‏"‏ فذكر قصة بناء قريش لها، وسيأتي في الحديث الثالث من الباب الذي يليه تتمة هذه القصة‏.‏

وذكر ابن إسحاق وغيره أن قريشا لما بنت الكعبة كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة‏.‏

وروى إسحاق بن راهويه من طريق خالد بن عرعرة عن علي في قصة بناء إبراهيم البيت قال ‏"‏ فمر عليه الدهر فانهدم، فبنته العمالقة، فمر عليه الدهر فانهدم فبنته جرهم، فمر عليه الدهر فانهدم فبنته قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ شاب، فلما أرادوا أن يضعوا الحجر الأسود اختصموا فيه فقالوا‏:‏ نحكم بيننا أول من يخرج من هذه السكة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من خرج منها، فحكم بينهم أن يجعلوه في ثوب ثم يرفعه من كل قبيلة رجل ‏"‏ وذكر أبو داود الطيالسي في هذا الحديث أنهم قالوا نحكم أول من يدخل من باب بني شيبة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من دخل منه، فأخبروه، فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل فخذ أن يأخذوا بطائفة من الثوب فرفعوه، ثم أخذه فوضعه بيده ‏"‏ وروى الفاكهي أن الذي أشار عليهم أن يحكموا أول داخل أبو أمية بن المغيرة المخزومي أخو الوليد، وقد تقدم في أوائل الحج من حديث أبي الطفيل قصة بناء قريش الكعبة مطولا فأغنى عن إعادته هنا‏.‏

وعند موسى بن عقبة أن الذي أشار عليهم بذلك هو الوليد بن المغيرة المخزومي، وأنه قال لهم ‏"‏ لا تجعلوا فيها مالا أخذ غصبا، ولا قطعت فيه رحم، ولا انتهكت فيه ذمة ‏"‏ وعند ابن إسحاق أن الذي أشار عليهم أن لا يبنوها إلا من مال طيب هو أبو وهب بن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا بُنِيَتْ الْكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبَّاسٌ يَنْقُلَانِ الْحِجَارَةَ فَقَالَ عَبَّاسٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ يَقِيكَ مِنْ الْحِجَارَةِ فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ إِزَارِي إِزَارِي فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ في حديث جابر ‏(‏لما بنيت الكعبة‏)‏ هو من مراسيل الصحابة، ولعل جابرا سمعه من العباس بن عبد المطلب، وتقدم بيان ذلك واضحا في كتاب الحج‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ يقك من الحجارة فخر إلى الأرض ‏"‏ فيه حذف تقديره‏:‏ ففعل ذلك فخر‏.‏

وفي حديث أبي الطفيل المذكور آنفا ‏"‏ فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة معهم إذ انكشفت عورته، فنودي يا محمد غط عورتك، فذلك في أول ما نودي، فما رؤيت له عورة قبل ولا بعد ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ طمحت عيناه إلى السماء ‏"‏ أي ارتفعت‏.‏

وذكر ابن إسحاق في المبعث ‏"‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي يحدث عما كان الله يحفظه في صغره أنه قال‏:‏ لقد رأيتني في غلمان من قريش ننقل حجارة لبعض مما تلعب به الغلمان، كلنا قد تعرى وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة، إذ لكمني لاكم ما أراه، ثم قال‏:‏ شد عليك إزارك، قال فشددته علي، ثم جعلت أحمل وإزاري علي من بين أصحابي ‏"‏ قال السهيلي‏:‏ إنما وردت هذه القصة في بنيان الكعبة، فإن صح أن ذلك كان في صغره فهي قصة أخرى‏:‏ مرة في الصغر ومرة في حال الاكتهال‏.‏

قلت‏:‏ وقد يطلق على الكبير غلام إذا فعل فعل الغلمان فلا يستحيل اتحاد القصة اعتمادا على التصريح بالأولية في حديث أبي الطفيل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ الْبَيْتِ حَتَّى كَانَ عُمَرُ فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ جَدْرُهُ قَصِيرٌ فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالا‏:‏ لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول البيت حائط‏)‏ هذا مرسل، وقيل‏:‏ منقطع، لأن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد من أصاغر التابعين‏.‏

وأما قوله‏:‏ ‏"‏ حتى كان عمر ‏"‏ فمنقطع فإنهما لم يدركا عمر أيضا‏.‏

وأما قوله ‏"‏ قال عبيد الله جدره قصير ‏"‏ هو بفتح الجيم، والجدر والجدار بمعنى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ فبناه ابن الزبير ‏"‏ هذا القدر هو الموصول من هذا الحديث، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي يزيد بتمامه وقال فيه‏:‏ ‏"‏ وكان أول من جعل الحائط على البيت عمر ‏"‏ قال عبيد الله وكان جدره قصيرا حتى كان زمن ابن الزبير فزاد فيه ‏"‏ وذكر الفاكهي أن المسجد كان محاطا بالدور على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فضاق على الناس، فوسعه عمر واشترى دورا فهدمها، وأعطى من أبى أن يبيع ثمن داره، ثم أحاط عليه بجدار قصير دون القامة، ورفع المصابيح على الجدر ‏"‏ قال‏:‏ ‏"‏ ثم كان عثمان فزاد في سعته من جهات أخر، ثم وسعه عبد الله بن الزبير، ثم أبو جعفر المنصور، ثم ولده المهدي ‏"‏ قال‏:‏ ‏"‏ ويقال إن ابن الزبير سقفه أو سقف بعضه، ثم رفع عبد الملك بن مروان جدرانه وسقفه بالساج، وقيل‏:‏ بل الذي صنع ذلك ولده الوليد وهو أثبت، وكان ذلك سنة ثمان وثمانين‏"‏‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:34 am

*3* باب أَيَّامُ الْجَاهِلِيَّةِ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب أيام الجاهلية‏)‏ أي مما كان بين المولد النبوي والمبعث، هذا هو المراد به هنا، ويطلق غالبا على ما قبل البعثة ومنه ‏(‏يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى‏)‏ ومنه أكثر أحاديث الباب، وأما جزم النووي في عدة مواضع من شرح مسلم أن هذا هو المراد حيث أتى ففيه نظر فإن هذا اللفظ وهو ‏"‏ الجاهلية ‏"‏ يطلق على ما مضى والمراد ما قبل إسلامه، وضابط آخره غالبا فتح مكة، ومنه قول مسلم في مقدمة صحيحه ‏"‏ أن أبا عثمان وأبا رافع أدركا الجاهلية ‏"‏ وقول أبي رجاء العطاردي ‏"‏ رأيت في الجاهلية قردة زنت ‏"‏ وقول ابن عباس ‏"‏ سمعت أبي يقول في الجاهلية‏:‏ اسقنا كأسا دهاقا ‏"‏ وابن عباس إنما ولد بعد البعثة، وأما قول عمر ‏"‏ نذرت في الجاهلية ‏"‏ فمحتمل، وقد نبه على ذلك شيخنا العراقي في الكلام على المخضرمين من علوم الحديث‏.‏

وذكر فيه أحاديث‏:‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان عاشوراء‏)‏ تقدم شرحه في كتاب الصيام، وذكرت هناك احتمالا أنهم أخذوا ذلك عن أهل الكتاب، ثم وجدت في بعض الأخبار أنهم كانوا أصابهم قحط ثم رفع عنهم فصاموه شكرا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ قَالَ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَابِعَةً مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ وَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ الْحِلُّ كُلُّهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كانوا يرون‏)‏ أي يعتقدون أن أشهر الحج لا ينسك فيها إلا بالحج وأن غيرها من الأشهر للعمرة، وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الحج‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ كَانَ عَمْرٌو يَقُولُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ جَاءَ سَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَسَا مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ قَالَ سُفْيَانُ وَيَقُولُ إِنَّ هَذَا لَحَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان عمرو‏)‏ هو ابن دينار‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي من طريق عبد الرحمن بن بشر عن سفيان ‏"‏ حدثنا عمرو بن دينار‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن جده‏)‏ هو حزن بفتح المهملة وسكون الزاي وهو ابن أبي وهب الذي قدمنا أنه أشار على قريش بأن تكون النفقة في بناء الكعبة من مال طيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء سيل في الجاهلية فطبق ما بين الجبلين‏)‏ أي ملأ ما بين الجبلين اللذين في جانبي الكعبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال سفيان ويقول إن هذا الحديث له شأن‏)‏ أي قصة، وذكر موسى بن عقبة أن السيل كان يأتي من فوق الردم الذي بأعلى مكة فيجريه، فتخوفوا أن يدخل الماء الكعبة فأرادوا تشييد بنيانها، وكان أول من طلعها وهدم منها شيئا الوليد بن المغيرة، وذكر القصة في بنيان الكعبة قبل المبعث النبوي‏.‏

وأخرج الشافعي في ‏"‏ الأم ‏"‏ بسند له عن عبد الله بن الزبير أن كعبا قال له وهو يعمل بناء مكة اشدده وأوثقه، فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان ا هـ‏.‏

فكان الشأن المشار إليه أنهم استشعروا من ذلك السيل الذي لم يعهدوا مثله أنه مبدأ السيول المشار إليها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ أَبِي بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ فَقَالَ مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ قَالُوا حَجَّتْ مُصْمِتَةً قَالَ لَهَا تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَتَكَلَّمَتْ فَقَالَتْ مَنْ أَنْتَ قَالَ امْرُؤٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ قَالَتْ أَيُّ الْمُهَاجِرِينَ قَالَ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَتْ مِنْ أَيِّ قُرَيْشٍ أَنْتَ قَالَ إِنَّكِ لَسَئُولٌ أَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَتْ مَا بَقَاؤُنَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الصَّالِحِ الَّذِي جَاءَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ بَقَاؤُكُمْ عَلَيْهِ مَا اسْتَقَامَتْ بِكُمْ أَئِمَّتُكُمْ قَالَتْ وَمَا الْأَئِمَّةُ قَالَ أَمَا كَانَ لِقَوْمِكِ رُءُوسٌ وَأَشْرَافٌ يَأْمُرُونَهُمْ فَيُطِيعُونَهُمْ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَهُمْ أُولَئِكِ عَلَى النَّاسِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏دخل‏)‏ أي أبو بكر الصديق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على امرأة من أحمس‏)‏ بمهملتين وزن أحمد، وهي قبيلة من بجيلة‏.‏

وأغرب ابن التين فقال‏:‏ المراد امرأة من الحمس وهي من قريش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقال لها زينب بنت المهاجر‏)‏ روى حديثها محمد بن سعد في الطبقات من طريق عبد الله بن جابر الأحمسي عن عمته زينب بنت المهاجر قالت‏:‏ ‏"‏ خرجت حاجة ‏"‏ فذكر الحديث، وذكر أبو موسى المديني في ‏"‏ ذيل الصحابة ‏"‏ أن ابن مندة ذكر في ‏"‏ تاريخ النساء ‏"‏ له أن زينب بنت جابر أدركت النبي صلى الله عليه وسلم وروت عن أبي بكر، وروى عنها عبد الله بن جابر وهي عمته قال‏:‏ وقيل‏:‏ هي بنت المهاجر بن جابر، وذكر الدار قطني في ‏"‏ العلل ‏"‏ أن في رواية شريك وغيره عن إسماعيل بن أبي خالد في حديث الباب أنها زينب بنت عوف، قال‏:‏ وذكر ابن عيينة عن إسماعيل أنها جدة إبراهيم بن المهاجر، والجمع بين هذه الأقوال ممكن بأن من قال بنت المهاجر نسبها إلى أبيها أو بنت جابر نسبها إلى جدها الأدنى أو بنت عوف نسبها إلى جد لها أعلى، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مصمتة‏)‏ بضم الميم وسكون المهملة أي ساكته يقال أصمت وصمت بمعنى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن هذا لا يحل‏)‏ يعني ترك الكلام‏.‏

ووقع عند الإسماعيلي من وجه آخر عن أبي بكر الصديق أن المرأة قالت له‏:‏ ‏"‏ كان بيننا وبين قومك في الجاهلية شر، فحلفت إن الله عافانا من ذلك أن لا أكلم أحدا حتى أحج، فقال‏:‏ إن الإسلام يهدم ذلك، فتكلمي ‏"‏ وللفاكهي من طريق زيد بن وهب عن أبي بكر نحوه، وقد استدل بقول أبي بكر هذا من قال بأن من حلف أن لا يتكلم استحب له أن يتكلم ولا كفارة عليه، لأن أبا بكر لم يأمرها بالكفارة، وقياسه أن من نذر أن لا يتكلم لم ينعقد نذره، لأن أبا بكر أطلق أن ذلك لا يحل وأنه من فعل الجاهلية وأن الإسلام هدم ذلك ولا يقول أبو بكر مثل هذا إلا عن توقيف فيكون في حكم المرفوع، ويؤيد ذلك حديث ابن عباس في قصة أبي إسرائيل الذي نذر أن يمشي ولا يركب ولا يستظل ولا يتكلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يركب ويستظل ويتكلم، وحديث علي رفعه ‏"‏ لا يتم بعد احتلام ولا صمت يوم إلى الليل ‏"‏ أخرجه أبو داود، قال الخطابي في شرحه‏:‏ كان من نسك أهل الجاهلية الصمت، فكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة ويصمت، فنهوا عن ذلك وأمروا بالنطق بالخير، وقد تقدمت الإشارة إلى حديث ابن عباس في كتاب الحج، ويأتي الكلام عليه في كتاب الأيمان والنذور إن شاء الله تعالى‏.‏

وقال ابن قدامة في ‏"‏ المغني ‏"‏‏:‏ ليس من شريعة الإسلام الصمت عن الكلام، وظاهر الأخبار تحريمه، واحتج بحديث أبي بكر وبحديث علي المذكور قال‏:‏ فإن نذر ذلك لم يلزمه الوفاء به، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفا ا هـ‏.‏

وكلام الشافعية يقتضي أن مسألة النذر ليست منقولة، فإن الرافعي ذكر في كتاب النذر أن في تفسير أبي نصر القشيري عن القفال قال من نذر أن لا يكلم الآدميين يحتمل أن يقال يلزمه لأنه مما يتقرب به‏.‏

ويحتمل أن يقال لا، لما فيه من التضييق والتشديد وليس ذلك من شرعنا، كما لو نذر الوقوف في الشمس، قال أبو نصر‏:‏ فعلى هذا يكون نذر الصمت في تلك الشريعة لا في شريعتنا، ذكره في تفسير سورة مريم عند قولها ‏(‏إني نذرت للرحمن صوما‏)‏ وفي ‏"‏ التتمة ‏"‏ لأبي سعيد المتولي‏:‏ من قال شرع من قبلنا شرع لنا جعل ذلك قربة‏.‏

وقال ابن الرفعة في قول الشيخ أبي إسحاق في ‏"‏ التنبيه ‏"‏‏:‏ ويكره له صمت يوم إلى الليل، قال في شرحه‏:‏ إذ لم يؤثر ذلك بل جاء في حديث ابن عباس النهي عنه‏.‏

ثم قال‏:‏ نعم، قد ورد في شرع من قبلنا، فإن قلنا إنه شرع لنا لم يكره، إلا أنه لا يستحب قاله ابن يونس، قال‏:‏ وفيه نظر، لأن الماوردي قال‏:‏ روي عن ابن عمر مرفوعا صمت الصائم تسبيح، قال؛ فإن صح دل على مشروعية الصمت، وإلا فحديث ابن عباس أقل درجاته الكراهة‏.‏

قال‏:‏ وحيث قلنا إن شرع من قبلنا شرع لنا، فذاك إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه انتهى‏.‏

وهو كما قال‏.‏

وقد ورد النهي‏.‏

والحديث المذكور لا يثبت‏.‏

وقد أورده صاحب ‏"‏ مسند الفردوس ‏"‏ من حديث ابن عمر وفي إسناده الربيع بن بدر وهو ساقط، ولو ثبت لما أفاد المقصود لأن لفظه ‏"‏ صمت الصائم تسبيح، ونومه عبادة، ودعاؤه مستجاب ‏"‏ فالحديث مساق في أن أفعال الصائم كلها محبوبة، لا أن الصمت بخصوصه مطلوب‏.‏

وقد قال الروياني في ‏"‏ البحر ‏"‏ في آخر الصيام‏:‏ فرع جرت عادة الناس بترك الكلام في رمضان، وليس له أصل في شرعنا بل في شرع من قبلنا، فيخرج جواز ذلك على الخلاف في المسألة انتهى‏.‏

وليتعجب ممن نسب تخريج مسألة النذر إلى نفسه من المتأخرين، وأما الأحاديث الواردة في الصمت وفضله كحديث ‏"‏ من صمت نجا ‏"‏ أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحديث ‏"‏ أيسر العبادة الصمت ‏"‏ أخرجه ابن أبي الدنيا بسند مرسل رجاله ثقات، إلى غير ذلك، فلا يعارض ما جزم به الشيخ أبو إسحاق من الكراهة لاختلاف المقاصد في ذلك، فالصمت المرغب فيه ترك الكلام الباطل، وكذا المباح إن جر إلى شيء من ذلك، والصمت المنهي عنه ترك الكلام في الحق لمن يستطيعه، وكذا المباح المستوي الطرفين والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنك‏)‏ بكسر الكاف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لسئول‏)‏ أي كثيرة السؤال، وهذه الصيغة يستوي فيها المذكر والمؤنث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح‏)‏ أي دين الإسلام وما اشتمل عليه من العدل واجتماع الكلمة ونصر المظلوم ووضع كل شيء في محله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما استقامت بكم‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لكم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أئمتكم‏)‏ أي لأن الناس على دين ملوكهم، فمن حاد من الأئمة عن الحال مال وأمال‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي الْمَسْجِدِ قَالَتْ فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ وَيَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي فَلَمَّا أَكْثَرَتْ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَمَا يَوْمُ الْوِشَاحِ قَالَتْ خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ فَسَقَطَ مِنْهَا فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الْحُدَيَّا وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا فَأَخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي فَبَيْنَاهُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي إِذْ أَقْبَلَتْ الْحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا ثُمَّ أَلْقَتْهُ فَأَخَذُوهُ فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في قصة المرأة السوداء، لم أقف على اسمها، وذكر عمر بن شبة في طريق له أنها كانت بمكة وأنه لما وقع لها ذلك هاجرت إلى المدينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان لها حفش‏)‏ بكسر المهملة وسكون الفاء بعدها معجمة هو البيت الضيق الصغير‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ الحفش هو الدرج في الأصل ثم سمي به البيت الصغير لشبهه به في الضيق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وازت‏)‏ أي قابلت، وقد تقدم شرح هذه القصة في أبواب المساجد من كتاب الصلاة، ووجه دخولها هنا من جهة ما كان عليه أهل الجاهلية من الجفاء في الفعل والقول‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلَّا بِاللَّهِ فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا فَقَالَ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر في النهي عن الحلف بالآباء، وسيأتي شرحه في كتاب الأيمان والنذور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ الْجَنَازَةِ وَلَا يَقُومُ لَهَا وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا يَقُولُونَ إِذَا رَأَوْهَا كُنْتِ فِي أَهْلِكِ مَا أَنْتِ مَرَّتَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن القاسم‏)‏ هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا يقوم لها‏)‏ أي الجنازة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان أهل الجاهلية يقومون لها‏)‏ ظاهره أن عائشة لم يبلغها أمر الشارع بالقيام لها، فرأت أن ذلك من الأمور التي كانت في الجاهلية وقد جاء الإسلام بمخالفتهم، وقد قدمت في الجنائز بيان الاختلاف في المسألة وهل نسخ هذا الحكم أم لا‏؟‏ وعلى القول بأنه نسخ هل نسخ الوجوب ويقي الاستحباب أم لا‏؟‏ أو مطلق الجواز‏؟‏ واختار بعض الشافعية الأخير، وأكثر الشافعية الكراهة، وادعى المحاملي فيه الاتفاق، وخالف المتولي فقال‏:‏ يستحب، واختاره النووي وقال‏:‏ هذا من جملة الأحكام التي استدركتها عائشة على الصحابة لكن كان جانبهم فيها أرجح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنت في أهلك ما أنت مرتين‏)‏ أي يقولون ذلك مرتين وما موصولة وبعض الصلة محذوف والتقدير‏:‏ كنت في أهلك الذي كنت فيه أي الذي أنت فيه الآن كنت في الحياة مثله، لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث بل كانوا يعتقدون أن الروح إذا خرجت تطير طيرا فإن كان ذلك من أهل الخير كان روحه من صالحي الطير إلا فبالعكس، ويحتمل أن يكون قولهم هذا دعاء للميت، ويحتمل أن تكون ‏"‏ ما ‏"‏ نافية ولفظ ‏"‏ مرتين ‏"‏ من تمام الكلام أي لا تكوني في أهلك مرتين‏:‏ المرة الواحد التي كنت فيهم انقضت وليست بعائدة إليهم مرة أخرى‏.‏

ويحتمل أن تكون ‏"‏ ما ‏"‏ استفهامية أي كنت في أهلك شريفة فأي شيء أنت الآن‏؟‏ يقولون ذلك حزنا وتأسفا عليه‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:35 am

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ فَخَالَفَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ

الشرح‏:‏

حديث عمر في قولهم ‏"‏ أشرق ثبير ‏"‏ وقد تقدم شرحه في كتاب الحج مستوفى، وقوله‏:‏ ‏"‏ حتى تشرق الشمس ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ ضبط بفتح أوله وضم الراء، والمعروف بضم أوله وكسرها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَكُمْ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عِكْرِمَةَ وَكَأْسًا دِهَاقًا قَالَ مَلْأَى مُتَتَابِعَةً قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثكم يحيى بن المهلب‏)‏ هو البجلي يكنى أبا كدينة بالتصغير والنون، وهو كوفي موثق ماله في البخاري سوى هذا الموضع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ملأى متتابعة‏)‏ كذا جمع بينهما، وهما قولان لأهل اللغة تقول‏:‏ أدهقت الكأس إذا ملأتها، وأدهقت له إذا تابعت له السقي، وقيل‏:‏ أصل الدهق الضغط، والمعنى أنه ملأ اليد بالكأس حتى لم يبق فيها متسع لغيرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال وقال ابن عباس‏)‏ القائل هو عكرمة، وهو موصول بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت أبي‏)‏ هو العباس بن عبد المطلب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في الجاهلية‏)‏ أي وقع سماعي لذلك منه في الجاهلية، والمراد بها جاهلية نسبية لا المطلقة لأن ابن عباس لم يدرك ما قبل البعثة، بل لم يولد إلا بعد البعث بنحو عشر سنين، فكأنه أراد أنه سمع العباس يقول ذلك قبل أن يسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اسقنا كأسا دهاقا‏)‏ في رواية الإسماعيلي من وجه آخر عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس ‏"‏ سمعت أبي يقول لغلامه‏:‏ ادهق لنا، أي املأ لنا، أو تابع لنا ‏"‏ انتهى‏.‏

وهو بمعنى ما ساقه البخاري‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الملك‏)‏ هو ابن عمير، ولأحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري ‏"‏ حدثنا عبد الملك بن عمير‏"‏‏.‏

ولمسلم من هذا الوجه عن عبد الملك ‏"‏ حدثنا أبو سلمة‏"‏، وله من طريق إسرائيل عن عبد الملك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ‏"‏ سمعت أبا هريرة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أصدق كلمة قالها الشاعر‏)‏ يحتمل أن يريد بالكلمة البيت الذي ذكر شطره، ويحتمل أن يريد القصيدة كلها، ويؤيد الأول رواية مسلم من طريق شعبة وزائدة فرقهما عن عبد الملك بلفظ ‏"‏ إن أصدق بيت قاله الشاعر ‏"‏ وليس في رواية شعبة ‏"‏ إن ‏"‏ ووقع عنده في رواية شريك عن عبد الملك بلفظ ‏"‏ أشعر كلمة تكلمت بها العرب ‏"‏ فلولا أن في حفظ شريك مقالا لرفع هذا اللفظ الإشكال الذي أبداه السهيلي على لفظ رواية الصحيح بلفظ ‏"‏ أصدق ‏"‏ إذ لا يلزم من لفظ ‏"‏ أشعر ‏"‏ أن يكون أصدق، نعم السؤال باق في التعبير بوصف كل شيء بالبطلان مع اندراج الطاعات والعبادات في ذلك وهي حق لا محالة، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه بالليل ‏"‏ أنت الحق وقولك الحق والجنة حق والنار حق إلخ ‏"‏ وأجيب عن ذلك بأن المراد بقول الشاعر ما عدا الله أي ما عداه وعدا صفاته الذاتية والفعلية من رحمته وعذابه وغير ذلك، فلذلك ذكر الجنة والنار، أو المراد في البيت بالبطلان الفناء لا الفساد، فكل شيء سوى الله جائز عليه الفناء لذاته حتى الجنة والنار، وإنما يبقيان بإبقاء الله لهما وخلق الدوام لأهلهما، والحق على الحقيقة من لا يجوز عليه الزوال، ولعل هذا هو السر في إثبات الألف واللام في قوله‏:‏ ‏"‏ أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ‏"‏ وحذفهما عند ذكر غيرهما والله أعلم‏.‏

وفي إيراد البخاري هذا الحديث في هذا الباب تلميح بما وقع لعثمان بن مظعون بسبب هذا البيت مع ناظمه لبيد بن ربيعة قبل إسلامه، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة وقريش في غاية الأذية للمسلمين، فذكر ابن إسحاق عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عمن حدثه عن عثمان بن مظعون أنه ‏"‏ لما رجع من الهجرة الأولى إلى الحبشة دخل مكة في جوار الوليد بن المغيرة، فلما رأى المشركين يؤذون المسلمين وهو آمن رد على الوليد جواره، فبينما هو في مجلس لقريش وقد وفد عليهم لبيد بن ربيعة فقعد ينشدهم من شعره فقال لبيد ‏"‏ ألا كل شيء ما خلا الله باطل ‏"‏ فقال عثمان بن مظعون‏:‏ صدقت، فقال لبيد ‏"‏ وكل نعيم لا محالة زائل ‏"‏ فقال عثمان‏:‏ كذبت، نعيم الجنة لا يزول‏.‏

فقال لبيد‏:‏ متى كان يؤذي جليسكم يا معشر قريش‏؟‏ فقام رجل منهم فلطم عثمان فاخضرت عينه، فلامه الوليد على رد جواره فقال‏:‏ قد كنت في ذمة منيعة، فقال عثمان‏:‏ إن عيني الأخرى لما أصاب أختها لفقيرة، فقال له الوليد‏:‏ فعد إلى جوارك، فقال‏:‏ بل أرضي بجوار الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ وقد أسلم لبيد بعد ذلك، وهو ابن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر العامري ثم الكلابي ثم الجعفري، يكنى أبا عقيل‏.‏

وذكره في الصحابة البخاري وابن أبي خيثمة وغيرهما‏.‏

وقال لعمر لما سأله عما قاله من الشعر في الإسلام‏:‏ قد أبدلني الله بالشعر سورة البقرة‏.‏

ثم سكن الكوفة ومات بها في خلافة عثمان، وعاش مائة وخمسين سنة وقيل‏:‏ أكثر، وهو القائل‏:‏ ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس‏:‏ كيف لبيد‏؟‏ وهذا يعكر على من قال إنه لم يقل شعرا منذ أسلم، إلا أن يريد القطع المطولة لا البيت والبيتين‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم‏)‏ اسم أبي الصلت ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة - بكسر المعجمة وفتح التحتانية - ابن عوف بن ثقيف الثقفي، وقيل في نسبه غير ذلك، أبو عثمان‏.‏

كان ممن طلب الدين ونظر في الكتب ويقال إنه ممن دخل في النصرانية، وأكثر في شعره من ذكر التوحيد والبعث يوم القيامة، وزعم الكلاباذي أنه كان يهوديا‏.‏

وروى الطبراني من حديث معاوية بن أبي سفيان عن أبيه أنه سافر مع أمية، فذكر قصته وأنه سأله عن عتبة بن ربيعة وعن سنه ورياسته فأعلمه أنه متصف بذلك فقال‏:‏ أزرى به ذلك، فغضب أبو سفيان، فأخبره أمية أنه نظر في الكتب أن نبيا يبعث من العرب أظل زمانه، قال‏:‏ فرجوت أن أكونه قال‏:‏ ثم نظرت فإذا هو من بني عبد مناف، فنظرت فيهم فلم أر مثل عتبة، فلما قلت لي إنه رئيس وإنه جاوز الأربعين عرفت أنه ليس هو، قال أبو سفيان‏:‏ فما مضت الأيام حتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلم فقلت لأمية، قال‏:‏ نعم إنه لهو، قلت أفلا نتبعه‏؟‏ قال‏:‏ أستحيي من نسيات ثقيف، إني كنت أقول لهن إنني أنا هو ثم أصير تابعا لغلام من بني عبد مناف‏.‏

وذكر أبو الفرج الأصبهاني أنه قال عند موته‏:‏ أنا أعلم أن الحنيفية حق، ولكن الشك يداخلني في محمد‏.‏

وروى الفاكهي وابن منده من حديث ابن عباس ‏"‏ أن الفارعة بنت أبي الصلت أخت أمية أتت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته من شعره فقال‏:‏ آمن شعره وكفر قلبه ‏"‏ وروى مسلم من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال‏:‏ ‏"‏ ردفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ هل معك من شعر أمية‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، فأنشدته مائة بيت، فقال‏:‏ لقد كاد أن يسلم في شعره ‏"‏ وروى ابن مردويه بإسناد قوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏)‏ قال‏:‏ نزلت في أمية بن أم الصلت‏.‏

وروي من أوجه أخرى أنها نزلت في بلعام الإسرائيلي وهو المشهور‏.‏

وعاش أمية حتى أدرك وقعة بدر ورثى من قتل بها من الكفار كما سيأتي من ذلك في أبواب الهجرة، ومات أمية بعد ذلك سنة تسع، وقيل‏:‏ مات سنة اثنتين ذكره سبط ابن الجوزي، واعتمد في ذلك ما نقله عن ابن هشام‏:‏ أن أمية قدم من الشام على أن يأخذ ماله من الطائف ويهاجر إلى المدينة، فنزل في طريقه ببدر، قيل له‏:‏ أتدري من في القليب‏؟‏ قال لا، قيل‏:‏ فيه عتبة وشيبة وهما ابنا خالك وفلان وفلان، فشق ثيابه وجدع ناقته وبكى ورجع إلى الطائف فمات بها‏.‏

قلت‏:‏ ولا يلزم من قوله فمات بها أن يكون مات في تلك السنة‏.‏

وأغرب الكلاباذي فقال‏:‏ إنه مات في حصار الطائف‏.‏

فإن كان محفوظا فذلك سنة ثمان، ولموته قصة طويلة أخرجها البخاري في تاريخه والطبراني وغيرهما‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ أَتَدْرِي مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا هُوَ قَالَ كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي أويس، وأخوه أبو بكر عبد الحميد، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري، والإسناد كله مدنيون، وفيه رواية القرين عن القرين ورواية الأكبر سنا عن الأصغر منه يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم، وقد أخرجه البيهقي في ‏"‏ الشعب ‏"‏ من طريق جعفر الفريابي عن أحمد بن محمد المقدمي عن إسماعيل بن أبي أويس بهذا السند، لكن قال فيه عن عبيد بن عمر بدل عبد الرحمن بن القاسم، فلعل ليحيى بن سعيد فيه شيخين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان لأبي بكر غلام‏)‏ لم أقف على اسمه، ووقع لأبي بكر مع النعيمان بن عمرو أحد الأحرار من الصحابة قصة ذكرها عبد الرزاق بإسناد صحيح ‏"‏ أنهم نزلوا بماء، فجعل النعيمان يقول لهم‏:‏ يكون كذا، فيأتونه بالطعام فيرسله إلى أصحابه‏.‏

فبلغ أبا بكر فقال‏:‏ أراني آكل كهانة النعيمان منذ اليوم، ثم أدخل يده في حلقه فاستقاءه ‏"‏ وفي ‏"‏ الورع لأحمد ‏"‏ عن إسماعيل عن أيوب عن ابن سيرين ‏"‏ لم أعلم أحدا استقاء من طعام غير أبي بكر فإنه أتي بطعام فأكل ثم قيل له جاء به ابن النعيمان، قال فأطعمتموني كهانة ابن النعيمان، ثم استقاء ‏"‏ ورجاله ثقات لكنه مرسل، ولأبي بكر قصة أخرى في نحو هذا أخرجها يعقوب بن أبي شيبة في مسنده من طريق نبيح العنزي عن أبي سعيد قال‏:‏ ‏"‏ كنا ننزل رفاقا، فنزلت في رفقه فيها أبو بكر على أهل أبيات فيهن امرأة حبلى ومعنا رجل، فقال لها‏:‏ أبشرك أن تلدي ذكرا، قالت نعم، فسجع لها أسجاعا‏.‏

فأعطته شاة فذبحها وجلسنا نأكل، فلما علم أبو بكر بالقصة قام فتقايأ كل شيء أكله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يخرج له الخراج‏)‏ أي يأتيه بما يكسبه، والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يأكل من خراجه‏)‏ في رواية الإسماعيلي من وجه آخر من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم ‏"‏ كان لأبي بكر غلام، فكان يجيء بكسبه فلا يأكل منه حتى يسأله، فأتاه ليلة بكسبه فأكل منه ولم يسأله، ثم سأله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية‏)‏ لم أعرف اسمه ويحتمل أن يكون المرأة المذكورة في حديث أبي سعيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأعطاني بذلك‏)‏ أي عوض تكهني له، قال ابن التين‏:‏ إنما استقاء أبو بكر تنزها لأن أمر الجاهلية وضع ولو كان في الإسلام لغرم مثل ما أكل أو قيمته ولم يكفه القيء، كذا قال، والذي يظهر أن أبا بكر إنما قاء لما ثبت عنده من النهي عن حلوان الكاهن، وحلوان الكاهن ما يأخذه على كهانته، والكاهن من يخبر بما سيكون عن غير دليل شرعي، وكان ذلك قد كثر في الجاهلية خصوصا قبل ظهور النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ لُحُومَ الْجَزُورِ إِلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ قَالَ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِي نُتِجَتْ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر في حبل الحبلة، وقد تقدم شرحه مستوفى في البيوع، والغرض منه قوله ‏"‏ إنهم كانوا يتبايعونه في الجاهلية‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ قَالَ غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ كُنَّا نَأْتِي أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَيُحَدِّثُنَا عَنْ الْأَنْصَارِ وَكَانَ يَقُولُ لِي فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَفَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا

الشرح‏:‏

حديث أنس الذي تقدم في أول مناقب الأنصار، وأدخله هنا لقوله ‏"‏ فعل قومك كذا يوم كذا ‏"‏ لأنه يحتمل أن يشير به إلى وقائعهم في الجاهلية كما يحتمل أن يشير به إلى وقائعهم في الإسلام أو لما هو أعم من ذلك، وخاطب أنس غيلان بأن الأنصار قومه، وليس هو من الأنصار، لكن ذلك باعتبار النسبية الأعمية إلى الأزد فإنها تجمعهم، والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)22
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)14
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)30
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)31
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: