foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 103798


foughala
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 829894
ادارة المنتدي فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 103798


foughala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
foughala

اهلا بكم في منتدى الجزائريين ونحن نرحب بسكان الصحراء
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الى كل من يريد ان يترك بصمة في هذا المنتدى ان يشاركنا في اثرائه بمختلف المواضيع وله منا جزيل الشكر والعرفان هيئة المنتدى                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

مرحبا بكم في احلى منتدى نتمنى ان تجدوا ماتريدونه                      مدير المنتدى

اعلان : لكل الاعضاء  لقد تم صنع شعار لمنتدانا يجب استعماله في كل المواضيع  ارجوا التقيد بالقانون https://foughala-star.7olm.org/montada-f37/topic-t1867.htm#2710

 

 فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:55 pm

*3* باب مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب سعد بن معاذ‏)‏ أي ابن النعمان بن امرئ القيس بن عبد الأشهل، وهو كبير الأوس، كما أن سعد بن عبادة كبير الخزرج، وإياهما أراد الشاعر بقوله‏:‏ فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف المخالف

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةُ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا أَوْ أَلْيَنُ رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ سَمِعَا أَنَسًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير‏)‏ الذي أهداها له أكيدر دومة، كما بينه أنس في حديثه المتقدم في كتاب الهبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه قتادة والزهري سمعا أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ أما رواية قتادة فوصلها المؤلف في الهبة، وأما رواية الزهري فوصلها في اللباس، ويأتي ما يتعلق بها هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ خَتَنُ أَبِي عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَعَنْ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ فَإِنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ اهْتَزَّ السَّرِيرُ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا فضل بن مساور‏)‏ بضم الميم وتخفيف المهملة، هو بصري يكنى أبا المساور، وكان ختن أبي عوانة، وليس له في البخاري إلا هذا الموضع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ختن أبي عوانة‏)‏ بفتح المعجمة والمثناة أي صهره زوج ابنته، والختن يطلق على كل من كان من أقارب المرأة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن الأعمش‏)‏ هو معطوف على الإسناد الذي قبله، وهذا من شأن البخاري في حديث أبي سفيان طلحة بن نافع صاحب جابر لا يخرج له إلا مقرونا بغيره أو استشهادا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال رجل لجابر‏)‏ لم أقف على اسمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن البراء يقول‏:‏ اهتز السرير‏)‏ أي الذي حمل عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنه كان بين هذين الحيين‏)‏ أي الأوس والخزرج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ضغائن‏)‏ بالضاد والغين المعجمتين جمع ضغينة وهي الحقد، قال الخطابي‏:‏ إنما قال جابر ذلك لأن سعدا كان من الأوس والبراء خزرجي والخزرج لا تقر للأوس بفضل، كذا قال وهو خطأ فاحش، فإن البراء أيضا أوسي لأنه ابن عازب بن الحارث بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس، يجتمع مع سعد بن معاذ في الحارث بن الخزرج، والخزرج والد الحارث بن الخزرج، وليس هو الخزرج الذي يقابل الأوس وإنما هي على اسمه‏.‏

نعم الذي من الخزرج الذين هم مقابلو الأوس جابر؛ وإنما قال جابر ذلك إظهارا للحق واعترافا بالفضل لأهله، فكأنه تعجب من البراء كيف قال ذلك مع أنه أوسي، ثم قال‏:‏ أنا وإن كنت خزرجيا وكان بين الأوس والخزرج ما كان، لا يمنعني ذلك أن أقول الحق، فذكر الحديث‏.‏

والعذر للبراء أنه لم يقصد تغطية فضل سعد بن معاذ، وإنما فهم ذلك فجزم به، هذا الذي يليق أن يظن به، وهو دال على عدم تعصبه‏.‏

ولما جزم الخطابي بما تقدم احتاج هو ومن تبعه إلى الاعتذار عما صدر من جابر في حق البراء وقالوا في ذلك ما محصله‏:‏ إن البراء معذور لأنه لم يقل ذلك على سبيل العداوة لسعد، وإنما فهم شيئا محتملا فحمل الحديث عليه، والعذر لجابر أنه ظن أن البراء أراد الغض من سعد فساغ له أن ينتصر له، والله أعلم‏.‏

وقد أنكر ابن عمر ما أنكره البراء فقال‏:‏ إن العرش لا يهتز لأحد، ثم رجع عن ذلك وجزم بأنه اهتز له عرش الرحمن، أخرج ذلك ابن حبان من طريق مجاهد عنه، والراد باهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه، يقال لكل من فرح بقدوم قادم عليه اهتز له، ومنه اهتزت الأرض بالنبات إذا اخضرت وحسنت، ووقع ذلك من حديث ابن عمر عند الحاكم بلفظ ‏"‏ اهتز العرش فرحا به ‏"‏ لكنه تأوله كما تأوله البراء بن عازب فقال‏:‏ اهتز العرش فرحا بلقاء الله سعدا حتى تفسخت أعواده على عواتقنا، قال ابن عمر‏:‏ يعني عرش سعد الذي حمل عليه، وهذا من رواية عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر، وفي حديث عطاء مقال لأنه ممن اختلط في آخر عمره، ويعارض روايته أيضا ما صححه الترمذي من حديث أنس قال‏:‏ ‏"‏ لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون‏:‏ ما أخف جنازته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الملائكة كانت تحمله ‏"‏ قال الحاكم‏:‏ الأحاديث التي تصرح باهتزاز عرش الرحمن مخرجة في الصحيحين‏.‏

وليس لمعارضها في الصحيح ذكر، انتهى‏.‏

وقيل‏:‏ المراد باهتزاز العرش اهتزاز حملة العرش، ويؤيده حديث ‏"‏ إن جبريل قال‏:‏ من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها ‏"‏ أخرجه الحاكم، وقيل‏:‏ هي علامة نصبها الله لموت من يموت من أوليائه ليشعر ملائكته بفضله‏.‏

وقال الحربي‏:‏ إذا عظموا الأمر نسبوه إلى عظيم كما يقولون قامت لموت فلان القيامة وأظلمت الدنيا ونحو ذلك، وفي هذه منقبة عظيمة لسعد، وأما تأويل البراء على أنه أراد بالعرش السرير الذي حمله عليه فلا يستلزم ذلك فضلا له لأنه يشركه في ذلك كل ميت، إلا أنه يريد اهتز حملة السرير فرحا بقدومه على ربه فيتجه‏.‏

ووقع لمالك نحو ما وقع لابن عمر أولا، فذكر صاحب ‏"‏ العتبية ‏"‏ فيها أن مالكا سئل عن هذا الحديث فقال‏:‏ أنهاك أن تقوله، وما يدعو المرء أن يتكلم بهذا وما يدري ما فيه من الغرور‏.‏

قال أبو الوليد بن رشد في ‏"‏ شرح العتبية ‏"‏ إنما نهى مالك لئلا يسبق إلى وهم الجاهل أن العرش إذا تحرك يتحرك الله بحركته كما يقع للجالس منا على كرسيه، وليس العرش بموضع استقرار الله، تبارك الله وتنزه عن مشابهة خلقه‏.‏

انتهى ملخصا‏.‏

والذي يظهر أن مالكا ما نهى عنه لهذا، إذ لو خشي من هذا لما أسند في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ حديث ‏"‏ ينزل الله إلى سماء الدنيا ‏"‏ لأنه أصرح في الحركة من اهتزاز العرش، ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شيء، ويحتمل الفرق بأن حديث سعد ما ثبت عنده فأمر بالكف عن التحدث به بخلاف حديث النزول فإنه ثابت فرواه ووكل أمره إلى فهم أولي العلم الذين يسمعون في القرآن استوى على العرش، ونحو ذلك‏.‏

وقد جاء حديث اهتزاز العرش لسعد بن معاذ عن عشرة من الصحابة أو أكثر وثبت في الصحيحين، فلا معنى لإنكاره‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ أَوْ سَيِّدِكُمْ فَقَالَ يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ قَالَ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ أَوْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أناسا نزلوا على حكم سعد‏)‏ هم بنو قريظة، وسيأتي شرح ذلك في المغازي‏.‏

وقوله في هذه الرواية‏:‏ ‏"‏ فلما بلغ قريبا من المسجد ‏"‏ أي الذي أعده النبي صلى الله عليه وسلم أيام محاصرته لبني قريظة للصلاة فيه‏.‏

وأخطأ من زعم أنه غلط من الراوي لظنه أنه أراد بالمسجد المسجد النبوي بالمدينة وقال إن الصواب ما وقع عند أبي داود من طريق شعبة أيضا بهذا الإسناد بلفظ ‏"‏ فلما دنا من النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ انتهى، وإذا حمل على ما قررته لم يكن بين اللفظين تناف وقد أخرجه مسلم كما أخرجه البخاري كذلك‏.‏

*3* باب مَنْقَبَةُ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر‏)‏ هو أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأوسي الأشهلي، يكنى أبا يحيى وقيل‏:‏ غير ذلك، ومات في سنة عشرين في خلافة عمر على الأصح‏.‏

وعباد بن بشر هو ابن وقش كما سأبينه، وفي تاريخ البخاري ومسند أبي يعلى وصححه الحاكم من طريق ابن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏ ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا كلهم من بني عبد الأشهل‏:‏ سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ إِنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَقَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن رجلين‏)‏ ظهر من رواية معمر أن أسيد بن حضير أحدهما، ومن رواية حماد أن الثاني عباد بن بشر ولذلك جزم به المؤلف في الترجمة وأشار إلى حديثهما، فأما رواية معمر فوصلها عبد الرزاق في مصنفه عنه، ومن طريقه الإسماعيلي بلفظ ‏"‏ أن أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار تحدثا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة الظلمة، ثم خرجا وبيد كل منهما عصية، فأضاءت عصا أحدهما حتى مشيا في ضوئها، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر فمشى كل منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله ‏"‏ وأما رواية حماد بن سلمة فوصلها أحمد والحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ بلفظ ‏"‏ أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر كانا عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس، فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما فمشيا في ضوئها، فلما افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عباد بن بشر‏)‏ كذا للأكثر بكسر الموحدة وسكون المعجمة‏.‏

وفي رواية أبي الحسن القابسي ‏"‏ بشير ‏"‏ بفتح أوله وكسر ثانيه وزيادة تحتانية وهو غلط، وفي الصحابة عباد بن بشر بن قيظي، وعباد بن بشر بن نهيك، وعباد بن بشر بن وقش، وصاحب هذه القصة هو هذا الثالث، ووهم من زعم خلاف ذلك‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:56 pm

*3* باب مَنَاقِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏مناقب معاذ بن جبل‏)‏ أي ابن عمرو بن أوس، من بني أسد بن شاردة بن يزيد بفتح المثناة الفوقانية ابن جشم بن الخزرج الخزرجي، يكنى أبا عبد الرحمن، شهد بدرا والعقبة، وكان أميرا للنبي صلى الله عليه وسلم على اليمن، ورجع بعده إلى المدينة، ثم خرج إلى الشام مجاهدا فمات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة‏.‏

ذكر فيه حديث عبد الله بن عمرو ‏"‏ استقرئوا القرآن ‏"‏ وقد تقدم شرحه قريبا، وقد أخرج ابن حبان والترمذي من حديث أبي هريرة رفعه ‏"‏ نعم الرجل معاذ بن جبل ‏"‏ كان عقبيا بدريا من فقهاء الصحابة، وقد أخرج الترمذي وابن ماجه عن أنس رفعه ‏"‏ أرحم أمتي أبو بكر - وفيه - وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ‏"‏ ورجاله ثقات، وصح عن عمر أنه قال‏:‏ ‏"‏ من أراد الفقه فليأت معاذا‏"‏، وسيأتي له ذكر في تفسير سورة النحل، وعاش معاذ ثلاثا وثلاثين سنة على الصحيح‏.‏

*3* باب مَنْقَبَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏منقبة سعد بن عبادة‏)‏ أي ابن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة يكنى أبا ثابت، وهو والد قيس بن سعد أحد مشاهير الصحابة، وكان سعد كبير الخزرج وأحد المشهورين بالجود، ومات بحوران من أرض الشام سنة أربع عشرة أو خمس عشرة في خلافة عمر‏.‏

ثم ذكر فيه حديث أبي أسيد في دور الأنصار وقد تقدم قريبا، وأورده هنا لقوله في هذه الطريق ‏"‏ وكان ذا قدم في الإسلام‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقالت عائشة‏:‏ وكان قبل ذلك رجلا صالحا‏)‏ هذا طرف من حديث الإفك الطويل، وسيأتي بتمامه في تفسير سورة النور إن شاء الله تعالى، وذكرت عائشة فيه ما دار بين سعد بن عبادة وأسيد بن حضير حيث قال‏:‏ ‏"‏ وإن كان من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك، فقال له سعد بن عبادة‏:‏ لا تستطيع قتله ‏"‏ فثار بينهم الكلام إلى أن أسكتهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأشارت عائشة إلى أن سعد بن عبادة كان قبل أن يقول تلك المقالة رجلا صالحا، ولا يلزم من ذلك أن يكون خرج عن هذه الصفة إذ ليس في الخبر تعرض لما بعد تلك المقالة، والظاهر استمرار ثبوت تلك الصفة له لأنه معذور في تلك المقالة لأنه كان فيها متأولا، فلذلك أوردها المصنف في مناقبه، ولم يبد منه ما يعاب به قبل هذه المقالة، وعذر سعد فيها ظاهر، لأنه تخيل أن الأوسي أراد الغض من قبيلة الخزرج لما كان بين الطائفتين فرد عليه، ثم لم يقع من سعد بعد ذلك شيء يعاب به إلا أنه امتنع من بيعة أبي بكر فيما يقال وتوجه إلى الشام فمات بها، والعذر له في ذلك أنه تأول أن للأنصار في الخلافة استحقاقا فبنى على ذلك، وهو معذور وإن كان ما اعتقده من ذلك خطأ‏.‏

*3* باب مَنَاقِبُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب أبي بن كعب‏)‏ أي ابن قيس بن عبيدة بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري، يكنى أبا المنذر وأبا الطفيل، كان من السابقين من الأنصار، شهد العقبة وبدرا وما بعدهما، مات سنة ثلاثين وقيل غير ذلك، ذكر فيه حديث عبد الله بن عمرو المتقدم قريبا في مناقب عبد الله بن مسعود‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ سَمِعْتُ شُعْبَةَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ وَسَمَّانِي قَالَ نَعَمْ فَبَكَى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب‏:‏ إن الله أمرني أن أقرأ عليك‏:‏ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‏)‏ زاد الحاكم من وجه آخر عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليه ‏(‏لم يكن‏)‏ وقرأ فيها‏:‏ إن ذات الدين عند الله الحنيفية، لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية، من يفعل خيرا فلم يكفره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال وسماني‏)‏ ‏؟‏ أي هل نص علي باسمي، أو قال اقرأ على واحد من أصحابك فاخترتني أنت‏؟‏ فلما قال له ‏"‏ نعم ‏"‏ بكى إما فرحا وسرورا بذلك، إما خشوعا وخوفا من التقصير في شكر تلك النعمة‏.‏

وفي رواية للطبراني من وجه آخر عن أبي بن كعب قال‏:‏ ‏"‏ نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى ‏"‏ قال القرطبي‏:‏ تعجب أبي من ذلك لأن تسمية الله له ونصه عليه ليقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم تشريف عظيم، فلذلك بكى إما فرحا وإما خشوعا‏.‏

قال أبو عبيد‏:‏ المراد بالعرض على أبي ليتعلم أبي منه القراءة ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سنة، وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب وتقدمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يستذكر منه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا بذلك العرض‏.‏

ويؤخذ من هذا الحديث مشروعية التواضع في أخذ الإنسان العلم من أهله وإن كان دونه‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ خص هذه السورة بالذكر لما اشتملت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء وذكر الصلاة والزكاة والمعاد وبيان أهل الجنة والنار مع وجازتها‏.‏

*3* باب مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب زيد بن ثابت‏)‏ أي ابن الضحاك بن زيد بن لوذان، من بني مالك بن النجار، كاتب الوحي وأحد فقهاء الصحابة‏.‏

مات سنة خمس وأربعين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ أُبَيٌّ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قُلْتُ لِأَنَسٍ مَنْ أَبُو زَيْدٍ قَالَ أَحَدُ عُمُومَتِي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏جمع القرآن‏)‏ أي استظهره حفظا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأبو زيد‏.‏

ثم قال أنس‏:‏ هو أحد عمومتي‏)‏ ذكر علي بن المديني أن اسمه أوس، وعن يحيى بن معين هو ثابت بن زيد، وقيل هو سعد بن عبيد بن النعمان وبذلك جزم الطبراني عن شيخه أبي بكر بن صدقة قال‏:‏ وهو الذي كان يقال له القارئ وكان على القادسية واستشهد بها، وهو والد عمير بن سعد‏.‏

وعن الواقدي‏:‏ هو قيس بن السكن بن قيس بن زعور بن حرام الأنصاري النجاري، ويرجحه قول أنس ‏"‏ أحد عمومتي ‏"‏ فإنه من قبيلة بني حرام، وليس في هذا ما يعارض حديث عبد الله بن عمرو ‏"‏ استقرئوا القرآن من أربعة ‏"‏ فذكر اثنين من الأربعة ولم يذكر اثنين، لأنه إما أن يقال لا يلزم من الأمر بأخذ القراءة عنهم أن يكونوا كلهم استظهروه جميعه، وإما أن لا يؤخذ بمفهوم حديث أنس لأنه لا يلزم من قوله ‏"‏ جمعه أربعة ‏"‏ أن لا يكون جمعه غيرهم، فلعله أراد أنه لم يقع جمعه لأربعة من قبيلة واحدة إلا لهذه القبيلة وهي الأنصار، وسيأتي الكلام على جمع القرآن في كتاب فضائل القرآن‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:56 pm

*3* باب مَنَاقِبُ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب أبي طلحة‏)‏ هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري الخزرجي النجاري، هو زوج أم سليم والدة أنس، وقد تقدم بيان وفاته وتاريخها في الجهاد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَوِّبٌ بِهِ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ الْقِدِّ يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنْ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْشُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ فَأَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَا تُشْرِفْ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تُنْقِزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏مجوب‏)‏ بفتح الجيم وكسر الواو المشددة أي مترس عليه يقيه بها، ويقال للترس جوبة، والحجفة بمهملة ثم جيم مفتوحتين الترس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شديد القد يكسر‏)‏ كذا للأكثر بنصب ‏"‏ شديدا ‏"‏ وبعدها ‏"‏ لقد ‏"‏ بلام ثم قد، ولبعضهم بالإضافة ‏"‏ شديد القد ‏"‏ بسكون اللام وكسر القاف، والقد سير من جلد غير مدبوغ، ويريد أنه شديد وتر القوس، وبهذا جزم الخطابي وتبعه ابن التين، وقد روي بالميم المفتوحة بدل القاف‏.‏

وسيأتي بقية ما يتعلق بهذا الحديث في المغازي إن شاء الله تعالى‏.‏

*3* باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب عبد الله بن سلام‏)‏ بتخفيف اللام أي ابن الحارث من بني قينقاع، وهم من ذرية يوسف الصديق، وكان اسم عبد الله بن سلام في الجاهلية الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله أخرجه ابن ماجه، وكان من حلفاء الخزرج من الأنصار، أسلم أول ما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وسيأتي شرح ذلك في أوائل الهجرة‏.‏

وزعم الداودي أنه كان من أهل بدر، وسبقه إلى ذلك أبو عروبة وتفرد بذلك ولا يثبت، وغلط من قال إنه أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعامين، ومات عبد الله بن سلام سنة ثلاث وأربعين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ الْآيَةَ قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ مَالِكٌ الْآيَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي النضر‏)‏ في رواية أبي يعلى عن يحيى بن معين عن أبي مسهر عن مالك ‏"‏ حدثني أبو النضر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عامر‏)‏ في رواية عاصم بن مهجع عن مالك عند الدار قطني ‏"‏ قال سمعت عامر بن سعد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ في رواية إسحاق بن الطباع عن مالك عند الدار قطني ‏"‏ قال‏:‏ سمعت أبي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما سمعت إلخ‏)‏ استشكل بأنه صلى الله عليه وسلم قد قال لجماعة إنهم من أهل الجنة غير عبد الله بن سلام‏.‏

ويبعد أن لا يطلع سعد على ذلك‏.‏

وأجيب بأنه كره تزكية نفسه لأنه أحد العشرة المبشرة بذلك، وتعقب بأنه لا يستلزم ذلك أن ينفي سماعه مثل ذلك في حق غيره، ويظهر لي في الجواب أنه قال ذلك بعد موت المبشرين، لأن عبد الله بن سلام عاش بعدهم ولم يتأخر معه من العشرة غير سعد وسعيد، ويؤخذ هذا من قوله‏:‏ ‏"‏ يمشي على الأرض ‏"‏ ووقع في رواية إسحاق بن الطباع عن مالك عند الدار قطني ‏"‏ ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لحي يمشي إنه من أهل الجنة ‏"‏ الحديث‏.‏

وفي رواية عاصم بن مهجع عن مالك عنه ‏"‏ يقول لرجل حي ‏"‏ وهو يؤيد ما قلته، لكن وقع عند الدار قطني من طريق سعيد بن داود عن مالك ما يعكر على هذا التأويل، فإنه أورده بلفظ ‏"‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ لا أقول لأحد من الأحياء إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام ‏"‏ وبلغني أنه قال‏:‏ ‏"‏ وسلمان الفارسي ‏"‏ لكن هذا السياق منكر، فإن كان محفوظا جمل على أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قديما قبل أن يبشر غيره بالجنة‏.‏

وقد أخرج ابن حبان من طريق مصعب بن سعد عن أبيه هذا الحديث بلفظ ‏"‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ يدخل عليكم رجل من أهل الجنة، فدخل عبد الله بن سلام ‏"‏ وهذا يؤيد صحة رواية الجماعة، ويضعف رواية سعيد بن داود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث‏)‏ أي لا أدري هل قال مالك إن نزول هذه الآية في هذه القصة من قبل نفسه أو هو بهذا الإسناد‏؟‏ وهذا الشك في ذلك من عبد الله بن يوسف شيخ البخاري، ووهم من قال إنه من القعنبي إذ لا ذكر للقعنبي هنا، ولم أر هذا عن عبد الله بن يوسف إلا عند البخاري، وقد رواه عن عبد الله بن يوسف أيضا إسماعيل بن عبد الله الملقب سمويه في فوائده ولم يذكر هذا الكلام عن عبد الله بن يوسف، وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن عبد الله بن يوسف، وكذا أخرجه الدار قطني في ‏"‏ غرائب مالك ‏"‏ من وجهين آخرين عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه من طريق ثالث عنه بلفظ آخر مقتصرا على الزيادة دون الحديث وقال‏:‏ إنه وهم، وروى ابن منده في ‏"‏ الإيمان ‏"‏ من طريق إسحاق بن سيار عن عبد الله بن يوسف الحديث والزيادة وقال فيه‏:‏ قال إسحاق‏:‏ فقلت لعبد الله بن يوسف إن أبا مسهر حدثنا بهذا عن مالك ولم يذكر هذه الزيادة، قال فقال عبد الله بن يوسف‏:‏ إن مالكا تكلم به عقب الحديث، وكانت معي ألواحي فكتبت‏.‏

انتهى‏.‏

وظهر بهذا سبب قوله للبخاري ‏"‏ ما أدري إلخ‏"‏، وقد أخرجه الإسماعيلي والدار قطني في ‏"‏ غرائب مالك ‏"‏ من طريق أبي مسهر وعاصم بن مهجع وعبد الله بن وهب وإسحاق بن عيسى، زاد الدار قطني‏:‏ وسعيد بن داود وإسحاق الفروي كلهم عن مالك بدون هذه الزيادة، قال‏:‏ فالظاهر أنها مدرجة من هذا الوجه‏.‏

ووقع في رواية ابن وهب عند الدار قطني التصريح بأنها من قول مالك، إلا أنها قد جاءت من حديث ابن عباس عند ابن مردويه، ومن حديث عبد الله بن سلام نفسه عند الترمذي، وأخرجه ابن مردويه أيضا من طرق عنه، وعند ابن حبان من حديث عوف بن مالك أيضا أنها نزلت في عبد الله بن سلام نفسه، وقد استنكر الشعبي فيما رواه عبد بن حميد عن النضر بن شميل عن ابن عون عنه نزولها في عبد الله بن سلام لأنه إنما أسلم بالمدينة والسورة مكية، فأجاب ابن سيرين بأنه لا يمتنع أن تكون السورة مكية وبعضها مدني وبالعكس وبهذا جزم أبو العباس في ‏"‏ مقامات التنزيل ‏"‏ فقال‏:‏ الأحقاف مكية إلا قوله‏:‏ ‏(‏وشهد شاهد‏)‏ إلى آخر الآيتين انتهى‏.‏

ولا مانع أن تكون جميعها مكية وتقع الإشارة فيها إلى ما سيقع بعد الهجرة من شهادة عبد الله بن سلام‏.‏

وروى عبد بن حميد في تفسيره من طريق سعيد بن جبير أن الآية نزلت في ميمون بن يامين‏.‏

وفي تفسير الطبري عن ابن عباس أنها نزلت في ابن سلام وعمير بن وهب بن يامين النضري‏.‏

وفي تفسير مقاتل اسمه يامين بن يامين ولا مانع أن تكون نزلت في الجميع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَ قُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَنْ ابْنِ سَلَامٍ قَالَ وَصِيفٌ مَكَانَ مِنْصَفٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد‏)‏ هو ابن سيرين، وقيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما ينبغي‏)‏ هو إنكار من ابن سلام على من قطع له بالجنة، فكأنه ما سمع حديث سعد وكأنهم هم سمعوه، ويحتمل أن يكون هو أيضا سمعه لكنه كره الثناء عليه بذلك تواضعا، ويحتمل أن يكون إنكارا منه على من سأله عن ذلك لكونه فهم منه التعجب من خبرهم فأخبره بأن ذلك لا عجب فيه بما ذكره له من قصة المنام، وأشار بذلك القول إلى أن لا ينبغي لأحد إنكار ما لا علم له به إذا كان الذي أخبره به من أهل الصدق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقيل لي‏:‏ ارق‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ ارقه ‏"‏ بزيادة هاء وهي هاء السكت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأتاني منصف‏)‏ بكسر الميم وسكون النون وفتح الصاد المهملة بعدها فاء‏.‏

وفي رواية الكشميهني بفتح الميم، والأول أشهر وهو الخادم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرقيت‏)‏ بكسر القاف وحكي فتحها‏.‏

قوله‏:‏ في الرواية الثانية ‏(‏وصيف مكان منصف‏)‏ يريد أن معاذا وهو ابن معاذ روى الحديث عن عبد الله بن عون كما رواه أزهر السمان فأبدل هذه اللفظة بهذه اللفظة وهي بمعناها، والوصيف الخادم الصغير غلاما كان أو جارية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاستيقظت وإنها لفي يدي‏)‏ أي أن الاستيقاظ كان حال الأخذ من غير فاصلة، ولم يرد أنها بقيت في يده في حال يقظته، ولو حمل على ظاهره لم يمتنع في قدرة الله، لكن الذي يظهر خلاف ذلك، ويحتمل أن يريد أن أثرها بقي في يده بعد الاستيقاظ كأن يصبح فيرى يده مقبوضة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وذلك الرجل عبد الله بن سلام‏)‏ هو قول عبد الله بن سلام، ولا مانع من أن يخبر بذلك ويريد نفسه، ويحتمل أن يكون من كلام الراوي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَلَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وَتَمْرًا وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا وَلَمْ يَذْكُرِ النَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ الْبَيْتَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبيه‏)‏ هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في بيت‏)‏ التنوين للتعظيم ووجه تعظيمه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل فيه وكان هذا القدر المقتضي لإدخال هذا الحديث في مناقب ابن سلام، أو لما دل عليه أمره بترك قبوله هدية المستقرض من الورع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنك بأرض‏)‏ يعني أرض العراق ‏(‏الربا بها فاش‏)‏ أي شائع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حمل‏)‏ بكسر المهملة ‏(‏تبن‏)‏ بكسر المثناة وسكون الموحدة معروف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حمل قت‏)‏ بفتح القاف وتشديد المثناة وهو علف الدواب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإنه ربا‏)‏ يحتمل أن يكون ذلك رأي عبد الله بن سلام، وإلا فالفقهاء على أنه إنما يكون ربا إذا شرطه، نعم الورع تركه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يذكر النضر‏)‏ أي ابن شميل ‏(‏وأبو داود‏)‏ أي الطيالسي ‏(‏ووهب‏)‏ أي ابن جريج ‏(‏عن شعبة البيت‏)‏ أي قول سليمان بن حرب عن شعبة في رواية ‏"‏ ويدخل في بيت ‏"‏ وقد وقع في رواية أبي أسامة عن بريد بن عبد الله أي ابن أبي بردة عن جده أبي بردة في كتاب الاعتصام بلفظ ‏"‏ انطلق إلى المنزل فأسقيك من قدح شرب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 29, 2010 8:58 pm

*3* باب تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ وَفَضْلِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حذف التشكيل

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها‏)‏ كذا في النسخ ‏"‏ تزويج ‏"‏ وتفعيل قد يجيء بمعنى تفعل وهو المراد هنا، أو فيه حذف تقديره تزويجه من نفسه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خديجة‏)‏ هي أول من تزوجها صلى الله عليه وسلم، وهي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصي، وهي من أقرب نسائه إليه في النسب؛ ولم يتزوج من ذرية قصي غيرها إلا أم حبيبة، وتزوجها سنة خمس وعشرين من مولده في قول الجمهور، زوجه إياها أبوها خويلد ذكره البيهقي من حديث الزهري بإسناده عن عمار بن ياسر، وقيل‏:‏ عمها عمرو بن أسد ذكره الكلبي، وقيل‏:‏ أخوها عمرو بن خويلد ذكره ابن إسحاق، وكانت قبله عند أبي هالة بن النباش بن زرارة التميمي حليف بني عبد الدار، واختلف في اسم هالة فقيل مالك قاله الزبير، وقيل‏:‏ زرارة حكاه ابن منده، وقيل‏:‏ هند جزم به العسكري، وقيل‏:‏ اسمه النباش جزم به أبو عبيد، وابنه هند روى عنه الحسن بن علي فقال‏:‏ ‏"‏ حدثني خالي ‏"‏ لأنه أخو فاطمة لأمها، ولهند هذا ولد اسمه هند ذكره الدولابي وغيره، فعلى قول العسكري فهو ممن اشترك مع أبيه وجده في الاسم، ومات أبو هالة في الجاهلية، وكانت خديجة قبله عند عتيق بن عائذ المخزومي‏.‏

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج خديجة قد سافر في مالها مقارضا إلى الشام، فرأى منه ميسرة غلامها ما رغبها في تزوجه، قال الزبير‏:‏ وكانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة، وماتت على الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، وقيل‏:‏ بثمان، وقيل‏:‏ بسبع، فأقامت معه صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة على الصحيح‏.‏

وقال ابن عبد البر أربعا وعشرين سنة وأربعة أشهر، وسيأتي من حديث عائشة ما يؤيد الصحيح في أن موتها قبل الهجرة بثلاث سنين، وذلك بعد المبعث على الصواب بعشر سنين، وقد تقدم في أبواب بدء الوحي بيان تصديقها للنبي صلى الله عليه وسلم في أول وهلة، ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها ووفور عقلها وصحة عزمها، لا جرم كانت أفضل نسائه على الراجح، وقد تقدم في ذكر مريم من أحاديث الأنبياء بيان شيء من هذا‏.‏

وروى الفاكهي في ‏"‏ كتاب مكة ‏"‏ عن أنس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أبي طالب، فاستأذنه أن يتوجه إلى خديجة فأذن له، وبعث بعده جارية له يقال لها نبعة فقال لها‏:‏ انظري ما تقول له خديجة‏؟‏ قالت نبعة‏:‏ فرأيت عجبا، ما هو إلا أن سمعت به خديجة فخرجت إلى الباب فأخذت بيدها فضمتها إلى صدرها ونحرها ثم قالت‏:‏ بأبي وأمي، والله ما أفعل هذا لشيء، ولكني أرجو أن تكون أنت النبي الذي ستبعث، فإن تكن هو فاعرف حقي ومنزلتي وادع الإله الذي يبعثك لي‏.‏

قالت‏:‏ فقال لها‏:‏ والله لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدا، وإن يكن غيري فإن الإله الذي تصنعين هذا لأجله لا يضيعك أبدا ‏"‏ ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث لا تصريح فيها بما في الترجمة، إلا أن ذلك يؤخذ بطريق اللزوم من قول عائشة ‏"‏ ما غرت على امرأة ‏"‏ من قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏وكان لي منها ولد ‏"‏ وغير ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ح حَدَّثَنِي صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني محمد‏)‏ هو ابن سلام كما جزم به ابن السكن، وعبدة هو ابن سليمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمعت عبد الله بن جعفر‏)‏ هو ابن أبي طالب، ووقع عند عبد الرزاق عن ابن جريج ‏"‏ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن جعفر ‏"‏ وهو من المزيد في متصل الأسانيد لتصريح عبدة في هذه الرواية بسماع عروة عن عبد الله بن جعفر‏.‏

‏:‏ ‏(‏سمعت علي بن أبي طالب‏)‏ زاد مسلم من رواية أبي أسامة عن هشام ‏"‏ بالكوفة ‏"‏ واتفق أصحاب هشام على ذكر علي فيه‏"‏، وقصر به محمد بن إسحاق فرواه عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم لكن بلفظ مغاير لهذا اللفظ، فالظاهر أنهما حديثان، وفي الإسناد رواية تابعي عن تابعي هشام عن أبيه وصحابي عن صحابي عبد الله بن جعفر عن عمه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة‏)‏ قال القرطبي‏:‏ الضمير عائد على غير مذكور، لكنه يفسره الحال والمشاهدة، يعني به الدنيا‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ الضمير الأول يعود على الأمة التي كانت فيها مريم والثاني على هذه الأمة‏.‏

قال ولهذا كرر الكلام تنبيها على أن حكم كل واحدة منها غير حكم الأخرى‏.‏

قلت‏:‏ ووقع عند مسلم من رواية وكيع عن هشام في هذا الحديث ‏"‏ وأشار وكيع إلى السماء والأرض ‏"‏ فكأنه أراد أن يبين أن المراد نساء الدنيا، وأن الضميرين يرجعان إلى الدنيا‏.‏

وبهذا جزم القرطبي أيضا‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ أراد أنهما خير من تحت السماء وفوق الأرض من النساء، قال‏:‏ ولا يستقيم أن يكون تفسيرا لقوله نسائها لأن هذا الضمير لا يصلح أن يعود إلى السماء‏.‏

كذا قال‏.‏

ويحتمل أن يريد أن الضمير الأول يرجع إلى السماء والثاني إلى الأرض إن ثبت أن ذلك صدر في حياة خديجة وتكون النكتة في ذلك أن مريم ماتت فعرج بروحها إلى السماء، فلما ذكرها أشار إلى السماء، وكانت خديجة إذ ذاك في الحياة فكانت في الأرض فلما ذكرها أشار إلى الأرض، وعلى تقدير أن يكون بعد موت خديجة فالمراد أنهما خير من صعد بروحهن إلى السماء وخير من دفن جسدهن في الأرض، وتكون الإشارة عند ذكر كل واحدة منهما‏.‏

والذي يظهر لي أن قوله ‏"‏ خير نسائها ‏"‏ خبر مقدم والضمير لمريم فكأنه قال مريم خير نسائها أي نساء زمانها، وكذا في خديجة‏.‏

وقد جزم كثير من الشراح أن المراد نساء زمانها لما تقدم في أحاديث الأنبياء في قصة موسى وذكر آسية من حديث أبي موسى رفعه ‏"‏ كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم وآسية ‏"‏ فقد أثبت في هذا الحديث الكمال لآسية كما أثبته لمريم، فامتنع حمل الخيرية في حديث الباب على الإطلاق، وجاء ما يفسر المراد صريحا، فروى البزار والطبراني من حديث عمار بن ياسر رفعه ‏"‏ لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين ‏"‏ وهو حديث حسن الإسناد، واستدل بهذا الحديث على أن خديجة أفضل من عائشة‏.‏

قال ابن التين‏:‏ ويحتمل أن لا تكون عائشة دخلت في ذلك لأنها كان لها عند موت خديجة ثلاث سنين، فلعل المراد النساء البوالغ‏.‏

كذا قال، وهو ضعيف، فإن المراد بلفظ النساء أعم من البوالغ، ومن لم تبلغ أعم ممن كان موجودة وممن ستوجد‏.‏

وقد أخرج النسائي بإسناد صحيح وأخرج الحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية ‏"‏ وهذا نص صريح لا يحتمل التأويل، قال القرطبي‏:‏ لم يثبت في حق واحدة من الأربع أنها نبية إلا مريم‏.‏

وقد أورد ابن عبد البر من وجه آخر عن ابن عباس رفعه ‏"‏ سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية ‏"‏ قال‏:‏ وهذا حديث حسن يرفع الإشكال، قال‏:‏ ومن قال إن مريم ليست بنبية أول هذا الحديث وغيره بأن ‏"‏ من ‏"‏ وإن لم تذكر في الخبر فهي مرادة‏.‏

قلت الحديث الثاني الدال على الترتيب ليس بثابت، وأصله عند أبي داود والحاكم بغير صيغة ترتيب، وقد يتمسك بحديث الباب من يقول إن مريم ليست بنبية لتسويتها في حديث الباب بخديجة، وليست خديجة بنبية بالاتفاق‏.‏

والجواب أنه لا يلزم من التسوية في الخيرية التسوية في جميع الصفات، وقد تقدم ما قيل في مريم في ترجمتها من أحاديث الأنبياء والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا وَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيُهْدِي فِي خَلَائِلِهَا مِنْهَا مَا يَسَعُهُنَّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الليث قال‏:‏ كتب إلى هشام بن عروة‏)‏ وقع عند الإسماعيلي من وجه آخر عن الليث ‏"‏ حدثني هشام بن عروة ‏"‏ فلعل الليث لقي هشام بعد أن كتب به إليه فحدثه به، أو كان من مذهبه إطلاق ‏"‏ حدثنا ‏"‏ في الكتابة، وقد نقل الخطيب ذلك عنه في علوم الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ فيه ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلا عمن دونهن، وأن عائشة كانت تغار من نساء النبي صلى الله عليه وسلم لكن كانت تغار من خديجة أكثر، وقد بينت سبب ذلك وأنه لكثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إياها‏.‏

ووقع في الرواية التي تلي هذه بأبين من هذا حيث قال فيها‏:‏ ‏"‏ من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها ‏"‏ وأصل غيرة المرأة من تخيل محبة غيرها أكثر منها، وكثرة الذكر تدل على كثرة المحبة‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ مرادها بالذكر لها مدحها والثناء عليها‏.‏

قلت‏:‏ وقع عند النسائي من رواية النضر بن شميل عن هشام ‏"‏ من كثرة ذكره إياها وثنائه عليها ‏"‏ فعطف الثناء على الذكر من عطف الخاص على العام، وهو يقتضي حمل الحديث على أعم مما قاله القرطبي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هلكت قبل أن يتزوجني‏)‏ ذكر في الحديث الذي بعده قدر المدة، وسيأتي البحث فيه، وأشارت بذلك إلى أنها لو كانت موجودة في زمانها لكانت غيرتها منها أشد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأمره الله أن يبشرها إلخ‏)‏ سيأتي شرحه بعد هذا، وهو أيضا من جملة أسباب الغيرة، لأن اختصاص خديجة بهذه البشرى مشعر بمزيد محبة من النبي صلى الله عليه وسلم فيها‏.‏

ووقع عند الإسماعيلي من رواية الفضل بن موسى عن هشام بن عروة بلفظ ‏"‏ ما حسدت امرأة قط ما حسدت خديجة حين بشرها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت من قصب ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن كان ليذبح الشاة إلخ‏)‏ إن مخففة من الثقيلة ويراد بها تأكيد الكلام، ولهذا أتت باللام في قولها ‏"‏ ليذبح‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في خلائلها‏)‏ بالخاء المعجمة جمع خليلة أي صديقة، وهي أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد صواحباتها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏منها‏)‏ أي من الشاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما يسعهن‏)‏ أي ما يكفيهن كذا للأكثر‏.‏

وفي رواية المستملي والحموي ‏"‏ ما يتسعهن ‏"‏ أي يتسع لهن‏.‏

وفي رواية النسفي ‏"‏ يشبعهن ‏"‏ من الشبع بكسر المعجمة وفتح الموحدة وليس في روايته ‏"‏ ما‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا قَالَتْ وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا حميد بن عبد الرحمن‏)‏ هو الرؤاسي بضم الراء وعلى الواو همزة وبعد الألف مهملة‏.‏

ثقة باتفاق، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الحدود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتزوجني بعدها بثلاث سنين‏)‏ قال النووي‏:‏ أرادت بذلك زمن دخولها عليه، وأما العقد فتقدم على ذلك بمدة سنة ونصف أو نحو ذلك، كذا قال، وسيأتي في ‏"‏ باب تزويج عائشة ‏"‏ ما يوضح أن المدة بين العقد عليها والدخول كان أكثر من ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأمره ربه عز وجل أو جبريل‏)‏ هو شك من الراوي، وسيأتي في حديث أبي هريرة في هذا الباب أن البشارة بذلك من الله كانت على لسان جبريل عليه السلام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ فَيَقُولُ إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عمر بن محمد بن الحسن حدثنا أبي‏)‏ هو الأسدي الذي يعرف بالتل بالمثناة وتشديد اللام، واسم والد الحسن الزبير، وعمر كوفي ما له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الزكاة، وهو من صغار شيوخه‏.‏

وقد نزل البخاري في هذا الإسناد بالنسبة لحديث حفص بن غياث درجة، فإنه يروي الكثير عن ولده عمر بن حفص وغيره من أصحاب حفص، وهنا لم يصل لحفص إلا باثنين، وبالنسبة لرواية هشام بن عروة درجتين فإنه قد سمع من بعض أصحابه وأخرج هذا في الصحيح في كتاب العتق منه ‏"‏ حدثنا عبيد بن موسى عن هشام بن عروة من مسند أبي ذر‏"‏، والسبب في اختياره إيراد هذه الطريق النازلة ما اشتملت عليه من الزيادة على رواية غيره كما سأنبه عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وما رأيتها‏)‏ في رواية مسلم من هذا الوجه ‏"‏ ولم أدركها ‏"‏ ولم أر هذه اللفظة إلا في هذه الطريق، نعم أخرجها مسلم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة بلفظ ‏"‏ وما رأيتها قط ‏"‏ ورؤية عائشة لخديجة كانت ممكنة، وأما إدراكها لها فلا نزاع فيه لأنه كان لها عند موتها ست سنين، كأنها أرادت بنفي الرؤية والإدراك النفي بقيد اجتماعهما عند النبي صلى الله عليه وسلم، أي لم أرها وأنا عنده ولا أدركتها كذلك‏.‏

وقد وقع في بعض طرقه عند أبي عوانة ‏"‏ ولقد هلكت قبل أن يتزوجني‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها‏)‏ في رواية عبد الله البهي عن عائشة عند الطبراني ‏"‏ وكان إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فربما قلت إلخ‏)‏ هذا كله زائد في هذه الرواية، فقد أخرج الحديث مسلم وأبو عوانة والإسماعيلي وأبو نعيم من طريق سهل بن عثمان والترمذي عن أبي هشام الرفاعي كلهم عن حفص بن غياث بدونها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كأنه لم يكن‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ كأن لم ‏"‏ بحذف الهاء من كأنه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنها كانت وكانت‏)‏ أي كانت فاضلة وكانت عاقلة ونحو ذلك، وعند أحمد من حديث مسروق عن عائشة ‏"‏ آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان لي منها ولد‏)‏ وكان جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة، إلا إبراهيم فإنه كان من جاريته مارية، والمتفق علبه من أولاده منها القاسم وبه كان يكنى، مات صغيرا قبل المبعث أو بعده، وبناته الأربع‏:‏ زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة، وقيل‏:‏ كانت أم كلثوم أصغر من فاطمة، وعبد الله ولد بعد المبعث فكان يقال له الطاهر والطيب، ويقال هما أخوان له، وماتت الذكور صغارا باتفاق، ووقع عند مسلم من طريق حفص بن غياث هذه في آخر الحديث ‏"‏ قالت عائشة‏:‏ فأغضبته يوما فقلت خديجة، فقال‏:‏ إني رزقت حبها ‏"‏ قال القرطبي كان حبه صلى الله عليه وسلم لها لما تقدم ذكره من الأسباب، وهي كثيرة كل منها كان سببا في إيجاد المحبة‏.‏

ومما كافأ النبي صلى الله عليه وسلم به خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها، فروى مسلم من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏ لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت ‏"‏ وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار، وفيه دليل على عظم قدرها عنده وعلى مزيد فضلها لأنها أغنته عن غيرها واختصت به بقدر ما اشترك فيه غيرها مرتين، لأنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عاما انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما وهي نحو الثلثين من المجموع، ومع طول المدة فصان قلبها فيها من الغيرة ومن نكد الضرائر الذي ربما حصل له هو منه ما يشوش عليه بذلك، وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها‏.‏

ومما اختصت به سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان، فسنت ذلك لكل من آمنت بعدها، فيكون لها مثل أجرهن، لما ثبت ‏"‏ أن من سن سنة حسنة ‏"‏ وقد شاركها في ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة إلى الرجال، ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب بسبب ذلك إلا الله عز وجل‏
.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
Admin
المديــــــــــر
المديــــــــــر
Admin


عدد المساهمات : 4687
نقاط : 9393
التميز : 80
تاريخ التسجيل : 03/05/2009
العمر : 32
الموقع : الجزائر . بسكرة . فوغالة

فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21   فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21 Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 29, 2010 9:00 pm

وقال النووي‏:‏ في هذه الأحاديث دلالة لحسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيا وميتا، وإكرام معارف ذلك الصاحب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَشَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ قَالَ نَعَمْ بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي خالد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت لعبد الله بن أبي أوفى إلخ‏)‏ هذا مما حمله التابعي عن الصحابي عرضا، وليس هذا من التلقين، لأن التلقين لا استفهام فيه وإنما يقول الطالب للشيخ قل حدثنا فلان بكذا فيحدث به من غير أن يكون عارفا به حديثه ولا بعدالة الطالب فلا يؤمن أن لا يكون ذلك الطالب ضابطا لذلك القدر فيدل على تساهل الشيخ، فلذلك عابوه على من فعله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بشر النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هو استفهام محذوف الأداة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال نعم‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ بشر خديجة ببيت من قصب، قال نعم إلخ ‏"‏ ووقع في رواية جرير عن إسماعيل أنهم قالوا لعبد الله بن أبي أوفى ‏"‏ حدثنا ما قال لخديجة‏:‏ قال‏:‏ قال‏:‏ بشروا خديجة ‏"‏ فذكر الحديث، هكذا تقدم في أبواب العمرة من البخاري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من قصب‏)‏ بفتح القاف والمهملة بعدها موحدة، قال ابن التين‏:‏ المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر المنيف‏.‏

قلت‏:‏ عند الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من طريق أخرى عن ابن أبي أوفى ‏"‏ يعني قصب اللؤلؤ‏"‏، وعنده في ‏"‏ الكبير ‏"‏ من حديث أبي هريرة ‏"‏ بيت من لؤلؤة مجوفة ‏"‏ وأصله في مسلم، وعنده في الأوسط ‏"‏ من حديث فاطمة قالت‏:‏ قلت يا رسول الله أين أمي خديجة‏؟‏ قال‏:‏ في بيت من قصب، قلت أمن هذا القصب‏؟‏ قال‏:‏ لا من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت ‏"‏ قال السهيلي‏:‏ النكتة في قوله‏:‏ ‏"‏ من قصب ‏"‏ ولم يقل من لؤلؤ أن في لفظ القصب مناسبة لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها، ولذا وقعت هذه المناسبة في جميع هذا الحديث انتهى‏.‏

وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها، إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط كما وقع لغيرها‏.‏

وأما قوله‏:‏ ‏"‏ ببيت ‏"‏ فقال أبو بكر الإسكاف في ‏"‏ فوائد الأخبار ‏"‏‏:‏ المراد به بيت زائد على ما أعد الله لها من ثواب عملها، ولهذا قال‏:‏ ‏"‏ لا نصب فيه ‏"‏ أي لم تتعب بسببه‏.‏

قال السهيلي‏:‏ لذكر البيت معنى لطيف لأنها كانت ربة بيت قبل المبعث ثم صارت ربة بيت في الإسلام منفردة به، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بيت إسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضا غيرها‏.‏

قال‏:‏ وجزاء الفعل يذكر غالبا بلفظه وإن كان أشرف منه، فلهذا جاء في الحديث بلفظ البيت دون لفظ القصر انتهى‏.‏

وفي ذكر البيت معنى آخر، لأن مرجع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لما ثبت في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏(‏إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت‏)‏ قالت أم سلمة ‏"‏ لما نزلت دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسين فجللهم بكساء فقال‏:‏ اللهم هؤلاء أهل بيتي ‏"‏ الحديث أخرجه الترمذي وغيره، ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة، لأن الحسنين من فاطمة وفاطمة بنتها، وعلي نشأ في بيت خديجة وهو صغير ثم تزوج بنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا صخب فيه ولا نصب‏)‏ الصخب بفتح المهملة والمعجمة بعدها موحدة‏:‏ الصياح والمنازعة برفع الصوت، والنصب بفتح النون والمهملة بعدها موحدة التعب‏.‏

وأغرب الداودي فقال‏:‏ الصخب العيب، والنصب العوج‏.‏

وهو تفسير لا تساعد عليه اللغة‏.‏

وقال السهيلي‏:‏ مناسبة نفي هاتين الصفتين - أعني المنازعة والتعب - أنه صلى الله عليه وسلم لما دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعا فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب في ذلك، بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُمَّ هَالَةَ قَالَتْ فَغِرْتُ فَقُلْتُ مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمارة‏)‏ هو ابن القعقاع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ في رواية مسلم عن ابن نمير عن ابن فضيل بهذا الإسناد ‏"‏ سمعت أبا هريرة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتى جبريل‏)‏ في رواية سعيد بن كثير عند الطبراني أن ذلك كان وهو بحراء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏هذه خديجة قد أتت‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ قد أتتك ‏"‏ ومعناه توجهت إليك، وأما قوله ثانيا، ‏"‏ فإذا هي أتتك ‏"‏ فمعناه وصلت إليك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إناء فيه إدام أو طعام أو شراب‏)‏ شك من الراوي، وكذا عند مسلم‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ فيه إدام أو طعام وشراب ‏"‏ وفي رواية سعيد بن كثير المذكور عند الطبراني أنه كان حيسا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاقرأ عليها السلام من ربها ومني‏)‏ زاد الطبراني في الرواية المذكورة ‏"‏ فقالت‏:‏ هو السلام ومنه والسلام وعلى جبريل السلام ‏"‏ وللنسائي من حديث أنس قال‏:‏ ‏"‏ قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم إن الله يقرئ خديجة السلام ‏"‏ يعني فأخبرها ‏"‏ فقالت‏:‏ إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته ‏"‏ زاد ابن السني من وجه آخر ‏"‏ وعلى من سمع السلام، إلا الشيطان‏"‏، قال العلماء في هذا القصة دليل على وفور فقهها، لأنها لم تقل ‏"‏ وعليه السلام ‏"‏ كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد ‏"‏ السلام على الله فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ إن الله هو السلام، فقولوا التحيات لله ‏"‏ فعرفت خديجة لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين، لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو أيضا دعاء بالسلامة، وكلاها لا يصلح أن يرد به على الله فكأنها قالت‏:‏ كيف أقول عليه السلام والسلام اسمه، ومنه يطلب، ومنه يحصل‏.‏

فيستفاد منه أنه لا يليق بالله إلا الثناء عليه فجعلت مكان رد السلام عليه الثناء عليه، ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره فقالت‏:‏ ‏"‏ وعلى جبريل السلام ‏"‏ ثم قالت‏:‏ ‏"‏ وعليك السلام ‏"‏ ويستفاد منه رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغه‏.‏

والذي يظهر أن جبريل كان حاضرا عند جوابها فردت عليه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم مرتين‏:‏ مرة بالتخصيص ومرة بالتعميم، ثم أخرجت الشيطان ممن سمع لأنه لا يستحق الدعاء بذلك‏.‏

قيل‏:‏ إنما بلغها جبريل عليه السلام من ربها بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم احتراما للنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك وقع له لما سلم على عائشة لم يواجهها بالسلام بل راسلها مع النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقد واجه مريم بالخطاب، فقيل لأنها نبية، وقيل‏:‏ لأنها لم يكن معها زوج يحترم معه مخاطبتها‏.‏

قال السهيلي‏:‏ استدل بهذه القصة أبو بكر بن داود على أن خديجة أفضل من عائشة لأن عائشة سلم عليها جبريل من قبل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها‏.‏

وزعم ابن العربي أنه لا خلاف في أن خديجة أفضل من عائشة، ورد بأن الخلاف ثابت قديما وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا وبما تقدم‏.‏

قلت‏:‏ ومن صريح ما جاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث ابن عباس رفعه ‏"‏ أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ‏"‏ قال السبكي الكبير كما تقدم‏:‏ لعائشة من الفضائل ما لا يحصى، ولكن الذي نختاره وندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة‏.‏

واستدل لفضل فاطمة بما تقدم في ترجمتها أنها سيدة نساء المؤمنين‏.‏

قلت‏:‏ وقال بعض من أدركناه‏:‏ الذي يظهر أن الجمع بين الحديثين أولى، وأن لا نفضل إحداهما على الأخرى‏.‏

وسئل السبكي‏:‏ هل قال أحد إن أحدا من نساء النبي صلى الله عليه وسلم غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة‏؟‏ فقال‏:‏ قال به من لا يعتد بقوله‏:‏ وهو من فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة‏.‏

قال‏:‏ وهو قول ساقط مردود انتهى‏.‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elhai.webs.com/
 
فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)21
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)25
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)26
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)11
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)27
» فتح الباري شرح صحيح البخاري ( بقية كِتَاب الْمَنَاقِبِ)12

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
foughala :: في رحاب الاسلام :: مع الحديث النبوي الشريف والقدسي-
انتقل الى: