foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:56 am

*3* باب هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ حذف التشكيل

وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَأَسْمَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب هجرة الحبشة‏)‏ أي هجرة المسلمين من مكة إلى أرض الحبشة، وكان وقوع ذلك مرتين، وذكر أهل السير أن الأولى كانت في شهر رجب من سنة خمس من المبعث، وأن أول من هاجر منهم أحد عشر رجلا وأربع نسوة، وقيل‏:‏ وامرأتان، وقيل‏:‏ كانوا اثني عشر رجلا وقيل‏:‏ عشرة، وأنهم خرجوا مشاة إلى البحر فاستأجروا سفينة بنصف دينار، وذكر ابن إسحاق أن السبب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما رأى المشركين يؤذونهم ولا يستطيع أن يكفهم عنهم ‏"‏ إن بالحبشة ملكا لا يظلم عنده أحد، فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجا، فكان أول من خرج منهم عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وأخرج يعقوب بن سفيان بسند موصول إلى أنس قال‏.‏

‏"‏ أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما، فقدمت امرأة فقالت له‏.‏

لقد رأيتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار، فقال‏:‏ صحبهما الله، إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وبهذا تظهر النكتة في تصدير البخاري الباب بحديث عثمان، وقد سرد ابن إسحاق أسماءهم، فأما الرجال فهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وأبو حذيفة بن عتبة ومصعب بن عمير وأبو سلمة بن عبد الأسود وعثمان بن مظعون وعامر بن ربيعة وسهيل بن بيضاء وأبو سبرة بن أبي رهم العامري، قال ويقال بدله حاطب بن عمرو العامري، قال‏:‏ فهؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة‏.‏

قال ابن هشام‏.‏

وبلغني أنه كان عليهم عثمان بن مظعون، وأما النسوة فهن رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة وأم سلمة بنت أبي أمية امرأة أبي سلمة وليلى بنت أبي حثمة امرأة عامر بن ربيعة، ووافقه الواقدي في سردهن وزاد اثنين عبد الله بن مسعود وحاطب بن عمرو، مع أنه ذكر في أول كلامه أنهم كانوا أحد عشر رجلا فالصواب ما قال ابن إسحاق أنه اختلف في الحادي عشر هل هو أبو سبرة أو حاطب، وأما ابن مسعود فجزم ابن إسحاق بأنه إنما كان في الهجرة الثانية، ويؤيده ما روى أحمد بإسناد حسن عن ابن مسعود قال‏:‏ ‏"‏ بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن نحو من ثمانين رجلا فيهم عبد الله بن مسعود وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون وأبو موسى الأشعري ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏

وقد استشكل ذكر أبي موسى فيهم، لأن المذكور في الصحيح أن أبا موسى خرج من بلاده هو وجماعة قاصدا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فألقتهم السفينة بأرض الحبشة فحضروا مع جعفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، ويمكن الجمع بأن يكون أبو موسى هاجر أولا إلى مكة فأسلم فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع من بعث إلى الحبشة فتوجه إلى بلاد قومه وهم مقابل الحبشة من الجانب الشرقي، فلما تحقق استقرار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة هاجر هو ومن أسلم من قومه إلى المدينة فألقتهم السفينة لأجل هيجان الريح إلى الحبشة، فهذا محتمل، وفيه جمع بين الأخبار فليعتمد، والله أعلم‏.‏

وعلى هذا فقول أبي موسى ‏"‏ بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أي إلى المدينة، وليس المراد بلغنا مبعثه، ويؤيده أنه يبعد كل البعد أن يتأخر علم مبعثه إلى مضي نحو عشرين سنة، ومع الحمل على مخرجه إلى المدينة فلا بد فيه من زيادة استقراره بها وانتصافه ممن عاداه ونحو ذلك، وإلا فبعيد أيضا أن يخفى عنهم خبر خروجه إلى المدينة ست سنين، ويحتمل أن إقامة أبي موسى بأرض الحبشة طالت لأجل تأخر جعفر عن الحضور إلى المدينة حتى يأتيه الإذن من النبي صلى الله عليه وسلم بالقدوم، وأما عثمان بن مظعون فذكر فيهم وإن كان مذكورا في الأول، لأن ابن إسحاق وموسى بن عقبة وغيرهما من أهل السير ذكروا أن المسلمين بلغهم وهم بأرض الحبشة أن أهل مكة أسلموا، فرجع ناس منهم عثمان بن مظعون إلى مكة فلم يجدوا ما أخبروا به من ذلك صحيحا، فرجعوا، وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثانية‏.‏

وسرد ابن إسحاق أسماء أهل الهجرة الثانية وهم زيادة على ثمانين رجلا‏.‏

وقال ابن جرير الطبري‏:‏ كانوا اثنين وثمانين رجلا سوى نسائهم وأبنائهم، وشك في عمار بن ياسر هل كان فيهم وبه تتكمل العدة ثلاثة وثمانين، وقيل‏:‏ إن عدة نسائهم كانت ثماني عشرة امرأة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقالت عائشة أريت دار هجرتكم إلخ‏)‏ هذا وقع بعد الهجرة الثانية إلى الحبشة كما سيأتي بيانه موصولا مطولا في ‏"‏ باب الهجرة إلى المدينة‏"‏‏.‏

قوله فيه ‏(‏عن أبي موسى وأسماء‏)‏ أما حديث أبي موسى فسيأتي في آخر الباب، وأما حديث أسماء وهي بنت عميس فسيأتي في غزوة خيبر من طريق أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه ‏"‏ بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن - فذكر الحديث وفيه - ودخلت أسماء بنت عميس وهي ممن قدم معنا على حفصة، وقد كانت أسماء هاجرت فيمن هاجر إلى النجاشي ‏"‏ الحديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ قَالَا لَهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ عُثْمَانَ فِي أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً وَهِيَ نَصِيحَةٌ فَقَالَ أَيُّهَا الْمَرْءُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَانْصَرَفْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلَاةَ جَلَسْتُ إِلَى الْمِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِي قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَقَالَ لِي فَقَالَا قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ فَقَالَا لِي قَدْ ابْتَلَاكَ اللَّهُ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ آنِفًا قَالَ فَتَشَهَّدْتُ ثُمَّ قُلْتُ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَكُنْتَ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآمَنْتَ بِهِ وَهَاجَرْتَ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَقَالَ لِي يَا ابْنَ أَخِي آدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْتُ لَا وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ إِلَى الْعَذْرَاءِ فِي سِتْرِهَا قَالَ فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَكُنْتُ مِمَّنْ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآمَنْتُ بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَاجَرْتُ الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَمَا قُلْتَ وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَبَايَعْتُهُ وَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَسَنَأْخُذُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ قَالَ فَجَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ وَكَانَ هُوَ يَجْلِدُهُ وَقَالَ يُونُسُ وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ مَا ابْتُلِيتُمْ بِهِ مِنْ شِدَّةٍ وَفِي مَوْضِعٍ الْبَلَاءُ الِابْتِلَاءُ وَالتَّمْحِيصُ مَنْ بَلَوْتُهُ وَمَحَّصْتُهُ أَيْ اسْتَخْرَجْتُ مَا عِنْدَهُ يَبْلُو يَخْتَبِرُ مُبْتَلِيكُمْ مُخْتَبِرُكُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَلَاءٌ عَظِيمٌ النِّعَمُ وَهِيَ مِنْ أَبْلَيْتُهُ وَتِلْكَ مِنْ ابْتَلَيْتُهُ

الشرح‏:‏

قصة الوليد بن عقبة التي مضت في مناقب عثمان تقدم شرحها مستوفي بتمامه، وفيه قوله هنا‏:‏ ‏"‏ أن تكلم خالك ‏"‏ والغرض منها قول عثمان ‏"‏ وهاجرت الهجرتين الأوليين ‏"‏ كما قالت و ‏"‏ الأوليين ‏"‏ بضم الهمزة وتحتانيتين تثنية أولى، وهو على طريق التغليب بالنسبة إلى هجرة الحبشة فإنها كانت أولى وثانية، وأما إلى المدينة فلم تكن إلا واحدة، ويحتمل أن تكون الأولية بالنسبة إلى أعيان من هاجر فإنهم هاجروا متفرقين فتعدد بالنسبة إليهم، فمن أول من هاجر عثمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال يونس‏)‏ هو ابن يزيد ‏(‏وابن أخي الزهري‏)‏ هو محمد بن عبد الله بن مسلم ‏(‏عن الزهري‏)‏ بالإسناد المذكور‏.‏

وطريق يونس وصلها المؤلف في مناقب عثمان، وأما طريق ابن أخي الزهري فوصلها قاسم بن أصبغ في مصنفه ومن طريقه ابن عبد البر في تمهيده وهو باللفظ الذي علقه المصنف، وهذا التعليق عن هذين وكذا الذي بعده من التفسير في رواية المستملي وحده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله بلاء من ربكم إلخ‏)‏ وقع في رواية المستملي وحده أيضا، وأورده هنا لقوله‏:‏ ‏"‏ قد ابتلاك الله ‏"‏ والمراد به الاختيار، ولهذا قال‏:‏ ‏"‏ هو من بلوته إذا استخرجت ما عنده ‏"‏ واستشهد بقوله نبلو أي نختبر، ومبتليكم أي مختبركم، ثم استطرد فقال وأما قوله بلاء من ربكم عظيم أي نعيم، وهو من ابتليته إذا أنعمت عليه، والأول من ابتليته إذا امتحنته، وهذا كله كلام أبي عبيدة في ‏"‏ المجاز ‏"‏ فرقه في مواضعه، وتحرير ذلك أن لفظ البلاء من الأضداد، يطلق ويراد به النعمة، ويطلق ويراد به النقمة، ويطلق أيضا على الاختبار، ووقع ذلك كله في القرآن كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏بلاء حسنا‏)‏ فهذا من النعمة والعطية، وقوله‏:‏ ‏(‏بلاء عظيم‏)‏ فهذا من النقمة، ويحتمل أن يكون من الاختبار، وكذلك قوله‏:‏ ‏(‏ولتبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم‏)‏ والابتلاء بلفظ الافتعال يراد به النقمة والاختيار أيضا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِيكَ الصُّوَرَ أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

الشرح‏:‏

حديث عائشة ‏"‏ أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة ‏"‏ الحديث كانت أم سلمة قد هاجرت في الهجرة الأولى إلى الحبشة مع زوجها أبي سلمة بن عبد الأسد كما تقدم بيانه، وهاجرت أم حبيبة وهي بنت أبي سفيان في الهجرة الثانية مع زوجها عبيد الله بن جحش فمات هناك، ويقال إنه قد تنصر، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وقد تقدم شرح الحديث في كتاب الجنائز‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ قَالَتْ قَدِمْتُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا جُوَيْرِيَةٌ فَكَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمِيصَةً لَهَا أَعْلَامٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ الْأَعْلَامَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ سَنَاهْ سَنَاهْ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ يَعْنِي حَسَنٌ حَسَنٌ

الشرح‏:‏

حديث أم خالد بنت خالد وهو ابن سعيد بن العاص بن أمية، وكان أبوها ممن هاجر في الهجرة الثانية إلى الحبشة، وولدت له هناك فسماها أمة وكناها أم خالد، وأمها أمينة بالتصغير ويقال همينة بالهاء بدل الهمزة بنت خلف الخزاعية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق بن سعيد السعيدي‏)‏ هو ابن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، وجد أبيه سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص الأصغر هو ابن عم أم خالد المذكورة، وسيأتي شرح الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَتَرُدُّ عَلَيْنَا قَالَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا فَقُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ كَيْفَ تَصْنَعُ أَنْتَ قَالَ أَرُدُّ فِي نَفْسِي

الشرح‏:‏

حديث عبد الله وهو ابن مسعود، وسليمان في الإسناد هو الأعمش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما رجعنا من عند النجاشي‏)‏ قد قدمت من عند أحمد حديث ابن مسعود أنه كان ممن هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، وتقدم شرح حديث الباب مستوفى في آخر الصلاة، وبينت هناك أن رجوع ابن مسعود من الحبشة وقع لما بلغ المسلمين الذين بالحبشة أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة، فوصل منهم إلى مكة أكثر من ثلاثين رجلا، وكان وصول ابن مسعود إلى المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى بدر، وظهر بما تقدم من أسماء أهل الهجرة الأولى إلى الحبشة وهم من زعم أن ابن مسعود كان منهم وإنما كان من أهل الهجرة الثانية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى وهو الأشعري قال ‏"‏ بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أي مبعثه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ونحن باليمن‏)‏ أي من بلاد قومهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فركبنا سفينة‏)‏ أي لنصل فيها إلى مكة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي‏)‏ كأن الريح هاجت عليهم فما ملكوا أمرهم حتى أوصلتهم بلاد الحبشة‏.‏

قوله‏:‏ في آخر الحديث ‏(‏فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ لكم أنتم أهل السفينة هجرتان‏)‏ سيأتي هذا الحديث في غزوة خيبر مطولا، وفيه البيان بأن هذه الجملة الأخيرة إنما هي من حديث أسماء بنت عميس كما أشرت إليه أول الباب والله أعلم‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ ‏:‏ أرض الحبشة بالجانب الغربي من بلاد اليمن ومسافتها طويلة جدا، وهم أجناس، وجميع فرق السودان يعطون الطاعة لملك الحبشة، وكان في القديم يلقب بالنجاشي، وأما اليوم فيقال له الحطي بفتح المهملة وكسر الطاء المهملة الخفيفة بعدها تحتانية خفيفة، ويقال إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام، قال ابن دريد‏:‏ جمع الحبش أحبوش بضم أوله، وأما قولهم الحبشة فعلى غير القياس، وقد قالوا أيضا حبشان وقالوا أحبش، وأصل التحبيش التجميع، والله أعلم‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 12:57 am

*3* باب مَوْتُ النَّجَاشِيِّ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

‏(‏باب موت النجاشي‏)‏ تقدم ذكر اسمه واسم أبيه في الجنائز، وأن النجاشي لقب من ملك الحبشة، وأفاد ابن التين أنه بسكون الياء يعني أنها أصلية لا ياء النسب، وحكى غيره تشديدها أيضا، وحكى ابن دحية كسر نونه‏.‏

وذكر موته هنا استطرادا لكون المسلمين هاجروا إليه، وإنما وقعت وفاته بعد الهجرة سنة تسع عند الأكثر، وقيل‏:‏ سنة ثمان قبل فتح مكة كما ذكره البيهقي في ‏"‏ دلائل النبوة ‏"‏ وقد استشكل كونه لم يترجم بإسلامه وهذا موضعه وترجم بموته، وإنما مات بعد ذلك بزمن طويل، والجواب أنه لما لم يثبت عنده القصة الواردة في صفة إسلامه وثبت عنده الحديث الدال على إسلامه وهو صريح في موته ترجم به ليستفاد من الصلاة عليه أنه كان قد أسلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فصلوا على أخيكم أصحمة‏)‏ بمهملتين وزن أربعة، تقدم ضبطه في كتاب الجنائز وبيان الاختلاف فيه وأنه قيل فيه بالخاء المعجمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ عَطَاءً حَدَّثَهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فَصَفَّنَا وَرَاءَهُ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد‏)‏ هو ابن أبي عروبة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا تَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سليم‏)‏ هو بفتح أوله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه عبد الصمد‏)‏ هو ابن عبد الوارث أي أن عبد الصمد تابع يزيد بن هارون في روايته إياه عن سليم بن حبان، وقد تقدم بيان من وصله في كتاب الجنائز‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى لَهُمْ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن صالح‏)‏ هو ابن كيسان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن صالح عن ابن شهاب‏)‏ هو معطوف على الإسناد الموصول‏.‏

الحديث‏:‏

وَعَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفَّ بِهِمْ فِي الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني سعيد‏)‏ هو ابن المسيب، ووقع في رواية الكشميهني وحده ‏"‏ وأبو سلمة بن عبد الرحمن ‏"‏ وهو زيادة لم يتابع عليها ولم يذكرها مسلم في إسناد هذا الحديث، وقد تقدم الكلام على مباحث حديثي الباب في كتاب الجنائز‏.‏

*3* باب تَقَاسُمُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تقاسم المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ كان ذلك أول يوم من المحرم سنة سبع من البعثة وكان النجاشي قد جهز جعفرا ومن معه، فقدموا والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وذلك في صفر منها، فلعله مات بعد أن جهزهم، وفي ‏"‏ الدلائل ‏"‏ للبيهقي أنه مات قبل الفتح وهو أشبه، قال ابن إسحاق وموسى ابن عقبة وغيرهما من أصحاب المغازي‏:‏ لما رأت قريش أن الصحابة قد نزلوا أرضا أصابوا بها أمانا وأن عمر أسلم وأن الإسلام فشا في القبائل أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وبني المطلب فأدخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبهم ومنعوه ممن أراد قتله، فأجابوه إلى ذلك حتى كفارهم فعلوا ذلك حمية على عادة الجاهلية، فلما رأت قريش ذلك أجمعوا أن يكتبوا بينهم وبين بني هاشم والمطلب كتابا أن لا يعاملوهم ولا يناكحوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعلوا ذلك، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة، وكان كاتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي فشلت أصابعه، ويقال إن الذي كتبها النضر بن الحارث، وقيل‏:‏ طلحة بن أبي طلحة العبدري، قال ابن إسحاق، فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب فكانوا معه كلهم إلا أبا لهب فكان مع قريش، وقيل‏:‏ كان ابتداء حصرهم في المحرم سنة سبع من المبعث، قال ابن إسحاق‏:‏ فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا، وجزم موسى بن عقبة بأنها كانت ثلاث سنين حتى جهدوا ولم يكن يأتيهم شيء من الأقوات إلا خفية، حتى كانوا يؤذون من اطلعوا على أنه أرسل إلى بعض أقاربه شيئا من الصلات، إلى أن قام في نقض الصحيفة نفر من أشدهم في ذلك صنيعا هشام بن عمرو بن الحارث العامري، وكانت أم أبيه تحت هاشم بن عبد مناف قبل أن يتزوجها جده، فكان يصلهم وهم في الشعب، ثم مشى إلى زهير بن أبي أمية وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فكلمه في ذلك فوافقه، ومشيا جميعا إلى المطعم بن عدي وإلى زمعة بن الأسود فاجتمعوا على ذلك، فلما جلسوا بالحجر تكلموا في ذلك وأنكروه وتواطئوا عليه فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل‏.‏

وفي آخر الأمر أخرجوا الصحيفة فمزقوها وأبطلوا حكمها‏.‏

وذكر ابن هشام أنهم وجدوا الأرضة قد أكلت جميع ما فيها إلا اسم الله تعالى‏.‏

وأما ابن إسحاق وموسى بن عقبة وعروة فذكروا عكس ذلك أن الأرضة لم تدع اسما لله تعالى إلا أكلته، وبقي ما فيها من الظلم والقطيعة، فالله أعلم‏.‏

وذكر الواقدي أن خروجهم من الشعب كان في سنة عشر من المبعث، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات أبو طالب بعد أن خرجوا بقليل‏.‏

قال ابن إسحاق ومات هو وخديجة في عام واحد، فنالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تكن تنله في حياة أبي طالب‏.‏

ولما لم يثبت عند البخاري شيء من هذه القصة اكتفى بإيراد حديث أبي هريرة لأن فيه دلالة على أصل القصة، لأن الذي أورده أهل المغازي من ذلك كالشرح لقوله في الحديث ‏"‏ تقاسموا على الكفر‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد حنينا‏:‏ منزلنا غدا إن شاء الله تعالى بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر‏)‏ هكذا أورده مختصرا، وقد تقدم في الحج من طريق شعيب عن ابن شهاب الزهري بهذا الإسناد بلفظ ‏"‏ قال حين أراد قدوم مكة ‏"‏ وهذا لا يعارض ما في الباب، لأنه يحمل أنه قال ذلك حين أراد دخول مكة في غزوة الفتح، وفي ذلك القدوم غزا حنينا، ولكن تقدم أيضا من طريق شعيب عن الزهري بلفظ ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النحر وهو بمنى‏:‏ نحن نازلون غدا ‏"‏ الحديث، وهذا ظاهر في أنه قاله في حجة الوداع فيحمل قوله في رواية الأوزاعي ‏"‏ حين أراد قدوم مكة ‏"‏ أي صادرا من منى إليها لطواف الوداع، ويحتمل التعدد، وسيأتي بيان ذلك مع بقية شرح الحديث في غزوة الفتح من كتاب المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 1:01 am

3* باب قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قصة أبي طالب‏)‏ واسمه عند الجميع عبد مناف، وشذ من قال عمران، بل هو قول باطل نقله ابن تيمية في كتاب الرد على الرافضي أن بعض الروافض زعم أن قوله تعالى‏:‏ ‏(‏إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران‏)‏ أن آل عمران هم آل أبي طالب وأن اسم أبي طالب عمران واشتهر بكنيته‏.‏

وكان شقيق عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أوصى به عبد المطلب عند موته فكفله إلى أن كبر، واستمر على نصره بعد أن بعث إلى أن مات أبو طالب، وقد ذكرنا أنه مات بعد خروجهم من الشعب، وذلك في آخر السنة العاشرة من المبعث، وكان يذب عن النبي صلى الله عليه وسلم ويرد عنه كل من يؤذيه، وهو مقيم مع ذلك على دين قومه‏.‏

وقد تقدم قريبا حديث ابن مسعود ‏"‏ وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه ‏"‏ وأخباره في حياطته والذب عنه معروفة مشهورة، ومما اشتهر من شعره في ذلك قوله‏:‏ والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا وقوله‏.‏

كذبتم وبيت الله نبزي محمدا ولما نقاتل حوله ونناضـل وقد تقدم شيء من هذه القصيدة في كتاب الاستسقاء، وحديث ابن عباس في هذا الباب يشهد لذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يحيى‏)‏ هو ابن سعيد القطان، وسفيان هو الثوري، وعبد الملك هو ابن عمير، وعبد الله بن الحارث هو ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، والعباس عم جده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما أغنيت عن عمك‏)‏ يعني أبا طالب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان يحوطك‏)‏ بضم الحاء المهملة من الحياطة وهي المراعاة، وفيه تلميح إلى ما ذكره ابن إسحاق قال‏:‏ ‏"‏ ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكانت خديجة له وزيرة صدق على الإسلام يسكن إليها، وكان أبو طالب له عضدا وناصرا على قومه، فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فعمر على رأسه ترابا‏:‏ فحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته يقول ما نالتني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويغضب لك‏)‏ يشير إلى ما كان يرد به عنه من قول وفعل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هو في ضحضاح‏)‏ بمعجمتين ومهملتين هو استعارة، فإن الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعب، ويقال أيضا لما قد قرب من الماء وهو ضد الغمرة، والمعنى أنه خفف عنه العذاب‏.‏

وقد ذكر في حديث أبي سعيد ثالث أحاديث الباب أنه ‏"‏ يجعل في ضحضاح يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه‏"‏‏.‏

ووقع في حديث ابن عباس عند مسلم ‏"‏ إن أهون أهل النار عذابا أبو طالب له نعلان يغلي منهما دماغه ‏"‏ ولأحمد من حديث أبي هريرة مثله لكن لم يسم أبا طالب، وللبزار من حديث جابر ‏"‏ قيل للنبي صلى الله عليه وسلم هل نفعت أبا طالب‏؟‏ قال‏:‏ أخرجته من النار إلى ضحضاح منها ‏"‏ وسيأتي في أواخر الرقاق من حديث النعمان بن بشير نحوه وفي آخره ‏"‏ كما يغلي المرجل بالقمقم ‏"‏ والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم الإناء الذي يغلي فيه الماء وغيره، والقمقم بضم القافين وسكون الميم الأولى معروف وهو الذي يسخن فيه الماء‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ كذا وقع ‏"‏ كما يغلي المرجل بالقمقم ‏"‏ وفيه نظر‏.‏

ووقع في نسخة ‏"‏ كما يغلي المرجل والقمقم ‏"‏ وهذا أوضح إن ساعدته الرواية، انتهى‏.‏

ويحتمل أن تكون الباء بمعنى مع، وقيل‏:‏ القمقم هو البسر كانوا يغلونه على النار استعجالا لنضجه فإن ثبت هذا زال الإشكال‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ في سؤال العباس عن حال أبي طالب ما يدل على ضعف ما أخرجه ابن إسحاق من حديث ابن عباس بسند فيه من لم يسم ‏"‏ أن أبا طالب لما تقارب منه الموت بعد أن عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله فأبى، قال فنظر العباس إليه وهو يحرك شفتيه فأصغى إليه فقال‏:‏ يا ابن أخي، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها ‏"‏ وهذا الحديث لو كان طريقه صحيحا لعارضه هذا الحديث الذي هو أصح منه فضلا عن أنه لا يصح‏.‏

وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود من حديث علي قال ‏"‏ لما مات أبو طالب قلت‏:‏ يا رسول الله إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال‏:‏ اذهب فواره‏.‏

قلت‏:‏ إنه مات مشركا، فقال‏:‏ اذهب فواره ‏"‏ الحديث‏.‏

ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت من ذلك شيء، وبالله التوفيق‏.‏

وقد لخصت ذلك في ترجمة أبي طالب من كتاب الإصابة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ فَنَزَلَتْ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَنَزَلَتْ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمود‏)‏ هو ابن غيلان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو حزن بفتح المهملة وسكون الزاي أي ابن أبي وهب المخزومي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أبا طالب لما حضرته الوفاة‏)‏ أي قبل أن يدخل في الغرغرة قوله‏:‏ ‏(‏أحاج‏)‏ بتشديد الجيم وأصله أحاجج، وقد تقدم في أواخر الجنائز بلفظ ‏"‏ أشهد لك بها عند الله ‏"‏ وكأنه عليه الصلاة والسلام فهم من امتناع أبي طالب من الشهادة في تلك الحالة أنه ظن أن ذلك لا ينفعه لوقوعه عند الموت أو لكونه لم يتمكن من سائر الأعمال كالصلاة وغيرها، فلذلك ذكر له المحاججة‏.‏

وأما لفظ الشهادة فيحتمل أن يكون ظن أن ذلك لا ينفعه إذ لم يحضره حينئذ أحد من المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم، فطيب قلبه بأن يشهد له بها فينفعه‏.‏

وفي رواية أبي حازم عن أبي هريرة عند أحمد ‏"‏ فقال أبو طالب‏:‏ لولا أن تعيرني قريش يقولون ما حمله عليه إلا جزع الموت لأقررت بها عينك ‏"‏ وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس نحوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعبد الله بن أبي أمية‏)‏ أي ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهو أخو أم سلمة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، قد أسلم عبد الله يوم الفتح واستشهد في تلك السنة في غزاة حنين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على ملة عبد المطلب‏)‏ خبر مبتدأ محذوف، أي هو‏.‏

وثبت كذلك في طريق أخرى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنزلت‏:‏ ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم‏.‏

ونزلت إنك لا تهدي من أحببت‏)‏ أما نزول هذه الآية الثانية فواضح في قصة أبي طالب، وأما نزول التي قبلها ففيه نظر، ويظهر أن المراد أن الآية المتعلقة بالاستغفار نزلت بعد أبي طالب بمدة، وهي عامة في حقه وفي حق غيره، ويوضح ذلك ما سيأتي في التفسير بلفظ ‏"‏ فأنزل الله بعد ذلك ‏(‏ما كان للنبي والذين آمنوا‏)‏ الآية‏.‏

وأنزل في أبي طالب ‏(‏إنك لا تهدي من أحببت‏)‏ ولأحمد من طريق أبي حازم عن أبي هريرة في قصة أبي طالب ‏"‏ قال فأنزل الله ‏(‏إنك لا تهدي من أحببت‏)‏ وهذا كله ظاهر في أنه مات على غير الإسلام‏.‏

ويضعف ما ذكره السهيلي أنه رأى في بعض كتب المسعودي أنه أسلم، لأن مثل ذلك لا يعارض ما في الصحيح‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26 Icon_minitimeالخميس ديسمبر 30, 2010 1:08 am

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ فَقَالَ لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بِهَذَا وَقَالَ تَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني ابن الهاد‏)‏ هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، وهو المراد بقوله في الرواية الثانية ‏"‏ عن يزيد بهذا ‏"‏ أي الإسناد والمتن إلا ما نبه عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الله بن خباب‏)‏ أي المدني الأنصاري مولاهم، وكان من ثقات المدنيين، ولم أر له رواية عن غير أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وروى عنه جماعة من التابعين من أقرانه ومن بعده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذكر عنده عمه‏)‏ زاد في رواية أخرى عن ابن الهاد الآتية في الرقاق ‏"‏ أبو طالب ‏"‏ ويؤخذ من الحديث الأول أن الذاكر هو العباس بن عبد المطلب لأنه الذي سأل عن ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يبلغ كعبيه‏)‏ قال السهيلي‏:‏ الحكمة فيه أن أبا طالب كان تابعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بجملته، إلا أنه استمر ثابت القدم على دين قومه، فسلط العذاب على قدميه خاصة لتثبيته إياهما على دين قومه، كذا قال، ولا يخلو عن نظر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يغلي منه دماغه‏)‏ وفي الرواية التي تليها ‏"‏ يغلي منه أم دماغه ‏"‏ قال الداودي‏:‏ المراد أم رأسه، وأطلق على الرأس الدماغ من تسمية الشيء بما يقاربه ويجاوره‏.‏

ووقع في رواية ابن إسحاق ‏"‏ يغلي منه دماغه حتى يسيل على قدمه ‏"‏ وفي الحديث جواز زيارة القريب المشرك وعيادته، وأن التوبة مقبولة ولو في شدة مرض الموت، حتى يصل إلى المعاينة فلا يقبل، لقوله تعالى ‏(‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏)‏ ، وأن الكافر إذا شهد شهادة الحق نجا من العذاب لأن الإسلام يجب ما قبله، وأن عذاب الكفار متفاوت، والنفع الذي حصل لأبي طالب من خصائصه ببركة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما عرض النبي صلى الله عليه وسلم عليه أن يقول لا إله إلا الله ولم يقل فيها محمد رسول الله لأن الكلمتين صارتا كالكلمة الواحدة، ويحتمل أن يكون أبو طالب كان يتحقق أنه رسول الله ولكن لا يقر بتوحيد الله، ولهذا قال في الأبيات النونية‏:‏ ودعوتني وعلمت أنك صادق ولقد صدقت وكنت قبل أمينا فاقتصر على أمره بقول لا إله إلا الله، فإذا أقر بالتوحيد لم يتوقف على الشهادة بالرسالة‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ ‏:‏ من عجائب الاتفاق أن الذين أدركهم الإسلام من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة‏:‏ لم يسلم منهم اثنان‏.‏

وأسلم اثنان‏.‏

وكان اسم من لم يسلم ينافي أسامي المسلمين، وهما أبو طالب واسمه عبد مناف وأبو لهب واسمه عبد العزى، بخلاف من أسلم وهما حمزة والعباس‏.‏

*3* باب حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ حذف التشكيل

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حديث الإسراء، وقول الله تعالى‏:‏ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا‏)‏ سيأتي البحث في لفظ ‏(‏أسرى‏)‏ في تفسير سورة سبحان إن شاء الله تعالى‏.‏

قال ابن دحية‏:‏ جنح البخاري إلى أن ليلة الإسراء كانت غير ليلة المعراج، لأنه أفرد لكل منهما ترجمة‏.‏

قلت‏:‏ ولا دلالة في ذلك على التغاير عنده، بل كلامه في أول الصلاة ظاهر في اتحادهما، وذلك أنه ترجم ‏"‏ باب كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء ‏"‏ والصلاة إنما فرضت في المعراج، فدل على اتحادهما عنده، وإنما أفرد كلا منهما بترجمة لأن كلا منهما يشتمل على قصة مفردة وإن كانا وقعا معا، وقد روى كعب الأحبار أن باب السماء الذي يقال له مصعد الملائكة يقابل بيت المقدس، فأخذ منه بعض العلماء أن الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس قبل العروج ليحصل العروج مستويا من غير تعويج، وفيه نظر، لورود أن في كل سماء بيتا معمورا، وأن الذي في السماء الدنيا حيال الكعبة، وكان المناسب أن يصعد من مكة ليصل إلى البيت المعمور بغير تعويج، لأنه صعد من سماء إلى سماء إلى البيت المعمور، وقد ذكر غيره مناسبات أخرى ضعيفة فقيل الحكمة في ذلك أن يجمع صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة بين رؤية القبلتين، أو لأن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله فحصل له الرحيل إليه في الجملة ليجمع بين أشتات الفضائل، أو لأنه محل الحشر وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية، فكان المعراج منه أليق بذلك، أو للتفاؤل بحصول أنواع التقديس له حسا ومعنى، أو ليجتمع بالأنبياء جملة كما سيأتي بيانه، وسيأتي مناسبة أخرى للشيخ ابن أبي جمرة قريبا، والعلم عند الله‏.‏

وقد اختلف السلف بحسب اختلاف الأخبار الواردة‏:‏ فمنهم من ذهب إلى أن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسد النبي صلى الله عليه وسلم وروحه بعد المبعث، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل، نعم جاء في بعض الأخبار ما يخالف بعض ذلك، فجنح لأجل ذلك بعض أهل العلم منهم إلى أن ذلك كله وقع مرتين مرة في المنام توطئة وتمهيدا، ومرة ثانية في اليقظة كما وقع نظير ذلك في ابتداء مجيء الملك بالوحي، فقد قدمت في أول الكتاب ما ذكره ابن ميسرة التابعي الكبير وغيره أن ذلك وقع في المنام، وأنهم جمعوا بينه وبين حديث عائشة بأن ذلك وقع مرتين، وإلى هذا ذهب المهلب شارح البخاري وحكاه عن طائفة وأبو نصر بن القشيري ومن قبلهم أبو سعيد في ‏"‏ شرف المصطفى ‏"‏ قال‏:‏ كان للنبي صلى الله عليه وسلم معاريج، منها ما كان في اليقظة ومنها ما كان في المنام، وحكاه السهيلي عن ابن العربي واختاره، وجوز بعض قائلي ذلك أن تكون قصة المنام وقعت قبل المبعث لأجل قول شريك في روايته عن أنس ‏"‏ وذلك قبل أن يوحى إليه ‏"‏ وقد قدمت في آخر صفة النبي صلى الله عليه وسلم بيان ما يرتفع به الإشكال ولا يحتاج معه إلى هذا التأويل، ويأتي بقية شرحه في الكلام على حديث شريك، وبيان ما خالفه فيه غيره من الرواة والجواب عن ذلك وشرحه مستوفى في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى‏.‏

وقال بعض المتأخرين‏:‏ كانت قصة الإسراء في ليلة والمعراج في ليلة، متمسكا بما ورد في حديث أنس من رواية شريك من ترك ذكر الإسراء، وكذا في ظاهر حديث مالك بن صعصعة هذا، ولكن ذلك لا يستلزم التعدد بل هو محمول على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر كما سنبينه‏.‏

وذهب بعضهم إلى أن الإسراء كان في اليقظة والمعراج كان في المنام، أو أن الاختلاف في كونه يقظة أو مناما خاص بالمعراج لا بالإسراء، ولذلك لما أخبر به قريشا كذبوه في الإسراء واستبعدوا وقوعه ولم يتعرضوا للمعراج، وأيضا فإن الله سبحانه وتعالى قال ‏(‏سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى‏)‏ فلو وقع المعراج في اليقظة لكان ذلك أبلغ في الذكر، فلما لم يقع ذكره في هذا الموضع مع كونه شأنه أعجب وأمره أغرب من الإسراء بكثير دل على أنه كان مناما، وأما الإسراء فلو كان مناما لما كذبوه ولا استنكروه لجواز وقوع مثل ذلك وأبعد منه لآحاد الناس، وقيل كان الإسراء مرتين في اليقظة فالأولى رجع من بيت المقدس وفي صبيحته أخبر قريشا بما وقع، والثانية أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج به من ليلته إلى السماء إلى آخر ما وقع، ولم يقع لقريش في ذلك اعتراض لأن ذلك عندهم من جنس قوله إن الملك يأتيه من السماء في أسرع من طرفة عين، وكانوا يعتقدون استحالة ذلك مع قيام الحجة على صدقه بالمعجزات الباهرة، لكنهم عاندوا في ذلك واستمروا على تكذيبه فيه، بخلاف إخباره أنه جاء بيت المقدس في ليلة واحدة ورجع، فإنهم صرحوا بتكذيبه فيه فطلبوا منه نعت بيت المقدس لمعرفتهم به وعلمهم بأنه ما كان رآه قبل ذلك فأمكنهم استعلام صدقه في ذلك بخلاف المعراج، ويؤيد وقوع المعراج عقب الإسراء في ليلة واحدة رواية ثابت عن أنس عند مسلم، ففي أوله ‏"‏ أتيت بالبراق فركبت حتى أتيت بيت المقدس ‏"‏ فذكر القصة إلى أن قال ‏"‏ ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا ‏"‏ وفي حديث أبي سعيد الخدري عند ابن إسحاق ‏"‏ فلما فرغت مما كان في بيت المقدس أتى بالمعراج ‏"‏ فذكر الحديث، ووقع في أول حديث مالك بن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به فذكر الحديث، فهو وإن لم يذكر الإسراء إلى بيت المقدس فقد أشار إليه وصرح به في روايته فهو المعتمد‏.‏

واحتج من زعم أن الإسراء وقع مفردا بما أخرجه البزار والطبراني وصححه البيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من حديث شداد بن أوس قال ‏"‏ قلت يا رسول الله كيف أسري بك‏؟‏ قال‏:‏ صليت صلاة العتمة بمكة فأتاني جبريل بدابة ‏"‏ فذكر الحديث في مجيئه بيت المقدس وما وقع له فيه، قال ‏"‏ ثم انصرف بي، فمررنا بعير لقريش بمكان كذا ‏"‏ فذكره قال ‏"‏ ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة ‏"‏ وفي حديث أم هانئ عند ابن إسحاق وأبي يعلى نحو ما في حديث أبي سعيد هذا، فإن ثبت أن المعراج كان مناما على ظاهر رواية شريك عن أنس فينتظم من ذلك أن الإسراء وقع مرتين‏.‏

مرة على انفراده ومرة مضموما إليه المعراج وكلاهما في اليقظة، والمعراج وقع مرتين مرة في المنام على انفراده توطئة وتمهيدا، ومرة في اليقظة مضموما إلى الإسراء‏.‏

وأما كونه قبل البعث فلا يثبت، ويأتي تأويل ما وقع في رواية شريك إن شاء الله تعالى‏.‏

وجنح الإمام أبو شامة إلى وقوع المعراج مرارا، واستند إلى ما أخرجه البزار وسعيد بن منصور من طريق أبي عمران الجوني عن أنس رفعه قال ‏"‏ بينا أنا جالس إذ جاء جبريل فوكز ببن كتفي، فقمنا إلى شجرة فيها مثل وكري الطائر، فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الآخر، فارتفعت حتى سدت الخافقين ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ ففتح لي باب من السماء، ورأيت النور الأعظم، وإذا دونه حجاب رفرف الدر والياقوت ‏"‏ ورجاله لا بأس بهم، إلا أن الدار قطني ذكر له علة تقتضي إرساله، وعلى كل حال فهي قصة أخرى الظاهر أنها وقعت بالمدينة، ولا بعد في وقوع أمثالها، وإنما المستبعد وقوع التعدد في قصة المعراج التي وقع فيها سؤاله عن كل نبي وسؤال أهل كل باب هل بعث إليه وفرض الصلوات الخمس وغير ذلك فإن تعدد ذلك في اليقظة لا يتجه، فيتعين رد بعض الروايات المختلفة إلى بعض أو الترجيح إلا أنه لا بعد في جميع وقوع ذلك في المنام توطئة ثم وقوعه في اليقظة على وفقه كما قدمته‏.‏

ومن المستغرب قول ابن عبد السلام في تفسيره‏:‏ كان الإسراء في النوم واليقظة، ووقع بمكة والمدينة‏.‏

فإن كان يريد تخصيص المدينة بالنوم ويكون كلامه على طريق اللف والنشر غير المرتب فيحتمل ويكون الإسراء الذي اتصل به المعراج وفرضت فيه الصلوات في اليقظة بمكة والآخر في المنام بالمدينة، وينبغي أن يزاد فيه أن الإسراء في المنام تكرر في المدينة النبوية، وفي الصحيح حديث سمرة الطويل الماضي في الجنائز، وفي غيره حديث عبد الرحمن بن سمرة الطويل، وفي الصحيح حديث ابن عباس في رؤياه الأنبياء، وحديث ابن عمر في ذلك وغير ذلك، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سبحان‏)‏ أصلها للتنزيه وتطلق في موضع التعجب، فعلى الأول المعنى تنزه الله عن أن يكون رسوله كذابا، وعلى الثاني عجب الله عباده بما أنعم به على رسوله، ويحتمل أن تكون بمعنى الأمر أي سبحوا الذي أسرى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أسرى‏)‏ مأخوذ من السرى وهو سير الليل، تقول أسرى وسرى إذا سار ليلا بمعنى، هذا قول الأكثر‏.‏

وقال الحوفي‏:‏ أسرى سار ليلا، وسرى سار نهارا، وقيل أسرى سار من أول الليل، وسرى سار من آخره وهذا أقرب‏.‏

والمراد بقوله ‏"‏ أسرى بعبده ‏"‏ أي جعل البراق يسري به كما يقال أمضيت كذا أي جعلته يمضي، وحذف المفعول لدلالة السياق عليه ولأن المراد ذكر المسرى به لا ذكر الدابة، والمراد بقوله‏:‏ ‏"‏ بعبده ‏"‏ محمد عليه الصلاة والسلام اتفاقا والضمير لله تعالى والإضافة للتشريف، وقوله ‏"‏ليلا ‏"‏ ظرف للإسراء وهو للتأكيد، وفائدته رفع توهم المجاز لأنه قد يطلق على سير النهار أيضا، ويقال بل هو إشارة إلى أن ذلك وقع في بعض الليل لا في جميعه، والعرب تقول سرى فلان ليلا إذا سار بعضه، وسرى ليلة إذا سار جميعها، ولا يقال أسرى إلا إذا وقع سيره في أثناء الليل، وإذا وقع في أوله يقال أدلج ومن هذا قوله تعالى في قصة موسى وبني إسرائيل ‏(‏فأسر بعبادي ليلا‏)‏ أي من وسط الليل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت جابر بن عبد الله‏)‏ كذا في رواية الزهري عن أبي سلمة وخالفه عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة فقال ‏"‏ عن أبي هريرة ‏"‏ أخرجه مسلم، وهو محمول على أن لأبي سلمة فيه شيخين لأن في رواية عبد الله بن الفضل زيادة ليست في رواية الزهري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما كذبني‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ كذبتني ‏"‏ بزيادة مثناة وكلاهما جائز، وقد وقع بيان ذلك في طرق أخرى‏:‏ فروى البيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن أبي سلمة قال ‏"‏ افتتن ناس كثير - يعني عقب الإسراء - فجاء ناس إلى أبي بكر فذكروا له فقال‏:‏ أشهد أنه صادق‏.‏

فقالوا‏:‏ وتصدقه بأنه أتى الشام في ليلة واحدة ثم رجع إلى مكة‏؟‏ قال نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء قال فسمي بذلك الصديق ‏"‏ قال سمعت جابر يقول فذكر الحديث، وفي حديث ابن عباس عند أحمد والبزار بإسناد حسن قال ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان ليلة أسري بي وأصبحت بمكة مر بي عدو الله أبو جهل فقال‏:‏ هل كان من شيء‏؟‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس، قال‏:‏ ثم أصبحت بين أظهرنا‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال فإن دعوت قومك أتحدثهم بذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ يا معشر بني كعب بن لؤي‏.‏

قال فانفضت إليه المجالس حتى جاءوا إليهما فقال‏:‏ حدث قومك بما حدثني، فحدثتهم، قال فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا، قالوا وتستطيع أن تنعت لنا المسجد ‏"‏ الحديث‏.‏

ووقع في غير هذه الرواية بيان ما رآه ليلة الإسراء، فمن ذلك ما وقع عند النسائي من رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس قال‏:‏ ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ فركبت ومعي جبريل، فسرت فقال‏:‏ انزل فصل، ففعلت، فقال‏:‏ أتدري أين صليت‏؟‏ صليت بطيبة وإليها المهاجرة ‏"‏ يعني بفتح الجيم، ووقع في حديث شداد بن أوس عند البزار والطبراني أنه ‏"‏ أول ما أسري به مر بأرض ذات نخل، فقال له جبريل انزل فصل، فنزل فصلى، فقال‏:‏ صليت بيثرب ‏"‏ ثم قال في روايته ‏"‏ ثم قال‏:‏ انزل فصل مثل الأول، قال‏:‏ صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى ثم قال‏:‏ انزل - فذكر مثله - قال صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى ‏"‏ وقال في رواية شداد بعد قوله يثرب ‏"‏ ثم مر بأرض بيضاء فقال‏:‏ انزل فصل، فقال‏:‏ صليت بمدين ‏"‏ وفيه أنه دخل المدينة من بابها اليماني فصلى في المسجد، وفيه أنه مر في رجوعه بعير لقريش فسلم عليهم فقال بعضهم‏:‏ هذا صوت محمد، وفيه أنه أعلمهم بذلك وأن عيرهم تقدم في يوم كذا، فقدمت الظهر يقدمهم الجمل الذي وصفه، وزاد في رواية يزيد بن أبي مالك ‏"‏ ثم دخلت بيت المقدس، فجمع لي الأنبياء، فقدمني جبريل حتى أممتهم ‏"‏ وفي رواية عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة عن أنس عند البيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ أنه مر بشيء يدعوه متنحيا عن الطريق، فقال له جبريل‏:‏ سر، وأنه مر على عجوز فقال‏:‏ ما هذه‏:‏ فقال سر، وأنه مر بجماعة فسلموا فقال له جبريل اردد عليهم وفي آخره فقال له‏:‏ الذي دعاك إبليس، والعجوز الدنيا، والذين سلموا إبراهيم وموسى وعيسى‏.‏

وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني والبزار أنه ‏"‏ مر بقوم يزرعون ويحصدون، كلما حصدوا عاد كما كان، قال جبريل‏:‏ هؤلاء المجاهدون‏.‏

ومر بقوم ترضخ رءوسهم بالصخر كلما رضخت عادت، قال‏:‏ هؤلاء الذين تثاقل رءوسهم عن الصلاة‏.‏

ومر بقوم على عوراتهم رقاع يسرحون كالأنعام، قال‏:‏ هؤلاء الذين لا يؤدون الزكاة‏.‏

ومر بقوم يأكلون لحما نيئا خبيثا ويدعون لحما نضيجا طيبا قال‏:‏ هؤلاء الزناة‏.‏

ومر برجل جمع حزمة حطب لا يستطيع حملها ثم هو يضم إليها غيرها، قال‏:‏ هذا الذي عنده الأمانة لا يؤديها وهو يطلب أخرى‏.‏

ومر بقوم تقرض ألسنتهم وشفاههم، كلما قرضت عادت قال‏:‏ هؤلاء خطباء الفتنة‏.‏

ومر بثور عظيم يخرج من ثقب صغير يريد أن يرجع فلا يستطيع، قال‏:‏ هذا الرجل يتكلم بالكلمة فيندم فيريد أن يردها فلا يستطيع ‏"‏ وفي حديث أبي هريرة عند البزار والحاكم أنه صلى ببيت المقدس مع الملائكة وأنه أتي هناك بأرواح الأنبياء فأثنوا على الله، وفيه قول إبراهيم ‏"‏ لقد فضلكم محمد ‏"‏ وفي رواية عبد الرحمن بن هاشم عن أنس ‏"‏ ثم بعث له آدم فمن دونه فأمهم تلك الليلة ‏"‏ أخرجه الطبراني‏.‏

وعند مسلم من رواية عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه ‏"‏ ثم حانت الصلاة فأممتهم ‏"‏ وفي حديث أبي أمامة عند الطبراني في الأوسط ‏"‏ ثم أقيمت الصلاة فتدافعوا حتى قدموا محمدا ‏"‏ وفيه ‏"‏ ثم مر بقوم بطونهم أمثال البيوت، كلما نهض أحدهم خر، وأن جبريل قال له‏:‏ هم آكلو الربا‏.‏

وأنه مر بقوم مشافرهم كالإبل يلتقمون حجرا فيخرج من أسافلهم، وأن جبريل قال له‏:‏ هؤلاء أكلة أموال اليتامى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجلى الله لي بيت المقدس‏)‏ قيل معناه كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته، ووقع في رواية عبد الله بن الفضل عن أم سلمة عند مسلم المشار إليها ‏"‏ قال فسألوني عن أشياء لم أثبتها، فكربت كربا لم أكرب مثله قط، فرفع الله لي بيت المقدس أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا نبأتهم به ‏"‏ ويحتمل أن يريد أنه حمل إلى أن وضع بحيث يراه ثم أعيد، وفي حديث ابن عباس المذكور ‏"‏ فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع عند دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه ‏"‏ وهذا أبلغ في المعجزة، ولا استحالة فيه، فقد أحضر عرش بلقيس في طرفة عين لسليمان، وهو يقتضي أنه أزيل من مكانه حتى أحضر إليه، وما ذاك في قدرة الله بعزيز‏.‏

ووقع في حديث أم هانئ عند ابن سعد ‏"‏ فخيل لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته ‏"‏ فإن لم يكن مغيرا من قوله ‏"‏ فجلى ‏"‏ وكان ثابتا احتمل أن يكون المراد أنه مثل قريبا منه، كما تقدم نظيره في حديث ‏"‏ رأيت الجنة والنار ‏"‏ وتأول قوله ‏"‏ جيء بالمسجد ‏"‏ أي جيء بمثاله والله أعلم‏.‏

ووقع حديث شداد بن أوس عند البزار والطبراني ما يؤيد الاحتمال الأول ففيه ‏"‏ ثم مررت بعير لقريش - فذكر القصة ثم أتيت أصحابي بمكة قبل الصبح، فأتاني أبو بكر فقال‏:‏ أين كنت الليلة‏؟‏ فقال‏:‏ إني أتيت بيت المقدس، فقال‏:‏ إنه مسيرة شهر فصفه لي‏.‏

قال ففتح لي شراك كأني أنظر إليه لا يسألني عن شيء إلا أنبأته عنه ‏"‏ وفي حديث أم هانئ أيضا أنهم ‏"‏ قالوا له كم للمسجد باب‏؟‏ قال‏:‏ ولم أكن عددتها، فجعلت أنظر إليه وأعدها بابا بابا ‏"‏ وفيه عند أبي يعلى أن الذي سأله عن صفة بيت المقدس هو المطعم بن عدي والد جبير بن مطعم، وفيه من الزيادة ‏"‏ فقال رجل من القوم‏:‏ هل مررت بإبل لنا في مكان كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم والله، قد وجدتهم قد أضلوا بعيرا لهم فهم في طلبه، ومررت بإبل بني فلان انكسرت لهم ناقة حمراء، قالوا فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاة، قال‏:‏ كنت عن عدتها مشغولا، فقام فأتى الإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء ثم أتى قريشا فقال‏:‏ هي كذا وكذا، وفيها من الرعاء فلان وفلان ‏"‏ فكان كما قال‏"‏‏.‏

قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة‏:‏ الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس قبل العروج إلى السماء إرادة إظهار الحق لمعاندة من يريد إخماده، لأنه لو عرج به من مكة إلى السماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلا إلى البيان والإيضاح، فلما ذكر أنه أسري به إلى بيت المقدس سألوه عن تعريفات جزئيات من بيت المقدس كانوا رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلما أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الإسراء إلى بيت المقدس في ليلة، وإذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكره، فكان ذلك زيادة في إيمان المؤمن، وزيادة في شقاء الجاحد والمعاند، انتهى ملخصا‏
.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)14
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)30
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)15
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)31
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)16

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: